جريمة التهديد المشروط

 جريمة التهديد المشروط

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

ربما أن جريمة التهديد من أكثر الجرائم التي تقع في العصر الحاضر بسبب سوء إستعمال وسائل التواصل الحديثة، وقانون الجرائم والعقوبات اليمني وغيره من القوانين العقابية العربية تجرم التهديد مطلقاً سواء أكان التهديد مطلقاً أم معلقاً على شرط كتهديد الجاني للمجني عليه بأنه إذا باع  البيت أو الأرض محل النزاع فإنه سيقتله أو يختطفه، لأنه يترتب على التهديد إثارة الذعر والخوف في نفس المجني سواء أكان التهديد مطلقاً ام معلقا، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-2-2013م في الطعن رقم (47649) الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما من حيث الموضوع فإن الطاعن ينعي على الحكم الاستئنافي بأن التهديد الوارد في قرار الإتهام غير ذلك التهديد الوارد في حيثيات الحكم  الاستئنافي، وان التهديد كان مشروطاً بحالة قيام المطعون ضده ببيع الأرض محل النزاع.


 والدائرة: تجد أن هذا النعي في غير محله لأن التهديد ثابت في حق الطاعن من خلال أقوال الشهود، وجريمة التهديد تقع سواء أكان التهديد مشروطا أم غير مشروط، ولذلك فإن الحكم الاستئنافي قد جاء موافقاً مما يتعين معه رفض الطعن وإقرار الحكم الاستئنافي))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول : ماهية جريمة التهديد :

 التهديد في القانون اليمني  هو كل قول أو كتابة أو فعل من شأنه القاء الرعب والخوف في قلب الشخص المهدد من ارتكاب الجاني للجريمة ضد النفس أو المال افشاء أو نسبة أمور ماسة بالشرف، وقد يحمل المجني عليه  التهديد تحت تأثير ذلك الخوف إلى إجابة الجاني إلى ما ابتغى متى اصطحب التهديد بطلب شئ معين. المرصفاوي- صـ 370

فالتهديد هو كل قول أو كتابة أو فعل أو إشارة  يكون من شأنها القاء الرعب والخوف في قلب الشخص المجني عليه من ارتكاب الجاني للجريمة التي هدده بارتكابها الجاني سواء أكانت هذه الجريمة المهدد بها تقع على النفس أو المال أو إفشاء أسرار مخلة بالحياء أو نسبة أمور ماسة بالشرف وقد يحمل  التهديد المجني عليه تحت تأثير ذلك الخوف إلى إجابة الجاني إلى ما ابتغى متى اصطحب التهديد بطلب معين .

 وهناك من يعرف التهديد بأنه توجيه أقوال أو صور أو إشارات أو أفعال أو ما في حكمها الى المجني عليه عمداً، ويكون من شأن ذلك  حدوث الرعب والخوف  لدى المجني عليه  من أقدام الجاني على ارتكاب الجريمة او الافشاء او نسبة أمور ماسة بالشرف، اذا تم توجه التهديد إلى المجني عليه بالطريقة التي يعاقب عليها القانون، ( جرائم الاعتداء على الاشخاص د/رؤوف عبيد- صـ 422)

 ويمكن تعريف التهديد بأنه : ذلك الفعل أو التعبير  الصادر من المجني عليه  الذي  الذي يتوعد آخر بإرتكاب جريمة تقع على نفس الجاني أو ماله أو عرضه يريد إيقاعه بشخصه أو ماله مما يؤدي إلى  حدوث الخوف والرعب في نفس المجني عليه.

الوجه الثاني : أركان جريمة التهديد :

 لجريمة التهديد أركان هي: الركن المادي والركن المعنوي( القصد ) والركن الشرعي، ونبين تلك الأركان بإيجاز على النحو الآتي :

الركن المادي لجريمة التهديد :

يشتمل الركن المادي  لجريمة التهديد على الأفعال والأقوال والتعبيرات التي تقع بها جريمة التهديد أو تلك التي تتكون منها جريمة التهديد ، ويتكون الركن المادي لجريمة التهديد من صورة من الصور الآتية :

