تداخل الحضانة مع الولاية على الطفل

 

تداخل الحضانة مع الولاية على الطفل

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الحضانة هي حفظ الصغير والقيام بأمره حتى يستغني عن غيره، والولاية هي الانفاق على الصغير والإشراف عليه والقيام بأمره في الشئون التي تكون خارج منزل الحضانة، ولا تثور مسألة التداخل بين الولاية والحضانة إلا في حالة انفصال الزوجين أو فرقتهما، حيث تتعلق بالتداخل بين الحضانة والولاية تحديد الواجبات والإختصاصات لكلٍ من الولي والحاضنة، وكذا تحديد مسئوليات كلٍ من الحاضنة والولي عن الأفعال التي تقع من الصغير المحضون على الغير أو تلك تقع على الصغير من قبل الغير ، ومن المناسب الإشارة إلى هذه المسألة في سياق التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-11-1999م في الطعن رقم (489) الذي ورد ضمن أسبابه: ((هذا وبعد المداولة فقد وجدت الدائرة: أن ما قضت به محكمة أول درجة وايدته الشعبة الشخصية موافق للشرع والقانون، لأن للأم حق حضانة من هو بحاجة إلى حضانتها لأنها أحن الناس على أولادها وارأف الناس بهم، اما عم الأولاد فهو الولي عليهم، فله حق الإشراف والانفاق عليهم))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية حضانة الطفل:

 الطفل اما ان يكون عديم التمييز أو ناقص التمييز، ولذلك فهو لايدرك الأخطار الاضرار المحدقة به  إضافة إلى عجزه عن القيام بشئون الخاصة من طعام وشراب وتنظيف، علاوة إلى أن الطفل يحتاج في هذه المرحلة المبكرة من عمره إلى تربية وتعليم   حتى يكون في المستقبل عضوا فاعلا ونافعا في المجتمع المسلم، ولذلك قررت الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية الحضانة.

فالحضانة: هي المحافظة على الطفل من المخاطر والاضرار والقيام بأمر الطفل من مأكل ومشرب ومبيت وتنظيف وتربية، فيندرج ضمن أعمال الحضانة المحافظة على الطفل من أن يضر نفسه أو يضر غيره، لأن الطفل يكون عديم التمييز أو ناقص التمييز فلا يدرك ما يضره أو ينفعه.

والحاضن في الغالب يكون إمرأة مأمورة بالقرار في دارها، فلا تخرج من دارها إلا لقضاء حوائجها، ولذلك فالغالب أن الحاضنة تتولى شئون الطفل وتربيته داخل البيت، فالحضانة هي المسئولة عن كل ما يقع للطفل أو عليه داخل الدار.

 وفي هذا الشأن نصت المادة(138) أحوال شخصية على أن ( الحضانة هي حفظ الصغير الذي لا يستقل بامر نفسه وتربيته ووقايته مما يهلكه او يضره بما لا يتعارض مع حق وليه، وهي حق للصغير فلا يجوز النزول عنها وانما تمتنع بموانعها وتعود بزوالها).

الوجه الثاني: ماهية الولاية على الطفل:

إضافة إلى الحضانة فإن الطفل يحتاج إلى من يتولى أمره  فينفق عليه ويشرف عليه، ويقوم بتعليمه العلوم والحرف النافعة له ولمجتمعه، ويتولى تاديبه وتقويم سلوكه خاصة خارج منزل الحاضنة كالشارع والمدرسة والمسجد وغير ذلك ، ولذلك قررت الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية الولاية على الطفل.

فالولاية في اللغة: (بكسر الواو) اسم أو مصدر من الولْي (بسكون اللام): وهو القرب من الشيء والقيام به، يقال: وَلِيَ وَليَاً أي دنا منه، ويقال: ولي الأمر إذا قام به (لسان العرب، مادة (ولي)، وينظر في المادة نفسها: الصحاح، المصباح المنير، مقاييس اللغة).

اما الولاية في والإصطلاح فهي : تنفيذ القول على الغير شاء أو أبى (أنيس الفقهاء 1/148، التعريفات 1/329).

فالولاية في الفقه الإسلامي قد تكون عامة تشمل الولاية العظمى والحسبة والقضاء، وقد تكون خاصة تشمل قيام شخص مكلف على شخص غير مكلف بتدبير أموره المالية وغيرها، وهو ما يعرف بالولاية على المال والولاية على النفس Custody on self and possession.

