خصوصية التعويض عن الفصل التعسفي للعامل

 

خصوصية التعويض عن الفصل التعسفي للعامل

أ .د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

حدد قانون العمل الحد الأعلى للتعويض الذي يستحقه العامل عند فصله تعسفيا بما لايتجاوز أجر ستة أشهر، وذكر قانون العمل ان هذا التعويض خاص اي ان الحد الأعلى لتعويض العامل عن الضرر الذي لحقه جراء فصله تعسفياً لاتسري عليه الأحكام العامة للتعويض في المسئولية العقدية، ومنها أن التعويض يكون على قدر الضرر المحقق الذي  لحق بالعامل، لذلك فإن تعويض العامل عن الفصل التعسفي له  خصوصيته التي تميزه عن القواعد العامة في التعويض في المسؤلية العقدية ، إضافة إلى خصوصية إثبات الضرر الذي لحق بالعامل جراء إقدام صاحب العمل على فصله تعسفياً، وغير ذلك من مظاهر خصوصية هذا النوع من التعويض، ومن المناسب التعرض لهذه المسألة في سياق التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-12-2012م في الطعن رقم (46392)، وقد سبق ذلك  قرار اللجنة التحكيمية العمالية (بإلزام المدعى عليها بدفع أجر ثلاثة أشهر استناداً إلى المادة (39) من قانون العمل وإلزام المدعى عليها بدفع أجر شهر للعامل المدعي بدلاً عن أجر شهر الإشعار بالفصل وفقاً للمادة (38) من قانون العمل، وحيث أن المدعية قد قامت بإنهاء خدمة العامل المدعي أثناء فترة علاجه، لذلك فإن العامل يستحق التعويض عن الفصل التعسفي وذلك أجر ثلاثة أشهر بالإضافة إلى أجر بدل شهر الإنذار وفقاً للقانون الذي حدد التعويض بما لا يزيد عن أجر ستة أشهر)، وقد قضت الشعبة المدنية بتأييد قرار اللجنة التحكيمية العمالية لثبوت الفصل التعسفي وثبوت إستحقاق العامل للتعويض الذي قدرته اللجنة العمالية بواقع أجر ثلاثة أشهر بالإضافة إلى أجر شهر بدل الإشعار بإنهاء الخدمة،، وبعد الطعن بالنقض أقرت الدائرة المدنية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين أن الشعبة مصدره الحكم المطعون فيه قد طبقت المادة (288) مرافعات تطبيقاً صحيحاً فقد ناقشت أسباب استئناف الطاعن وتوصلت من خلال ذلك إلى تأييد قرار اللجنة التحكيمية وفقاً لما ورد في المادة (288) كما أنها قد قامت بتسبيب حكمها بأسباب سائغة لها أصل في الأوراق مما يتعين معه رفض الطعن وإقرار الحكم الاستئنافي))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول:  الانهاء غير التعسفي لعقد عمل العامل:

لم يرد في قانون العمل  تعريف الفصل التعسفي، إلا أنه من المفهوم ان إنهاء عقد عمل العامل في غير الحالات المحددة في قانون العمل يكون  فصلا تعسفيا، فقد حدد قانون العمل الحالات التي يجوز فيها لصاحب العمل إنهاء عقد العمل فيكون إنهاء عمل العامل فيها قانونيا وفي غيرها تعسفيا، فقد حدد قانون العمل الحالات التي يجوز فيها لصاحب العمل إنهاء عمل العامل ولايكون انهاء العمل فيها فصلا تعسفيا، وذلك في المادة( 35) عمل التي نصت على أنه( اولا: يجوز لصاحب العمل ان ينهي العقد من جانبه بدون اشعار كتابي او تحمل الاجر المقرر عن فترة الانذار في الحالات التالية: -

أ- اذا انتحل العامل شخصية غير شخصيته او قدم شهادات او وثائق مزورة .

ب- اذا حكم على العامل في جريمة مخلة بالشرف او الامانة او الآداب العامة بحكم قضائي بات .

ج- اذا وجد العامل اثناء ساعات العمل في حالة سكر او تحت تاثير مادة مخدرة .

د- اذا اعتدى العامل على صاحب العمل او من يمثله او رئيسه المباشر اثناء العمل او بسببه اعتداء يعاقب عليه القانون او وقع منه اعتداء جسماني على احد العاملين الآخرين في مكان العمل او بسببه .