الصورة  الأولى: التهديد عن طريق القول : ويتحقق التهديد في هذه الصورة عن طريق تلفظ الجاني بألفاظ من شأنها حدوث ذعر وخوف في نفس المجني عليه، لأن هذه  الألفاظ تتضمن توعد الجاني للمجني عليه بإرتكاب اي من الجرائم على المجني عليه  أو اقاربه أو ماله، وقد يقوم الجاني بالتلفظ بألفاظ التهديد بحضور المجني عليه وفي مواجهته مباشرة، كما يقوم شخص ثالث بنقل هذه الألفاظ إلى مسامع المجني عليه، أيضا قد يقوم الجاني التلفظ بتلك الالفاظ عن طريق الهاتف مباشرة أو عن طريق رسالة صوتية مسجلة بالهاتف أو رسالة بالصوت والصورة عن طريق الهاتف المحمول، هذا في القانون اليمني اما القانون المصري فقد اشترط في التهديد بالقول أن يكون بواسطة شخص ثالث .

 الصورة الثانية : التهديد عن طريق الكتابة : وتتم هذه الصورة  عن طريق قيام الجاني بكتابة التهديد الموجه إلى المجني عليه، وتتضمن هذه الكتابة  كلمات اوعبارات أو كتابات أو إشارات أو علامات من شأنها إثارة الهلع والخوف لدى المجني عليه، إذ تتضمن الكلمات المكتوبة توعد الجاني للمجني عليه بأن يفعل به  الجريمة التي هدد أو توعد الجاني بفعلها، كتهديد المجني عليه بالقتل أو السجن أو الضرب أو الاختطاف أو الاغتصاب أو التشهير أو الإهانة وغير ذلك من الأفعال  المجرمة التي تقع على النفس أو المال  أو بإفشاء امور أو نسبة أمور ماسة بالشرف متى كان هذا التهديد مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر.

والكتابة قد  تتم على أوراق مكتوبة بخط اليد أو مطبوعة كما قد تتم الكتابة عن طريق الرسائل النصية في الهاتف المحمول أو الرسائل الهاتفية بواسطة الواتس اب والتيليغرام   وغير ذلك من وسائل التواصل الاجتماعي.

الصورة الثالثة : التهديد  عن طريق الفعل : ويقع التهديد في هذه الصورة عن طريق أفعال يباشرها الجاني فتحدث الرعب والخوف في نفس المجني عليه، كقيام الجاني بإرسال طرد إلى المجني إليه بداخله مقذوف أو طلقة نارية أو قنبلة يدوية أو قيام المجني عليه بالإشارة إلى عينه مهددا المجني عليه(من عيني ) أو قيام الجاني بالإشارة إلى عنقه متوعدا المجني عليه بالخنق.. إلخ.

والتهديد عن طريق الأفعال مقرر في قانون الجرائم والعقوبات اليمني لان القانون اليمني قد احسن صنعا حينما جرم التهديد مطلقاً مهما كانت وسيلة إرتكابه، حسبما هو ظاهر في المادة (254 )  عقوبات يمني التي نصت على أن( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من هدد غيره بأي وسيلة بارتكاب جريمة أو بعمل ضار أو بعمل يقع عليه أو على زوجه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة إذا كان من شأن التهديد أن يحدث فزعا لدى من وقع عليه)، بخلاف القانون المصري الذي قصر  التهديد على الكتابة والقول الشفهي حسبما يظهر من سياق  المادة ٣٣٧ من قانون العقوبات المصري التي نصت على أن (   كل من قام بتهديد غيره بشكل كتابي بارتكاب جريمة ما ضد شخصه أو ماله. وإذا كان التهديد بإفشاء معلومات أو نسبة صور أو معلومات المجني عليه تعمل على خدش شرفه، فيعاقب الجاني بالسجن إذا كان التهديد مصحوب بطلب مادي...).

 فقد اشترط القانون المصري في التهديد المعاقب عليه أن يقع بإحدى طريقتين:

1- الكتابة

2-  شفاهة ولكن بتوسيط شخص  ثالث .

شروط تحقق جريمة التهديد : يمكن تلخيص هذه الشروط كما يأتي:

الشرط الأول: ان يتضمن قول وكتابة وفعل الجاني تهديد المجني عليه.

 الشرط الثاني: ان يتضمن التهديد  توعد الجاني للمجني عليه بإرتكاب الجاني جريمة  يعاقب عليها القانون.

