عدم إنكار الامضاء على المحرر

 عدم إنكار الامضاء على المحرر

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

عدم إنكار الإمضاء على المحرر يجعل ماورد في المحرر حجة على صاحب الإمضاء  ملزما له، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-2-2013م في الطعن رقم (47281)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة: بعد الرجوع والدراسة للأوراق المشتملة في ملف القضية فقد تبين لها  أن الطعن غير سديد، لأن الطاعن لم ينكر الإمضاء المنسوب له على المحرر ، إضافة إلى أن المطعون ضده قد اثبت ما ورد في أوراق المحاسبة بشهادات الشهود،مما يوجب الأخذ بما جاء في أوراق المحاسبة التي ورد فيها امضاء الطاعن، مما يتعين معه رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول : الفرق بين الإمضاء والتوقيع :

الامضاء: هو علامة يضعها الشخص لنفسه، حيث يداوم الشخص في وضع هذه العلامة على المكاتبات الصادرة منه للتدليل على صدورها منه، كما يداوم في وضع هذه العلامةز(الإمضاء) للتدليل على موافقته على بعض الوثائق المطلوب منه الإمضاء عليها  للدلالة على موافقته على ماورد فيها. 

اما التوقيع فهو مستفاد من الوقوعات اي الأفعال والتصرفات من بيع وشراء ونكاح، والتوقيع هو عبارة عن قيام الشخص بكتابة اسمه كاملا للتدليل على  قبوله أو موافقته على ماورد في المحرر. 

وإن كان الدور الذي يقوم به التوقيع الإمضاء واحد إلا أن التوقيع افضل من الإمضاء والاولى الجمع بينهما. 

الوجه الثاني : المقصود بالمحرر الذي يقوم الشخص بالامضاء عليه فيكون حجة عليه: 

هو المحرر المكتوب بخط الغير المتضمن صلح بين خصوم أو تصفية شراكة أو تسوية حساب أو تنازل أو إقرار بحق أو إلتزام...إلخ، فيقوم الشخص بالامضاء عليه منفرداً أو يقوم آخرون بالامضاء على ذلك المحرر، وقد كان المحرر في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا عبارة عن أوراق تضمنت المحاسبة بين الطرفين لتسوية خلاف بين الخصوم بشأن ممر مشترك بين منزليهما، وقد توصل الحكم محل تعليقنا إلى أن عدم إنكار الطاعن للامضاء المنسوب له دليل على أن نسبة الإمضاء له وحجية ماورد في أوراق المحاسبة بين الطرفين المثبت فيها الإمضاء المنسوب للطاعن،  طالما أن الطاعن لم ينكر إمضاءه. 

الوجه الثالث: المقصود بالامضاء على المحرر: 

قضى الحكم محل تعليقنا بأن الإمضاء على المحرر يتم بالإمضاء ، الإمضاء على المحرر يقوم بالدور ذاته الذي يقوم به التوقيع على المحرر، ومصطلح التوقيع مستفاد من الواقعات التي يتضمنها المحرر كواقعة البيع أو الهبة أو الإقرار وغير ذلك من الوقوعات أو الواقعات أو التصرفات، فالتوقيع يكون بكتابة الشخص صاحب التوقيع لاسمه الرباعي على المحرر المتضمن الواقعة أو التصرف، والإمضاء عبارة عن علامة يضعها الشخص لنفسه فيداوم على وضعها في ذيل المحررات التي يكتبها أو تلك التي يكتبها الغير، وهناك أشخاص يضعون لأنفسهم ختومات تتضمن توقيعه أو امضائه، كما قد يقوم الشخص بوضع بصمته على المحرر، وقد نصت المادة (103) إثبات على أن (يكون التوقيع على المحرر أما بالخط أو بالختم أو بصمة الاصبع والمقصود من قيام الشخص بالامضاء أو التوقيع على المحرر أو البصمة أو الإمضاء عليه هو قبوله بالواقعة الواردة في المحرر أو إقراره بواقعها أو صحتها (الطعن في صحة أدلة الإثبات الكتابية، د. علي بلحيرش، ص9). 

الوجه الرابع : حجية المحرر بخط الغير الذي يقوم الشخص بالامضاء عليه: 

نصت المادة (104) إثبات  على أنه (يعتبر المحرر العرفي الموقع من الخصم حجة عليه وعلى وارثه أو خلفه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو أمضاء أو ختم أو بصمة فإذا لم يقم المدعي البرهان على الخط حلف المدعى عليه البت والقطع أما الوارث أو خلفه فإنه يحلف على نفي العلم)، فطالما أن الشخص قد قام بالامضاء أو التوقيع على المحرر ولم ينكر إمضاءه  أو توقيعه فإن المحرر يكون حجة عليه وعلى خلفه من بعده، لأن الإمضاء أو التوقيع مقرر قانوناً وعرفاً للدلالة على موافقة صاحب التوقيع ورضاه وقبوله بما ورد في المحرر وللتدليل على أنه مدرك للآثار والتبعات والمسئوليات المترتبة على ما تضمنه المحرر وأنه فهم مضمون المحرر (شرح قواعد الإثبات الموضوعية، د. خالد السيد محمد موسى، ص117).

الوجه الخامس : عدم إنكارالإمضاء  إقرار ضمني  بالامضاء :

الإقرار الصريح بالامضاء :عبارة عن تصريح من صاحب الإمضاء بأن ذلك الإمضاء هو امضاؤه، وقد يكون هذا الإقرار  بالامضاء ضمنيا اذا لم ينكرمن نسب إليه الإمضاء ذلك، فالسكوت في معرض الحاجة بيان، فسكوت صاحب الإمضاء وعدم انكاره للامضاء المنسوب له وهو في حالة نزاع وتخاصم مع المدعي عليه يفيد  الإقرار الضمني بأن الإمضاء المنسوب إليه هو امضاؤه، والله اعلم.