لا تختص المحكمة العمالية بنظر دعاوى العمال مع الدولة (الشقاة)
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
تستعمل مؤسسات وشركات الدولة عمال مؤقتين للعمل لديها لمدة مؤقتة عند تنفيذ المشاريع العامة ، ومع أن هؤلاء العمال ليسوا موظفين رسميين ثابتين إلا أنه لا يسري على هؤلاء قانون العمل، وتبعاً لذلك لا تختص المحكمة العمالية أو اللجنة العمالية بنظر الدعاوى المرفوعة من هؤلاء العمال على المؤسسات والشركات الحكومية التي يعملون لديها بصفة عارضة ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-1-2013م في الطعن رقم (46530)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((حيث أن اختصاص اللجنة التحكيمية العمالية مقصور وفقاً لنص المادة (131) من قانون العمل بالفصل في منازعات العمل، وحيث أن المادة (128) من القانون ذاته قد حددت المقصود بمنازعات العمل وإنهاء الخلافات التي تنشأ بين اصحاب الأعمال والعمال بشأن ما ينجم من خلافات عن تطبيق أحكام قانون العمل أو لوائحه وسائر تشريعات العمل الأخرى وعقود العمل الفردية والجماعية، وعرفت المادة (2) صاحب العمل بأنه: كل شخص طبيعي أو إعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر في مختلف قطاعات العمل الخاضعة لأحكام قانون العمل، وقررت المادة (3) من قانون العمل على عدم سريانه على العاملين في أعمال عرضية ، وحيث أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة سواءً تعلق بالوظيفة أو بنوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام يجوز ابداؤه في أية مرحلة تكون عليها الدعوى، وللمحكمة التعرض له من تلقاء نفسها، وحيث أن اللجنة التحكيمية قد فصلت في نزاع مطروح عليها خارج ولايتها، فيكون حكم محكمة الاستئناف قد وافق القانون من حيث النتيجة سواء أكان العامل المدعي موظفاً عاماً أو متعاقدا بعقد مؤقت خاص أو كان المدعي أجيراً لدى المؤسسة المدعى عليها طبقاً لأحكام إجارة الأشخاص المنصوص عليها في القانون المدني، الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : عدم سريان قانون العمل على العمال مع الدولة (الشقاة):
نظم قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية نظما شئون الموظفين والعاملين مع الدولة سواء الموظفين الرسميين الدائمين أو المتعاقدين لتنفيذ أعمال عرضية ، في حين نص قانون العمل صراحة على عدم سريان قانون العمل على الموظفين والعاملين بالدولة، وتبعا لذلك لايسري قانون العمل على العاملين بالدولة حتى ولو كانوا يقومون بأعمال عرضية لحساب الدولة كالعمال الذين تستقدمهم الدولة في أعمال عرضية اثناء تنفيذ الدولة للمشاريع العامة كعمال البناء والحفر وغيرهم حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني : ماهية العمل العرضي والعامل العرضي (الشاقي) وعدم سريان قانون العمل عليه :
كان الطاعن في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان عاملا لدى موسسة حكومية خدمية يقوم بالحفر لتوصيل الخدمات إلى المنازل والبنية، وقد عرفت المادة (2) من قانون العمل العرضي بأنه (كل عمل لايدخل في نشاط صاحب العمل مدة ولاتزيد مدة انجاز عن أربعة أشهر)، وقد صرحت المادة(3) من قانون العمل بأن قانون العمل لايسري على العامل الذي يقوم بأعمال عارضة، فقد نصت هذه المادة على أنه (لايسري هذا القانون على الفئات الآتية – 7- العاملون في أعمال عرضية)، فالعمل العرضي هو العمل الذي لا يدخل بطبيعته فيما يزاوله صاحب العمل في نشاطه المُعتاد، كأن يكون نشاط صاحب العمل المُعتاد هو صناعة الأغذية المعلبة، مثل العمال العرضيين الذين يستقدمهم صاحب العمل لبناء مخزن لمنتجات مصنع المعلبات الغذائية.
وهناك من يعرف اﻟﻌﻤل اﻟﻌرﻀﻲ بأنه : العمل الذي تستدعيه ضرورات طارئة ولا يدخل في طبيعته فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط، ولا تزيد مدة انجازه على أربعة أشهر مثل ان يستقدم صاحب العمل مهندسين لتركيب آلات ومعدات المصنع بدلا عن المعدات العاطلة، فإذا كان العمال يقوموا بعمل لايدخل بطبيعته في نشاط المشروع المعتاد فإنهم يكونوا عمالا عارضين حتى لو زادت مدة عملهم عن أربعة أشهر مثل ان يقوم العمال ببناء مخزن منتجات المصنع واستغرق ذلك اكثر من أربعة أشهر، والله اعلم ·