التجديد التلقائي والضمني لعقد إيجار الوقف
أ. د. عبدالمؤمن
شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة
والقانون – جامعة صنعاء
نص القانون المدني وقانون الوقف
الشرعي على أن مدة تأجير أعيان الأوقاف لا ينبغي أن تزيد على ثلاث سنوات، وهذا
الأمر يثير بعض الإشكاليات في الواقع العملي بشأن مدى جواز التجديد الضمني
التلقائي لعقد إيجار الوقف ، وقد أشار إلى ذلك الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية
بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25-12-2012م في الطعن رقم (46488)، وقد
كان الحكم الابتدائي قد قضى بأنه (لما كان الثابت أن الموضع محل النزاع هو وقف الواقف....
على المسجد، وأن المدعي من ذرية الواقف الذي اسند الوقفية إليهم الأمر الذي يتعين
معه قبول الدعوى وإلزام المدعى عليه برفع يده عن الموضع المدعى به لعدم امتثاله
بالاستئجار من متولي الوقف، عملاً بنصوص المواد (773 و774 و775 و776) من القانون
المدني والمواد (49 و50 و52 و65 و66) من قانون الوقف)، وبعد ذلك قضى الحكم
الاستئنافي بأنه (وحيث أن متولي الوقف الأول قد توفى وان اخاه قد قام بالولاية من
بعده بأعمال الولاية على الوقف من أخيه،
وطالما كان الأخير من ذرية الواقف فإن الحكم الابتدائي يكون قد طبق ما تنص عليه
الوقفية في هذا الخصوص، ولذلك فلا يقبل من المدعى عليه المنازعة بشأن الارشدية من عدمه، لأن صاحب
الصفة في المنازعة بشأن الارشدية هم بقية ذرية الواقف، كما لا تقبل دعوى المستأنف
بأن مدة الإجارة من المتولي السابق مطلقة
المدة وليست محددة بمدة معينة ، وهذا الإدعاء مردود با ن القانون المدني وقانون
الوقف ينصا على أن مدة إيجار اعيان الوقف لا تزيد على ثلاث سنوات، ولذلك فإن عقد
الإيجار الصادر من المتولي السابق يكون قد انتهى بعد ثلاث سنوات من تاريخ إبرامه، ولكن
سكوت المتولي على ذلك يعد تجديداً للعقد)، اما حكم المحكمة العليا فقد قضى بأنه :
((فقد تبين للدائرة: أنه يجب على الطاعن القيام بإستئجار العين الموقوفة من
المتولي الجديد، فلا صفة له في المنازعة بشأن الارشدية فيجب عليه الاستئجار من
المتولي الحالي ))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية
:
الوجه الأول : الوضعية القانونية لعقد إيجار الوقف في القانون المدني :
نظم القانون
المدني عقد إيجار الوقف في المواد(773 إلى 780 )، فقد نصت المــادة(773)على أنه( يسري
على ايجار الوقف ما يسري على ايجار الحر فيما عدا ما نص عليه في المواد التالية)
فقد صرح هذا النص على أن أحكام الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني تسرى على
عقد إيجار الوقف بإستثناء الأحكام الخاصة بعقد إيجار أعيان الوقف في المواد(من 774 إلى780 ) من القانون المدني، وسنذكر هذه
المواد حالا، فقد نصت المــادة(774) على أنه( على متولي الوقف مراعاة شروط الواقف
في التاجير)، في حين صرحت المــادة(775) بعدم جواز تأجير مال الوقف بأقل من إيجار
المثل، إذ نصت هذه المادة على أنه( ليس لمتولي الوقف التاجير باقل من اجرة المثل
في العقار الحر، واذا اجر بغبن فاحش بطل تاجيره وله الاخذ بالاكثر بالتراضي عند
ابتداء التاجير كل ذلك ما لم ينص الواقف على خلافه) .
اما المــادة(776) فقد نظمت تجديد عقد
إيجار الوقف، فقد نصت هذه المادة على أنه( على متولي الوقف تجديد الايجار كل ثلاث
سنوات مع مراعاة اجرة المثل عند التجديد )، حيث يظهر من هذا النص أن عقد إيجار
العقد لاينتهي حتما بإنتهاء مدة الثلاث السنوات وإنما يتم تجديده بإرادة متولي
الوقف لاستيعاب الزيادات في الايجارات التي تحدث خلال السنوات الثلاث، ولغرض تقييم
مدى إلتزام المستأجر للوقف خلال السنوات الثلاث المنصرمة، كما يظهر من سياق هذا
النص أن عقد الإيجار لايتجدد تلقائيا لان النص قد صرح بعدم جواز زيادة مدة إيجار
الوقف على ثلاث سنين وصرح النص بأن متولي الوقف هو الذي يقوم بتجديد العقد بفعله وارادته
.
في حين حددت المادة (777) الحد الأعلى للماذونية
عند إستئجار أرض الوقف بغرض البناء عليها ، فقد نصت هذه المادة على أنه :( لمتولي
الوقف في تاجير الارض للبناء فيها استيفاء الماذونية بما لا يزيد على ربع قيمة
الارض )، ونسبة الماذونية وهي ربع قيمة الأرض هي الحد الأعلى للماذونية فلم يحدد هذا النص الحد الأدنى، وتبعا لذلك فقد
ترك هذا النص السلطة التقديرية لهيئة الأوقاف في تحصيل الماذونية بالقدر المناسب
بالنظر إلى الغرض من البناء على أرض الوقف وحال المستأجر.
وصرحت المادة (778) بعدم جواز تأجير الوقف
من الباطن، فقد نصت هذه المادة على أن( تنازل المستاجر عن الارض قبل البناء فيها او
تاجيرها لغيره بمقابل او بدون مقابل محظور، واذا تعاطي المستاجر ذلك اعتبر فسخا
للايجار ويكون على جهة الوقف اعادة ما استلمته من المستاجر من ماذونيه واستعادة
ارض الوقف ويسري هذا الحكم باثر رجعي على الاراضي التي لم يبن فيها بناء ينتفع به
للسكن).