ه- اذا لم يثبت العامل صلاحيته للعمل اثناء الفترة الاختبارية .

و- اذا ارتكب العامل خطاء نشا عنه خسارة مادية لصاحب العمل بشرط ان يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال ثمانية و اربعين ساعة من وقت علمه بوقوعه .

ز- اذا لم يراع العامل التعليمات اللازم اتباعها لسلامة العمال والعمل وتم انذاره كتابة بشرط ان تكون هذه التعليمات مكتوبة ومعلنة بمكان ظاهر في محل العمل .

ح- اذا لم يقم العامل بتادية التزاماته الاساسية المترتبة على عقد العمل .

ط- اذا حمل سلاحا ناريا في محل عمله باستثناء من يتطلب عمله ذلك .

ي- اذا افشى العامل اسرارا خاصة بالعمل الذي يعمل فيه او تلك التي يطلع عليها بحكم عمله .

ك- اذا امتنع العامل عن تنفيذ حكم نهائي صادر وفقا لاحكام الفصل الاول من الباب الثاني عشر من هذا القانون او في حالة عدم التزام العمال باحكام هذا القانون).

 فإذا قام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل وفقا للحالات السابقة فلايكون ذلك فصلا تعسفيا، لان القانون قد صرح باحقية صاحب العمل في فصل العامل إذا تحققت إحدى الحالات المذكورة في النص السابق، فصاحب العمل يستعمل حقا مقررا في القانون فلايكون متعسفا في ذلك.

 بالإضافة إلى الحالات المحددة في النص السابق فأنه يجوز لصاحب العمل والعامل معا في الحالات المحددة في المادة( 36)عمل إنهاء عقد العمل، فلايكون إنهاء العمل في تلك الحالات فصلا تعسفيا، فقد نصت المــادة(36) على أنه( يجوز لاي من طرفي العقد انهاءه شريطة ان يشعر الطرف الراغب في الانهاء الطرف الآخر في احدى الحالات التالية: -

أ- اذا اخل احد الطرفين بشروط العقد او تشريعات العمل الاخرى .

ب- اذا انتهى العمل كليا او جزئيا بصفة دائمة .

ج- اذا حدث تنقيص في عدد العمال لاسباب فنية واقتصادية .

د- اذا تغيب العامل بدون سبب مشروع اكثر من ثلاثين يوما متقطعة خلال العام الواحد او خمسة عشر يوما متصلة على ان يسبق انهاء العقد انذار كتابي من صاحب العمل بعد غياب العامل خمسة عشر يوما في الحالة الاولى وسبعة ايام في الحالة الثانية .

ه- اذا بلغ العامل السن المقررة للتقاعد بمقتضى تشريعات العمل .

و- اذا اصبح العامل غير لائق صحيا للعمل بمقتضى قرار من اللجنة الطبية المختصة )، فإذا قام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل وفقا للمادة السابقة  فإن ذلك لايعد فصلا تعسفيا غير أنه يجب على صاحب العمل إذا أراد إنهاء عقد العمل وفقا للحالات المذكورة في المادة السابقة ان يقوم باخطار العامل بذلك، فإن يقم صاحب العمل بذلك كان إنهاء عقد العمل فصلا تعسفيا، وفي هذا المعنى نصت المــادة(38) عمل على أنه( 1- اذا انهى العقد من قبل احد الطرفين المتعاقدين وفقا للمادة (36) فعلى الطرف الذي سينهي العقد من جانبه ان يشعر الطرف الآخر قبل انهاء العقد بمدة مساوية للمدد المقررة لدفع الاجر او دفع اجر تلك الفترة كاملا بدلا من الاشعار 2- اذا رفض احد الطرفين استلام الاشعار بانهاء العقد جاز لكل منهما ايداعه لدى الوزارة او احد مكاتبها .

3-- يكون احتساب مدة الاشعار المحددة في الفقرة (1) من هذه المادة على النحو التالي: -

أ . ثلاثون يوما للمشتغلين باجر شهري .

ب . خمسة عشر يوما للمشتغلين باجر نصف شهري .

ج .   أسبوع للمشتغلين على أساس الإنتاج أو القطعة أو الساعة أو اليوم أو الأسبوع.

4 – إذا كان احتساب اجر العامل يتم على أساس الفقرات ( ب ، ج) من البند (3) ويدفع في نهاية كل شهر فأن احتساب مدة وأجر الإشعار تتم على أساس ثلاثين يوماً).