 الشرط الثالث : اعتقاد المجني عليه جدية التهديد مما يودي إلى حدوث الفزع والهلع والخوف في نفس المجني عليه. .

الشرط الرابع : أن يقع التهديد  بأية وسيلة في القانون اليمني، اما في القانون المصري فيشترط ان يقع التهديدعن طريق أقوال  مكتوبة او شفهية وليست افعالاً مادية.

 الشرط الخامس : ان يقع التهديد الشفهي بأية وسيلة مباشرة أو غير مباشرة في القانون اليمني، اما في القانون المصري فيشترط ان يتم التهديد الشفهي بطريقة غير مباشرة فإذا تم التهديد بطريقة مباشرة دون وساطة شخص ثالث فلا  تتحقق  جريمة  التهديد في القانون المصري .

الشرط السادس :ت قع جريمة التهديد سواء أكان الجاني ينوي تنفيذ ماهدد به ام لاينوي فعل ذلك، فلايشترط  لقيام جريمة التهديد كون الجاني لا ينوي تنفيذ ما هدد به.)الجرائم المضرة بأحاد الناس/ د: رمسيس بهنام صـ180.).

 الركن المعنوي القصد الجنائي:

يتطلب الركن المعنوي لجريمة التهديد توفر القصد الجنائي العام أي انصراف ارادة الجاني الى اتيان الفعل الاجرامي مع العلم بأركانه القانونية .

فلا يتطلب التهديد قصد خاص من أي نوع كان لدى الجاني، وكان بعض الشراح في فرنسا يرى ضرورة توفر قصد خاص هو نية ارتكاب الجريمة المهدد بها وأن كان هذا القصد يعتبر مفترضا لدى الجاني الا إذا ثبت انتفاءه.

وجاء في أحكام محكمة النقض المصرية أن القصد الجنائي في جريمة التهديد يتحقق متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو مدرك لما يفعله والاثر المترتب عليه من حيث ايقاع الرعب في نفس المجني عليه وانه يريد تحقيق ذلك الاثر بما يترتب عليه أن يذعن المجني عليه راغما الى اجابة الطلب وذلك بغض النظر عما اذا كان الجاني قد قصد تنفيذ التهديد فعلا ومن غير حاجة الى تعرف الاثر الفعلي الذي احدثه التهديد في نفس المجني عليه.

ولذلك فيشترط لتوفر القصد الجنائي في جريمة التهديد شرطان :

الأول: أن يكون الفاعل مدركا أن تهديده للمجني عليه من شأنه أن يوقع الرعب في نفسه .

والثاني : أن يقصد الجاني  ايقاع هذا الاثر في نفس الشخص الذي هدده، بيد أنه  لا يشترط أن يتأثر المجني عليه بالفعل أو لا يتأثر .

”( المرصفاوي في قانون العقوبات / د: حسن صادق المرصفاوي ج1 صـ379″)

ويلاحظ أن جريمة التهديد تفترض وقوع ضرر مباشر وهو الذي يحظره القانون ويعاقب عليه شأنها في ذلك شأن كل جريمة أخرى والضرر هنا هو بث الذعر والقلق في نفس المجني عليه كما قلنا وهو ضرر ممكن تصور عدم وقوعه عندما يكون التهديد بباعث الدعابة او المزاح فحسب وذلك اذا كشف المجني عليه حقيقة الدعابة فور وصول التهديد او اذا اكشف له لجاني او غيره قبل حدوث أي قلق او خوف لديه فعندئذ فقط ممكن القول بعدم قيام الجريمة.

(جرائم الاعتداء على الاشخاص والاموال /د : رؤف عبيد- ط1985.)

الوجه الثالث : التهديد المشروط أو المعلق على شرط :

كان الطاعن في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان يجادل بأن تهديده كان معلقا على شرط وهو قيام المطعون ضده المجني عليه ببيع الأرض محل النزاع،في حين أن المطعون ضده لم يقم ببيع الأرض ولذلك فإن التهديد معلق على ذلك الشرط الذي لم يتحقَّق، وتبعا لذلك فإن جريمة التهديد لم تتحقق طالما ان الشرط لم يقع بحسب تصور الجاني الطاعن.

