مطالبة المحامي بالقصاص نيابة عن أولياء الدم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
يكتسب
توكيل المحامي أهمية بالغة في تحديد الأعمال والإجراءات التي يحق له مباشرتها
نيابة عن موكله، ولاريب أن الحق في القصاص حق خاص مقرر لأولياء الدم وفقا لأحكام
الشرع والقانون، وترتب على هذا الحق آثار عدة، ومن ذلك حق المطالبة بالقصاص من
القاتل لمورثهم، ولاشك ان حق المطالبة بالقصاص حق قابل للوكالة، فيحق لأولياء الدم
توكيل المحامي للمطالبة بالقصاص نيابة عنهم، بيد أن الوكالة للمحامي بذلك ينبغي أن
تتضمن التصريح بانه يحق للمحامي بموجبها المطالبة بالقصاص، حسبما قضى الحكم الصادر
عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-1-2013م في
الطعن رقم (43911)، وقد سبق ذلك الحكم الحكم الابتدائي الذي ورد ضمن أسبابه: (وحيث
أن محامي أولياء الدم قد طلب القصاص نيابة عن أولياء الدم الذين لم يحضروا أمام
المحكمة للمطالبة بالقصاص، وحيث أن الوكالة الصادرة من أولياء الدم للمحامي مجملة
لم تتضمن التصريح للمحامي بانه يحق له المطالبة بالقصاص، فقد كانت الوكالة مجملة تتضمن أنه يحق للمحامي تمثيل أولياء الدم
في الدعوى والمرافعة والمدافعة، ولذلك فهذه الوكالة لا تخول المحامي المطالبة
بالقصاص نيابة عن أولياء الدم)، في حين ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي: (حيث تبين
أن الحكم الابتدائي عدل عن الحكم بالقصاص إلى الحكم بالسجن لعدم النص الصريح في
وكالة المحامي على توكيله بالمطالبة
بالقصاص، وان الوكالة جاءت في صيغة عامة، مع أن القاضي الابتدائي لم يقم اثناء
الإجراءات بإلزام المحامي بتغيير الوكالة أو تعديلها حتى تتضمن التوكيل للمحامي
صراحة بالمطالبة بالقصاص، فطالما أن قناعة القاضي الابتدائي أن التوكيل لا يصلح
للمطالبة بالقصاص من وجهة نظر القاضي الابتدائي، فالشعبة ترى: أن ذلك قصور من
القاضي الابتدائي في فهمه للتوكيل، لأن التوكيل بمثابة إقامة الوكيل مكان الأصيل،
فطالما أن أولياء الدم قد قاموا بتوكيل المحامي في رفع الدعوى بالحق الشخصي، وقام
المحامي بموجب ذلك بتقديم الدعوى بالحق الشخصي مطالباً بالقصاص بناءً على توكيل
أولياء الدم ورغبتهم التامة في المطالبة بالقصاص، وطالما صح التوكيل للمحامي الذي
رفع الدعوى لدى القاضي الابتدائي، لذلك فما توصل إليه القاضي الابتدائي ليس سليماً
سيما أن أولياء الدم قد حضروا لدى البحث الجنائي وطالبوا بالقصاص، فكان على القاضي
الابتدائي أن يستشف من ذلك أن المحامي وكيل أولياء الدم لم يطلب القصاص إلا
تنفيذاً لرغبة أولياء الدم الذين قاموا بتوكيله طالما أن أولياء الدم قد سبق لهم
طلب القصاص منذ البداية عندما كانت القضية لدى البحث الجنائي، وأن لم يكن القاضي