ونخلص من هذا الوجه إلى القول بأن قرار فصل العامل إذا استند إلى ثبوت تحقق إحدى الحالات المقررة في المادتين(35و36 )من قانون العمل فلايكون الفصل تعسفيا.

الوجه الثاني : حالات الفصل التعسفي للعامل :

تضمنت المادة(37 ) عمل بعض حالات الفصل التعسفي، فقد نصت على أنه( لا يجوز لصاحب العمل ان ينهي العقد في الحالات التالية: -

أ- اثناء تمتع العامل باي اجازة ينص عليها في هذا القانون واللوائح المنفذة له .

ب- عند النظر في النزاع القائم بينه وبين العامل على الا تتجاوز مدة النظر في النزاع اربعة اشهر ما لم يرتكب العامل مخالفة اخرى تستدعي الفصل .

ج- اثناء احتجاز العامل بسبب العمل لدى الجهات المختصة حتى يفصل نهائيا في القضية ).

 وإضافة إلى ماورد في هذه المادة فإن اي إنهاء لعقد العمل على خلاف الحالات المحددة حصرا في المادتين(35و36 ) عمل السابق ذكرهما في الوجه الأول يكون فصلا تعسفيا، فاي إنهاء لعقد العمل على خلاف الحالات المحددة في القانون والسابق ذكرها فأنه فصل تعسفي بصرف النظر عن الاسم الذي يطلقه صاحب العمل على تصرفه .

ويذهب الفقه العربي إلى ذكر أمثلة على على الفصل التعسفي ومنها :الفصل من مع عدم إبداء أسباب الفصل،  أو إنهاء العقد محدد المدة الذي يربط العامل بجهة العمل بدون سبب مقنع وقبل انتهاء مدة العقد، أو  فسخ العقد الذي لم يذكر فيها مدة عمل العامل في جهة العمل بدون إنذار العامل قبل الفصل بمدة كافية، وفصل العامل بدون النظر إلى مصلحة العامل عند الفصل.

ويعد الفصل تعسفيًا ولو كان يهدف إلى تحقيق مصلحة العمل على حساب العامل، ويعد أيضا من قبيل الفصل التعسفي وكذا قيام صاحب العمل بفصل العامل من العمل بدون النظر إلى اللوائح والقوانين التي ينص عليها عقد العمل، أو اتخاذ قرار الفصل من جهة صاحب العمل بمفرده بدون الرجوع للعامل، وكذا فسخ عقد العمل مع العامل قبل انتهاء مدة العقد، أو فصل العامل بدون إبداء أسباب واضحة لخطأ العامل تجاه جهة العمل، يعتبر الفصل تعسفيًا إذا كان الغرض منه مصلحة العمل فقط،ويعتبرالفصل تعسفيا عندما يقع فصل شخص عن العمل دون وجود سبب حقيقي وجدي يبرره أو دون احترام الإجراءات القانونية.

الوجه الثالث: فصل العامل اثناء إجازته  يعد فصلا تعسفيا:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن فصل العامل في القضية التي تناولها الحكم كان فصلا تعسفيا لان الفصل قد تم اثناء الإجازة المرضية للعامل المفصول، وذلك يخالف النص القانوني الذي يحظر على صاحب العمل فصل العامل اثناء الإجازة مطلقا .

فقد منع قانون العمل صاحب العمل من إنهاء خدمة العامل اثناء تمتع العامل بالإجازة مطلقا ، وفي هذا الشأن نصت المادة (37) عمل على أنه ( لا يجوز لصاحب العمل أن ينهي العقد في الحالات التالية:- 1-أثناء تمتع العامل بأي إجازة ينص عليها هذا القانون واللوائح المنفذة له- 2-عند النظر في النزاع القائم بينه وبين العامل على ألاَّ تتجاوز مدة النظر في النزاع أربعة اشهر ما لم يرتكب العامل مخالفة أخرى تستدعي الفصل.-3- أثناء احتجاز العامل بسبب العمل لدى الجهـات المختصة حتى يفصل نهائياً في القضية)، ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر ان صيغة الإجازة المذكورة في هذا النص عامة لم يرد فيها قيد يحصرها على نوع معين من أنواع اجازة العامل، فذلك ظاهر من صيغة( اي إجازة )إضافة إلى أن صيغة (إن ينهي عقد العمل ) في النص المشار إليه قد وردت عامة وشاملة لا قيد لها، علاوة على أن الحظر الوارد في النص السابق يشمل أي إنهاء لعقد العمل باي مسمى(فصل / إحالة للتقاعد / إنهاء خدمة... إلخ )، وبناءً على ذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز قيام صاحب العمل بإنهاء خدمة العامل اثناء اجازة العامل المرضية، لأن النص السابق ذكره يشمل إنهاء خدمة العامل اثناء اجازته المرضية.