بيد أن الحكم محل تعليقنا لم يقبل تأويل الطاعن، لان جريمة التهديد تتم بمجرد صدور فعل التهديد من الجاني إلى المجني عليه وحدوث الفزع والخوف في نفس المجني عليه سواء تحقق الشرط ام لم يتحقق وسواء  نفذ الجاني تهديده ام لم ينفذه.

الوجه الرابع : التهديد عن طريق الهاتف المحمول :

الهاتف المحمول  أداة لإجراء اتصال هاتفى بهاتف آخر من خلال شبكة معينة، غير أن التطور التقنى قد جعل هذا المدلول ضيقاً: فمن ناحية قد تطورت هذه الهواتف لتصبح هواتف "ذكية"، فعلى سبيل المثال فإنه إذا كان يمكننا أن نجد قائمة بأغلب الأرقام التي تم الاتصال بها مؤخراً من الهاتف المحمول العادى، فإن الهاتف الذكى يمكننا من الحصول على اغلب البيانات الخاصة بالشخص وأفراد عائلته واصدقائه، بما في ذلك رسائل البريد الإلكترونى والمواقع التي تم زيارتها وغيرها من البيانات من الشبكة التي تساعد في اجراءات التحقيق والمحاكمة .

ومن ناحية أخرى فإن الأجهزة المحمولة قد تنوعت استعمالاتها ووظائفها ، ولم تعد مقصورة فقط على وظيفة الاتصال الهاتفى، بل اتسعت وظائفها لتشمل أجهزة: الكومبيوتر اللوحى والهواتف المحمولة والتي تجمع بين خواص الكومبيوتر الشخصى مع كونها هاتفاً مصحوباً بكاميرا. وهذه الأجهزة تعتبر أجهزة كومبيوتر بالمعنى الفني، فهى تمتلك وحدة معالجة مركزية وذاكرة ولوحة مفاتيح أو جزء لنقل الكلام، كما تتضمن شاشة أو سماعة أذن. ومثل أجهزة الكومبيوتر الأخرى فإن لديها ذاكرة عشوائية ولديها ذاكرة أخرى صلبة للتخزين، وتستخدم شركات الهواتف المحمولة نوعاً من وحدات التخزين هي عبارة عن جزء صلب من رقاقة الذاكرة ؛ ولكنها مصممة بحيث إنها تحتفظ بالمضمون المخزن عليها بدون اتصالها بمصدر للطاقة.

فبما ان الهاتف المحمول قد تعددت وظائفه وإمكاناته واستعمالاته ، على نحو أصبح مدلوله أوسع كثيراً من مدلول الهاتف بالمعنى الدقيق: فقد أصبح الهاتف المحمول سالف الذكر يقوم بوظائف متعددة فلم يعد مقتصرا على الاتصال التقليدي، ولذلك فان "الهاتف" يظل ملازما للشخص، وبذلك يكون استخدام تعبير "الهاتف المحمول" دالاً على أغلب صور هذه الأجهزة المحمولة. ومن ناحية ثانية فإن أغلب الأجهزة الرقمية المحمولة -إن لم يكن جمعيها- تتضمن وسيلة من وسائل الاتصال، فأجهزة الكومبيوتر اللوحى يمكن أن تتضمن شريحة للهاتف المحمول، أو شريحة للبيانات، أو إمكانية الاتصال بالإنترنت وإجراء محادثات هاتفية من خلال برامج التواصل الاجتماعى، ولذلك فإن تعبير "الهاتف المحمول" يصدق عليها كذلك. وأخيراً فإن الجدل الذى ثار في القضاء المقارن عن مدى جواز تفتيش الهاتف لضبط الجرائم التي تقع بواسطة ومدى جواز التوسع في هذا التفتيش، وبغرض بيان ما ورد في آراء الفقه وأحكام القضاء من حجج كانت تتصل جميعها بطبيعة عمل هذه الأجهزة، وكان ذلك بمناسبة ضبط الهواتف المحمولة بحوزة المتهمين وتفتيشها.( مدى دستورية تفتيش الهاتف المحمول كأثر للقبض - دراسة مقارنة، د. أشرف توفيق شمس الدين، ص٣).

 والهاتف المحمول وسيلة من أهم وسائل التواصل بين الناس في العصر الحاضر يتم من خلالها نقل الألفاظ والكتابات والصور وغيرها من التعابير، فلا خلاف بشأن وقوع جريمة التهديد عن طريقها اذا كان القول او اللفظ قد صدر من صاحب الهاتف بعلمه وإرادته ورضاه ،فصاحب الهاتف مسئول عن كل المكالمات او الرسائل التي تصدر من هاتفه حتى يثبت خلاف ذلك.