الابتدائي مقتنع بعدم شمول الوكالة المطالبة بالقصاص، فكان
ينبغي عليه أن ينبه المحامي إلى ذلك)، اما حكم المحكمة العليا فقد ورد ضمن أسبابه:
((لما كانت محكمة الاستئناف قد اتصلت بالقضية وباشرت نظرها بناءً على استئناف
النيابة العامة، ثم حضر لديها أولياء الدم لأول مرة وطلبوا القصاص الشرعي، وحيث
عابت محكمة الاستئناف في أسباب حكمها على محكمة أول درجة ماكانت اشترطته للفصل في
طلب القصاص، فأنه كان من الواجب على الشعبة أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة
مجدداً للفصل في طلب القصاص استنفاذاً لولايتها لا أن تتصدى محكمة الاستئناف للفصل
في طلب القصاص، لأن ذلك يهدر درجة من درجات التقاضي)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول: مطالبة أولياء الدم بالقصاص في الفقه الإسلامي :
يعرف
الفقه الإسلامي القصاص بأنه: عقوبة مقدرة حق العبد فيها غالب، وبما أن حق العبد
فيها غالب فإن حكم القضاء بالقصاص واستيفائه يحتاج إلى دعوى أو مطالبة من صاحب الحق الغالب وهم أولياء دم القتيل بعد
وفاته ، ومع ذلك فأنه من المقرر في الفقه الإسلامي وقانون الجرائم والعقوبات
اليمني أن هناك حقوق أخرى في جريمة القتل العمد غير حق أولياء الدم، ومن ذلك الحق
العام بإعتبار النفس كلية من الكليات
الخمس (الدين والنفس والنسب والمال والعقل) التي لا يقوم المجتمع بدونها، فالمجتمع يلحقه الضرر الفادح من القتل العمد
لأحد أفراده، وبالاضافة إلى الحق العام، فهناك حق ثالث في القتل العمد وهو حق الله
سبحانه تعالى، فالقاتل العامد آثم توعده الله بالخلود في جهنم بقوله تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ
خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا
عَظِيمًا (93) من سورة النساء } فما اجتمعت العقوبات الخمس المذكورة في الآية
كإجتماعها في القاتل العامد، ونخلص من هذا الوجه إلى القول: بأن جريمة القتل العمد
تجتمع فيها ثلاثة حقوق " حق أولياء
الدم: وهو الحق الغالب فيها وحق المجتمع وحق الله سبحانه وتعالى حسبما هو مقرر في
الفقه الإسلامي ، وبناءً على ذلك فإن عدم
مطالبة صاحب الحق الغالب بالقصاص وهم أولياء الدم لا يمنع المجتمع من المطالبة
بحقه في دم القتيل عن طريق النيابة العامة،ويجوز في الفقه الإسلامي ان يطالب
أولياء الدم بالقصاص بأنفسهم أو عن طريق وكيل يوكلونه بالمطالبة بالقصاص، ويتم
تقديم المطالبة بالقصاص أمام القاضي، بإعتبار المطالبة دعوى، فالدعوى لايتم
تقديمها الا أمام القاضي، وقد اشار الحكم محل تعليقنا بأن هذه الدعوى أو المطالبة ينبغي
رفعها أمام المحكمة الابتدائية حتى لاتفوت درجة من درجات التقاضي، (التشريع
الجنائي الإسلامي، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص125).