وكذا بينت المــادة(779) مصير البناء الذي يشيده المستأجر على الأرض
الموجرة له من الأوقاف واحقية المستأجر في بيع البناء أو تأجيره اوغير ذلك من
التصرفات بشرط إخطار الأوقاف، حيث نصت هذه المادة على أنه( اذا بني المستاجر في
الارض بعد الاذن له بذلك جاز له ان يتصرف في البناء قائما مستحق البقاء لمن يقبل
دفع اجرة مثل الارض لجهة الوقف بشرط ان يخطر الطرفان جهة الوقف ولا يتم المتصرف
الا اذا وقع المتصرف له لجهة الوقف بقبول دفع الاجرة).
ومن جانب آخر فقد تناولت المــادة(780)
حالة قيام المستأجر بالبناء على أرض الوقف من اذن وموافقة هيئة الأوقاف، إذ نصت
هذه المادة على أنه( اذا احدث المستاجر في ارض الوقف بناء او غراسا او نحوها بغير
اذن المتولي فله الحق في ازالته او تملكه للوقف بثمن ما ليس له حق البقاء وله
تاجيره للمستاجر او غيره اذا لم يقبل, واذا بني المستاجر في ارض الوقف بانقاضه
بغير اذن المتولي يتملك الوقف البناء وليس للمستاجر شيء وعليه دفع اجرة المثل) .
ومن المعلوم ان القانون المدني قانون عام في تنظيمه لعقد
إيجار الوقف.
الوجه الثاني : تجديد عقد إيجار الوقف في قانون الوقف الشرعي :
نظم قانون الوقف تجديد عقد الإيجار في المادتين(٧٢ و٧٣) فقد نصت المادة(72)
على أنه( لا يجوز للمتولي تاجير عين الوقف او املاكه لاكثر من ثلاث سنوات سواء كان
للحرث او للبناء ولا يمنع ذلك من تجديد الاجارة مع مراعاة ما هو منصوص عليه في
المادة التالية)، فيظهر من سياق هذه المادة أنها منعت النص في عقد الإيجار على مدة تزيد على ثلاث سنين، ومع ذلك فقد اجازت
تلك المادة تجديد العقد دون أن تقرن ذلك بإرادة متولي الوقف مثلما ماهو مقرر في النص
الوارد في القانون المدني السابق ذكره ، في حين صرحت المادة(73) من قانون الوقف أنه(
لايجوز للمتولي تاجير عين الوقف او املاكه باقل من اجرة المثل زمانا ومكانا).
الوجه الثالث: تجديد عقد إيجار الوقف في لائحة تنظيم اجراءات التأجير والانتفاع باموال وعقارات الاوقاف واستثمارها:
وقد صدرت لائحة تنظيم اجراءات التأجير
والانتفاع باموال وعقارات الاوقاف واستثمارها بموجب القرار الجمهوري رقم (99) لسنة
1996م بشأن لائحة تنظيم اجراءات التأجير والانتفاع باموال وعقارات الاوقاف
واستثمارها، وقد تضمنت هذه اللائحة الأحكام التفصيلية والإجراءات التي يتم اتخاذها
عند تأجير اموال وعقارات الأوقاف للأغراض المختلفة كالاستثمار والزراعة والبناء عليها،
وفي سياق ذلك تضمنت نصوص اللائحة تجديد عقد إيجار أموال وعقارات الأوقاف، ثم افردت
اللائحة الفصل السابع لبيان أحكام انتهاء الإيجار وتجديده،حسبما ورد في المواد(36و٣٧و٣٨
).
فقد نصت المادة (36)على أنه( ينتهي الإيجار
بانتهاء المدة المعينة في العقد بالفسخ وفقاً للنصوص الواردة في القانون المدني
المنظمة لحالات الفسخ وأحكام هذه اللائحة)، وكذا نصت المادة (37) على أنه( إذا
انتهى عقد الإيجار بمضي المدة المعينة فيه ورغب المستأجر في تجديده فله الحق
باستئجار عين الوقف إذا كانت لاتزال معدة للإيجار على أن يراعى عند تجديد العقد
مايلي:
1-تحقق مصلحة الوقف من التجديد.
2-أن يكون المستأجر ملتزما بشروط
التأجير والتزاماته بما في ذلك المحافظة على العين وتسديد مستحقات الوقف في
مواعيدها المحددة.
٣-معاينة العين المؤجرة ومعرفة أية
تغيرات طرات عليها وتدوين ذلك بصورة رسمية.
٤-إعادة تقييم القيمة الايجارية
للمعمور بحسب تطور الزمان والمكان وايجاد المثل الحر.
5-إعادة تقدير العائد المنصف للوقف من
غلات الأراضي الزراعية وإيجارات الأراضي المعدة للبناء حسب الأسس والمعايير المقرة
وتطور الزمان والمكان). وفي السياق ذاته نصت المادة (38) على أنه( إذا مات
المستأجر أو المنتفع فلا يجوز لورثته قسمة الأوقاف المؤجرة له إلا معايشة ( الحقوق
والمنافع) ويجب عليهم قبل إجرائها الرجوع إلى متولي الوقف المختص للإذن لهم رسمياً
بعد التأكد ممايلي:
١-من حالة العين الموقوفة وهل هي تقبل
القسمة كمعايشة بدون ضرر على الوقف.
٢- التأكد من توفر مصلحة الوقف
ومراعاة شروط الواقفين.
٣- إلتزام الورثة بتقديم ما يثبت
انحصار وراثتهم والتزامهم بتجديد العقد وتقديم الضمانات الكفيلة بالوفاء بالمحافظة
على العين وتسديد مستحقات الوقف كل عن حصته المحددة والتي يجب أن ينص عليها العقد).
