لا تملك المحكمة تعديل ارش الجنايات المنضبطة

 

لا تملك المحكمة تعديل ارش الجنايات المنضبطة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

حدد القانون الجنايات ومسمياتها وحدد مقدار الأرش في كل جناية من هذه الجنايات على أساس نسبة معينة من الدية حسبما ورد في المادة (42) عقوبات ، فإذا كانت الجناية منضبطة ولم تسري إلى مكان أو عضو اخر في جسم المجني عليه ولم يطل امدها حتى الشفاء منها ، ففي هذه الحالة  لا تملك المحكمة تعديل الأرش  ، في حين تملك المحكمة تقدير الأرش بالنسبة للجنايات التي يطول امدها أو تنتقل أو تؤثر في أعضاء أو أماكن أخرى في جسم المصاب، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-12-2012م في الطعن رقم (46502)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين أن الحكم الاستئنافي سار على خطئ الحكم الابتدائي، فلم يتلافى الحكم الاستئنافي الاخطاء والعيوب التي شابت الحكم الابتدائي الذي قضى بالأروش المستحقة عن الاصابات والجراح المنضبطة المبينة في التقارير الطبية على سبيل التخمين  لا على أساس ما ينص عليه القانون، حيث الثابت أن القرارات الطبية المقدمة من الطرفين إلى محكمة أول درجة اشتملت على عدة جراحات منضبطة، فكان يتعين على المحكمة إعطاؤها الوصف القانوني وتحديد ارشها بنسبة معينة من الدية القانونية النافذة وقت وقوع الجريمة وطرح ذلك على بساط البحث والمناقشة إعمالاً للمادتين (  41  و42) عقوبات، ولما لم يتم ذلك وذهبت المحكمة إلى اعمال سلطتها التقديرية في الجراحات المنضبطة والأروش المقدرة، وهي لا تملك تلك السلطة في الجراح المنضبطة، وحيث سارت محكمة ثاني درجة على نفس النهج دون تلافي الخطأ، لذلك فحكميهما قد خالفا القانون)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا:

استند الحكم محل تعليقنا في قضائه بعدم جواز تعديل أروش الجنايات المنضبطة إلى المادتين (41 و42) من قانون الجرائم والعقوبات  حيث نصت المادة (41) على أن (تستحق الدية كاملة في ذهاب النفس وكل عضو مفرد او زوج او اكثر من جنس واحد في البدن او تفويت منفعته او جماله كاملا وذلك بابانة كل الاعضاء التي من جنس واحد او اذهاب معانيها مع بقاء صورها وتطبق في شان دية الجنين احكام المادة (239) وتنقص الدية بنسبة ما بقي من الاعضاء التي من جنس واحد او ما بقي من معانيها والاشياء التي من جنس واحد في البدن هي:

1ـ الانف كاملا 2ـ مارن الانف 3ـ اللسان 4ـ الذكر 5ـ الصلب.

6ـ العقل 7ـ القول 8ـ الصوت 9ـ سلس البول 10ـ سلس الغائط 11ـ قطع النسل 12ـ حاجز مابين السبيلين.13ـ كل حاسة في البدن 14ـ العينان 15ـ الاذنان.

16ـ اليدان 17ـ الرجلان 18ـ الشفتان 19ـ الثديان او حلمتاهما للمرأة.

20ـ البيضتان للرجل. 21ـ الاثننيان للرجل 22ـ المشفران للمرأة 23ـ الحاجبان 24ـ الجفنان 25ـ اصابع اليدين 26ـ اصابع القدمين. 27ـ الاسنان.).

 

اما المادة (42) فقد نصت على أن (يتحدد الارش فيما عدا ما تقدم بما يلي:

1ـ في الجائفة او الامة او الدامغة ( ثلث الدية) 3/1 (333 مثقال).

2ـ في الناقلة ثلاثة ارباع خمس الدية 20/3 ( 150 مثقال).

3ـ في الهاشمة عشر الدية 10/1 (100 مثقال)

4ـ في الموضحة نصف عشر الديات 20/1 (50 مثقال)

5ـ في السمحاق خمس ا عشر الدية 25/1(40مثقال)

6ـ في المتلاحمة خمس ونصف عشر الدية 100/3(30 مثقال)

7ـ في الباضعة خمس عشر الدية 50/1(20 مثقال).