الوجه الثاني: مطالبة أولياء دم القتيل بالقصاص في قانون الجرائم والعقوبات :
من المؤكد أن مصدر قانون الجرائم
والعقوبات اليمني هو الفقه الإسلامي، فالقانون اليمني في معظمه تقنين لأحكام
الجنايات المقررة في الفقه الإسلامي، ولذلك فقد صرح قانون الجرائم والعقوبات على
أن المطالبة بالقصاص تصدر اصلا من أولياء الدم وان لم يطلب أولياء الدم ذلك فتكفي
مطالبة النيابة العامة الواردة في قرار الإتهام بتوقيع العقوبة المقررة في قانون الجرائم والعقوبات
لجريمة القتل العمد وهي عقوبة القصاص ، وفي هذا الشأن نصت المادة (50) عقوبات على
أنه (القصاص هو حق للمجني عليه في حياته ثم ورثته الشرعيين بعد وفاته، ويكفي للحكم
به طلبه من احد الورثة او من يقوم مقامه قانونا ومن النيابة العامة بمالها من
الولاية العامة في رفع الدعوى الجزائية، فاذا امتنع المجني عليه او ورثته لاي سبب
اكتفي للحكم به بطلب النيابة العامة، على ان تراعي الاحكام الخاصة بتنفيذ احكام
القصاص الواردة في هذا القانون)، وقد كان هناك إعتبار عملي وواقعي جعل القانون اليمني
يكتفي بمطالبة النيابة العامة للحكم بالقصاص، وهو شيوع ظاهرة الثأر في المجتمع
اليمني، ففي حالات كثيرة يمتنع أولياء الدم عن المطالبة بالقصاص أمام المحكمة حتى
يأخذوا حقهم بأيديهم ثأراً لدم قتيلهم،
وحتى لا تتعطل إجراءات محاكمة المتهم بسبب إمتناع أولياء الدم عن المطالبة
بالقصاص، فقد نص القانون على أنه يكفي مطالبة النيابة العامة على أساس أن القصاص
عقوبة وفقاً لما هو مقرر في الشريعة والقانون والنيابة العامة هي صاحبة الولاية في
المطالبة بتوقيع العقوبات المقررة في القانون بما في ذلك عقوبة القصاص المقررة في
قانون الجرائم والعقوبات، ومن جانب اخر فقد نصت المادة(234 ) عقوبات على أنه( من قتل نفساً معصومة عمداً يعاقب بالإعدام قصاصاً إلاّ أن يعفو ولي الدم
فإن كان العفو مطلقاً أو بشرط الدية أو مات الجاني قبل الحكم حكم بالدية ولا
اعتبار لرضاء المجني عليه قبل وقوع الفعل، ويشترط للحكم بالقصاص أن يطلبه ولي الدم
وأن يتوافر دليله الشرعي فإذا تخلف أحد الشرطين أو كلاهما وأقتنع القاضي من
القرائن بثبوت الجريمة في حق المتهم أو إذا امتنع القصاص أو سقط بغير العفو يعزر
الجاني بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوا ت، ويجوز أن يصل
التعزير إلى الحكم بالإعدام إذا كان الجاني معروفاً بالشر أو ارتكب القتل بوسيلة
وحشية أو على شخصين فأكثر أو من شخص سبق أن أرتكب قتلاً عمداً أو توطئه لارتكاب
جريمة أخرى أو لإخفائها أو على امرأة حامل أو على موظف أو مكلف بخدمة عامة أثناء
أو بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته أو خدمته حتى لو سقط القصاص بالعفو )، وهذا النص
قد جاء متأخرا في القانون عن نص المادة( 50 ) السابق ذكرها، ولذلك فإن بعض القضاة
يذهبوا إلى أن ماورد في المادة( 234) ناسخ لما ورد في المادة(50 ) وان ماورد في
المادة( 234) هو الواجب التطبيق، وعلى هذا الأساس لاتكفي من وجهة نظرهم مطالبة
النيابة العامة بالقصاص وإنما ينبغي أن تصدر هذه المطالبة من أولياء الدم خاصة.( التشريع
الجنائي الإسلامي. ا. د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص 178).
