زيادة مكافأة نهاية الخدمة عن راتب في كل سنة

 زيادة مكافأة نهاية الخدمة عن راتب في كل سنة  

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

قضى الحكم محل تعليقنا بأن تقدير مكافأة نهاية الخدمة للعامل بواقع أجر شهر عن كل سنة خدمة هو الحد الأدنى لما يستحقه العامل إذا لم يقم صاحب العمل بالتأمين  على العامل، لأن المادة( 120) من قانون العمل قد ذكرت الحد الأدنى لمكافأة نهاية الخدمة(أجر شهر على الأقل عن كل سنة خدمة )غير أنها لم تنص على الحد الأعلى للمكافاة، وتركت تحديد الحد الأعلى لاتفاق العامل مع صاحب العمل في حالة الوفاق بينهما وللسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في حالة الخلاف بينهما ، ولذلك يجوز الحكم للعامل بأكثر من أجر شهر عن كل سنة خدمة، وكذا قضى الحكم محل تعليقنا بأن تقدير أجر الشهر يكون على أساس أجر آخر شهر تقاضاه العامل قبل إحالته للتقاعد أو إنهاء خدمته ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-12-2013م في الطعن رقم (53822) الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن الطاعن قد نعى على الحكم الاستئنافي أنه قضى بتأييد قرار اللجنة العمالية بمنح العامل ستة رواتب مكافأة نهاية خدمة بواقع راتب شهر عن كل سنة، مع أن خدمة العامل تقل عن خمس سنوات.

والدائرة: تجد أن هذا النعي مردود عليه بالمادة (120) من قانون العمل التي نصت على أنه: (-2- إذا لم يكن العامل مشمولاً بأحكام قانون التأمينات الإجتماعية أو أي نظام خاص به وفقاً لأحكام الفقرة السابقة استحق العامل من صاحب العمل مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة وتحتسب هذه المكافأة على أساس أجر آخر شهر تقاضاه العامل)، الأمر الذي يجعل قضاء اللجنة العمالية بمنح العامل مكافأة نهاية الخدمة بواقع راتب ستة أشهر  لا يخرج عن مقتضى النص المذكور، لأن ذلك النص القانوني قد ذكر الحد الادنى لمكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة، ولذلك تجوز الزيادة على ذلك))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول السند القانوني للحكم بجواز زيادة مكافأة نهاية الخدمة عن أجر شهر في كل سنة :

أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه بجواز زيادة مكافأة نهاية الخدمة عن أجر شهر عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، أستند الحكم في ذلك إلى المادة(120 ) من قانون العمل التي نصت على أنه( 1- يستحق العامل عند انتهاء خدمته معاشا شهريا او مكافأة مقطوعة وفقا لاحكام قانون التأمينات الاجتماعية او وفقا لاي نظام خاص اخر اذا كانت شروطه افضل للعامل.

      2- إذا لم يكن العامل مشمولا باحكام قانون التأمينات الاجتماعية او أي نظام خاص به وفقا لاحكام الفقرة السابقة استحق من صاحب العمل مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة وتحتسب هذه المكافأة على اساس آجر اخر شهر تقاضاه العامل.

      3- لا يجوز باي حال من الاحوال حرمان العامل من مستحقاته المنصوص عليها في هذه المادة او اسقاط أي جزء منها في كافة حالات انهاء عقد العمل.  )، فالفقرة( 2) من المادة السابقة صريحة في ان أجر الشهر عن كل سنة من سنوات الخدمة الخدمة هو الحد الأدنى لمكافأة نهاية الخدمة ، لأن صيغة( على الاقل) الواردة في النص تدل على ذلك، وتبعا لذلك يجوز أن تكون مكافأة نهاية الخدمة اكثر من أجر شهر عن كل سنة حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثاني : الحكمة من عدم تحديد الحد الأعلى لمكافأة نهاية الخدمة :

نصت الفقرة( 2) من المادة( 120 ) من قانون العمل على أنه(       2- إذا لم يكن العامل مشمولا باحكام قانون التأمينات الاجتماعية او أي نظام خاص به وفقا لاحكام الفقرة السابقة استحق من صاحب العمل مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة وتحتسب هذه المكافأة على اساس آجر اخر شهر تقاضاه العامل).

ومن سياق هذا النص يظهر ان الحد الأدنى لمكافأة نهاية الخدمة هو أجر شهر عن كل سنة من سنوات خدمة  العامل، في حين أن النص ذاته لم يحدد الحد الأعلى للمكافاة تاركا ذلك لاتفاق العامل مع صاحب العمل عند توفقهما أو للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إذا تم رفع الخلاف إليها.