ومن استعراض النصوص السابقة يظهر انها
قد صرحت بأن المقصود بتجديد عقد إيجار الوقف هو تجديده عن طريق إتفاق جديد كل ثلاث
سنين بين الأوقاف والمستأجر منها، وان التجديد هذا يكون بعد انقضاء ثلاث سنين
ويكون التجديد شبيه بعقد جديد بين الأوقاف والمستأجرمنها السابق،ومن ثم فليس هناك تجديد
تلقائي بالنسبة لأموال الوقف.
الوجه الرابع : المقصود بالتجديد التلقائي لعقد الإيجار :
يقصد بالتجديد التلقائي لعقد الإيجار أن العقد
يمدد أو يجدد بالأحكام والشروط ذاتها المنصوص
عليها في العقد السابق الذي يتجدد تلقائيا
، ففي بعض عقود الإيجار يرد بند فيها ينص على أن العقد يتجدد تلقائياً اذا لم يصرح
اي من الطرفين برغبته في إنهاء العقد، ووجود هذا البند في عقد الايجار يجعل العقد
غير منتهي ومستمر، يتجدد تلقائيا.
إن وجود بند اوشرط التجديد التلقائي
ملزم لطرفي عقد الإيجار ، ويجب العمل به ما دام أن الشرط لم يمنعه الشرع والقانون ولا
يخالف النظام العام أو الأداب العامة ومادام فيه نفع ومصلحة لأحد المتعاقدين، وقد جرى العرف على وضع
مثل هذه الشروط.
وحكم التجديد التلقائي هنا هو أن يبقي
العقد متجدد، بيد انه يحق لكل من الطرفين قبل انتهاء مدة العقد ان يطلب إنهاء
العقد أو فسخه، فإن العقد أيضا يتجدد بذات الأجرة السابقة، ولكن يختلف التجديد في
هذه الحالة من حيث المدة، فلا يكون التجديد لمدة مماثلة، فتكون المدة التي يتجدد
فيها العقد غير محددة المدة، فيجوز خلالها لأي من الطرفين إنهاءها
بإنذار،( الوافي في شرح القانون المدني ـ د. سليمان مرقس ١/٦٨).
وبناء على ماتقدم فإن عقد إيجار الوقف
لايتجدد تلقائيا وان جاز أن يتجدد ضمنيا حسبما سيأتي بيانه.
الوجه الخامس : التجديد الضمني لعقد إيجار الوقف :
لم ينص قانون الوقف أو لائحة تأجير
عقارات الأوقاف على التجديد الضمني لعقد الإيجار، ولكن تم النص على التجديد الضمنى
لعقد الايجار في القانون المدني وقانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين،
فقد نصت المادة (79) من قانون تنظيم
العلاقة بين الموجرين والمستأجرين على أنه(
إذا انتهى عقد الإيجار وظل المستأجر منتفعاً بالعين المؤجرة دون أن يعترض
المؤجر على ذلك اعتبر الإيجار متجدداً ضمنياً بشروطه الأولى الى وقت مطالبة المالك
بانتهاء العقد أو تجديده بما يتراضيان عليه)،وفي
هذا السياق ذاته نصت المادة (80) من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين
والمستأجرين على أنه( إذا تجدد عقد الإيجار ضمنياً بعدم الاعتراض طبقاً للمادة
(79) من هذا القانون تنتقل الى الإيجار الجديد التأمينات التي كان المستأجر قد
قدمها في الإيجار الأول، أما الكفالة الشخصية أو العينية فلا تنتقل إلى الإيجار
الجديد إلا إذا وافق الكفيل على ذلك)،وكذا نصت المادة (81) من القانون ذاته على
أنه( لا يعتبر تجديداً ضمنياً للعقد استمرار المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة
بعد ثبوت تنبيه أحد الطرفين الآخر بالإخلاء).
شروط التجديد الضمنى لعقد الايجار :
الشرط الأول :ان يكون العقد السابق
عقدا صحيحا منتهيا:فيجب ان يكون بين المؤجر والمستاجر عقد ايجار سابق صحيح, قد
انتهت مدته لاي سبب كان, شريطة الايكون هذا السبب متعارضا مع طبيعة التجديد كالفسخ
مثلا.
الشرط الثاني : بقاء المستاجر منتفعا
بالعين المؤجرة مدة كافية لاستخلاص نيته في التجديد:ومعنى ذلك ان يواصل المستاجر
انتفاعه بالعين المؤجرة وكأن عقد الايجار لم ينقض, كما ان المدة التي يمكث فيها
هذا الاخير يجب ان تكون كافية لاعتباره راغبا في التجديد،فلا يعتد بمجرد تباطئه في
اخلاء العين المؤجرة, او تسامح المؤجر معه حتى يجد بديلا عنها, وعبئ اثبات دلالة
بقاء المستاجر في العين المؤجرة على انه يرغب في التجديد يقع على من يتمسك
بالتجديد الضمني.
الشرط الثالث : علم المؤجر باستمرار الإنتفاع
بالعين المؤجرة دون اعتراض منه: فينبغي علم المؤجر بان المستاجر مازال ينتفع
بالعين المؤجرة, ذلك ان التعبير عن الارادة لايرتب اثره الا بعد علم من وجه اليه
التعبير، فلا ينتج التعبير عن الارادة اثره الا في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من
وجه إليه ويعد وصول التعبير قرينة على العلم به مالم يقم الدليل على عكس ذلك .
فان لم يتوفر هذا العلم لسبب او لاخر,
فلايمكن القول بانه قبل التجديد، وهذا ما يستخلص من مفهوم المخالفة لما نصت عليه
المادة( 79)من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين التي نصت على أنه(
... اذا انتهى عقد الايجار وبقي المستاجر ينتفع بالعين المؤجرة مع علم المؤجر
اعتبر الايجار قد تجدد ... ).