معنى الولاية على النفس: هي سلطة يملكها الولي على المولى عليه، تمكنه من تزويجه وتأديبه، وتعليمه، وتطبيبه، والعناية به في كل ما تحتاج إليه نفسه مادام تحت الولاية ( حاشية ابن عابدين 3/55 وما بعدها).

والحكمة من تشريع الولاية على النفس هي  حرص الشارع على تشريع الولاية على النفس توفيراً لمصلحة المولى عليه في بدنه وحياته.

فالمولى عليه لا يستطيع القيام بأمر نفسه لعجزه عن ذلك بسبب صغر أو مرض من جنون وعته، فناسب أن ينصّب غيره ولياً عليه في نفسه وبدنه.

ومن هنا يُدرك اهتمام الشارع بالولاية على النفس من خلال ما اشترطه في الولي من شروط دقيقة لا يصير ولياً إلا من خلالها، كما ضبط تصرفاته بجملة من القواعد والأحكام يضمن من خلالها سلامة تصرفه في نفس المولى عليه وبدنه، على وجه يحصل له معه المنفعة بعيداً عن المساوئ والمفاسد (شرح النووي على صحيح مسلم 8/44 وما بعدها).

وتثبت عليه الولاية على النفس على ناقص الأهلية مطلقاً، فتثبت على الصغير مميزاً كان أو غير مميز كما تثبت على المجنون والمعتوه.

يثبت للولي بالولاية على النفس رعاية نفس المولى عليه من كل جوانبها، فيثبت له بذلك تأديبه وتزويجه وتطبيبه وتوجيهه إلى مهنة ملائمة، وغير ذلك مما تحتاج إليه نفسه من رعاية بدنية ونفسية وصحية.

ويشترط في جميع هذه التصرفات أن تكون لمصلحة المولى عليه، فإذا تصرف الولي على غير ما تقتضيه مصلحة المولى عليه كان متعدياً، فيمنع من تصرفه، ويحجب عن تلك الولاية.

هذا ولا بد من بيان أن المصلحة التي تقتضيها أحوال المولى عليه تختلف باختلاف نوع التصرف، فيختلف الحكم وفقاً لذلك، كما يختلف باختلاف درجة الولي قرباً وبعداً.

ففي عقد النكاح مثلاً، ليس للولي أن يزوج القاصرة من غير الكفء، وإلا لم يكن عقد نكاحها صحيحاً، هذا إذا لم يكن الولي هو الأب أو الجد، فإذا كان الولي أباً أو جداً كان عقد النكاح صحيحاً؛ لأن غلبة شفقة الأب أو الجد يغلب على الظن معها قيام مصلحة القاصر في هذا النكاح.

وكذلك الزواج بغبن فاحش، كأن يزوج القاصرة بأقل من مهر مثلها، والفتى بأكثر من مهر مثله، فإن كان الولي هو الأب أو الجد لزم النكاح؛ لغلبة الشفقة والمصلحة، وهي مظنة توافر مصلحة القاصر، وإن كان غيرهما لم يصح.

وكذلك التأديب، فإنه مشروط بالسلامة، فإن ضرب الولي المولى عليه ليؤدبه، فكسر له عضواً، أو أوقع به جرحاً، عدّ متعدياً في هذه الحال، ولزمه الضمان؛ لأن المأذون به هو التأديب في حدود السلامة، دون الهلاك، وهو مذهب الحنفية والشافعية.

وهكذا الأمر في التطبيب والتعليم والتوجيه إلى حرفة مناسبة وغيرها (حاشية ابن عابدين 1/235 وما بعدها، (المجموع 3/11، المغني 2/350 وما بعدها، شرح منتهى الإرادات 1/119 وما بعدها وتحفة المودود بأحكام المولود 137 وما بعدها، المدخل لابن الحاج 4/295 وما بعدها).

فالولاية على الطفل قد تكون شرعية أو قانونية كولاية الأب على ابنه، وللولاية مراتب ودرجات مفصلة في كتب الفقه خلاصتها بالنسبة للولاية على الطفل الاب أن علا والاخوة وان نزلوا والاعمام وان نزلوا والاخوال... إلخ ، ويقوم مقام الولي الوصي الذي يعينه الولي، وان لم يكن للطفل ولي أو وصي فإن الولاية تكون للقاضي الذي يقوم بتنصيب من  يتولى أمر الطفل، والغالب أن يقوم الولي أو الوصي أو المنصب بأمور الطفل خارج دار الحاضنة مثل الانفاق على الطفل وجلب متطلباته واحتياجاته والإشراف على تربيته وتعليمه شئون العبادة وتعليمه العلوم والمهن والصنائع النافعة، ويكون الولي أو الوصي أو المنصوب مسئولاً عما يقع للطفل أو عليه خارج الدار المحضون بها.

