نطاق الطعن بالنقض في المنازعة التنفيذية

 

نطاق الطعن بالنقض في المنازعة التنفيذية

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

في حالات كثيرة تحدث في اليمن تجاوزات واختراقات خطيرة للحقوق والنصوص القانونية  عندما تصدر قرارت تنفيذ أحكام لاتتوفر فيها شروط السند التنفيذي أو تصدر قرارات تنفيذ تخالف ماورد في قضاء  الحكم سند التنفيذ.. إلخ، وبموجب ظاهر المادة(501 ) مرافعات تتحصن من الطعن بالنقض بعض قرارات التنفيذ رغم تجاوزها وانحرافها وفقاً للمادة (501) مرافعات التي منعت الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي الصادر في المنازعة التنفيذية، وفي  تصويب الفهم لماورد في المادة(501 ) مرافعات، وفي سبيل مواجهة التجاوز والإنحراف في قرارات التنفيذ، فقد تصدت المحكمة العليا لذلك التجاوز والإنحراف عن مقصود المادة (501) مرافعات، حيث قضت المحكمة بأن حظر الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي في المنازعة التنفيذية لا يكون سارياً إلا إذا كان سند التنفيذ سنداً تنفيذياً حقيقياً تتوفر فيه الشروط القانونية، وان تكون إجراءات التنفيذ قد تمت أمام المحكمة الابتدائية بطريقة صحيحة وسليمة موافقة للقانون، وكذلك الحال بالنسبة للإجراءات التي تمت أمام محكمة الاستئناف، وبخلاف ذلك يجوز الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي الصادر في المنازعة التنفيذية، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-2/2014م في الطعن رقم (55919)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فمن خلال النظر في حكم المادة (501) تنفيذ بعد تعديلها بموجب القانون رقم (2) لسنة 2010م. والتي حظر فيها القانون الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ من محاكم الاستئناف. وهو ما يستلزم العمل بموجبه، وأن تمتنع المحكمة العليا من قبول الطعون الصادرة بشأن تلك الأحكام، وشرط ذلك أن تكون منازعة التنفيذ الموضوعية أو الشكلية قد أثيرت أمام محكمة التنفيذ بإجراءات قانونية صحيحة، وقبل ذلك أن تكون محكمة التنفيذ قد بدأت في السير في إجراءات التنفيذ بإجراءات صحيحة أيضاً وفقا لما يقرره القانون. وأن تصدر محكمة التنفيذ حكمها الابتدائي في منازعة التنفيذ والتي يلزم ألاّ تمس موضوع الحق محل التنفيذ وأن يصدر الحكم فيها بما لا يمس موضوع الحق أيضاً، وإذا صدر الحكم بما لا يخالف ذلك وتم استئنافه وصدر الحكم الاستئنافي في ذلك بما تقرر لديها،امتنع الطعن فيه بالنقض وفقاً لحكم المادة (501) مرافعات المشار إليها آنفاً.

وبالنظر إلى الحكم المطعون فيه بالنقض ظهر أن الشعبة بعد أن رفع إليها طلب تنفيذ حكم التحكيم، وتمت مواجهة الطلب بالاستشكال وسارت في إجراءاتها على نحو ما هو مشار إليه في صدر هذا الحكم إلى أن أصدرت حكمها المطعون فيه وأنها استعملت ما هو مقرر لها في قانون التحكيم الذي جعلها المحكمة المختصة بتنفيذ أحكام التحكيم وليس في ذلك أي حرج قانوني عليها، لكنها لم تطبق القانون في ذلك التطبيق الصحيح ،حيث ذهبت في نظر طلب التنفيذ والاستشكال على أنه منازعة تنفيذ مباشرة، وهو غير سديد ومخالف لما سبقت الإشارة إليه بالمخالفة لحكم المادة (501) تنفيذ المعدلة؛ لأن التعديل قيد سلطة الشعبة ومنعها من نظر أية منازعة تنفيذية مباشرة بالنسبة للمنازعات المتعلقة بأحكام التحكيم، حيث يلزم أن تنظر المنازعات على نحو ما أشرنا إليه. وللتوفيق بين حكم المادة (501) تنفيذ بما يتوافق والقواعد العامة في القانون فإن سلطة محاكم الاستئناف في تنفيذ أحكام التحكيم تلزم أن تقتصر على تنفيذ أحكام التحكيم التي تسير سيراً طبيعياً دون أن تثار بشأنها أية منازعة تنفيذ. مالم فإن عليها لزوماً استعمال ما قرره لها القانون في الإنابة؛ لأن القانون بتقرير الإنابة لمحكمة الاستئناف في تنفيذ أحكام التحكيم إنما أراد بذلك تجنيبها وإبعادها عن الحرج الواقع في التنفيذ، ومن هنا تظهر الغاية من جعل الاختصاص بتنفيذ أحكام التحكيم لمحكمة الاستئناف المختصة كون المفترض في أحكام التحكيم أن تسير بتوافق طرفي التحكيم حتى في سلطة الفصل في منازعات التحكيم بأن تكون للقضاء الاختياري أي باختيار أطراف النزاع والتوافق على مخرجاته، والتوافق على تنفيذه. وفي مقابل ذلك قرر القانون بأن يتم التنفيذ بمعرفة محكمة الاستئناف. الأمر الذي يكون من شأنه امتناع المحاكم الابتدائية عن قبول أية منازعة متجردة في قضية تنفيذية تمت بمعرفة محكمة استئنافية وإذا ما لاحظت أية محكمة استئنافية عندما يرفع إليها طلب تنفيذ حكم تحكيم ظهور اللدد من جانب الخصوم، بعدم التوافق بين الأطراف فإن عليها أن تستعمل حق الإنابة مباشرة حتى دون أن تستدعي المنفذ ضده للحضور لديها؛ لأن استعمال حق الإنابة يمنع من الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بتنفيذ أحكام التحكيم لمجرد عرقلة إجراءات التنفيذ وما يقتضيه ذلك من الحكم في الدفع ثم استئنافه، ثم الطعن فيه بالنقض.

وحيث إن حكم الشعبة خلا من شروطه آنفة الإشارة إليها فإن الحظر المقرر في حكم المادة (501) تنفيذ معدلة لا يحصنه من الطعن بالنقض. وبالنظر إلى ما قررته الشعبة في قضائها المطعون فيه بالنقض وحيثياته. تحقق ورود سبب النظر فيه ومخالفته لأحكام القانون وتعرضه لحجية قضاء حكم التحكيم بحكم ابتدائي صادر عن محكمة إستئناف، وهو غير جائز قانوناً. وهو ما يلزم صدوره عن محكمة ابتدائية أولاً ثم نظره من محكمة استئناف، ولا تأثير لما ذكره المطعون ضده في رده كونه مناقشات موضوعية لحكم التحكيم وهو غير جائز أمام المحكمة العليا.