وهناك اعتبارات عدة جعلت المقنن يمنع صاحب العمل من إنهاء خدمة العامل اثناء اجازته، من ذلك: أن الإجازة مقررة لأجل الاستشفاء والنقاهة أو الراحة ففي إنهاء خدمة العامل اثناء اجازته تنكيد لحالة العامل وتقويض للغاية والحكمة من تقرير القانون للإجازة، فضلاً عن أن إنهاء خدمة العامل اثناء الإجازة وهو خارج مقر عمله يباغت العامل بهذا الإجراء دون ان يعرف العامل أسباب إنهاء خدمته، ودون ان يتمكن العامل من توضيح أو تبرير موقفه قبل إتخاذ صاحب العمل لقرار إنهاء خدمة العامل، علاوة على أن العامل في هذه الحالة قد لا يتمكن من إتخاذ الإجراءات اللازمة ازاء قرار إنهاء خدمته، كالتظلم من القرار اوتقديم الشكوى، فقد يكون العامل مسافراً، كما قد يكون ملازماً لفراشه اثناء مرضه، فلا يستطيع الخروج لمباشرة حقه في التظلم أو الشكوى أو تقديم الدعوى في مواجهة قرار صاحب العمل إنهاء خدمته اثناء الإجازة.(التعويض النقدي الرصيد الإجازات الاعتيادية، د. عبد الغفار ابراهيم موسى، ص 130 ).

الوجه الرابع: تنظيم قانون العمل للإجازة المرضية وحقوق العامل اثنائها:

نظم قانون العمل الإجازة المرضية المستحقة للعامل في المواد (80 و81 و82)، وهي المواد التي اشار إليها الحكم محل تعليقنا وأستند إليها، فقد بينت المادة (80) الأجر المستحق للعامل اثناء اجازته المرضية، فقد نصت المادة (80)  على أنه (-1- يستحق العامل عند مرضه اجازة مرضية متصلة أو متقطعة بالنسب والمعدلات التالية: -أ- اجازة مرضية بأجر كامل في الشهرين الاول والثاني من المرض. -ب- اجازة مرضية بنسبة (85%) من الاجر في الشهرين الثالث والرابع من المرض. -ج- اجازة مرضية بنسبة (75%) من الاجر في الشهرين الخامس والسادس من المرض. -د- اجازة مرضية بنسبة (50%) من الاجر في الشهرين السابع والثامن من المرض. -2- للعامل ان يستفيد من رصيد الاجازات السنوية إلى جانب ما يستحقه من إجازات مرضية، فإذا استنفذت جميعها منح العامل اجازة بدون أجر حتى يتماثل للشفاء او تثبت عدم لياقته الصحية من قبل الجهات المختصة. -3- يكون في حكم الاجازة المرضية كل مدة يقضيها العامل نزيل المستشفى لتلقي العلاج)، أما المادة (81) عمل فقد اوضحت شروط منح الإجازة المرضية للعامل حيث نصت المادة (81)  على أنه (-أ- يشترط لمنح الاجازة المرضية ما يلي: -١- أن تمنح في حالات المرض الاعتيادي من الطبيب الذي يعهد اليه صاحب العمل بعلاج العمال او من المؤسسة الطبية التي يتفق معها على ذلك. -٢- ان تكون صادرة من مؤسسة طبية في الجمهورية عندما لا يعهد صاحب العمل إلى طبيب او مؤسسة طبية لعلاج العمال لديه. -٣- أن تعتمد من وحدات الحوادث الفجائية في أي مكان او من المستشفيات الأخرى في المنطقة التي يندب او ينقل اليها العامل او يقضي إجازته السنوية فيها. -ب- يجوز لصاحب العمل في حالة منح الاجازة المرضية للعامل من قبل العيادات او المؤسسات الطبية الخاصة ان يطلب تعميدها لدى الجهات الطبية المختصة)، في حين اجازت المادة (٨٢) عمل اجازت لصاحب العمل إعتماد الإجازة المرضية للعامل إذا وقع المرض للعامل اثناء اجازته السنوية، أي أن  القانون  اجاز لصاحب العمل منح الإجازة المرضية للعامل مرض العامل اثناء تمتعه بالإجازة السنوية، فمنح الإجازة  المرضية في هذه الحالة أمر جوازي يخضع للسلطة التقديرية لصاحب العمل، فله ان يعتمد الإجازة المرضية في هذه الحالة وله ان لا يعتمدها حسبما ورد في المادة (٨٢) التي نصت على أنه (-1- يجوز لصاحب العمل اعتماد الاجازة المرضية وعدم احتسابها من الاجازة السنوية في حالة مرض العامل اثناء الاجازة. -2- تواصل الاجازة السنوية المقطوعة في حالة اعتماد الاجازة المرضية وفقا لاحكام الفقرة السابقة. -3- لصاحب العمل ان يطلب اعتماد الاجازة من جهة طبية او من الطبيب المعتمد لديه إذا تجاوزت عشرة ايام فأكثر) . 