الوجه الثالث: كيفية مطالبة أولياء الدم الحكم بالقصاص وعلاقته بالدعوى الجزائية العامة المرفوعة من النيابة العامة :
للقصاص في النفس موجباته الشرعية ومن
أهمها مطالبة أولياء الدم به وتوفر الدليل الموجب له وهو ثبوت فعل القتل وصحة
نسبته للجاني عن طريق الإقرار الصريح الصادر من الجاني أو شهادة شهود الرؤية من
شاهدين عدلين، ولاشك ان إثبات واقعة القتل والتحقق من نسبتها إلى المتهم يحتاج إلى
تحقيق النيابة العامة التي تتولى جمع أدلة الجريمة بواسطة مأمور الضبط ثم تتولى تكييفها وتحقيقها ورفع الدعوى
الجزائية إلى المحكمة مع قائمة الوصف والأدلة، ولذلك فإن أولياء الدم ينتظروا حتى تقوم النيابة العامة برفع الدعوى
الجزائية وتقديمها إلى المحكمة وحينئذ فإن أولياء الدم يكتفوا بالتصريح أمام
المحكمة بانضمامهم إلى الدعوى الجزائية المرفوعة من النيابة العامة والمطالبة بإجراء القصاص الشرعي لان
الأدلة الموجبة للقصاص مرفقة بالدعوى الجزائية أو مايسمى بقرار الاتهام ، ولإن
النيابة العامة اصلا تطلب في الدعوى الجزائية أو قرار الإتهام تطلب توقيع العقوبة
المقررة في القانون للقتل العمد وهي عقوبة القصاص، وبناء على ذلك تكفي للحكم
بالقصاص مطالبة النيابة اذا تخلف أولياء الدم عن المطالبة به لأي سبب كان بحسب
ماهو مقرر في المادة(50 ) عقوبات، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا لم يكتف
بمطالبة النيابة العامة بالقصاص، (أصول النظام الجنائي الإسلامي، د. محمد سليم
العواء، ص ٣٧٦).
الوجه الرابع: من هم أولياء الدم الذين يحق لهم المطالبة بالقصاص؟ :
نصت المادة (50)عقوبات على أن( القصاص هو حق للمجني عليه في حياته ثم
ورثته الشرعيين بعد وفاته ويكفي للحكم به طلبه من أحد الورثة أو من يقوم مقامه
قانوناً ، ومن النيابة العامة بما لها من الولاية العامة في رفع الدعوى الجزائية ،
فإذا امتنع المجني عليه ، أو ورثته لأي سبب اكتفى للحكم به بطلب النيابة العامة
على أن تراعى الأحكام الخاصة بتنفيذ أحكام القصاص الواردة في هذا القانون)، ويفهم
من هذا النص ان أولياء الدم هم الورثة الشرعيون للقتيل الذين حددهم القانون الخاص
وهو قانون الأحوال الشخصية، وفي السياق ذاته
نصت المادة (62) عقوبات على أنه( إذا طلب الورثة البالغون الحاضرون القصاص
ينفذ ولا ينتظر بلوغ القاصر أو شفاء المجنون إذ لا ولاية لهما ولا ينتظر حضور
الغائب الذي خفي مكانه ، أما الغائب المعلوم مكانه فتتولى النيابة العامة تحديد
موعداً مناسباً تعلمه به فإذا لم يحضر نفذ القصاص بدون حضوره ولا حق لهم بعد تنفيذ
القصاص في المطالبة بالدية)، وهذا النص مثل سابقه ذكر ان أولياء الدم هم ورثة
القتيل، وقد سبق القول أن قانون الأحوال
الشخصية قد حدد الورثة.
إذ حددت الورثة إجمالا المادة(307 )
من قانون الأحوال الشخصية التي نصت على أن(المستحقون للتركة في هذا القانون ستة
أصناف مقدم بعضها على بعض على النحو التالي:ـ-أ- أصحاب
الفروض وهم :-1- البنات وبنات الابن وان نزلن.2-- الأخوات
الشقيقات.-3_ الأخوات لأب.-4- الأم.-5- الأخ لأم أو الأخت
لأم.-6- الزوج أو الزوجة.-7- الجدة لأم أو لأب.-8- الأب وأبوه وان
علا في حالة المادة (321) من هذا القانون._ب_ العصبات النسبية وهم :ـ١- الذكور
وهم (الابن ، وابن الابن وان نزل ، الأب وأبوه وان علا ، الأخ الشقيق ، والأخ لأب
، وابن الأخ الشقيق وان نزل ، ابن الأخ لأب وان نزل ، العم الشقيق ، العم لأب ،
ابن العم الشقيق وان بعد ، ابن العم لأب وان بعد-٢- الإناث : (البنات وبنات
الابن ، الأخوات الشقيقات ، الأخوات لأب كل ذلك إذا وجد معهم من يعصبهن__ج___ ذو
الأرحام ___د_ المقر له بنسب.__هـ- الموصي
له بأكثر من الثلث حيث لا وارث.--و- الخزانة العامة-بيت مال المسلمين ).