وعليه: وإستناداً لما تقدم واستناداً إلى احكام المواد (87 و222 و292 و300) من القانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني حكمت الدائرة بعد المداولة بما هو آتٍ: [أولاً: قبول الطعن موضوعاً وإرجاع الكفالة للطاعن. ثانياً: نقض الحكم المطعون فيه. ثالثاً: إرجاع الأوراق إلى محكمة استئناف لإنابة محكمة التنفيذ الابتدائية المختصة بالسير في إجراءات التنفيذ وفقاً للقانون ومواجهة منازعاته بأحكام. رابعاً: إلزام المطعون ضده بأغرام خصومة النقض مبلغ مائة ألف ريال تسلم للطاعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية منازعات التنفيذ:

 نصت المــادة (498)مرافعات على أن(جميع المنازعات المتعلقة باصل الحق المحكوم فيه او بصحة السند التنفيذي لا تعتبر من منازعات التنفيذ التي يختص بالفصل فيها قاضي التنفيذ).

 وعلى هذا الأساس فإن منازعات التنفيذ هي :ادعاءات مقدمة من المنفذ ضده يقدمها أمام قاضي التنفيذ، فهي بمثابة اعتراض على سير إجراءات تنفيذ الحكم ؛ بحيث لو صحت هذه الإدعاءات لأثرت في إجراءات التنفيذ ، إذ يترتب على نظرها أن يكون التنفيذ جائزا أو غير جائز، صحيحا أو باطلا، يجب وقفه؛ أو الحد منه؛ أو الاستمرار فيه. 

ويجوز لكل ذي شأن أن ينازع في التنفيذ، سواء كان أحد أطراف التنفيذ؛ أو كان من الغير( دعوى الاستحقاق الفرعية ). فللمنفذ ضده أن ينازع في التنفيذ؛ بطلب بطلان إجراءات التنفيذ؛ أو طلب وقف التنفيذ مؤقتا؛ أو طلب الحد من التنفيذ كطلب قصر الحجز وطلب تأجيل أو وقف البيع.

كما أن لطالب التنفيذ أن ينازع فيه – رغم أن ذلك قد يبدو غريبا- كأن يطلب الاستمرار في التنفيذ عند وقفه مؤقتا بناء على منازعة من المنفذ ضده أو من الغير، أو أن يطلب الاستمرار في البيع إذا كف مأمور التنفيذ عنه تلقائيا ظنا منه أن ثمن الأشياء المباعة كاف للوفاء بالدين والمصاريف، أو أن ينازع في صحة تقرير المحجوز لديه بما في الذمة.

ويجوز كذلك للغير أن ينازع في التنفيذ إذا أدى إلى المساس بحق من حقوقه، كما لو تم توقيع الحجز على مال مملوك له؛ فيطلب تقرير ملكيته للمال المحجوز وبطلان الحجز عليه تبعا لذلك،وذلك عن طريق دعوى استحقاق فرعية وهي دعوى موضوعية يتم رفعها أمام قاضي التنفيذ إذا كان المال المحجوز عقارا.

ويقسم الفقه منازعات التنفيذ وفقا لطبيعة الحكم المطلوب صدوره فيها إلى نوعين: منازعات موضوعية، ومنازعات وقتية.

والمنازعات الموضوعية هي التي يطلب فيها حسم موضوع المنازعة كالحكم بصحة التنفيذ أو الحكم ببطلانه، مثل دعوى رفع الحجز إذا كان واقعا على مال المدين لدى الغير ودعوى استرداد المنقولات المحجوزة ودعوى الاستحقاق الفرعية.

أما المنازعات الوقتية فهي التي يطلب فيها الحكم بإجراء وقتي حتى يفصل في موضوع المنازعة، كالحكم بوقف التنفيذ حتى يحكم بصحته، أو الحكم باستمرار التنفيذ حتى يحكم ببطلانه،ويطلق على هذه المنازعات الوقتية تعبير إشكالات التنفيذ.

فقاضي التنفيذ يختص بجميع منازعات التنفيذ الموضوعية والمستعجلة، فإذا رفعت له منازعة موضوعية على أنه إشكال وقتي في التنفيذ، كطلب بطلان التنفيذ أو عدم أحقية الدائن في التنفيذ؛ أو أن المال الذي يجري التنفيذ عليه من الأموال التي لا يجوز أن تكون محلا للتنفيذ، فإن القاضي لا ينظر في الإشكال بصفته قاضيا للأمور المستعجلة؛ بل بصفته قاضي الموضوع فيما يتعلق بمنازعات التنفيذ؛ ويحدد جلسة للنظر فيه باعتباره منازعة موضوعية في التنفيذ.

أما إذا كان الطلب الموضوعي غير متعلق بالتنفيذ أو الحق في التنفيذ، كما لو ادعى المستشكل أن الدين المطلوب منه قد انقضى بالوفاء أو بالمقاصة أو بالتقادم، فإن هذا الطلب يخرج من اختصاص قاضي التنفيذ وتختص به محكمة الموضوع، وعلى قاضي التنفيذ في هذه الحالة أن يقرر عدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة.

وينظر قاضي التنفيذ في منازعة التنفيذ الوقتية بإجراءات القضاء المستعجل، وفي هذا الشأن نصت المــادة (499) مرافعات على أن : (ترفع منازعات التنفيذ الوقتية وتنظر باجراءات القضاء المستعجل ولا يجوز قبول منازعات التنفيذ الوقتية بعد تمام التنفيذ، اما منازعات التنفيذ الموضوعية وهي المتعلقة بالوفاء بالحق بعد صدور السند التنفيذي الذي قرره، فترفع امام قاضي التنفيذ بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى).

الوجه الثاني: شروط منازعة التنفيذ:

نصت المــادة (499) مرافعات على أن: (ترفع منازعات التنفيذ الوقتية وتنظر باجراءات القضاء المستعجل ولا يجوز قبول منازعات التنفيذ الوقتية بعد تمام التنفيذ، اما منازعات التنفيذ الموضوعية وهي المتعلقة بالوفاء بالحق بعد صدور السند التنفيذي الذي قرره، فترفع امام قاضي التنفيذ بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى).