كذلك يتطلب عدم اعتراض المؤجر على بقاء
المستاجر منتفعا بالعين المؤجرة, ذلك ان اعتراضه يحول دون تجدد الإيجار، ولا يتطلب
التعرض شكلا خاصا يرد فيه،
فقد يكون صريحا, باللفظ او بالكتابة
او بالاشارة او باتخاذه موقفا لايترك شكا في دلالته على رفض المؤجر للتجديد, كما
قد يكون ضمنيا ايضا.
اما عن المدة التي ينبغي أن يتم فيها
اعتراض المؤجر فهي ليست محددة, فالمهم ان
تكون كافية لابداء رفضه, فاذا ماابدى رفضه بعد مدة طويلة من علمه باستمرار الإنتفاع،
فان هذا الرفض لايحول دون اعتباره قد قبل التجديد. غير ان اعتراض المؤجر المستاجر قد قبلا التجديد قرينة بسيطة يمكن لاي
منهما ان يثبت عكسها. اثار التجيد الضمني: تترتب على التجديد الضمني لعقد الايجار
عدة اثار اهمها:
1 – انعقاد عقد الايجار بنفس شروط عقد
الايجار السابق عدا مدته:وهذا يستخلص من ارادة طرفي العقد الضمنيتين على التجديد
بنفس بنود الايجار السابق, غير ان مدة الايجار الجديد ليست هي المدة التي حدداها
في الايجار السابق,وانما ينعقد العقد الجديد إلى وقت مطالبة المؤجر للمستأجر باخلاء
العين وهو ما نصت عليه المادة (79) من قانون تنظيم العلاقة بين الموجرين
والمستأجرين على أنه( إذا انتهى عقد
الإيجار وظل المستأجر منتفعاً بالعين المؤجرة دون أن يعترض المؤجر على ذلك اعتبر
الإيجار متجدداً ضمنياً بشروطه الأولى الى وقت مطالبة المالك بانتهاء العقد أو
تجديده بما يتراضيان عليه)، فلا ينتهي هذا الايجار, الا باتباع الاجراءات التي حددها وهي
ان يرسل المتعاقد الراغب في انهاء الايجار انذارا باخلاء العين وفقا للاجال التي حددها
القانون، وعند تحديد التاريخ المطلوب اخلاء
العين فيه، فلا يحتسب الا من التاريخ
التالي لتاريخ الأخطار .
2- – انتقال التامينات العينية دون
التامينات الشخصية الى العقد الجديد: حسبما هو مقرر في المادة (80) من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين
والمستأجرين التي نصت على أنه( إذا تجدد
عقد الإيجار ضمنياً بعدم الاعتراض طبقاً للمادة (79) من هذا القانون تنتقل الى الإيجار
الجديد التأمينات التي كان المستأجر قد قدمها في الإيجار الأول، أما الكفالة
الشخصية أو العينية فلا تنتقل إلى الإيجار الجديد إلا إذا وافق الكفيل على ذلك)
مع ان التجديد الضمني ينشئ عقد ايجار
مستقل عن الايجار السابق, فان القانون قرر انتقال التامينات العينية, كالرهن
الرسمي والحيازي, وهذا استثناء من القواعد العامة التي تقضي بأن يتبع الرهن الدين
المضمون صحة وانقضاء, حسبما هو مقرر في القانون المدني فالأصل أن لاينفصل الرهن عن الدين المضمون، بل
يكون تابعا له في صحته وفي انقضائه, مالم ينص القانون على غير ذلك وعليه يعتبر هذا الحكم استثناءا من الاصل, الا
اذا كان القانون يذهب إلى أن التجديد الضمنى
لعقد الايجار امتداد قانوني لعقد الايجار السابق.
اما بالنسبة للتامينات الشخصية فقد صرح القانون بعدم انتقالها لضمان ما يرتبه العقد
الجديد من التزامات الا بموافقة الكفيل، فقد راعى القانون عندما نص على عدم انتقال
التامينات الشخصية, الطابع الشخصي الذي تتميز به هذه الاخيرة, ومركز الكفيل الذي
هو في الاصل ليس طرفا في العلاقة بين المؤجر والمستاجر, وان التزام الكفيل يكون في
حدود التزام المكفول ويتبعه ولا يمتد الى غيره الا بموافقته.
الوجه السادس : التجديد الضمنى لعقد الايجار في قضاء محكمة النقض المصرية :
الحكم الأول لمحكمة النقض المصرية : معنى
التجديد الضمنى
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة 27 – صـ 1019
جلسة 28 من إبريل سنة 1976
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد
محمود وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي، وحسن مهران حسن، والدكتور عبد
الرحمن عياد، ومحمد الباحوري.
الطعن رقم 687 لسنة 43 القضائية
التزامات المستأجر
إحاطة المستأجر المؤجر علماً بأي طريق
بوضع العين المؤجرة تحت تصرفه عند انتهاء الإيجار. كفايته لتنفيذ التزامه برد
العين ولو لم يستول المؤجر عليها استيلاء مادياً. توجيه المستأجر خطاباً للمؤجر
عند انتهاء الإيجار باعتبار العقد منتهياً وتفويضه بالتصرف. القضاء بإلزامه بالأجر
من مدة لاحقة لعدم عرضه العين المؤجرة عرضاً حقيقياً. خطأ.
التجديد الضمنى
مجرد بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعد انتهاء
الإيجار. عدم كفايته لتجدد العقد. وجوب انصراف نية المستأجر إلى التجديد. التنبيه
بالإخلاء من أحد المتعاقدين للآخر قرينة قانونية تمنع من افتراض هذا التجديد.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة:
أن تنفيذ التزام
المستأجر برد العين المؤجرة يكون وضعها تحت تصرف المؤجر بحيث يتمكن من حيازتها
والانتفاع بها دون عاق ولو لم يستول عليها استيلاء مادياً، ويكفي في هذا الخصوص أن
يحيط المستأجر المؤجر علماً بوضع العين المؤجرة تحت تصرفه بأي طريق من طرق العلم
إذ لم يتطلب القانون لذلك شكلاً خاصاً.
وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن
– المستأجر – وجه للمؤجر خطاباً – عند انتهاء مدة الإيجار – رفض الأخير استلامه،
طلب فيه اعتبار عقد الإيجار منتهياً من ذلك التاريخ وفوضه في التصرف
وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه
بإلزام الطاعن بأجرة الماكينة – عن مدة لاحقة – على عدم وفائه بالتزامه برد
الماكينة …… بعدم عرضها على المؤجر عرضاً حقيقياً بالإجراءات المنصوص عليها في
المادة 487 من تقنين المرافعات مع أنه إجراء غير مطلوب في واقع الدعوى، فإنه يكون
قد خالف القانون.
و من المقرر قانوناً أنه: لا
يكفي لتجدد عقد الإيجار تجدداً ضمنياً وفقاً للمادة 599 من التقنين
المدني بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعد انتهاء مدته، بل يتعين فوق ذلك انصراف
نيته إلى التجديد، وتوجيه التنبيه بالإخلاء من أحد المتعاقدين للآخر يقيم طبقاً
للمادة 600 من القانون المدني – قرينة قابلة لإثبات العكس تمنع من افتراض التجديد
الضمني لو بقى المستأجر في العين بعد انتهاء الإيجار،
وعبء إثبات بقاء المستأجر في العين
يقع على من يتمسك بالتجديد الضمني، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تجديد عقد
الإيجار رغم قيام الطاعن – المستأجر بالتنبيه على المطعون عليه وإخطاره برغبته في
عدم التجديد بما يحول دون افتراضه، وذلك أن يدلل المطعون عليه على بقاء المستأجر
في العين أو يستظهر الحكم ما يهدر القرينة المانعة من قيام هذا التجديد، فإنه يكون
قد خالف القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع
التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع و على ما يبين من
الحكم المطعون فيه
وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن
الحارس العام على
أموال…. أقام الدعوى رقم 755 سنة 1964 أمام محكمة أبو تيج الجزئية على الطاعن يطلب
إلزامه بأن يؤدي له مبلغ 324 جنيهاً، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 15/
11/ 1961 استأجر الطاعن من الموضوع تحت الحراسة نصف ماكينة ري بزمام… عن سنة 1962
بأجرة قدرها 108 جنيهاً تدفع على قسطين يستحق أولهما في 1/ 3/ 1962 والثاني في 1/
5/ 1962 وإذ لم يوف الطاعن بأجرة المدة من سنة 1962 حتى سنة 1964 وقدرها 324
جنيهاً رغم التنبيه عليه بخطاب موصى عليه بعلم الوصول بتاريخ 28/ 5/ 1964 فقد أقام
دعواه.
وفي 13/ 4/ 1971 حكمت المحكمة بعدم
اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة أسيوط الابتدائية وقيدت برقم 688
لسنة 1971 مدني، وفي 5/ 2/ 1970 حكمت تلك المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون
عليه بصفته مبلغ 324 جنيهاً. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 27 سنة 47 ق
مدني أسيوط طالباً إلغاءه فيما زاد على مبلغ 62 جنيه
وبتاريخ 7/ 6/ 1972 حكمت المحكمة
بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة
أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته
جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب
ينعى الطاعن بأولها
على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي صدر
باسم الأمة خلافاً لما تنص عليه المادة 72 من الدستور من صدور الأحكام وتنفيذها
باسم الشعب، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي غير صحيح
ذلك أنه لما كان الثابت
أن الحكم الابتدائي قد صدر في 5/ 2/ 1970 في ظل دستور سنة 1964 الذي عمل به
اعتباراً من 25/ 3/ 1964 والذي نصت المادة 155 منه على أن “تصدر الأحكام وتنفذ
باسم الأمة”، ولما كان ذلك فإن ذلك الحكم بالنص في ديباجته على صدوره باسم الأمة
يكون قد التزم صحيح حكم القانون، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث بان مما ينعاه الطاعن بباقي
الأسباب مخالفة القانون
وفي بيان ذلك يقول
إنه تمسك بأن عقد الإيجار انعقد عن سنة 1962 فقط كصريح نص البند الرابع
منه، ورغم ذلك قضى الحكم المطعون فيه بأجرة السنوات من سنة 1962 – سنة 1964 استناداً
إلى أنه لم يرد العين المؤجرة في نهاية سنة 1962 الزراعية خلافاً لما تنص عليه
المادتان 590 و591 من القانون المدني
وأنه لا يكفي في هذا الخصوص إرساله
خطاباً للمؤجر ينوه فيه بإنهاء العقد، وأضاف الحكم أن تنفيذ الالتزام برد الشيء
المؤجر لا يتم إلا بإجراءات العرض الحقيقي وفقاً لنص المادة 487 من قانون
المرافعات، في حين أن من المقرر قانوناً أن الرد يكون بوضع العين تحت تصرف المؤجر
وتمكينه منها دون مانع، هذا إلى أن الحكم اعتبر أن إيجاراً جديداً قام بين
المتعاقدين عملاً بالمادة 599 من القانون المدني
في حين أن التجديد الضمني إنما ينعقد
ببقاء المستأجر منتفعاً بالعين بنية التجديد بعلم المؤجر ودون اعتراض منه، ويمنع
من افتراضه حصول التنبيه من أحد الطرفين على الآخر بالإخلاء حتى مع استمرار
المستأجر في الانتفاع بالعين، وإذ كان الثابت أن الطاعن أنذر المؤجر بانتهاء مدة
العقد وباستلام العين، كما قدم الشكوى رقم 1977 لسنة 1964 إداري أبو تيج لإثبات
استلام المؤجر للعين وتأجيرها للغير ابتداء من سنة 1963 فإن النية لم تنصرف إلى
تجديد العقد، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي صحيح
ذلك أنه لما كان
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تنفيذ التزام المستأجر برد العين المؤجرة يكون بوضعها تحت
تصرف المؤجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق ولو لم يستول عليها
استيلاء مادياً، ويكفي في هذا الخصوص أن يحيط المستأجر المؤجر علماً بوضع العين
المؤجرة تحت تصرفه بأي طريق من العلم، إذ لم يتطلب القانون لذلك شكلاً خاصاً.