الوجه الخامس : علاقة المحامي بموكليه أولياء الدم في ضوء التوكيل العام الصادر من أولياء الدم للمحامي :
تتحدد علاقة المحامي مع بموكليه أولياء الدم بموجب وثائق عدة: منها التوكيل الصادر من أولياء
الدم للمحامي الذي يثبت صفة المحامي في تمثيل أولياء الدم أمام القضاء والجهات
المعنية، وهذا التوكيل يتضمن الأعمال محل الوكالة، ويتضمن التوكيل غالبا قيام
المحامي بالمرافعة والمدافعة وتمثيل أولياء الدم أمام الجهات المعنية، وهذا هو
التوكيل العام المقرر في المادة (119) مرافعات التي نصت على أن ( التوكيل بالخصومة
يخول الوكيل سلطة القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها
والدفاع فيها واتخاذ الإجراءات التحفظية إلى أن يصدر الحكم في موضوعها في درجة
التقاضي الموكل فيها ، وعليه إبلاغ موكله بمنطوق الحكم بمجرد صدوره ، وذلك بغير
إخلال بما يوجب القانون فيه توكيلاً خاصاً )، وكان الحكم الاستئنافي قد أستند في
قضائه إلى هذا النص على أساس ان التوكيل العام يخول المحامي المطالبة بالقصاص نيابة عن أولياء الدم، لان
النص السابق قد صرح بأنه يحق للمحامي ان يرفع الدعوى نيابة عن أولياء الدم، فلفظ
الدعوى في النص يشمل مطالبة المحامي بالقصاص نيابة عن أولياء الدم الذين قاموا
بتوكيله توكيلا عاما، اما الحكم الابتدائي وحكم المحكمة العليا محل تعليقنا فقد
ذهبا إلى أن التوكيل العام المجرد الذي لايتضمن النص على أنه يحق للمحامي المطالبة
بالقصاص لايخول المحامي مطالبة المحكمة بالقصاص نيابة عن أولياء الدم، اما إذا
تضمن التوكيل العام التصريح باحقية المحامي في المطالبة بالقصاص نيابة عن موكليه
أولياء الدم ، فهذه الوكالة تكون صحيحة تخول المحامي المطالبة بالقصاص لأن الوكالة وان كانت عامة الا
انها تضمنت توكيل خاص بشأن المطالبة بالقصاص نيابة عن أولياء الدم.، بخلاف الوكالة
العامة التي لاتتضمن تخويل المحامي المطالبة بالقصاص.
الوجه السادس : الوكالة الخاصة للمحامي بالمطالبة بالقصاص نيابة عن أولياء الدم :
الوجه السابع : مطالبة المحامي بالقصاص نيابة عن أولياء الدم في الدستور والقانون :
صرح الدستور وقانون الإجراءات الجزائية بحق
الأفراد بالتقاضي والدفاع، وفي هذا الشأن نصت المادة(49) من الدستور على أن( حق
الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وأمام جميع المحاكم
وفقـاً لأحكام القانون، وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادريـن وفقـاً للقانـون)،
كما تنص المادة( 51) من الدستور على أنه( يحق
للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة وله الحق في تقديم
الشكاوي والانتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشـرة أو غيـر
مباشـرة )، في حين نصت المادة(9)من قانون الإجراءات الجزائية على أن( 1-حق الدفع
مكفول وللمتهم أن يتولى الدفاع بنفسه كما له الاستعانة بممثل للدفاع عنه في
أية مرحلة من مراحل القضية الجزائية بما في ذلك مرحلة التحقيق وتوفر الدولة للمعسر
والفقير مدافعا عنه من المحامين المعتمدين ويصدر مجلس الوزراء بناء على اقتراح
وزير العدل لائحة بتنظيم أمور توفير المدافع من المحامين المعتمدين للمعسر والفقير)،
وفي السياق ذاته نصت المادة(24) إجراءات على أن( يعتبر المجني عليه أو المدعي
بالحق الشخصي أو المدعي بالحق المدني خصما منضما للنيابة العامة في الدعوى
الجزائية ومدعيا في الدعوى المدنية المرتبطة بها إذا كانت له طلبات ما، كما يعتبر
المسئول عن الحقوق المدنية خصما منضما للمتهم في الدعوى الجزائية والدعوى المدنية
المرتبطة بها إذا أدخل أو تدخل فيها ولو لم توجه إليه طلبات).