 ومن مطالعة ماورد بهذا النص  تظهر  شروط  منازعة التنفيذ، وهي ما يأتي:

أولاشرط الاستعجال  :فقد افترض القانون في المنازعة التنفيذية صفة الاستعجال بحكم القانون، وأعفى المستشكل من إثبات هذا الشرط، لأن الإشكال التنفيذي يرمي إلى رفع خطر محدق بالمستشكل يتمثل في التنفيذ عليه إذا كان هو المنفذ ضده، أو تعطيل مصلحته في إجراء التنفيذ بموجب السند التنفيذي الذي بيده إذا كان هو طالب التنفيذ، وبالتالي فهو مستعجل بطبيعته، غير أن هذا الافتراض ليس مطلقا، بل يقبل إثبات العكس، فيجوز للمستشكل ضده إثبات عدم توافر شرط الاستعجال؛ وإن كان ذلك صعب التصور ونادر الحدوث.

ثانياشروط قبول الاشكال التنفيذي:فيشترط لقبول الإشكال التنفيذي: أن يتم تقديمه قبل أن يتم التنفيذ، أي قبل البدء بالتنفيذ أو بعد البدء فيه وقبل تمامه، حيث نصت المادة (499) على أنه(لا يجوز قبول منازعات التنفيذ الوقتية بعد تمام التنفيذ)، لأن الهدف من منازعة التنفيذ وقف التنفيذ مؤقتا؛ أو الاستمرار فيه مؤقتا، فإذا كان التنفيذ قد تم فلا معنى لطلب وقفه أو إستمراره، وإنما يجوز طلب إبطال ما تم من إجراءات وهذا الطلب يعتبر منازعة موضوعية في التنفيذ ولا يعتبر إشكالا أو منازعة تنفيذية .

وتعتبر خطوات التنفيذ المتعددة وحدات مستقلة، لذلك إذا تم القيام بعمل منها كتوقيع الحجز لا يقبل طلب وقف هذا العمل؛ وإنما يقبل طلب وقف ما يليه من أعمال كطلب وقف البيع، كما أنه إذا اشتمل السند التنفيذي على أكثر من التزام؛ وتم تنفيذ أحدها، يمكن طلب وقف تنفيذ السند بالنسبة للالتزام الآخر الذي لم ينفذ.

وينظر إلى شرط عدم تمام التنفيذ عند رفع الإشكال؛ فإذا رفع الإشكال قبل تمام التنفيذ؛ ثم تم التنفيذ بعد رفعه، فلا عبرة لتمام التنفيذ ويجب عدم الاعتداد بما تم من تنفيذ ورد الحالة إلى ما كانت عليه وقت رفع الإشكال، وهو ما يعرف بالتنفيذ العكسي، وذلك لأن الحكم في الإشكال يرتد إلى يوم رفعه تطبيقا لمبدأ الأثر الرجعي للطلب القضائي؛ الذي يعني أنه يجب النظر في هذا الطلب كما لو كان القاضي قد فصل فيه يوم رفعه؛ حتى لا يضار رافعه من تأخير الفصل فيه. 

 ثالثا :أن يكون الإشكال مؤسسا على وقائع لاحقة للحكم المستشكل فيه : فلا يجوز أن يؤسس على وقائع سابقة على هذا الحكم، لأنه كان يجب إبداء هذه الوقائع أمام المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم، لذلك إذا ادعى أنه قد أوفى بالدين قبل صدور الحكم فلا يقبل إشكاله، أما إذا ادعى أنه قام بالوفاء بعد صدور الحكم فإن هذا الادعاء يصلح أساسا للإشكال لأن واقعة الوفاء لاحقة لصدور الحكم.

رابعا :أن يكون المطلوب إجراء وقتيا أو تحفظيا لا يمس أصل الحق: فلا يجوز أن يطلب المدين مثلا وقف التنفيذ لبراءة ذمته من الدين، لأن قاضي التنفيذ لا يختص بالفصل في الموضوع. وإذا كان التنفيذ قد جرى بموجب حكم، فلا يقبل الإشكال في تنفيذه إذا تضمن طعنا في الحكم، لأن المحكمة مثلا قد أخطأت في تطبيق القانون لأن الإشكال ليس طريقا من طرق الطعن في الأحكام التي رسمها القانون، أما إذا كان الطعن موجها إلى تنفيذ الحكم كما لو شرع في تنفيذه على أساس أنه نهائي أو مشمول بالنفاذ المعجل دون أن يكون كذلك، فإن للمنفذ ضده في هذه الحالة أن يستشكل بادعاء أن الحكم ابتدائي غير جائز التنفيذ، أو غير مشمول بالنفاذ المعجل.

 خامسا : رجحان وجود الحق: فقاضي التنفيذ يفصل في الإشكال باعتباره قاضيا للأمور المستعجلة، لذلك يتقيد بهذا الشرط، وهو يستدل على وجود الحق من ظاهر المستندات، وله أن يوقف التنفيذ متى رجح له بطلانه.

الوجه الثالث: إجراءات رفع المنازعة التنفيذية (الاستشكال):

في هذا الشأن نصت المــادة(499) مرافعات على أن :(ترفع منازعات التنفيذ الوقتية وتنظر باجراءات القضاء المستعجل ولا يجوز قبول منازعات التنفيذ الوقتية بعد تمام التنفيذ، اما منازعات التنفيذ الموضوعية وهي المتعلقة بالوفاء بالحق بعد صدور السند التنفيذي الذي قرره، فترفع امام قاضي التنفيذ بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى):

يرفع الإشكال في التنفيذ بطريقتين:

الطريقة الأولى: الطريقة العادية المتبعة في تقديم الطلبات المستعجلة، وذلك بمسمى استشكال يقدم إلى قاضي التنفيذ، ويتم إبلاغ المستشكل ضده بذلك ، وتتبع بشأن الاستشكال الإجراءات الخاصة بالقضاء المستعجل، ولايترتب على  تقديم الاستشكال وقف التنفيذ وفقا للمــادة(502) مرافعات التي نصت على أنه )لا يترتب على رفع منازعة التنفيذ ولا على الطعن في الحكم الصادر برفضها وقف التنفيذ الا اذا قررت محكمة الاستئناف ذلك بشرط ان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه وان يطلب الامر بوقف التنفيذ في عريضة الطعن وللمحكمة ان تامر بتقديم كفالة او بما يضمن صيانة حق طالب التنفيذ )، وفي قوانين بعض الدول العربية يترتب على تقديم الاستشكال وقف إجراءات التنفيذ مثال ذلك قانون التنفيذ الأردني.

والطريقة الثانيةوتتمثل في  تقديم منازعة التنفيذ المستعجلة (الإشكال)  عند شروع قاضي التنفيذ في إجراء التنفيذ.

 وتقديم الاستشكال جائز أيا كان نوع التنفيذ سواء اكان مباشرا أو بطريق الحجز، وأيا كان محل التنفيذ منقولا ام عقارا، وأيا كان الشخص الذي توجه إليه الإجراءات سواء اكان المدين ام الغير.