وتكون الولاية على الصغير القاصر وهو الذي لم يبلغ سن الرشد سواء أكان مميزًا أم غير مميز وهي تقسم إلى قسمين ولاية على النفس وولاية على المال وتعود الولاية على المال والنفس معًا إلى الأب وفي حال عدم وجود الأب تعود إلى الجد العصبي وفي حال عدم وجود الأب أو الجد العصبي تنفصل الولاية على النفس عن الولاية على المال فتنقلب الولاية على المال إلى وصاية وتبقى الولاية على النفس فقط التي تعود حينئذ إلى الأقارب العصبات بحسب ترتيبهم بالنسبة للإرث من الصغير شرط أن يكون محرماً، وعند تعدد المستحقين للولاية، واستوائهم، تختار المحكمة أصلحهم، فـإن لـم يوجـد مستحق عينت المحكمة الصالح من غيرهم . 

فالولاية على القاصر كالصبي والمجنون والمعتوه ولايتان، ولاية على النفس، وولاية على المال، والولاية على النفس، معناها: الإشراف على شؤون القاصر الشخصية من صيانة وحفظ وتأديب وتعليم.. الخ. والولاية على المال هي: الإشراف على شؤون القاصر المالية من بيع وشراء وإجارة ونحو ذلك. فبالنسبة للولاية على النفس، فقد ذهب الزيدية والحنفية إلى : أنها تثبت للعصبة بحسب ترتيبهم في الإرث، يعني البنوة فالأبوة، فالأخوّة فالعمومة، فإن لم يوجد أحد من العصبة، انتقلت ولاية النفس إلى الأم، ثم باقي ذوي الأرحام. وذهب المالكية إلى أنها على الترتيب الآتي: البنوة، ثم الأبوة، ثم الوصاية، ثم الأخوّة، ثم الجدودة، ثم العمومة. وأما الولاية على المال، فقد قال الحنفية: إنها تثبت للأب، ثم لوصيه، ثم للجد، ثم لوصيه، ثم للقاضي فوصيه. وقالت المالكية والحنابلة: تثبت للأب ثم لوصيه، ثم للقاضي، أو من يقيمه، وقالت الشافعية: تثبت للأب، ثم للجد، ثم لوصي الباقي منهما، ثم للقاضي أو من يقيمه، ولا تثبت ولاية المال لغير هؤلاء، كالأخ والعم والأم إلا بوصاية من قبل الأب أو القاضي. وذهب الحنابلة في رواية، والشافعية في قول، إلى أن للأم أن تلي حال ولدها الصغير بعد الأب والجد، وتقدم على وصيهما. (الفقه الإسلامي وأدلته د. الزحيلي (7328/10).

وتثبت الولاية على النفس في الفقه الإسلامي للقرابة، وقد اختلف الفقهاء في حدود هذه القرابة.

فمنهم من حصرها بالأب ووصيه وحدهما، ولا ولاية لغيرهما على النفس عندهم.

وهو مذهب المالكية والحنابلة في الجملة.

ومنهم من توسع في ذلك، فذهب إلى أن الولاية على النفس تثبت للأب، ثم للجد عند فقد الأب، ثم للقاضي عند فقدهما بحكم الولاية العامة، وهو مذهب الشافعية.

أما الحنفية فكان مذهبهم أوسع المذاهب في هذا الشأن ، فقد أثبتوا الولاية على النفس لكل عصبة نسبية قريبة.

والعصبة النسبي بنفسه: هو كل قريب ذكر ليس بينه وبين المولى عليه أنثى، كالابن وابن الابن مهما نزل، والأب والجد لأب مهما علا، والأخ الشقيق أو لأب وأبنائهما الذكور وإن نزلوا، والعم الشقيق أو لأب وأبنائهما الذكور وإن نزلوا.

وأما الجد لأم فليس من العصبات؛ لأنه يدلي إلى المولى عليه بالأم وهي أنثى، وكذلك البنات وبنات الأبناء، فإنهن لسنَ بعصبات؛ لأنهن من الإناث.

