الإلتزام لا يكون سنداً تنفيذياً إذا تعلق بالغير
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
اتفاقيات الصلح تكون سنداً تنفيذياً إذا كان الإلتزام متعلقا بفعل أو تصرف يصدر من اطراف الإتفاق، واذا كان الالتزام قابلا للاقتضاء الجبري ، اما إذا تعلق الإلتزام بإرادات أشخاص آخرين، فلا يكون الإلتزام سنداً تنفيذياً، كالإلتزام بنقل الباعة على جانبي الشارع العام إلى السوق المركزي، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-3-2008م في الطعن رقم (31036)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن ما ورد في هذا العقد ليس إلا إلتزامات متقابلة محله دعوى موضوعية، لأن الإدعاء بإخلال المؤسسة بإلتزامها بنقل الباعة من جانبي الطريق العام إلى السوق المركزي وتشغيله هي دعوى تعويض موضوعية لتعذر تنفيذ الإلتزام الأصلي وهو نقل الباعة إلى السوق المركزي، ولما كان قضاء التنفيذ أو قاضي التنفيذ لا يبدأ اختصاصه الوظيفي والولائي إلا بوجود سند تنفيذي قابل لإقتضاؤه جبراً أي يتضمن السند حق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وفي ذلك نصت المادة (326) مرافعات على أنه (لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاءً لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء)، وحيث أن المحكمة الابتدائية التجارية قد قامت بإجراء التنفيذ الجبري دون سند تنفيذي الأمر الذي يتعين معه القضاء بإنعدام هذه الإجراءات))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : ماهية السند التنفيذي :
السندات التنفيذية هي الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وأحكام المحكمين بعد الأمر بتنفيذها من المحكمة المختصة واتفاقيات الصلح التي تصادق عليها المحاكم ومسودات الوقف، وفي هذا المعنى نصت المادة (328) مرافعات على أنه )تتحدد السندات التنفيذية فيما يأتي :
1- الأحكام الصادرة من المحاكم اليمنية .
2- أوامر الأداء والأوامر على العرائض الصادرة من القاضي المختص وفقاً لهذا القانون .
3- أحكام المحكمين القابلة للتنفيذ .
4- اتفاقات الصلح المصدق عليها من المحاكم .
5- القرارات النهائية للجان الإدارية المنوط بها فض المنازعات في الأحوال المنصوص عليها في القانون.
6- مسودات أراضي وعقارات الأوقاف القديمة والتي هي بخط كاتب مشهور) .
ومن خلال مطالعة النص السابق يظهر ان اتفاقيات الصلح المصادق عليها من قبل المحاكم المختصة سندا تنفيذياً، لكنها لاتكون كذلك اي سندا تنفيذياً الا اذا كان الإلتزام الوارد فيها قابلا للاقتضاء جبرا.
الوجه الثاني : قابلية السند التنفيذي للاقتضاء :
لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وفي هذا الشأن نصت المادة (326) مرافعات على أنه( 1 - لا يجوز إجراء التنفيذ الجبري إلاَّ بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجـود ومعين المقدار وحال الأداء .
2 - لا يجوز التنفيذ إلاَّ بموجب صورة تنفيذية تتمثل في السند التنفيذي مذيلاً بالصيغة التنفيذية مالم ينص القانون على غير ذلك )، وقد أستند الحكم محل تعليقنا إلى هذا النص في قضائه بأن إلتزام الموسسة بنقل الباعة المتجولين من على جانبي الطريق العام إلى السوق المركزي غير قابل للاقتضاء الجبري، لأن المؤسسة الطاعنةع لاتملك قانونا جبر الباعة المتجولين على الانتقال إلى السوق المركزي وان كانت تملك أن تمنعهم من البيع والشراء على جانبي الطريق العام لما في ذلك تحقيق المصلحة العامة، علاوة على أن الاتفاقية المبرمة فيما بين المؤسسة الطاعنة والجهة المطعون ضدها ترتب الإلتزام على عاتق المؤسسة وليس الباعة المتجولين، فمحل التنفيذ هو إلتزام المؤسسة وليس الباعة المتجولين حسبما هو مقرر في المادة (348) مرافعات التي نصت على أن( محل التنفيذ هو عين ما الزم به المنفذ ضده في السند التنفيذي سواءً كان إلزاماً بأداء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل )، فإذا كان من المتعذر على المؤسسة إجبار الباعة المتجولين على الانتقال إلى السوق المركزي فيحق للطاعنة مطالبة المؤسسة بالتعويض عن طريق دعوى موضوعية طالما وقد تعذر جبر الباعة على الانتقال إلى السوق المركزي .
فضلا عن ان الباعة المتجولين ليسوا طرفا في الاتفاق السند التنفيذي المبرم فيما بين المؤسسة الطاعنة والجهة المطعون ضدها ، ولذلك فإن الباعة ليسوا من أطراف التنفيذ حسبما هو مقرر في المادة (343) مرافعات التي نصت على أن :(( أطراف التنفيـــــذ :
1- المنفذ له (صاحب الحق في التنفيذ) هو كل من يجري التنفيذ لمصلحته وفقاً للشرع والقانون .
2- المنفذ ضده (الملزم بالسند التنفيذي) وهو كل من توجه إليه إجراءات التنفيذ وفقاً للشرع والقانون))، والله اعلم.