وبما أن المنازعة في التنفيذ دعوى فينبغي ان تقدم كتابة ومنتجا لآثاره كإشكال أول يترتب عليه وقف التنفيذ بقوة القانون،وبعد تقديم المنازعة التنفيذية فينبغي تكليف المستشكل ضده بالرد والحضور أمام قاضي التنفيذ .

كما أنه وفق المادة (61/2) على القائم بالتنفيذ في هذه الحالة أن يحرر صورا من محضره بقدر عدد الخصوم وصورة لدائرة التنفيذ يرفق بها أوراق التنفيذ والمستندات التي يقدمها إليه الطالب، وعلى قلم التنفيذ قيد الطلب يوم تسليم الصورة في السجل الخاص بذلك.

الوجه الرابع: أثار تقديم منازعة التنفيذ (الإشكال التنفيذي) :

 بينت ذلك المــادة(502) مرافعات التي نصت على : لا يترتب على رفع منازعة التنفيذ ولا على الطعن في الحكم الصادر برفضها وقف التنفيذ الا اذا قررت محكمة الاستئناف ذلك بشرط ان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه وان يطلب الامر بوقف التنفيذ في عريضة الطعن وللمحكمة ان تامر بتقديم كفالة او بما يضمن صيانة حق طالب التنفيذ) .

 ومن خلال ذلك يظهر ان مجرد تقديم المنازعة التنفيذية لايترتب عليه وقف التنفيذ،، وان وقف التنفيذ يخضع للسلطة التقديرية لقاضي التنفيذ، اما دعوى الاستحقاق الفرعية التي يتم تقديمها من قبل الغير أمام قاضي فأنه يترتب عليها وقف إجراءات التنفيذ .

الوجه الخامس: اختصام المدين في السند التنفيذي:

وقد ذكرت ذلك المــادة(500) مرافعات التي نصت على أنه )اذا رفعت منازعات التنفيذ من الغير فيجب اختصام جمع الاطراف الملتزمين في السند التنفيذي ومن وجهت اليهم اجراءات التنفيذ والا حكمت محكمة التنفيذ برفضها ).
 فقد أوجبت   المادة  السابق ذكرها  في حال تقديم الإشكال التنفيذي من غير المدين، اوجبت المادة على المستشكل أن يختصم المدين في السند التنفيذي وجميع الأطراف المذكورة في السند التنفيذي ، فإذا رفع الإشكال دون أن يختصم  المدين أو تلك الأطراف ، فيجب على قاضي التنفيذ أن يكلف المستشكل باختصامه في ميعاد يحدده له. فإذا لم ينفذ ما أمر به القاضي جاز الحكم بعدم قبول الدعوى.

والحكم بعدم قبول المنازعة في هذه الحالة جوازي للقاضي؛ سواء اكان  المستشكل   واحدا أو متعددين. وقد هدف القانون بذلك مواجهة الإشكالات الكيدية المرفوعة من الغير لمجرد عرقلة إجراءات التنفيذ لمصلحة الطرف الملتزم في السند التنفيذي، دون الإشكالات الجدية التي قد يتعذر فيها على المستشكل اختصام الطرف الملتزم في السند التنفيذي امتثالا لأمر المحكمة؛ لسبب خارج عن إرادته، وتقدير ذلك يخضع للسلطة التقديرية لقاضي التنفيذ في ضوء ما يظهر له من ظاهر الأوراق، فلقاضي التنفيذ أن  يقرر  قبول أو عدم قبول الاستشكال.( عبد الباسط جميعي، طرق وإشكالات التنفيذ، صفحة 614).

الوجه السادس: الفصل في الإشكال:

يفصل قاضي التنفيذ في الإشكال بإعتبار الاستشكال من  المسائل المستعجلة، وقد حددت بعض القوانين العربية اوقات الفصل في الاستشكال، فمثلا نصت الفقرة الثالثة من المادة 58 من قانون التنفيذ الأردني على أنه يجب الفصل في منازعة التنفيذ المستعجلة في الجلسة الأولى المحددة لنظرها، أما إذا لم يتم الفصل في الإشكال في الجلسة الأولى لوجود ما يستوجب التأجيل، فقد ترك القانون الأردني الخيار لقاضي التنفيذ وفق ظروف الحالة المعروضة، إما أن يقرر الاستمرار في وقف التنفيذ؛ أو متابعة السير في الإجراءات بكفالة أو بدون كفالة. كما أوجب في جميع الأحوال أن يتم الفصل في المنازعة خلال شهرين على الأكثر من تاريخ رفعها، وذلك حتى لا يلحق الدائن ضرر من وقف التنفيذ ولا يتخذ من الإشكال سببا للمماطلة وعرقلة إجراءات التنفيذ.

ويذهب رأي إلى أن نص القانون الأردني على الوجوب يفيد أن الأمر يتعلق بالنظام العام بحيث يترتب على انقضاء المدة دون الفصل في المنازعة اعتبارها كأن لم تكن. (طرق التنفيذ، رائد عبد الحميد، صفحة 197).

وهناك من يذهب إلى أن نص المشرع على الوجوب يعني أن القاعدة الواردة في النص هي قاعدة آمرة، وكونها كذلك لا يعني أنها تتعلق بالنظام العام، بل هي مقررة للمستشكل ضده، فله أن يتمسك بها ويطلب المثابرة على التنفيذ، أو يتنازل عنها ويستمر في الإشكال حتى يفصل فيه ولو بعد مضي هذه المدة.

ويصدر قاضي التنفيذ في الإشكال حكما وقتيا بوقف التنفيذ أو استمراره بناء على الظاهر من المستندات، وله أن يبحث ادعاءات الخصوم بحثا سطحيا يتحسس به وجه الجد في المنازعة، دون المساس بأصل الحق الموضوعي لطالب التنفيذ أو حقه في التنفيذ. فإذا اقتنع بطلب المستشكل يحكم بالإجراء الوقتي المطلوب ويأمر بوقف التنفيذ، أما إذا وجد أنه لا محل لهذا الإجراء فإنه يرفض الإشكال ويقرر الاستمرار في التنفيذ، وفي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يحكم عليه بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.( منازعات التنفيذ وإشكالاته وطرق الطعن فيها، الأستاذ الدكتور عثمان التكروري، ص9).

الوجه السابع: حجية قرار وقف التنفيذ  واستئنافه:

حجية قرار وقف التنفيذ مؤقتة ومرهونة ببقاء الظروف التي صدر فيها، لذلك يجوز لقاضي التنفيذ أن يصدر قرارا آخر باستمرار التنفيذ إذا جدت ظروف تبرر ذلك؛ أو عرضت على قاضي التنفيذ أسباب لم تعرض عليه عند إصداره القرار الأول.