ومن خلال استقراء النصوص السابق ذكرها
نجد أنه يتعذر على الخصوم مباشرة حقوقهم القضائية االمذكورة في النصوص القانونية
السابقة الا عن طريق المحامين المتخصصين والمختصين بالمطالبة بالحقوق والدفاع عنها،
ولذلك فأنه بمجرد التعاقد مع المحامي وتوكيله يجب على المحامي الرجوع إلى كافة
القوانين واللوائح ذات الصلة للمطالبة بحقوق موكله والدفاع عنها، ولذلك فقد نص
قانون المحاماة اليمني في المادة(3)على أن :( المحاماة مهنة حرة مستقلة تمارس نشاطها طبقاً
لأحكام هذا القانون) فهذا النص يدل على أن المحاماة مهنة يباشرها المحامون
للمطالبة بالحقوق والدفاع عنها ولايجوز لغير المحامين مباشرتها،وفي السياق ذاته
نصت المادة (5)من قانون المحاماة على أن( تحقق المحاماة أهدافها وتؤدي رسالتها عن
طريق:-
1- الإنابة بالوكالة عن
الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين للادعاء بالحقوق والدفاع عنها لدى كافة المحاكم
والنيابة العامة ودوائر الشرطة والتحقيق واللجان القضائية والإدارية وكافة الجهات
القانونية والجهات الأخرى التي تباشر تحقيقاً في أي شيء محل نزاع.
2- تقديم الاستشارات القانونية وإعداد
العقود بأنواعها والقيام بالإجراءات التمهيدية التي تستلزمها طبيعة المهنة)،
والمحاماة مهنة حرة يباشرها المحامون المرخص لهم وحدهم، وفي هذا المعنى نصت المادة(
50) محاماة على أنه( يحق للمحامين المرخص لهم دون غيرهم ممارسة مهنة المحاماة وأي
عمل من أعمالها ولهم وحدهم حق الحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم والنيابة العامة
ودوائر الشرطة والتحقيق واللجان والهيئات ذات الاختصاص القضائي )، ونخلص إلى ان
علاقة المحامي بموكله يحكمها الدستور والقانون بالإضافة إلى التوكيل والعقد المبرم
فيما بين المحامي وموكله.
الوجه الثامن: المطالبة بالقصاص اذا لم يكن للقتيل وارث :
يذهب الفقهاء إلى أن الدولة هي وارث
من لا وارث له، وتاسيسا على ذلك فإن النيابة العامة بصفتها الممثلة للمجتمع فإنها
المعنية بالمطالبة بالقصاص من القاتل لمن لاوارث له، وقد صدر حكم من المحكمة
العليا في السعودية، فقد قررت الهيئة العامة للمحكمة العليا مبدأ قضائيا في مدى
جواز المطالبة بالقصاص من قاتل من لا وارث له كمجهول الأبوين، وله طلب الدية فأكثر
بما يحقق المصلحة العامة ويدرأ المفسدة. وعلمت «عكاظ» أنه جرى التعميم على كافة
المحاكم السعودية أن تختص النيابة العامة بإقامة دعوى المطالبة بالقصاص، وهو حق
خاص مراعاة للمصالح المعتبرة وصيانة للدماء وعصمتها.