الوجه الخامس : فصل العامل عند  نظر الخلاف بينه وبين صاحب العمل يعد فصلا تعسفيا :

منع قانون العمل صاحب العمل من فصل العامل عند النظر في النزاع الناشب بينه وبين العامل، وفي هذا المعنى نصت المادة (37) من قانون العمل على أنه (لا يجوز لصاحب العمل ان ينهي العقد في الحالات الآتية: -2- عند النظر في النزاع القائم بينه وبين العامل على الا تتجاوز مدة النظر في النزاع أربعة أشهر مالم يرتكب العامل مخالفة أخرى تستدعي الفصل)، فإذا حدث خلاف بين صاحب العمل والعامل، ففي هذه الحالة لايحق لصاحب العمل ان يقرر فصل العامل حسبما ورد في النص السابق، فإذا لم يحترم صاحب العمل هذا النص فقرر فصل العامل اثناء نظر الخلاف بين الطرفين، فعندئذ يستطيع العامل ان يطلب من القاضي المختص ان يصدر قرارا بوقف قرار صاحب العمل بفصل العامل، فإذا  أصدر القاضي قراره بوقف قرار الفصل فإن هذا القرار يكون نهائيا، فلايجوز لصاحب العمل استئنافه اوالطعن فيه، ومنع صاحب العمل من فصل العامل اثناء نظر الخلاف بينهما محدد بمدة أربعة أشهر، حسبما ورد في النص السابق الذي اشترط لذلك ان لاتزيد مدة الخلاف عن أربعة أشهر، وهذا يعني أنه يجوز لصاحب العمل ان يقرر فصل العامل إذا زادت مدة نظر الخلاف بين العامل وصاحب العمل عن مدة أربعة أشهر.

وقد صرحت المادة ( 37 ) عمل بمنع صاحب العمل من فصل العامل إذا كان الخلاف بينهما( منظورا ) وهذا يعني أن الحظر على صاحب العمل من فصل العامل يقتصر على حالة اذا كان الخلاف بين الطرفين منظورا لدى وزارة العمل أو محكم أو محكمة، اي أنه يجب أن يكون هذا الخلاف منظورا أمام محكم أو إدارة منازعات العمل بوزارة العمل أو لدى المحكمة المختصة، اما إذا يكن هذا الخلاف منظورا لدى أية جهة فلاتثريب على صاحب العمل إن فصل العامل، و علة منع  صاحب العمل من فصل العامل اثناء نظر النزاع بينهما هي منع صاحب العمل من إستباق نتيجة النظر في الخلاف بين الطرفين( الحكم أو الصلح ).

الوجه السادس: إنهاء خدمة العامل عند  حبسه يعد فصلا تعسفيا :

نصت المادة( 37)عمل على أنه ( لا يجوز لصاحب العمل أن ينهي العقد في الحالات التالية:- 1-أثناء تمتع العامل بأي إجازة ينص عليها هذا القانون واللوائح المنفذة له- 2-عند النظر في النزاع القائم بينه وبين العامل على ألاَّ تتجاوز مدة النظر في النزاع أربعة اشهر ما لم يرتكب العامل مخالفة أخرى تستدعي الفصل.-3- أثناء احتجاز العامل بسبب العمل لدى الجهـات المختصة حتى يفصل نهائياً في القضية)، ومن خلال إستقراء هذه نجد أنها صريحة في منع إنهاء خدمة العامل في حالة احتجازه أو حبسه لدى جهة الضبط القضائي أو من قبل النيابة العامة أو من قبل المحكمة، اذا احتجازه بسبب قضية متعلقة بالجهة التي يعمل بها حسبما ورد في النص السابق.