وكان من المقرر قانوناً أنه لا يكفي
لتجدد عقد الإيجار تجدداً ضمنياً وفقاً للمادة 599 من التقنين المدني مجرد بقاء
المستأجر في العين المؤجرة بعد انتهاء مدته، بل يتعين فوق ذلك انصراف نيته إلى
التجديد،
وتوجيه التنبيه بالإخلاء من أحد
المتعاقدين للآخر يقيم – طبقاً للمادة 600 من القانون المدني – قرينة قابلة لإثبات
العكس تمنع من افتراض التجديد الضمني لو بقى المستأجر في العين بعد انتهاء
الإيجار، وعبء إثبات بقاء المستأجر في العين يقع على من يتمسك بالتجديد الضمني،
لما كان ذلك وكان البند الرابع من عقد
الإيجار المؤرخ 15/ 11/ 1961 المبرم بين الطاعن والمؤجر صريحاً في اقتصاره على سنة
1962 وحدها، ولم يتضمن أي نص على تجدده أو وجوب التنبيه بإخلاء الماكينة المؤجرة
في ميعاد معين، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن وجه للمؤجر خطاباً مؤرخاً 18/
12/ 1962 رفض الأخير استلامه، طلب منه اعتبار عقد الإيجار لاغياً من ذلك التاريخ
وفوضه في التصرف بدءاً من العام الزراعي 1962 – 1963،
كما تقدم بالشكوى رقم 1977 سنة 1964
إداري أبو تيج للتدليل على أن الماكينة كانت مؤجرة في سنتي 1963، 1964، لما كان ما
تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاء بإلزام الطاعن بأجرة الماكينة عن
السنوات 1962، 1963، 1964 جميعاً على عدم وفائه بالتزامه بعدم عرضها على المؤجر
عرضاً حقيقاً بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 487 من تقنين المرافعات،
مع أنه إجراء غير مطلوب في واقع الدعوى
كما انتهى إلى تجديد عقد الإيجار رغم قيام الطاعن
بالتنبيه على المطعون عليه وإخطاره برغبته في عدم التجديد بما يحول دون افتراضه،
وذلك دون أن يدلل المطعون عليه على بقاء المستأجر في العين أو يستظهر الحكم ما
يهدر القرينة المانعة من قيام هذا التجديد، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب
نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
الحكم الثاني لمحكمة النقض المصريةعن التجديد
الضمنى لعقد الايجار:
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
الجزء الثانى – السنة التاسعة
والأربعون – صـ 518
جلسة 15 من يونيه سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود
مكى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إلهام نجيب نوار، سيد محمود
يوسف، يوسف عبد الحليم الهته ويحيى جلال نواب رئيس المحكمة.
الطعن رقم 1489 لسنة 67 القضائية
إيجار الأماكن- تجديد الإيجار- انتهاء
الإيجار
(1) عقد
الإيجار. تجديده. وجوب أن تتوافر فيه كل الشروط اللازمة لصحة العقد وأن يكون قصد
كل من طرفيه واضحا.
(2 قبول المؤجرتجديد
الإيجار. لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على حقيقة
المقصود منه.
(3) علم المؤجر بوفاة
المستأجر الأصلى وحلول ابنه محله بالعين المؤجرة. لا يعد تنازلا عن حقه فى طلب
الإخلاء لانتهاء العقد. علة ذلك.
(4) قبول المؤجر الأجرة من
ابن المستأجر الأصلى بعد وفاته وتحرير ايصالات السداد باسم المستأجر الأصلى. لا
تعد موافقة منه على قيام علاقة إيجاريه جديدة. علة ذلك
(5) حكم عيوب
التدليل- الإخلال بحق الدفاع ، الفساد فى الاستدلال: ما يعد كذلك
تمسك الطاعنة بأن قبولها للأجرة من
المطعون ضده – ابن المستأجر الأصلى – بعد وفاة الأخير كان مقابل انتفاعه بالعين
وأنها حررت إيصالات السداد باسم المستأجر الأصلى وأقامت على ابنه دعوى بالإخلاء
قبل مرور عام على وفاة المستأجر الأصلى. قضاء الحكم المطعون فيه بامتداد عقد
الإيجار للمطعون ضده ورفض الدعوى بإخلائه استناداً إلى أن قبول الطاعنة للأجرة من
ابن المستأجر الأصلى بعد علمها بوفاته يعتبر قبولاً بامتداد عقد الايجار إليه.
فساد وإخلال بحق الدفاع.
تجديد عقد الإيجار مثل إنشائه
يجب أن تتوافر فيه كل الشروط اللازمة
لصحة العقد وأن يكون قصد كل من طرفيه واضحاً.
الأصل أن قبول المؤجر لتجديد الإيجار
لا يكون إلا صراحة
أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً فى دلالته على حقيقة المقصود منه.
مجرد علم المؤجر بواقعة وفاة المستأجر
الأصلى
وحلول ابنه محله فى
العين المؤجرة لا يعتبر بذاته تنازلاً عن حقه فى طلب الإخلاء لانتهاء العقد
لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبى والتعبير الإيجابي عن الإرادة.