هذا وقد قسم الفقهاء العصبات النسبية بالنفس من حيث القرب والبعد أربع جهات:

1ـ جهة البنوة: وهم الأبناء الذكور وأبناؤهم من الذكور وإن نزلوا.

2ـ جهة الأبوة: وهم الأب والجد لأب وإن علا.

3ـ جهة الأخوة: وهم الإخوة الأشقاء أو لأب وأبناؤهم الذكور وإن نزلوا، دون الإخوة لأم؛ لأنهم يدلون بالأم، ودون أبناء الأخوات؛ لأنهم يدلون بالأخوات، وهن من الإناث.

4ـ جهة العمومة: وهم الأعمام الأشقاء أو لأب وأبناؤهم الذكور وإن نزلوا، دون الأعمام لأم؛ فإنهم يدلون بالأم، ودون العمات وأبنائهن.

فإذا كان للمولى عليه قريب واحد من هؤلاء العصبات، كانت الولاية على نفسه له وحده، وإذا كان له أكثر من قريب، كأن يكون له أب وابن، أو جد وعم، فإن الولاية تثبت للأقرب منهما.

والقرابة تكون بحسب الجهات المتقدمة فتقدم جهة البنوة ثم الأبوة ثم الأخوة ثم العمومة.

فإذا تساوى الأقرباء في الجهة كأن يكون له أب وجد، قدم في الولاية على النفس الأقرب درجة، وهو الأب.

فإذا تساووا في الجهة والدرجة، كأن يكون للمولى عليه أخوان، شقيق وشقيق لأب، قدم الشقيق.

وإذا تساووا في الجهة والدرجة والقرابة، كأن يكونا أخوين شقيقين، كانت الولاية لهما معاً.

فإن لم يكن للمولى عليه أحد العصبات المتقدمة، انتقلت الولاية إلى ذوي الأرحام من أقاربه، كالأم ثم الجدة أم الأب ثم الجدة أم الأم.

فإن لم يوجد أحد من أصوله انتقلت الولاية على نفسه إلى فروعه، فتقدم البنت ثم بنت البنت، فإن لم يكن له فرع انتقلت الولاية إلى الجد الرحمي، وهو الجد لأم. وهو رأي الإمام أبي حنيفة.

وذهب الصاحبان من الحنفية إلى أن الولاية بعد العصبات النسبية إنما هي للقاضي، ولا تكون لذوي الأرحام بحال (حاشية ابن عابدين 3/55 وما بعدها، المبسوط 5/12، البدائع 2/ 247، القوانين الفقهية 203، المجموع 3/11 وما بعدها، المغني12/528 وما بعدها).

وخلاصة الأمر أن الولاية على النفسهي : الإشراف على شؤون القاصر الشخصية، ورعايتهم جسديًا ونفسيًا وتأديبه وتقويمه وغيرها من الأمور.

اما الولاية على المال فهي : الإشراف على شؤون القاصر المالية بما فيها تنظيم مصروفاته والتصرف في ممتلكاته بالبيع أو الشراء.

ونتيجة الانتشار التعليم فقد ظهر مصطلح( الولاية التعليمية) اي الإنفاق والإشراف والمتابعة للطفل اثناء تعليمه، إذ يجب على الولى الإنفاق والإشراف على تعليم  الطفل  تسجيله في المدرسة ونقله من وإلى  المدرسة   وحضور اجتماعات أولياء الأمور، وكذلك استخراج المستندات الرسمية الخاصة بالطفل واستخدامها في أي إجراء قانوني أمام الجهات المختصة.، في حين تتولى الحاضنة متابعة الشئون التعليمية للطفل في البيت مثل تنفيذ الطفل بالواجبات المدرسية.

 الوجه الثالث: شروط الحضانة والولاية:

تتفق إلى حدٍ ما شروط الحضانة والولاية في معظمها كالتكليف واتحاد الدين والقدرة والأمانة، وفي هذا المعني نصت المادة (140) أحوال شخصية على أنه( يشترط في الحاضن البلوغ والعقل والامانة على الصغير والقدرة على تربيته وصيانته بدنيا واخلاقيا وان كانت الحاضن امراة فيشترط زيادة على ما تقدم ان لا تكون مرتدة عن الاسلام وان لا تمسكه عند من يبغضه وان لا تشغل عن الحضانة خارج البيت الا اذا وجد من يقوم بحاجته وان كان رجلا فيشترط ايضا اتحاد الدين).