وتظهر الحكمة من عدم تحديد الحد الأعلى لمكافأة نهاية الخدمة في مراعاة مصلحة العامل، فقد  يكون الأجر الشهري للعامل تافها، كما قد تكون مكافأة نهاية الخدمة تقل كثيرا عن الحقوق التأمينية المقررة في قانون التأمينات الاجتماعية للعمال المومن عليهم بالتأمين الإجتماعي، لأن مكافأة نهاية الخدمة مقررة في قانون العمل عوضا عن عدم تأمين صاحب العمل على العامل حسبما أشارت إليه المادة(120 ) من قانون العمل وحسبما سيأتي بيانه.

الوجه الثالث : مكافأة نهاية الخدمة عوضاً عن التأمين الاجتماعى للعامل :

وفقاً لقانون العمل وقانون التأمينات الإجتماعية، فإن التأمين على العامل حق كفله  الدستور والقانون، ومن ناحية أخرى فإن التأمين على العامل واجب على صاحب العمل، وكذا فإن التأمين الاجتماعي مسئولية اجتماعية عامة ، ومن هذا المنطلق  فقد اهتم القانون بالتأمينات الإجتماعية: باعتبار التأمينات الاجتماعية نظام حماية اجتماعية من الفاقة  والعوز والعجز والشيخوخة التي تداهم العمال، لذلك لم يترك القانون التأمين الاجتماعي على العامل لإرادة الطرفين (العامل وصاحب العمل) حيث نظم القانون مقادير الإشتراكات وحالات الاستحقاق وغيرها، وجعل القانون التأمين الاجتماعي ملزما واجباريا لامناص من العمل به، فالتامين الاجتماعي ليس إختيارياً، وقد سبق الإشارة إلى هذه المسألة في تعليق سابق.

فإذا لم يقم صاحب العمل بالتأمين التأمين الاجتماعى على العامل فيجب على صاحب العمل ان يدفع للعامل مكافأة نهاية الخدمة.

الوجه الرابع : حق العامل في مكافأة نهاية الخدمة بموجب قانون العمل:

بما ان التأمين الإجتماعي حق للعامل وواجب على صاحب العمل إلا أن بعض أصحاب الأعمال  قد لا يقوم بالتأمين الإجتماعي على العامل حيث يترتب على ذلك حرمان هؤلاء العمال من الحقوق التأمينية المكفولة لهم بموجب قانون التأمينات الإجتماعية، وعدم إشتراك صاحب الأعمال في المؤسسة العامة للتأمينات ظاهرة شائعة في اليمن، لذلك صرح قانون العمل بأحقية العامل غير المشمول بالتامين الاجتماعي في مكافأة نهاية الخدمة إذا لم يقم صاحب العمل بالتأمين الإجتماعي عليه، حيث نصت المادة (120) من قانون العمل على أن: (1- يستحق العامل عند إنتهاء خدمته معاشاً شهرياً أو مكافأة مقطوعة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الإجتماعية أو وفقاً لأي نظام خاص آخر إذا كانت شروطه أفضل للعامل -2- إذا لم يكن العامل مشمولاً بأحكام قانون التأمينات الإجتماعية أو أي نظام خاص به وفقاً لأحكام الفقرة السابقة استحق من صاحب العمل مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة وتحتسب هذه المكافأة على أساس أجر آخر شهر تقاضاه العامل -3- لا يجوز بأي حال من الأحوال حرمان العامل من مستحقاته المنصوص عليها في هذه المادة أو اسقاط أي جزء منها في كافة حالات انهاء عقد العمل)، ومن خلال إستقراء النص السابق أن يظهر استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة يكون في حالة عدم قيام صاحب العمل بالإشتراك لدى المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية والتأمين على العامل : حيث يصير العامل في هذه الحالة غير مشمولاً بالتأمينات الإجتماعية المقررة وفقاً لقانون التأمينات الإجتماعية، وقد صرح النص القانوني الوارد في قانون العمل بإستحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة نظراً لعدم تمتع العامل بالحقوق المكفولة بقانون التأمينات الإجتماعية، إضافة إلى أن عدم قيام صاحب العمل بالتامين على العامل لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية يعد مخالفة للقانون تستوجب عقاب صاحب العمل وفقا لماهر مقرر في قانون التأمينات الاجتماعية .