ويستند المنع من الفصل في هذه الحالة إلى أن العامل الموقوف أو المحتجز اذا جاز فصله أو إنهاء خدمته في هذه الحالة فان ذلك سيحرمه من حق الدفاع عن نفسه وتوضيح الأمر لصاحب العمل، إضافة إلى أن فصل العامل وهو موقوف يحرمه من أي مصدر للعيش هو ومن يعولهم.

الوجه السابع : إثبات الفصل التعسفي للعامل :

المتضرر من قرار صاحب العمل بفصل العامل تعسفيا هو العامل نفسه ،ولذلك فإن العامل المفصول في هذه الحالة يكون في مركز المدعي، وعلى هذا الأساس يجب عليه ان يثبت أن فصله كان تعسفيا ، فللعامل في هذه الحالة إثبات أن فصله كان تعسفيا وذلك بكافة طرق الإثبات المقررة في قانون الإثبات كالشهادة والإقرار والكتابة... إلخ.

وبإعتبار أن صاحب العمل سيما إذا كان منشآة فإن صاحب العمل يحتفظ بكافة المستندات والبيانات والمعلومات الخاصة بالعلاقة العقدية التي نشات فيما بينه وبين العامل، لذلك فإنه يحق للعامل مطالبة القضاء بإلزام  صاحب العمل بتقديم المستندات أو الوثائق المتعلقة بفصله التي يحتفظ بها صاحب العمل خلافاً لقاعدة أن على المدعي البينة حسبما هو مقرر في قانون الاثبات .

ويكفي العامل في إثبات الفصل التعسفي أن يثبت انه لم تتحقق بشأنه أية حالة من الحالات المحددة في القانون التي يجوز فيها لصاحب العمل ان ينهي خدمة العامل، لأن إنهاء خدمة العامل في غير تلك الحالات يكون فصلا تعسفيا حسبما سبق بيانه .

الوجه الثامن: التعويض عن الفصل التعسفي للعامل:

لأن فصل العامل تعسفيا يخالف القانون، فهو عمل غير مشروع وخطأ من صاحب العمل، لذلك فان القانون قد قدر الحد الأعلى أو الأقصى للتعويض المستحق للعامل في هذه الحالة تقديرا قانونيا  وترك القانون للقضاء تقدير التعويض بما لايجوز الحد الأعلى المقرر في القانون وهو اجر ستة أشهر، حيث نصت المادة (39) عمل على أن  (يستحق العامل تعويضا  خاصاً عما لحقه من ضرر بسبب إنهاء العقد من جانب صاحب العمل بصورة تعسفية أو إذا تم إنهاء العقد وفقاً لأحكام الفقرة (ثانيا) من المادة(35) وذلك بالإضافة إلى ما يستحقه من أجر مقرر عن فترة الإشعار وسائر المستحقات الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون وتشريعات العمل المنفذة له، وفي جميع الأحوال يحدد التعويض من قبل لجنة التحكيم المختصة وبما لا يتعدى اجر العامل لمدة ستة أشهر)، وقد صرح هذا النص أن التعويض المحدد في هذه المادة تعويض خاص بحالة الفصل التعسفي للعامل، وذلك استثناءا من الأحكام والقواعد العامة للتعويض في المسئولية العقدية التي تقتضي أن يكون التعويض مناسبا للضرر اي على قدر الضرر المحقق الذي لحق بالعامل المفصول ، وهذا الأمر يستلزم الإشارة بايجاز إلى القواعد العامة للتعويض في المسؤلية العقدية ، وهذا ماسنبينه في الوجه القادم.

وإضافة إلى التعويض المشار إليه فإن العامل المفصول تعسفيا يستحق كافة حقوق الباقية بذمة صاحب العمل حتى لو لم تكن قابلة للبدل النقدي كالإجازات السنوية، فقيام صاحب العمل بفصل العامل تعسفيا يجعل كافة حقوق العامل حالة الأداء واجبة الدفع للعامل المفصول، ففي هذه الحالة يجب على صاحب العمل ان يدفع للعامل بدل الإجازات السنوية التى لم يستهلكها العامل والمكافآت والعلاوات والاكراميات والاجور الإضافية التي لم يستلمها العامل اثناء عمله لدى صاحب العمل.