فيشترط في ولي النفس والمال كمال الأهلية، وذلك بالبلوغ والعقل.

فيشترط في الولي على النفس جملة من الشروط، ليثبت حقه في الولاية، وإلا انتقل حق الولاية إلى من يليه، وأهم هذه الشروط:

 1ـ كمال الأهلية: إذ يجب أن يكون الولي على النفس كامل الأهلية بأن يكون بالغاً عاقلاً حراً؛ لأن أهلية الأداء لا تتم إلا بذلك فإن كان قاصراً أو مجنوناً أو معتوهاً لم تثبت له الولاية؛ لأنه لا ولاية له على نفسه، فكيف يكون ولياً على غيره؟!

2ـ اتفاق الدين: فإن كان المولى عليه مسلماً، لزم أن يكون الولي مسلماً، فإن كان غير مسلم لم

ويستثنى من هذا الشرط القاضي؛ لأن له ولاية عامة قد تتحقق معها مصلحة الناس.

فيشترط في الولي والحاضنة  أن يكون أميناً على القاصر، قادراً على تدبير شؤونه، متحداً معه في الدين، فإذا فقد أحد هذه الشروط سلبت ولايته أو سقطت الحضانة،  ولا يجوز للولي مباشرة حق من حقوق الولاية على أموال القاصر إلا إذا توافرت له الأهلية اللازمة لمباشرة هذا الحق فيما يتعلق بأمواله الخاصة.

فينبغي ان تكون الحاضنة والولي على القاصر عاقلًا وبالغًا وأن يكون الأقرب له في العصبة كترتيب الميراث الابن ثم الأب ثم الأخ ثم العم ثم الأم، وإذا تعذر وجود هؤلاء الأشخاص المذكورين على ترتيبهم تنتقل دعوى الولاية إلى القاضي لينظر فيها ويعين وصيًا على القاصر لإدارة شؤونه مراعيًا في ذلك مصلحة القاصر، ولا يكون الغريب وليًا إلا بوصاية من الأب أو الجد أو القاضي. ولا يجوز للأب أو الجد التنازل عن الولاية حال حياتهما دون سند قانوني.( المجموع 3/11 وما بعدها، تحفة المحتاج 9/180 وما بعدها، أسنى المطالب 4/ 162).

وهناك عدة  إجراءات قضائية  يتم إتباعها  عند  رفع دعوى إسقاط الولاية، إذ يقوم محامي دعوى إسقاط الولاية بتقديم الدلائل والبراهين على فساد خلق الولي أو خيانته أو سوء إدارته لشؤون القاصر المالية أو الأدبية، وحينئذ قد يحكم القاضي بعزله وإسقاط الولاية عنه. ولا تَثبت دعوى الولاية إلا باقترانها بمواطن فساد أو سوء إدارة اذا دلت على ذلك الأدلة الواضحة.

الوجه الرابع: كيفية التداخل بين الولاية والحضانة:

سبق القول ان الولاية على الطفل هي الإنفاق عليه في حين أن الحضانة هي المحافظة على الطفل ممايضره وتربيته وتاديبه والقيام بامره حتى يستغني بنفسه عن غيره، ومن خلال استقراء تعريف كل من الولاية والحضانة يظهر التداخل بينهما، فالانفاق على الطفل المحضون لازم على الولي حتي وهو جنين في بطن أمه، إذ يجب على الولي دفع نفقات علاج الحامل ورعايتها ثم دفع تكاليف الولادة ومصاريفها ثم الإنفاق على الطفل المحضون حتى يبلغ سن الرشد، كما ان الولي ملزم ومسئول بالإشراف على الطفل المحضون وتاديبه وتربيته وتعليمه، فالولاية على الطفل تصاحبه منذ أن يكون جنينا في بطن أمه حتي يبلغ سن الرشد (15) سنة حسبما هو مقرر في القانون المدني اليمني.

وفي الوقت ذاته تقوم الحاضنة بالمحافظة على الطفل وتربيته وتأديبه، وللشيخ ابي زهرة تخريج لطيف في تداخل الحضانة بالولاية، إذ قال أبو زهرة : ان الحضانة تتزامن مع الولاية غير انه كلما كبر الطفل كلما ازدادت مظاهر الولاية على حساب مظاهر الحضانة حتى تنتهي مدة الحضانة فتستمر الولاية حتى يبلغ الطفل سن الرشد .(أحكام الأسرة، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص 194)، والله اعلم.