والحكم الصادر في الإشكال التنفيذي يقبل الطعن فيه بالاستئناف لدى محكمة الاستئناف المختصة، وفي هذا المعنى نصت المادة(501 ) مرافعات على أنه( للخصوم الطعن في الاحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية امام الاستئناف خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الحكم في المنازعة وعلى محكمة الاستئناف الفصل في الطعن خلال عشرة ايام من تاريخ رفعه اليها ويجوز للخصوم الطعن في الاحكام الصادرة من محاكم الاستئناف امام المحكمة العليا وفقا للقواعد العامة))، وميعاد الاستئناف في القانون الأردني هو سبعة أيام، ويسري الميعاد من تاريخ صدور الحكم أو القرار طبقا للأصول المقررة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية. والاستئناف يؤخر التنفيذ إلى أن تبت محكمة الاستئناف فيه، وينظر الاستئناف تدقيقا إلا إذا رأت المحكمة خلاف ذلك. 

 وقد اجاز القانون اليمني  إستئناف القرارات الصادرة في منازعات التنفيذ كافة  وكذلك اجاز القانون الأردني إستئناف تلك القرارات بإستثناء القرار في بعض الحالات ومنها حالة   قصر الحجز على بعض الأموال المحجوزة  حسبما ورد في نص المادة (43/1) من قانون التنفيذ الأردني حيث لا يكون الحكم الصادر في هذه الحالة قابلا للطعن بأي طريق.

الوجه الثامن: الانحراف في  المنازعة التنفيذية الموجب للطعن بالنقض:

تكمن القيمة العلمية للحكم محل تعليقنا أنه واجه الانحراف في قرارات التنفيذ أو سوء التقاضي في إجراءات التقاضي الذي يتم في الواقع العملي في اليمن،  نتيجة قلة الوعي القانوني، إذ يتم  في بعض الحالات تنفيذ سندات لاتتوفر فيها الشروط القانونية للسندات التنفيذية القابلة للتنفيذ ، وفي حالات أخرى يتم تنفيذ السند التنفيذي على أموال ليست ملكا للمنفذ ضده ولم يرد ذكرها في السند التنفيذي، وفي حالات ثالثة يتم إجراء التنفيذ على أشخاص ليس محكوما عليهم، وفي حالات رابعة لايقبل قاضي التنفيذ دعاوى الإستحقاق الفرعية المرفوعة من الغير ، وفي حالات خامسة  تتم إجراءات التنفيذ خلافاً للشى المحكوم به في الحكم سند التنفيذ ، وفي حالات سادسة يتضمن  القرار الصادر في منازعات التنفيذ قضاءا جديدا يعدل أو يخالف أو يمس باصل الحق الذي قضى به الحكم سند التنفيذ.... إلخ ، فالقرار الصادر في منازعة التنفيذ اذا كان قد صدر في حالة من الحالات المشار إليها أو أمثالها، فلا يكون محصنا من الطعن بالنقض، لأن القرار التنفيذي في هذه الحالة مخالف للقانون، فتحصينه من الطعن بالنقض يغل ويعطل  الرقابة القانونية للمحكمة العليا ولذلك كان ينبغي على المقنن اليمني ان يراعي هذه الإعتبارات وهو بصدد صياغة المادة ( 501 ) مرافعات التي منعت الطعن بالنقض في الأحكام الاستئنافية الصادرة في منازعات التنفيذ .

الوجه التاسع: الطعن بالنقض في قرارات  التنفيذ:

 نصت المــادة (501) من قانون المرافعات على أن( للخصوم الطعن في الاحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية امام الاستئناف خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الحكم في المنازعة وعلى محكمة الاستئناف الفصل في الطعن خلال عشرة ايام من تاريخ رفعه اليها ويجوز للخصوم الطعن في الاحكام الصادرة من محاكم الاستئناف امام المحكمة العليا وفقا للقواعد العامة)، وقد كانت هذه المادة نتاج تعديلات (2010) ، ومنذ تعديل المادة (501) عام 2010م ذهب القانون اليمني  إلى عدم جواز الطعن بالنقض في احكام محاكم الإستئناف في منازعات التنفيذ، ولاشك ان الإعتبارات التي جعلت القانون اليمني يذهب إلى هذا المذهب وجيهة وهي الحيلولة دون إطالة إجراءات تنفيذ الأحكام التي كانت تتحول إلى منازعات مماثلة للمنازعات الموضوعية  من حيث إطالة إجراءاتها،وقد اخذ القانون الأردني بذلك وبعض القضاء العربي، ولكن مهما  كان الأمر ومهما كانت الإعتبارات  وجيهة فإنه لا ينبغي التضحية بالقواعد العامة للطعون التي وجدت لغايات وأهداف سامية موجودة أيضاً في الأحكام الصادرة عن محاكم الإستئناف في منازعات تنفيذ الأحكام، فمن أهداف الطعن في الأحكام عامة تلافي أوجه القصور والخطأ والإنحراف في الأحكام بالإضافة إلى الرقابة على الأحكام القضائية فكأن الاحرى بالقانون اليمني ان خصوصية إجراءات التنفيذ في اليمن وكثرة الاخطاء في قرارات التنفيذ ، وعند التأمل نجد أن الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ لا تخلو من هذه المثالب، ومن وجهة نظرنا فإن تحصين هذه الأحكام من الطعن بالنقض مخل بالعدالة، بل أن تحصينها من الطعن بالنقض يغري البعض بالتعسف والإنحراف عند تنفيذ الأحكام من غير تعقيب أو رقيب، علماً بأن قوانين المرافعات في الدول الأخرى بما فيها مصر تقرر قابلية الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ للطعن بالنقض ، فمثلاً قانون المرافعات المصري يحدد سبع حالات لا يجوز الطعن فيها بالنقض وليس من بين هذه الحالات الأحكام الإستئنافية الصادرة في منازعات التنفيذ، ومن وجهة نظرنا أن تعديل المادة (501) مرافعات الذي تم في عام 2010م لم يكن موفقاً ، فكان من الأحرى بالقانون أن يقرر تدابير وإجراءات لمعالجة التقاضي الكيدي وإطالة منازعات التنفيذ بدلاً من تعطيل وسيلة شرعية ودستورية وقانونية وهي الحق في الطعن بالنقض المرتبطة بالحق في التقاضي.