الوجه التاسع : القواعد العامة للتعويض في المسؤلية العقدية :

سبق القول بأن قانون العمل قد حدد الحد الأقصى للتعويض المستحق للعامل المفصول تعسفيا بما لايزيد على أجر ستة أشهر، وذكرنا أيضا أن هذا التعويض خاص حسبما صرحت المادة(35 ) عمل السابق ذكرها ، وهذا التعويض الخاص يعني أن قدر التعويض المستحق للعامل المفصول لايخضع في حده الأعلى(أجر ستة أشهر )لايخضع للأحكام العامة في التعويض المقررة للمسئولية العقدية، مع أن العلاقة التي كانت قائمة فيما بين العامل المفصول وصاحب العمل هي علاقة عقدية يحكمها عقد العمل الجماعي أو الفردي، ولذلك ينبغي الإشارة بايجاز إلى المسئولية العقدية  كما سيأتي :

اولا : ماهية المسئولية العقدية :

تتاسس المسئؤلية العقدية على  قاعدة ” العقد شريعة المتعاقدين “، كقاعدة قانونية ومبدأ أساسي في القانون المدني فكل عقد يرتب التزامات واجبة التنفيذ، مما يعني أن العقد قوة مُلزمة للمتعاقدين وعليهم تنفيذ كل ما يتضمنه العقد، ولا يجوز نقضه أو تعديله بإرادة منفردة، إنما بإرادة الطرفين، بالتالي، فإن الاخلال بالالتزامات من قبل أحد الأطراف سواء بعدم التنفيذ أو التأخر عن التنفيذ فذلك يُرتب جزاء وهذا ما يُعرف بالمسؤولية العقدية، فما هو مفهوم المسؤولية العقدية؟ وما هي أركانها؟

 إن الإخلال بالالتزام العقدي يعد مخالفة دينية وقانونية وبالتالي يُرتب مسؤولية، وتقسم المسؤولية الى: مسؤولية جزائية وينظمها قانون الجرائم والعقوبات  وتكون عند مخالفة النظام العام، ومسؤولية مدنية عقدية وهي التي تكون في حال الاخلال بالتزام عقدي نشأ عنه ضرر وغايتها جبر الضرر أو التعويض عنه،ومسئولية تقصيرية تقع نتيجة الخطأ أو الفعل الضار، .فالمسؤولية المدنية، تكون إما: مسؤولية عقدية: أي إخلال بالتزام عقدي، أو مسؤولية تقصيرية: أي قيام شخص بعمل غير مشروع فتسبب حدوث ضرر للغيرفا يوجد  في المسئولية التقصيرية عقد بين الطرفين.

 فالمسؤولية قانوناً تعني: “الالتزام بإِصلاح الخطأ الواقع على الغير طبقًا لقانون”. أمّا العقد: فهو ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يظهر أثره في محله. بالتالي، فيمكننا التوصل الى مفهوم المسؤولية العقدية والتي تعني: جزاء يترتب نتيجة الاخلال بالتزام عقدي نشأ عنه ضرر، ومُسبب الضرر يقع على عاتقه تحمل المسؤولية بالتعويض للطرف المتضرر، وحتى يستحق المُتضرر التعويض يجب توافر أركان المسؤولية العقدية.

 ثانيا :أركان المسؤولية العقدية:

التعويض حق لكل متضرر، وهو وسيلة لجبر الضرر، إلا انه لابد من توفر الأركان اللازمة لاستحقاق التعويض، وهذه الأركان هي :

 1 – الإخلال بالإلتزام العقدي (الخطأ): يتمثل بعدم تنفيذ المدين التزاماته، و سواء أكان عدم التنفيذ كلي او جزئي، او يكون قد تأخر في التنفيذ أو أساء التنفيذ، بالتالي قد يكون الالتزام بتحقيق نتيجة و على الملتزم تحقيق ما اتفق عليه المتعاقدين بالتالي اذا لم يحقق النتيجة المطلوبة فالقانون يفترض أنه مُخطئ والخطأ العقدي يكون متحقق بمجرد عدم تنفيذ الالتزام ولا نحتاج لإثبات الخطأ، ولكن يمكن إثبات عكسه، أو التزام ببذل عناية، فعلى الملتزم أن يبذل عناية الرجل المعتاد، فإذا قصر الملتزم ببذل العناية أو تعدى فيترتب عليه الضمان و هنا يجب إثبات وجود خطأ.