فالنص القانوني الناظم لجريمة التهديد يستوعب التهديد الذي يعق عن طريق الهاتف لان ذلك النص قد جرم التهديد مهما كانت الوسيلة التي يستعملها الجاني المهدد لإيصال تهديده إلى المجني عليه، فيندرج ضمن ذلك الهاتف المحمول، وفي هذا الشأن نصت المادة(254 ) عقوبات يمني على أنه(( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنه أو بالغرامة كل من هدد غيره بأي وسيلة بارتكاب جريمة أو بعمل ضار أو بعمل يقع عليه أو على زوجه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة إذا كان من شأن التهديد أن يحدث فزعا لدى من وقع عليه) )

 الوجه الخامس : مبادئ قضائية بشأن اركان جريمة التهديد :

 في هذا الشأن اقرت محكمة النقض المبادئ القضائية الآتية :

إن المادة 327 من قانون العقوبات لا تعاقب إلا على التهديد بإرتكاب جريمة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف ، و إذن فمتى كانت الواقعة كما أثبتها الحكم هى أن المتهم هدد المجنى عليه شفهياً بواسطة شخص ثالث بألفاظ يفهم منها إيذاؤه فى أمنه و معاشه ، فإن الجريمة لا تكون متوافرة الأركان(  . الطعن رقم 514 سنة 21 ق ، جلسة 1952/2/19.

يكفى لتوفر التهديد المنصوص عليه فى المادة 326 من قانون العقوبات أن يكون من شأنه تخويف المجنى عليه بحيث يحمله على تسليم المال الذى طلب منه مهما كانت وسيلته ، كما أنه يكفى لتوافر ركن القصد الجنائى فى هذه الجريمة أن يكون الجانى و هو يقارف فعلته – عالماً بأنه يغتصب مالاً لا حق له فيه – فإذا كان الحكم قد أثبت فى حق المتهم إتصاله بسكرتير عام الشركة تليفونياً و تردده على مكتبه مهدداً بنشر صورة خطاب كتائب التحرير المرسل للشركة متضمناً تحذيرها لتعاونها مع الإنجليز بالقنال بإمدادهم بمشروب البيرة الذى تنتجه و منذراً بما سيلحق الشركة من أضرار من جراء النشر الذى أصر عليه – رغم تكذيب الشركة – ما لم تدفع له مبلغ المائتى جنيه ، و أنه لم يمتنع عن النشر إلا بعد تحرير الشيك الذى ظنه مستوفياً شرائطه القانونية ، و كان لا يؤثر فى قيام الجريمة كون الشيك غير مستوف للشرائط القانونية فإن ذلك كان بفعل محرر الشيك فى غفلة من المتهم – و هو سبب خارج عن إرادته – فيكون صحيحاً ما ذهب إليه الحكم من إعتبار ما وقع من المتهم شروعاً فى الإستيلاء على شيك بمبلغ مائتى جنيه منطبقاً على الفقرة الثانية من المادة 326 من قانون العقوبات و المادتين 45 و 47 من ذلك القانون .

( الطعن رقم 1232 لسنة 28 ق ، جلسة 1959/11/17 )

من المقرر أن ركن القوة أو التهديد فى جريمة الإكراه على إمضاء المستندات  يتحقق بكافة صور إنعدام الرضا لدى المجنى عليه . فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الإختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لإرتكاب الجريمة ، فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً بإستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد و يدخل فى هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال ، كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف .

الطعن رقم 38 لسنة 35 ق ، جلسة 1965/5/24 )

4-إن المادة 327 من قانون العقوبات إذ نصت على عقاب كل من هدد غيره كتابة بإرتكاب جريمة ضد النفس أو المال – إذا كان التهديد مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر – لم توجب بصيغتها العامة أن تكون عبارة التهديد دالة بذاتها على أن الجانى سوف يقوم بنفسه بإرتكاب الجريمة إذا لم يجب إلى طلبه ، بل يكفى أن يكون الجانى قد وجه التهديد كتابة إلى المجنى عليه و هو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب فى نفسه و أنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه  أن يذعن المجنى عليه راغماً إلى إجابة الطلب بغض النظر عما إذا كان الجانى قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً و من غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلى الذى أحدثه التهديد فى نفس المجنى عليه و لا عبرة بعد ذلك بالأسلوب أو القالب الذى تصاغ فيه عبارات التهديد متى كان المفهوم منها أن الجانى قصد ترويع المجنى عليه و حمله على أداء ما هو مطلوب ، فإذا كانت المحكمة قد إستخلصت من عبارات التهديد و من ظروف الواقعة و ملابساتها أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب و الفزع فى نفس المجنى عليهما بإرتكاب جريمة خطف ثلاث من الطائرات التابعة لشركتيهما و تدمير إثنين منها و أنه هو المهدد فعلاً بإرتكاب هذه الجريمة رغم أن عبارات التهديد قد صيغت صياغة غامضة و أفرغت فى قالب يوهم بأن الطاعن مجرد وسيط و محذر من جرائم سوف يرتكبها آخرون ، فلا يصح مصادرتهما فيما إستنبطته طالما كان إستخلاصها سائغاً لا يخرج عن الإقتضاء العقلى و المنطقى ، و ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى إنتهت إليها – لما كان ما تقدم – فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

( الطعن رقم 844 لسنة 44 ق ، جلسة 1974/11/17 )

5-لما كان الحكم قد دان الطاعنين عن الواقعة التى وردت بأمر الإحالة بعينها – بما تضمنته من جناية الخطف و جنحة الحصول بالتهديد على مبلغ النقود المرفوعة بهما الدعوى – خلافاً لما يدعيه الطاعنان فى هذا الخصوص و كان ما يثيرانه بشأن وسيلة التهديد فى الجنحة المذكورة – المنصوص عليها فى المادة 326 من قانون العقوبات – مردود بأن حسب الحكم أنه كشف عن أن الحصول على مبلغ النقود إنما كان بطريق الإكراه الأدبى الذى حمل والد الطفل المخطوف على دفعه لقاء إطلاق سراحه – و هو ما يتحقق به ركن التهديد فى تلك الجنحة – إذ أن هذا الركن ليس له من شكل معين ، فيستوى حصول التهديد كتابة أو شفوياً أو بشكل رمزى طالما أن عبارة المادة السالفة الذكر قد ردت بصيغة عامة بحيث تشمل كل وسائل التهديد .

( الطعن رقم 629 لسنة 46 ق ، جلسة 1976/11/7 )

6-يجب – لتطبيق المادة 284 عقوبات – أن يبين بالحكم الفعل الذى حصل التهديد بإرتكابه للإستيثاق من تحقق أركان جريمة التهديد . فإذا خلا الحكم من ذلك تعين نقضه .

( الطعن رقم 1190 لسنة 46 ق ، جلسة 1929/4/11

7-يجب – لتطبيق المادة 284 عقوبات – أن يبين بالحكم الفعل الذى حصل التهديد بإرتكابه للإستيثاق من تحقق أركان جريمة التهديد . فإذا خلا الحكم من ذلك تعين نقضه .

( الطعن رقم 1190 لسنة 46 ق ، جلسة 1929/4/11 )

8-الحكم الذى يعاقب على الجريمة المنصوص عليها فى المادة 284 عقوبات فقرة أولى يجب أن يبين به العبارات التى تفيد التهديد ، حتى يتسنى لمحكمة النقض التحقق من أن ما ورد بتلك العبارات تتوافر معه الأركان التى يستلزمها القانون فى الجريمة المذكورة . أما أن يكتفى الحكم بسرد وقائع الدعوى المثبته لصدور خطاب التهديد من المتهم ، أو يحيل إلى وصف التهمة المبين بصدر الحكم من غير ذكر لنصوص عبارات التهديد ، فذلك قصور فى بيان الواقعة يبطل الحكم و يوجب نقضه .

( الطعن رقم 59 سنة 4 ق ، جلسة 1933/12/11 )

9-لا يشترط قانوناً لتطبيق الفقرة الثالثة من المادة 284 من قانون العقوبات أن يكلف المتهم الوسيط صراحة تبليغ عبارات التهديد إلى الشخص المقصود تهديده ، بل يكفى لذلك أن يثبت أن المتهم كان يقصد إيصال التهديد إلى علم من أراد تهديده بطريق هذا الوسيط .