قبول المؤجر للأجرة من ابن المستأجر
الأصلى بعد وفاته
لا يعتبر بمثابة موافقه منه على قيام
علاقة إيجاريه جديدة ما دام قد حرر إيصالات السداد باسم المستأجر الأصلى، إذ تنتفى
بذلك الموافقة الصريحة أو الضمنية على قيام تلك العلاقة.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى
بامتداد عقد الإيجار
إلى المطعون ضده
ورفض الدعوى بإخلائه مؤسسا قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن قبول الطاعنة للأجرة
من ابن المستأجر الأصلى بعد علمها بوفاة والده فى 26/ 10/ 1993 وحتى نهاية سنة
1994 يعتبر قبولا بامتداد الإيجار إلى المطعون ضده
مع أنها تمسكت بأن قبولها لتلك الأجرة
كان كمقابل لانتفاعه بالعين وأنها تحفظت فأصدرت إيصالات السداد باسم المستأجر
الأصلي وأقامت على ابنه دعوى بالإخلاء قبل مرور عام على وفاة المستأجر الأصلى،
وهو ما ينفى موافقتها على امتداد عقد
الإيجار إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالفساد فى الاستدلال وجره ذلك
إلى الإخلال بحق الدفاع فى بحث مدى توافر شروط امتداد عقد الايجار.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع
التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من
الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن
الطاعنة أقامت الدعوى 11723 لسنة 1994 إيجارات
شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضده بطلب طرده من الشقة المبينة بالأوراق
لانتهاء عقد الإيجار بوفاة والده المستأجر الأصلى دون أن يكون مقيماً معه حتى
الوفاة، كما أقام المطعون ضده الدعوى 745 لسنة 1995 على الطاعنة أمام ذات المحكمة
بطلب الحكم بإلزامها بتحرير عقد إيجار له عن ذات الشقة لإقامته مع والده مستأجرها
الأصلى حتى وفاته ومحكمة أول درجة أحالت الدعويين للتحقيق
ثم حكمت بطلبات الطاعنة. استأنف المطعون ضده هذا
الحكم بالاستئناف 5839 لسنة 113 ق القاهرة. وبتاريخ 15/ 4/ 1997 قضت المحكمة
بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة وإلزامها بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده.
طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض
الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم
المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه
اعتبر قبولها للأجرة من المطعون ضده الأول ابن المستأجر الأصلى بعد علمها بوفاة
الأخير إقراراً بامتداد الإيجار إلى المطعون ضده مع أنها تقاضتها كمقابل لانتفاعه
بالعين وتحفظت بإصدار إيصالات سدادها باسم المستأجر الأصلى وأقمت عليه دعوى
الإخلاء مما ينفى قبولها بامتداد الإيجار للمطعون ضده وحجبه ذلك عن بحث دفاعها بأن
المطعون ضده لم يكن مقيماً مع أبيه وقت الوفاة مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن
تجديد عقد الإيجار مثل إنشائه يجب أن تتوافر فيه كل الشروط اللازمة لصحة العقد وأن
يكون قصد كل من طرفيه واضحاً، والأصل أن قبول المؤجر لتجديد الإيجار لا يكون إلا
صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً فى دلالته على حقيقة المقصود منه
ومجرد علم المؤجر بواقعة وفاة
المستأجر الأصلى وحلول ابنه محله فى العين المؤجرة لا يعتبر بذاته تنازلا عن حقه
فى طلب الإخلاء لانتهاء العقد لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبى والتعبير
الإيجابي عن الإرادة،
كما أن قبول المؤجر للأجرة من ابن
المستأجر الأصلي بعد وفاته لا يعتبر بمثابة موافقة منه على قيام علاقة إيجاريه
جديدة ما دام قد حرر إيصالات السداد باسم المستأجر الأصلى،
إذ تنتفى بذلك الموافقة الصريحة أو
الضمنية على قيام تلك العلاقة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى
بامتداد عقد الإيجار إلى المطعون ضده ورفض الدعوى بإخلائه مؤسساً قضاءه على ما
أورده بمدوناته من أن قبول الطاعنة للأجرة من ابن المستأجر الأصلى بعد علمها بوفاة
والده فى 26/ 10/ 1993 وحتى نهاية سنة 1994 يعتبر قبولاً بامتداد الإيجار إلى
المطعون ضده مع أنها تمسكت بأن قبولها لتلك الأجرة كان كمقابل لانتفاعه بالعين
وأنها تحفظت فأصدرت إيصالات السداد – باسم المستأجر الأصلي –
وأقامت على ابنه دعوى بالإخلاء قبل
مرور عام على وفاة المستأجر الأصلى وهو ما ينفى موافقتها على امتداد عقد الإيجار
إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالفساد فى الاستدلال وجره ذلك إلى
الإخلال بحق الدفاع فى بحث مدى توافر شروط امتداد عقد الإيجار مما يوجب نقضه لهذا
السبب دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.
من المقرر قانوناً أنه لا
يكفى لتجدد عقد الإيجار تجديداً ضمنياً وفقاً للمادة 599 من التقنين المدنى
بقاء المستأجر فى العين المؤجرة بعد إنتهاء مدته ، بل يتعين فوق ذلك انصراف نيته
إلى التجديد
و توجيه التنبيه بالإخلاء من أحد
المتعاقدين للآخر يقيم طبقاً للمادة 600 من القانون المدنى – قرينة قابلة لإثبات
العكس تمنع من إقتراض التجديد الضمنى لو بقى المستأجر فى العين بعد إنتهاء الإيجار
، و عبء إثبات بقاء المستأجر فى العين يقع على من يتمسك بالتجديد الضمنى .
و إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى
تجديد عقد الإيجار رغم قيام الطعن – المستأجر بالتنبيه على المطعون عليه و إخطاره
برغبته فى عدم التجديد بما يحول دون افتراضه ، و ذلك أن يدلل المطعون عليه على
بقاء المستأجر فى العين أو يستظهر الحكم ما يهدر القرينة المانعة من قيام هذا التجديد
، فإنه يكون قد خالف القانون
( الطعن رقم 687 لسنة 43 ق
، جلسة 1976/4/28 "،)( عبدالعزيز حسين عمار المحامي (.
الوجه السابع : ماهية الارشد في اللغة والفقه والعرف :
ورد في الحكم محل تعليقنا ان المستأجر للوقف كان
ينازع متولى الوقف بأنه ليس الارشد حسبما نص الواقف وهذا الأمر يقتضي منا الإشارة
بايجاز للمقصود بالارشد.
فالارشد في اللغة : لفظ من الفاظ المبالغة مثل :
احسن وأفضل واجمل، فلفظ ارشد مبالغة من راشد أي أن لفظ الارشد افضل واحسن من راشد،
والرشد في اللغة والفقه هو كمال العقل وحسن التصرف مثال ذلك قوله تعالى { فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
أَمْوَالَهُمْ} [ سورة النساء (6) ] وقوله تعالى {
وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [ سورة الكهف (10) ] والرشد عند
الفقهاء صلاح العقل والقدرة على إدارة الاموال وتدبيرها، وفي العرف الخاص باليمن
يطلق لفظ (الارشد) في بعض مناطق اليمن على الولد الذكر الاكبر.
الوجه الثامن : عبارة الارشد في الوقفيات وموقف القضاء اليمني :
ترد عبارة (على أن تكون النظارة او الولاية على
الوقف للارشد ثم الارشد من ذريته بطنا من بطن ) ومن المعلوم ان عبارة الواقف كنص
الشارع أي أنه يجب الالتزام بها والعمل بموجبها وتنفيذها، إلا أن هناك إشكاليات
تحدث حينما يكون الولد الاكبر غير ارشد
كان يكون فاسقاً او مسرفاً او لا يحسن ادارة أموال الوقف او لا تتوفر فيه
الشروط الاخرى المقررة شرعاً وقانوناً للولاية على الوقف كالأمانة وعدم الخيانة
وقدرته على ادارة اموال الوقف من حيث تفرغه ووجوده حيث توجد اموال الوقف للاشراف
عليها وتنميتها وتحصيل عائداتها وصرفها في مصارفها التي حددها الواقف، وقد استقرت
احكام القضاء في اليمن منذ امد بعيد على أن المقصود بالارشد هو القادر على ادارة
اموال الوقف وان الارشد يعزل من الولاية اذا تخلف أي شرط من شروط الولاية على
الوقف كالصلاح والامانة والقدرة والتفرغ او الشروط الاخرى التي يحددها الواقف
لمتولي الوقف.
الوجه التاسع : شروط متولي الوقف في القانون اليمني :
تحدد المادة (49) وقف الولاية على الوقف حيث تنص
على ان (الولاية على الوقف للواقف ثم لمنصوبه وصياً أو ولياً ثم للموقوف عليه ثم لذي الولاية العامة والحاكم أو
من يعينه احدهما لذلك ويجوز لذي الولاية الخاصة اسناد الولاية لمن يرى فيه الصلاح
من غير عوض) ومن خلال استقراء هذا النص نجد أنه قد اجاز لذي الولاية الخاصة
كالارشد أن يسندها إلى غيره من ذي الصلاح، كما ان في هذا النص اشارة إلى اشتراط
صلاح الولي على الوقف، كما تقرر المادة (50) وقف على عدم جواز التنازل عن ولاية
الوقف بمقابل، ويفهم من ذلك النص أنه يجوز
التنازل عن الولاية من غير مقابل، اما المادة (51) وقف فقد حددت الشروط الواجب
توفرها في الولي على الوقف حيث نصت هذه المادة على انه (يشترط في متولي الوقف ان
يكون مسلماً ومكلفاً عدلاً حسن السيرة والسلوك قادراً على التصرف والعمل بما نص
عليه الواقف واذا فقد المتولي شرطاً من هذه الشروط بطلت ولايته) ويفهم من هذا النص
ان الارشد لا يتولى الوقف الا اذا توفرت فيه الشروط المذكورة في ذلك النص.
الوجه العاشر : النزاع بشأن الولاية على الوقف او الارشدية خاص بذرية الواقف :
قضى الحكم محل تعليقنا بان النزاع على الولاية
على الوقف بسبب الارشدية يكون حكراً على ذرية الواقف، لان نقل الولاية يكون ضمن
نطاق ذرية الواقف، ولذلك فان المصلحة والصفة لا تتوفر في النزاع بشأن الارشدية الا
في ذرية الواقف، ولذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد قضى بعدم احقية المستأجر
للوقف في المنازعة في التزاماته بسبب الارشدية لان المستأجر ليس من ذرية الواقف
حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا، فقد كان المستأجر ينازع في الارشدية لانها تنتقل
بحسب العرف من الاب الى ابنه الاكبر وليس من الاخ الاكبر إلى اخيه الذي يليه كما حصل في القضية التي
تناولها الحكم محل تعليقنا.
الوجه الحادي عشر : وجوب التزام المستأجر لارض الوقف باحكام قانون الوقف والقانون المدني :
قضى الحكم محل تعليقنا بوجوب تجديد عقد الإيجار كل ثلاث سنوات وان يكون مبلغ الإيجار مثل ايجار الأرض الحر وغير ذلك من شروط وضوابط تأجير أرض الوقف المنصوص عليها في لائحة تأجير أموال الوقف، لان الوقف على المسجد وأن كانت ولايته ولاية خاصة مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا إلا أن احكام وضوابط وشروط تأجير الوقف العام تسري عليها طالما والموقوف عليه منفعة أو مبرة عامة كالمسجد، والله اعلم.