تقادم دعوى بطلان القسمة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
حتى تستقر المراكز القانونية للمتقاسمين فلا بد من تطبيق أحكام التقادم المقررة في المادة (16) من قانون الإثبات، ومؤدى ذلك عدم جواز قبول دعوى بطلان القسمة بعد إنقضاء تلك المدة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-1-2013م في الطعن رقم (46521)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن الطاعنة ومن إليها قد نعت على الحكم الاستئنافي أنه أيد الحكم الابتدائي الذي قضى بقنوع الطاعنات عن المطالبة بإعادة إجراء القسمة مع أن انصبة الطاعنات لم تكن صحيحة أو مطابقة للأحكام الشرعية والقانونية للقسمة، والدائرة تجد أن هذا النعي في غير محله، لثبوت إجراء القسمة وإنقضاء المدة الزمنية المقررة للتقادم، حيث يمتنع على الطاعنات المطالبة بإعادة القسمة بحجة أن القسمة السابقة لم يتم فيها إخراج انصبتهن بطريقة صحيحة، ولذلك فإن الحكم الاستئنافي قد جاء موافقاً للشرع والقانون لما علل به واستند إليه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : الأصل في إجراءات القسمة الصحة وعقد القسمة لازم ) :
الأصل في الإجراءات الصحة، ومن ذلك إجراءات القسمة، إضافة إلى أن القسمة عقد لازم يجب على المتقاسمين احترامه وتنفيذه والعمل بمقتضاه، وفي هذا المعنى نصت المادة (1200) مدني على أن( القسمة عقد لازم لجميع الشركاء فلا يجوز لاحدهم الرجوع فيه الا برضاء سائر الشركاء او بحكم القضاء, واذا كان بين الشركاء ناقص اهلية فيقوم مقامه وليه او وصيه واذا كان بينهم غائب فيقوم مقامه وكيله, فاذا لم يكن لناقص الاهلية او الغائب من ينوب عنه نصب عنه القاضي، وكذلك اذا تمرد احد الشركاء نصب عنه القاضي)
الوجه الثاني : تقادم دعوى بطلان القسمة :
كن الطاعنات في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كن يدعين بأن القسمة التي تمت في السابق كانت باطلة بسبب ان انصبتهن لم يتم تحديدها في القسمة بصورة صحيحة، حسبما كن يدعين إلا أن الحكم محل تعليقنا قضى بعدم قبول دعواهن لانقضاء مدة تزيد على سنة منذ إجراء القسمة اي لتقادم الدعوى، واستند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة( 16) إثبات التي نصت على أنه( لا تسمع الدعوى من القاسم أو وارثه في قسمة مستوفية شروط صحتها إلا من القاصر بعد بلوغه والغائب بعد حضوره، وبشرط أن لا تمضي سنة من وقت البلوغ أو الحضور)، فالمدعيات المطالبات بإعادة القسمة كن حاضرات القسمة كما انهن لسن قاصرات حين يتم إعادة إجراء القسمة.
وبناء على ذلك فإن دعوى الطاعنات ببطلان القسمة تتقادم بمضي مدة سنة من تاريخ إجرائها مالم يكن المقاسم غائبا أو قاصراً حسبما ورد في المادة (16) إثبات التي أستند إليها الحكم محل تعليقنا.
بيد أن دعوى القسمة لاتتقادم الا اذا كانت القسمة قد تمت صحيحة توفرت فيها أركانها وشرائطها الشرعية والقانونية، فلا تسري أحكام التقادم الا بالنسبة للقسمة الصحيحة.،وعلى هذا الأساس فقد رفض الحكم محل تعليقنا دعوى بطلان القسمة لأن القسمة المدعى ببطلانها كانت قد تمت صحيحة.
وفي هذا الشأن نصت المادة (1211) من القانون المدني على أنه (للشركاء البالغين ان يقسموا المال المشترك بينهم اختياريا بالطريقة التي يرتضونها ويجوز فيها جمع الاشياء المتماثلة والمختلفة, كما يجوز فيها جمع نصيب اثنين او اكثر في قسم واحد, ولهم ان يقسموا بانفسهم او بواسطة عدلين، كما يحق لهم تعديل الحصص بالنقد, ولا تسمع من حاضر دعوى غبن في القسمة الا لامر قطعي ولا تجوز قسمة اختيارية فيها قاصر او مجنون او غائب).
وكذا نصت المادة (1210) مدني على أنه (يجوز للغائب عند حضوره والصغير عند بلوغه والمجنون عند افاقته، الذي لحقه من القسمة غبن فاحش ان يطلب من القضاء نقض القسمة للغبن والعبرة في تقدير القيمة بوقت القسمة، ويسقط الطلب اذا اكمل المدعى عليه ما نقص من حصة المدعي عينا او نقدا)، والله اعلم.