( الطعن رقم 405 لسنة 5 ق ، جلسة 1935/1/28 )

10-إن المادة 327 من قانون العقوبات إذ نصت على عقاب ” كل من هدد غيره بإرتكاب جريمة ضد النفس أو المال ” لم توجب بصيغتها العامة هذه أن تكون عبارة التهديد قد وجهت مباشرة إلى ذات الشخص الذى قصد تهديده فى نفسه أو فى ماله . فيكفى للعقاب بموجبها أن يكون الجانى قد أعد رسالة التهديد لتصل إلى علم المراد تهديده ، سواء أأرسلها إليه فتلقاها مباشرة أم بعث بها إلى شخص آخر فتلقاها هذا الآخر ثم بلغها إياه أو لم يبلغها . ثم إنه لا يشترط أن يكون الجانى الذى يختار هذا الطريق الأخير فى توجيه نذيره قد قصد أن يقوم من أرسلت إليه بتبليغها إلى المعنى بها بل يكفى أن يثبت فى حقه أنه لا يجهل أن الطريق الذى إختاره يتوقع معه حتماً أن المرسل إليه بحكم وظيفته أو بسبب علاقته أو صلته بالشخص المقصود بالتهديد سيبلغه الرسالة .

( الطعن رقم 48 لسنة 13 ق ، جلسة 1942/12/7 )

11 - المادة 326 من قانون العقوبات تعاقب على إغتصاب المال بالتهديد . و التهديد بهذا الإطلاق لا يشترط فيه أن يكون مصحوباً بفعل مادى أو أن يكون متضمناً إيقاع الأمر المهدد به فى الحال ، بل يكفى ، مهما كانت وسيلته ، أن يكون من شأنه تخويف المجنى عليه بحيث يحمله على تسليم المال الذى طلب منه . فإذا كانت المحكمة قد رأت أن المجنى عليه لم يدفع المبلغ للمتهم إلا تحت تأثير التهديد الذى وقع عليه ، و كان ما صدر من المتهم يعد فى حد ذاته من ضروب التهديد ، فإن حكمها بالعقاب يكون صحيحاً . و لا يغير من ذلك أن التهديد كان بالتبليغ عن جريمة لم تقع بالفعل لأن صحة الواقعة المهدد بالتبليغ عنها ليست شرطاً لتحقق جريمة إغتصاب المال بالتهديد .

( الطعن رقم 1 لسنة 16 ق ، جلسة 1945/11/26 )

12-إنه لما كان القانون يقتضى – لإعتبار القبض مقترناً بالتهديد بالقتل معدوداً جناية بالمادة 282 من قانون العقوبات – أن يكون تهديد بالقتل قد وقع بقول أو فعل موجه للمقبوض عليه شخصياً ، فإنه لا يكفى لإدانة المتهم فى هذه الجريمة أن تقول المحكمة فى حكمها إن المتهمين قبضوا على المجنى عليه و إقتادوه قسراً و حملوه عنوة و إقتداراً إلى زراعة ذرة مجاورة و أخذوه و لاذوا بالفرار ، و كان مع بعضهم أسلحة و مع بعض سكين و عصى و أنهم هددوا بهذه الأسلحة بقتل المجنى عليه ، الأمر المستفاد من إستعمال أحدهم السلاح الذى كان يحمله إذ هدد به الشاهد فلاناً عند إعتراضه على خطف المجنى عليه و إستغاثته و أطلق هذا المتهم بالفعل عياراً نارياً على الشاهد المذكور أصابه فى كتفه .

( الطعن رقم 801 لسنة 19 ق ، جلسة 1949/5/16 )

13- من الخطأ القول بأن الفقرة الأخيرة من المادة 284 من قانون العقوبات لا تنطبق إلا فى صورة ما يكون التهديد هو بالتعدى على الأشخاص أو إيذائهم ، بل الصحيح أنها تنطبق على جميع الجرائم التى يهدد بها ضد النفس كانت أو ضد المال ما دامت تلك الجرائم لا تبلغ فى الجسامة درجة الجرائم المشار إليها فى الفقرات الثلاث الأولى من تلك المادة .

(الطعن رقم 642 لسنة 48 ق ، جلسة 1931/3/ 19)