اما قانون التنفيذ الاردني فقد نصت المادة (5) منه على أن (تستأنف الأحكام الصادرة من قاضي التنفيذ إلى محكمة الاستئناف التي تقع في نطاقها دائرة التنفيذ إذا تعلق بالأمور التالية:1-اختصاص دائرة التنفيذ في تنفيذ حكم ما.-2-كون الأموال المحجوزة من الأموال التي يجوز حجزها أو بيعها.-3-حق اشتراك أي شخص آخر في الحجز أو عدم اشتراكه.-4--حق الرجحان بين المحكوم لهم.-5-تأجيل تنفيذ الحكم لسبب ما.-6- ما إذا كان يجوز أو لا يجوز حبس من يتخلف عن دفع المبلغ المحكوم به.-7-أية تسوية يتقدم ببيانها المحكوم عليه لتسديد المبلغ المحكوم به،وتستأنف الأحكام الصادرة من قاضي التنفيذ إلى محكمة الاستئناف التي تقع في نطاقها دائرة التنفيذ ، ويكون ميعاد الطعن بالاستئناف سبعة أيام في الأمور المستعجلة، وخمسة عشر يوما بالنسبة لباقي الأمور ، ويسري الميعاد اعتبارا من تاريخ صدور الحكم أو القرار أو الأمر طبقا للأصول المقررة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية،والاستئناف يؤخر التنفيذ إلى أن تبت محكمة الاستئناف فيه، على أنه إذا كان الاستئناف يتعلق بتأجيل تنفيذ الحكم بالحبس؛ يجب على المستأنف أن يقدم كفيلا يوافق عليه قاضي التنفيذ، ويعتبر الاستئناف بمقتضى هذه المادة من الأمور المستعجلة وينظر فيه تدقيقا إلا إذا رأت المحكمة خلاف ذلك).

وقد أخذ القانون الأردني هذه المادة عن المادة (5) من قانون الإجراء رقم 31 لسنة 1952 الملغى، فحدد الحالات التي يجوز فيها استئناف قرار أو حكم أو أمر قاضي التنفيذ على سبيل الحصر، وحيث إنه لا يجوز القياس على هذه الحالات، فإن أي قرار صادر عن قاضي التنفيذ لم يرد ذكره في هذه المادة لا يقبل الاستئناف. وفي ذلك قضت محكمة التمييز الأردنية بأنه (حددت المادة 5 من قانون الإجراء الحالات التي يكون فيها قرار رئيس التنفيذ قابلا للاستئناف، وعليه يكون قرار محكمة الاستئناف برد الاستئناف شكلا لكون القرار المستأنف برفض طلب وقف صرف الحوالة للمحكوم لها، لا يعد من القرارات التي تقبل الطعن بالاستئناف متفقا مع أحكام القانون).( تمييز حقوق رقم 1544/94 مجلة نقابة المحامين لسنة 1995 صفحة 1993.).

 غير أن هناك فرقا بين النصين من حيث:

مدة الاستئناف، فبينما حددتها الفقرة 2 من المادة 5 إجراء بمدة أسبوع مطلقا، فرق قانون التنفيذ بين ميعاد الطعن في الأمور المستعجلة وجعلها سبعة أيام، وبين الأمور الأخرى وحددها 15 يوما.

نصت الفقرة الثالثة من المادة 5 إجراء على أنه (يعتبر الاستئناف بمقتضى أحكام هذه المادة من الأمور المستعجلة، وينظر فيه تدقيقا إلا إذا رأت المحكمة خلاف ذلك، ويعتبر قرار محكمة الاستئناف نهائيا). بينما لم ينص في الفقرة 6 من المادة 5 من قانون التنفيذ على اعتبار قرار محكمة الاستئناف نهائيا. (11).

نصت الفقرة 4 في قانون الإجراء على أنه (وإذا تخلف الكفيل عن إحضار مكفوله يغرم بدل الكفالة المذكور في السند ويحصل منه بالطريقة التي تنفذ بها الأحكام في دائرة الإجراء)، ولم ينص قانون التنفيذ في الفقرة 5 على ذلك.

وعدم نص المشرع في المادة (5) من قانون التنفيذ على اعتبار قرار محكمة الاستئناف نهائيا، يثير التساؤل حول مدى جواز الطعن في القرار النهائي الصادر عن محكمة الاستئناف فيما يتعلق بطعون التنفيذ؛ بالنقض.

وللإجابة على هذا التساؤل نجد أن المادة (5) المذكورة اعتبرت الاستئناف من الأمور المستعجلة، وأن المادة (110) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 نصت على أنه (يكون القرار الصادر في الطلب المستعجل على ذمة الدعوى الأصلية قابلا للاستئناف). كما نصت المادة 202 منه على أنه (يجوز استئناف الأحكام والقرارات الصادرة في المواد المستعجلة أيا كانت المحكمة التي أصدرتها). ولم يرد نص بأن الحكم الصادر بالفصل في هذا الاستئناف يكون نهائيا أي غير قابل للطعن بالنقض.

وبالرجوع إلى أحكام محكمة النقض الفلسطينية؛ نجد أن محكمة النقض في ظل قانون الإجراء قد قررت أن (قرارات رئيس الإجراء تقبل الطعن بالاستئناف فقط ذلك أن الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من قانون الإجراء رقم 31 لسنة 1952 تقضي بأن القرار الصادر عن محكمة الاستئناف يكون نهائيا).  غير أنها عادت وقررت (إن قرار محكمة الاستئناف في الدعوى الإجرائية وإن كان نهائيا وفق نص المادة 5/3 من قانون الإجراء إلا أن ذلك لا يحول دون الطعن فيه بالنقض إذا كان مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه عملا بأحكام المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية).

ومن قرارات النقض في هذا المجال:

قرار رئيس الإجراء بالحجز على حق المنفعة، وهو بدل خلو العقارين المأجورين المحجوز عليهما يدخل في منطوق المادة 5/3 من قانون الإجراء التي تجيز الطعن في القرار المذكور بالاستئناف. 

قرار رئيس الإجراء القاضي بتأجيل التنفيذ يقبل الطعن بالاستئناف؛ في حين أن القرار الصادر بمتابعة التنفيذ لا يجوز استئنافه عملا بأحكام المادة 5/3 من قانون الإجراء. 

قرار رئيس الإجراء القاضي بحبس المحكوم عليه يقبل الطعن بالاستئناف في حين أن أمر الحبس لا يقبل الطعن بالاستئناف وفق صريح نص المادة 5 من قانون الإجراء. 

عدم معالجة محكمة الاستئناف ما أثير من أن تبليغ الإخطار الإجرائي وقرار الحبس جاء مخالفا لحكم القانون يشكل قصورا في التعليل والتسبيب سيما وأن المادة 22 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رتبت البطلان على عدم الالتزام بإجراءات التبليغ وشروطه. 

عدم معالجة الاستئناف ما أثاره الطاعن من عدم جواز الحجز على بدل حق المنفعة (الخلو) يشكل قصورا يوجب النقض. 

قرار محكمة الاستئناف القاضي بقبول الاستئناف وإلغاء قرار رئيس الإجراء وإعادة الأوراق لمرجعها للمثابرة على التنفيذ، ليس حكما نهائيا فيما قضى به، وبالتالي فهو غير قابل للطعن بالنقض. 