الوجه الخامس : الفرق بين مكافأة نهاية الخدمة المقررة في قانون العمل ومكافأة نهاية الخدمة المسماة تعويض الدفعة الواحدة المقرر في قانون التأمينات الإجتماعية:

من خلال مطالعة النص السابق الوارد في قانون العمل نجد أن مكافأة نهاية الخدمة تكون للعامل غير المشمول بنظام التأمينات الإجتماعية أو أي نظام تأمين أخر، أي ان العامل غير المؤمن عليه بأي نظام تأميني هو الذي يستحق مكافأة نهاية الخدمة وفقا للنص الوارد في قانون العمل ، في حين ان تعويض الدفعة الواحدة (مكافأة نهاية الخدمة) المقرر في قانون التأمينات الإجتماعية يكون للمشمولين بالتأمينات الإجتماعية الذين لا يستحقون المعاش التقاعدي، حيث نصت المادة (57) من قانون التأمينات الإجتماعية على أن تدفع مؤسسة التأمينات الاجتماعية  تعويض الدفعة الواحدة أو مكافأة نهاية الخدمة إذا كانت مدة اشتراك العامل المؤمن عليه تزيد على سنة ولكنها لا تصل إلى المدة التي يستحق فيها العامل المعاش التقاعدي حيث تدفع مؤسسة التأمينات مكافأة نهاية الخدمة في حالة استقالة المرأة العاملة أو هجرة العامل اليمني إلى الخارج أو مغادرة الأجنبي لليمن أو عجز العامل المؤمن عليه كلياً أو وفاته، وتحتسب مكافأة نهاية الخدمة في هذه الحالات من متوسط الإشتراك الشهري للعامل لدى المؤسسة العامة للتأمينات ، وعلى هذا الأساس فإن مكافأة نهاية الخدمة المقررة في قانون العمل تختلف تماماً عن تلك المقررة في قانون التأمينات الإجتماعية من حيث حالات الاستحقاق ومن حيث احتسابها  ومن حيث الجهة التي تدفعها للعامل حسبما سبق بيانه.

الوجه السادس: جواز الزيادة عن الحد الأدنى لمكافأة نهاية الخدمة المقررة في قانون العمل:

كان محور الخلاف بين العامل وصاحب العمل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا هو ان العامل عمل لدى صاحب العمل مدة تقل عن خمس سنوات في حين ان الحكم قضى للعامل بستة رواتب اي بالزيادة على(أجر شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة)، حيث فهم الطاعن صاحب العمل ان الحكم قد خالف القانون الذي حدد مكافأة نهاية الخدمة بواقع راتب شهر فقط عن كل سنة خدمة – في حين قضى الحكم محل تعليقنا ان النص القانوني قد حدد المكافأة براتب شهر عن كل سنة كحد أدنى ولم يمنع الزيادة على الحد الأدنى، ولذلك تجوز الزيادة عن الحد الأدنى إذا وجد القاضي ان لذلك مقتضى .

الوجه السابع : إحتساب مكافأة نهاية الخدمة على أساس أجر آخر شهر تقاضاه العامل قبل ان تتم إحالته للتقاعد أو إنهاء خدمته :

نصت الفقرة – 2-من المادة(120 ) من قانون العمل على أنه     (  2- إذا لم يكن العامل مشمولا باحكام قانون التأمينات الاجتماعية او أي نظام خاص به وفقا لاحكام الفقرة السابقة استحق من صاحب العمل مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر على الأقل عن كل سنة من سنوات الخدمة وتحتسب هذه المكافأة على اساس آجر اخر شهر تقاضاه العامل).

فقد صرحت هذه المادة على أن تحتسب مكافأة نهاية الخدمة على أساس  اخر اجر تقاضاه العامل قبل إحالته للتقاعد أو إنهاء خدمته، حيث يتم احتساب مكافأة السنوات السابقة على أساس أجر آخر شهر تقاضاه العامل قبل إحالته للتقاعد أو إنهاء خدمته.

الوجه الثامن: الفرق بين مكافأة نهاية الخدمة والتأمين الاجتماعي:

من خلال ماسبق عرضه في الوجوه السابقة يظهر ان مكافأة نهاية الخدمة بواقع راتب شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة  هي عبارة عن تعويض افتراضي عن عدم التأمين الاجتماعى على العامل حسبما سبق بيانه، اما التأمين الاجتماعي فهو عبارة عن استقطاع نسبة 7٪من الأجر الشهري للعامل ونسبة 11٪من الأجر الشهري للعامل ولكنها تحتسب على حساب صاحب العمل، وتعد النسبتان اشتراك لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وتقترب هذه النسبة التأمينية من خمس أجر العامل الشهري اي( 18٪) من الاجرالشهري للعامل، في حين أن أقساط التأمين السنوية لشركات التأمين التجارية تكون زهيدة قياسا بنسبة التأمين التي تتحصلها الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولذلك يفضل بعض أصحاب الأعمال بل وحتى بعض موظفي الحكومة التأمين لدى شركات التأمين الخاصة أو التجارية، والله اعلم.