8ـ في الدامية الكبرى ثمن عشر الدية 80/1(5و12 مثقال).

9ـ في الدامية الصغرى نصف ثمن عشر الدية 160/1(25و6مثقال)

10ـ في الخارصة او الوارمة نصف عشر الدية 200/1(5 مثقال)

11ـ في المخضرة او المحمرة او المسودة خمسا عشر الدية 250/1 (4مثقال)

ودية المرأة نصف دية الرجل وارشها مثل ارش الرجل الى قدر ثلث دية الرجل وينصف ما زاد ويعتمد في تحديد نوع الاصابة على تقرير من طبيب مختص او اهل الخبرة واذا طالت الاصابة او سرت الى مالم يقدر ارشة فيلزم حكمه بما تراه وتقدره المحكمة).

الوجه الثاني: المقصود بأروش الجنايات المنضبطة وغير المنضبطة:

الجنايات المنضبطة هي تلك التي توقفت الإصابة فيها على القدر  المحدد في النص الشرعي أو القانوني ولم تتعداه وانطبقت عليها التسميات القانونية المذكورة في المادة (42) عقوبات السابق ذكرها كالجائفة والناقلة والهاشمة، وبموجب ذلك فقد تحدد ارشها على أساس نسبة محددة من الدية حسبما هو مبين تفصيلاً في المادة (42) عقوبات التي حددت اسم كل جناية وقرينها حددت أرشها، فهذه هي الجنايات المنضبطة المحدد أرشها والتي لا تجوز الزيادة أو النقص فيها باعتبارها عقوبة مقدرة شرعاً وقانوناً، وإن كان من الجائز  للمجني عليه المستحق للأرش أن يتنازل عن الأرش أو بعضه أو يعفو عن الجاني ، غير أنه لا يجوز للقاضي نفسه تعديل هذه العقوبات المقدرة بالزيادة أو النقص.

اما الجنايات غير المنضبطة فقد حددتها المادة (42) عقوبات بأنها: الإصابة إذا طال أمد جرحها لفترة من الزمن أو سرت أو انتقلت إلى عضو آخر،  حيث يجوز للقاضي في هذا النوع من الإصابات أن يحكم أو يقدر أرشه بحسب ما يراه مناسباً، ولا يطلق على ذلك ارشاً وإنما يطلق على ذلك مسمى (حكومة)، فالحكومة هي ذلك المال الذي يحكم به القاضي بحسب تقديره، لأن الشرع والقانون لايحددا ارشها، وفي هذا المعنى ورد في نهاية المادة (42) عقوبات ما نصه: (ويعتمد في تحديد نوع الإصابة على تقرير من طبيب مختص أو اهل الخبرة وإذا طالت الإصابة أو سرت إلى ما يقدر أرشه فيلزم حكومة بما تراه وتقدره المحكمة).

الوجه الثالث : تحديد اوصاف الجنايات مكانه التقارير الطبية وتكييف القاضي لها :

نصت المادة (42) عقوبات على أن إثبات الجنايات يتم عن طريق الأطباء المختصين أو اهل الخبرة، ويتم ذلك بواسطة التقارير الطبية التي تتضمن البيانات اللازمة عن المصاب والجنايات أو الاصابات التي لحقت به، ومن البيانات التي يرد ذكرها في التقرير الطبي تاريخ ووقت إسعاف المصاب إلى  المستشفى ونوع الإصابة وسببها واسم المصاب وعمره واوصاف الاصابات أو الجنايات من حيث عمقها وعرضها وطولها وتأثيرها على أعضاء المصاب الأخرى.. إلخ وتكون مسميات  الاصابات في التقارير الطبية عبارة عن مصطلحات طبية كالسحجات والجروح القطعية وغيرها من المصطلحات الطبية ، في حين يتولى القاضي المختص تكييف هذه الاصابات اي تسميتها التسمية القانونية كالدامية الكبري والدامية الصغرى بحسب التسميات الواردة في المادة(42 ) عقوبات السابق ذكرها، ويستعين القاضي عند تكييفه للجنايات  باوصاف الجنايات الواردة في التقرير الطبي وفي ضوء ذلك يضع القاضي الأرش المحدد  للجناية  في  المادة(42 ) من قانون الجرائم والعقوبات، والله اعلم.