المادة 5 من قانون الإجراء حددت حصرا الأحوال التي يجوز فيها الطعن بالاستئناف في قرارات رئيس الإجراء وليس من ضمنها حالة المثابرة على التنفيذ. 

إن ما توصلت له محكمة الاستئناف من خطأ رئيس الإجراء في تحويل ثمن السيارة المحجوزة إلى المحكوم له في الدعوى الإجرائية لاستيفاء دينه من ثمنها بداعي أن الرهن عليها ممتاز امتيازا خاصا، وأنه كان على رئيس الإجراء أن يوزع ثمنها للدائنين بنسبة ديونهم وإلغاء قرار رئيس الإجراء في هذا الأمر، يشكل فصلا نهائيا بموضوعه وبذلك فهو قابل للطعن وفق نص المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية لسنة 2001 التي أجازت الطعن في القرارات النهائية الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت مبنية على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه. 

إذا كان القرار المطعون فيه قد جاء متضمنا الإبقاء على قرار الحجز فهو مثابرة على التنفيذ وهو من القرارات غير المشمولة بالمادة الخامسة من قانون الإجراء رقم 31 لسنة 1952، ولا يقبل الطعن بالاستئناف. 

ثم عدلت محكمة النقض عن اجتهادها السابق فقررت أنه : لما كان قانون الإجراء قانون خاص يهدف إلى ضمان وصول الحق لا إثباته، الأمر الذي يقتضي تيسير إجراءات وصول الحق بعد أن تقرر ثبوته، وفي ذلك ما يستدعي توفير السرعة والثقة دون عناء أو مشقة مما حمل الشارع أن يجعل من حق المحكوم له أن يطلب من أية دائرة من دوائر الإجراء تنفيذ الحكم، وأن يورد على سبيل الحصر قرارات رئيس الإجراء القابلة للطعن بطريق الاستئناف؛ وأن يقلص الميعاد بمدة أسبوع ؛ وأن يعتبر الاستئناف عند وقوعه من الأمور التي تنظر تدقيقا على وجه السرعة؛ وأن يعتبر قرار محكمة الاستئناف نهائيا، وفي ذلك إفصاح عن إرادة الشارع توجهت إلى عدم إخضاع هذا النوع من القرارات للطعن بطريق النقض. ولا يغير من الأمر شيئا ما نصت عليه المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، إذ أن المقصود بالحكم النهائي في المادة المذكورة هذه المقررة للحقوق سواء كانت كاشفة عنها أو منشئة لها على أن تكون منهية للخصومة برمتها لا تلك القرارات المتعلقة بضمان وصول الحق بعد أن تم إثباته والتي تستوجبها مراحل تنفيذ الحكم لدى دائرة الإجراء كتلك المتعلقة بتأجيل التنفيذ أو قبول التسوية التي يتقدم بها المحكوم عليه لتسديد المبلغ المحكوم به أو غيرها مما نصت عليه المادة 5 من قانون الإجراء. فضلا عن أن المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية تتحدث عن الأحكام في حين أن المادة 5 من قانون الإجراء تتحدث عن القرارات. لذا ولما تم بيانه وعلى ما أفصحت عنه إرادة الشارع وفلسفة التشريع فإن القرار الطعين يغدو والحالة هذه غير قابل للطعن بالنقض حريا بعدم القبول. (23).

وعندما عرضت هذه المسألة على الهيئة العامة لمحكمة النقض قررت في النقض رقم 288/2005 بتاريخ 22/1/2007 أنه (ومن الرجوع لنص المادة الخامسة فقرة 3 من قانون الإجراء رقم 31 لسنة 1952 والذي صدر القرار المطعون فيه وتم الطعن في ذلك القرار في ظله والتي جاء فيها ” يعتبر قرار محكمة الاستئناف نهائيا” وحيث إن قانون الإجراء قانون خاص يتقدم في تطبيقه في القضايا الإجرائية على سائر القوانين وذلك تطبيقا للقاعدة القانونية الراسخة ” الخاص يتقدم على العام” خاصة وأن المشرع الذي هدف من هذا القانون الوصول للحق لا إثباته قد يسر الإجراءات الموصلة لذلك وبسطها بأن جعل من حق المحكوم له أن يطلب من أية دائرة إجراء تنفيذ الحكم وأن يورد على سبيل الحصر قرارات رئيس الإجراء القابلة للطعن بطريق الاستئناف وأن يقلص ميعاده لمدة أسبوع وأن يعتبر قرار محكمة الاستئناف نهائيا يقطع بأن إرادة المشرع قد اتجهت إلى عدم إخضاع قرارات محكمة الاستئناف في هذه القضايا للطعن بطريق النقض.

ولا يغير من الأمر شيئا ما جاء في المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 إذ أن المقصود بالحكم النهائي في هذه المادة الحكم المقرر للحقوق سواء كان كاشفا عنها أو منشئا لها على أن يكون منهيا للخصومة برمتها وليس القرار المتعلق بضمان وصول الحق بعد أن تم إثباته والذي يستوجبه مراحل تنفيذ الحكم لدى دائرة الإجراء كذلك المتعلق بتأجيل التنفيذ أو قبول التسوية التي يتقدم بها المحكوم عليه لتسديد المبلغ المحكوم به أو غيرها مما نصت عليه المادة الخامسة من قانون الإجراء. وفضلا عن ذلك فإن المادة 225 المذكورة تتحدث عن الأحكام في حين أن المادة 5 من قانون الإجراء تتحدث عن القرارات. وبناء على ما تقدم وعلى ضوء استجلاء إرادة المشرع وفلسفة التشريع فإن القرار الطعين يكون غير قابل للطعن بطريق النقض).

وهناك من يرى :أن المقصود بمصطلح نهائي الوارد في المادة 5 من قانون الإجراء رقم 31 لسنة 1952 هو كون القرار غير قابل للطعن بالتمييز (أي بالنقض)، وهو ما قررته محكمة التمييز الأردنية حيث قضت بأنه (يعتبر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالقضايا الإجرائية قرارا نهائيا غير قابل للطعن بطريق التمييز وذلك عملا بأحكام المادة الخامسة من قانون الإجراء رقم 31 لسنة 1952).  وقد استقرت محكمة النقض على عدم جواز الطعن بالنقض في أحكام الاستئناف في قضايا التنفيذ بعد صدور قانون التنفيذ رقم 23 لسنة 2005 دون أن تلتفت إلى اختلاف نص المادة 5 من هذا القانون عن النص السابق الوارد في قانون الإجراء كما بينا، الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في هذا الاجتهاد في ضوء إغفال المشرع النص على اعتبار قرار محكمة الاستئناف نهائيا، أي غير قابل للطعن بالنقض

فالقاعدة العامة في المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية هي أن للخصوم حق الطعن بطريق النقض في الأحكام النهائية الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كان الطعن مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله، والاستثناء هو عدم خضوع الحكم الصادر عن محاكم الاستئناف للطعن بطريق النقض إذا نص المشرع على ذلك صراحة.