 2-– الضرر: يتمثل بما يسببه المدين من ضرر (أذى) لدائن نتيجة اخلاله بالتزامه، والضرر قد يكون مادي سواء متعلق بالذمة المالية او متعلق بالجسد فإنه يُعوض أو معنوي (أدبي) ويكون متعلق بسمعة الانسان وكرامته والاضرار المادية يصعب قياسها بالتالي لا تُعوض، أما إذا ارتد الضرر المعنوي على مال فهنا يسهل قياسه بالتالي يُعوض.

 3– العلاقة السببية بين الخطأ والضرر: ويتمثل بأن يكون الضرر نشأ عن الاخلال بالالتزام العقدي حتى يتم التعويض، أما إذا لم يؤدي هذا الاخلال الى ضرر فتنتفي العلاقة السببية ولا تقوم أركان المسؤولية، وبالتالي لا يترتب على المتعاقد التعويض، ويجب أن يكون التعويض مساوٍ للضرر، والقاضي هو من يبين العلاقة السببية.

 ثالثا :التعويض عن المسؤولية العقدية:

عند توافر أركان المسؤولية العقدية السابق ذكرها واثبات وجودها، فيحق للدائن أن يرفع دعوى مطالبة بالتعويض امام المحكمة المختصة، وقد يكون التعويض نقداّ وهو أفضل وسيلة حتى يستوفي الدائن حقه، أو عينيّاً بأن يقوم المدين بإصلاح الاخلال الذي قام فيه بالعقد ويقدر قاضي الموضوع قيمة التعويض بناءً على ظروف الدعوى والوقائع التي لديه. ومن يرفع دعوى مطالبة بالتعويض نتيجة الاخلال في العقد فعليه إثبات وجود الضرر والتعويض يتمثل في الضرر الذي لحق بالشخص وليس مقابل الخطأ، والمسؤولية العقدية تكون على العاقد وأخطاء كل شخص تابع للعاقد سواء بحكم الوظيفة أو بحكم القانون ومسؤول عن أخطاء الأشياء التي تكون تحت حراسته..( موسوعة ودق القانونية ).

ومن خلال ماتقدم بشأن المسئولية العقدية نلاحظ أن التعويض فيها مناسب للضرر المحقق في حين مسئولية صاحب العمل عن تعويض العامل المفصول لاتكون بالقدر المحدد في المادة(35 ) من قانون العمل التي حددت الحد الأعلى لتعويض العامل المفصول باجر ستة أشهر مهما بلغ  الضرر المحقق الذي لحق بالعامل بسبب فصله.

الوجه العاشر: حكم بدل شهرالانذار:

أوجب قانون العمل على أطراف عقد العمل( العامل وصاحب العمل )، أوجب القانون عليهما اشعار الطرف الآخر برغبته في إنهاء عقد العمل على أن يكون قبل إنهاء عقد العمل بشهر حتى يدبر الطرف الآخر أمره بعد انقضاء فترة الإشعار، فالعامل يبحث له عن عمل اخر وان كان الإشعار موجه لصاحب العمل حتى يبحث عن عامل بديل.

وقد نظمت  المادة(38)عمل نظمت فترة الإنذار، فقد نصت هذه المادة على أنه( 1- إذا انهى العقد من قبل احد الطرفين المتعاقدين وفقا للمادة (36) فعلى الطرف الذي سينهي العقد من جانبه ان يشعر الطرف الآخر قبل انهاء العقد بمدة مساوية للمدد المقررة لدفع الأجر او دفع أجر تلك الفترة كاملا بدلا من الاشعار.

     2- إذا رفض احد الطرفين استلام الاشعار بانهاء العقد جاز لكل منهما ايداعه لدى الوزارة او احد مكاتبها.

     3- يكون احتساب مدة الاشعار المحددة في الفقرة (1) من هذه المادة على النحو التالي:-

     أ. ثلاثون يوما للمشتغلين بأجر شهري.

     ب. خمسة عشر يوما للمشتغلين بأجر نصف شهري.

     ج. اسبوع للمشتغلين على اساس الانتاج او القطعة او الساعة او اليوم او الاسبوع.

     4- إذا كان احتساب اجر العامل يتم على اساس الفقرات (ب،ج) من البند (3) ويدفع في نهاية كل شهر فإن احتساب مدة واجر الاشعار تتم على اساس ثلاثين يوما)، والله اعلم.