لذلك كانت الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف في القضايا الإجرائية (قضايا التنفيذ) لا تقبل الطعن بالتمييز/ النقض للنص على ذلك صراحة في المادة 5 من قانون الإجراء. وقد أبقى المشرع الأردني حكم ذلك في المادة 20/ب من قانون التنفيذ لسنة 2007 بينما أغفل قانون التنفيذ الفلسطيني ذلك في المادة 5 منه، وعدم النص الصريح على عدم قبول حكم الاستئناف في قضايا التنفيذ للطعن بالنقض يعني تطبيق القاعدة العامة وبالتالي جواز ذلك.

ويؤيد ما نذهب إليه أن نص المادة 277 من قانون المرافعات المصري تنص على أنه (تستأنف أحكام قاضي التنفيذ في المنازعات الموضوعية إلى المحكمة الابتدائية إذا زادت قيمة النزاع على ألفي جنيه ولم تجاوز عشرة آلاف جنيه وإلى محكمة الاستئناف إذا زادت على ذلك). ووفق هذا النص فإن أحكام محكمة الاستئناف في مصر تقبل الطعن فيها بالنقض، وأحكام النقض في ذلك عديدة.

كما أن محكمة التمييز الأردنية رغم أنها قضت بأن القرار الصادر عن محكمة الاستئناف في القضايا الإجرائية يعتبر قرارا نهائيا غير قابل للطعن بطريق التمييز عملا بأحكام المادة الخامسة من قانون الإجراء رقم 31 لسنة 1952، إلا أنها قبلت بعض الطعون رغم صدور الحكم المطعون فيه في قضايا إجرائية وأصدرت فيها حكما ومن ذلك:

إن لجوء المحجوز عليه بالتنازل أمام كاتب العدل عن أمواله التي جرى حجزها غير معتبرة لإحاطة الدين بماله وقت التنازل.(25).

إن تبليغ الإخبار الإجرائي للمحكوم عليه لا يعد تبليغا قانونيا للحكم الغيابي ولا تبدأ مدة استئناف الحكم من تاريخ هذا التبليغ، لأن التبليغ الإجرائي هو طلب من دائرة الإجراء إلى المحكوم عليه لتنفيذ الحكم برضاه وهو عمل من أعمال التنفيذ ولا يشتمل على أسباب الحكم ولا يعد بالتالي تبليغا صحيحا. (26).

إن قبول محكمة الاستئناف انسحاب المزاود الأخير (المميز ضده) واعتباره كأن لم يكن، واعتبار المزاود السابق له (المميز) هو المزاود الأخير دون مراعاة أحكام المادة 103 من القانون المدني مخالف للقانون والأصول. وكان يتوجب اعتبار عرض المميز ساقطا بعرض يزيد عليه وإحالة المزاودة على المميز ضده لأنه تقدم بعطاء ويعتبر عطاؤه إيجابا ملزما له وأن العطاء اللاحق يسقط العطاء السابق، وعليه فيتوجب إحالة المزاودة على المميز ضده فإذا أصر على الاستنكاف يوضع العقار في المزاودة لمدة خمسة عشر يوما وتجري إحالته على المزاود الأخير ويضمن المستنكف (المميز ضده) الفرق بين البلدين.

إن قبول المميزة الأشياء المحجوزة وديعة تحت يدها مع عدم تحفظها عند التوقيع على ضبط الحجز وعدم ادعائها بملكية الأشياء المحجوزة عند الحجز والتي كفلت الحفاظ عليها، يمنعها من الادعاء بملكية المحجوزات فيما بعد للتناقض.(28).

لدائرة الإجراء التابعة لمحكمة البداية التي يوجد في دائرة قضائها المال غير المنقول أمر المزايدة عليه، وإن كانت دائرة الإجراء التي أوقعت الحجز غير تلك الدائرة فيترتب عليها أن تنيب دائرة الإجراء التي يوجد فيها المال غير المنقول وتكمل دائرة الإجراء المنابة معاملة المزايدة.

إن المفهوم المخالف لنص المادة 99/2 من قانون الإجراء يجيز الادعاء بفسخ البيع أو الفراغ خلال سنة من معاملة بيع أو فراغ أموال غير منقولة تمت وفق المزايدة المنصوص عليها في قانون الإجراء إذا وقعت أخطاء شكلية في المعاملات الإجرائية، وبناء على ذلك فيعتبر بيع العقار الواقع في دائرة اختصاص محكمة صلح الأغوار الشمالية من قبل دائرة إجراء إربد من الأخطاء الشكلية التي تبطل البيع. (29).

إن دائرة الإجراء من دوائر القضاء التنفيذية فهي مقيدة بالأصول المدنية فيما يتعلق بالتبليغات وصحتها؛ وببطلانها يبطل ما ينتج عنها من آثار، وعليه وبما أن صك تبليغ الإنذار النهائي جاء خاليا من التاريخ والساعة يضاف لذلك أن التوقيع عليه ليس من المخاطب كما ثبت من تقرير الخبرة؛ وبالتالي يكون القرار بإحالة إجراءات المزايدة من مرحلة التبليغ النهائي وفسخ البيع وقرار الإحالة القطعية على المزاود الأخير متفقا مع أحكام القانون.

ومن ناحية أخرى، وعلى فرض أن أحكام محكمة الاستئناف في قضايا التنفيذ غير قابلة للطعن بالنقض وفق المادة 225 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية كما ذهبت إليه الهيئة العامة لمحكمة النقض. فإن ذلك لا يحول دون تطبيق نص المادة 226 من القانون المذكور التي نصت على أنه (يجوز للخصوم أن يطعنوا بطريق النقض في أي حكم نهائي في الأحوال الاتية:

إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.

إذا تناقض الحكم المطعون فيه مع حكم سابق حاز قوة الأمر المقضي فيه وصدر بين الخصوم أنفسهم وبذات النزاع.) .(منازعات التنفيذ وإشكالاته وطرق الطعن فيها، الأستاذ الدكتور عثمان التكروري، ص11). ومن خلال ماتقدم يظهر بجلاء تام  ان الحكم محل تعليقنا يوافق ماتوصل اليه  القضاء العربي بشأن جواز الطعن بالنقض بالحكم الاستئنافي الصادر في المنازعة التنفيذية إذا كان قد خالف القانون وانحرف عن إجراءات التنفيذ المقررة قانوناً، والله اعلم.