لا يجوز الطعن في الحكم بوقف قرار فصل العامل
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
عندما يقوم
صاحب العمل بفصل العامل يلجأ
العامل إلى القضاء، فإذا قرر القضاء وقف
قرار فصل العامل حتى يتم الفصل في النزاع بين العامل وصاحب العمل، فلايجوز لصاحب العمل الطعن في قرار المحكمة بوقف إجراءات
فصل العامل، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها
المنعقدة بتاريخ 13-12-2017م في الطعن رقم (59668)، الذي ورد ضمن أسبابه:
((والدائرة تجد أن نعي الشركة الطاعنة في غير محله بشأن قابليته قرار اللجنة
التحكيمية العمالية بوقف قرارات الفصل للعمال قابليته للطعن فيه، فقد وجدت الدائرة ان الحكم الاستئنافي قد ناقش
هذه المسألة في حيثياته، فقد رد الحكم الاستئنافي على ما اثارته الشركة الطاعنة في
مواجهة دفع نقابة العمال بعدم قبول قرار اللجنة التحكيمية للاستئناف طبقاً للمادة
(135) فقرة (ب) من قانون العمل، وتلك الأسباب الواردة في الحكم الاستئنافي سائغة))،
وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه
الأول: الحكم أو القرار بوقف فصل العامل وفقاً
لما ورد في قانون العمل:
قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز الطعن في قرار
اللجنة التحكيمية بوقف قرار فصل العامل، وسند الحكم محل تعليقنا في ذلك هو المادة
(135) من قانون العمل التي نصت على أنه (1- مع مراعاة قانون التحكيم تكون قرارات
اللجان التحكيمية نهائية وغير قابلة للطعن في الدعاوى الآتية: -ب- الدعاوى
المتعلقة بوقف قرارات الفصل عن العمل)، فهذا النص ما زال نافذاً بعد صدور حكم
الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في اليمن بتاريخ 17-2-2021م الذي قضى بعدم
دستورية المواد (131 و132 و133 و136) من قانون العمل، وهذا يعني أن حكم الدائرة
الدستورية لم يشمل المادة (135)، وبناء على ذلك لا زالت هذه المادة سارية ونافذة
المفعول، ومقتضى ذلك أن القرار الصادر من المحكمة العمالية أو من المحاكم الأخرى بوقف قرار فصل العامل يكون نهائياً وغير قابل
للاستئناف أو الطعن فيه
الوجه الثاني: منع صاحب العمل من فصل العامل عند نظر الخلاف بين الطرفين :
منع قانون العمل صاحب العمل من فصل العامل عند
النظر في النزاع الناشب بينه وبين العامل، وفي هذا المعنى نصت المادة (37) من
قانون العمل على أنه (لا يجوز لصاحب العمل ان ينهي العقد في الحالات الآتية: -2-
عند النظر في النزاع القائم بينه وبين العامل على الا تتجاوز مدة النظر في النزاع
أربعة أشهر مالم يرتكب العامل مخالفة أخرى تستدعي الفصل)، فإذا حدث خلاف بين صاحب
العمل والعامل، ففي هذه الحالة لايحق لصاحب العمل ان يقرر فصل العامل حسبما ورد في
النص السابق، فإذا لم يحترم صاحب العمل هذا النص فقرر فصل العامل اثناء نظر الخلاف
بين الطرفين، فعندئذ يستطيع العامل ان يطلب من القاضي المختص ان يصدر قرارا بوقف
قرار صاحب العمل بفصل العامل، فإذا أصدر
القاضي قراره بوقف قرار الفصل فإن هذا القرار يكون نهائيا، فلايجوز لصاحب العمل
استئنافه اوالطعن فيه، ومنع صاحب العمل من فصل العامل اثناء نظر الخلاف بينهما محدد
بمدة أربعة أشهر، حسبما ورد في النص السابق الذي اشترط لذلك ان لاتزيد مدة الخلاف
عن أربعة أشهر، وهذا يعني أنه يجوز لصاحب العمل ان يقرر فصل العامل إذا زادت مدة
نظر الخلاف بين العامل وصاحب العمل عن مدة أربعة أشهر.
وقد صرحت المادة ( 37 ) عمل بمنع صاحب العمل من
فصل العامل إذا كان الخلاف بينهما( منظورا ) وهذا يعني أن الحظر على صاحب العمل من
فصل العامل يقتصر على حالة اذا كان الخلاف بين الطرفين منظورا لدى وزارة العمل أو
محكم أو محكمة، اي أنه يجب أن يكون هذا الخلاف منظورا أمام محكم أو إدارة منازعات
العمل بوزارة العمل أو لدى المحكمة المختصة، اما إذا يكن هذا الخلاف منظورا لدى
أية جهة فلاتثريب على صاحب العمل إن فصل العامل، و علة منع صاحب العمل من فصل العامل اثناء نظر النزاع
بينهما هي منع صاحب العمل من إستباق نتيجة النظر في الخلاف بين الطرفين( الحكم أو
الصلح ).
الوجه الثالث :ماهية وطبيعة القرار بوقف قرار صاحب العمل بفصل العامل :
سبق القول بأن قانون العمل قد منع صاحب العمل من فصل العامل عند النظر في الخلاف بينهما اذا كان الخلاف منظورا لدى محكم أو
وزارة العمل أو المحكمة المختصة، فإذا اقدم صاحب العمل على فصل العامل عند نظر
الخلاف، ففي هذه الحالة يحق العامل ان
يطلب من المحكمة المختصة إصدار قرارها بوقف قرار صاحب العمل بفصل العامل، فإذا أصدرت
المحكمة قرارها بوقف قرار صاحب العمل بفصل العامل، فإن قرار المحكمة في الشأن يكون
نهائياً لايجوز إستئنافه أو الطعن فيه إستناداً إلى المادة (135) من قانون العمل
التي نصت على أنه (1- مع مراعاة قانون التحكيم تكون قرارات اللجان التحكيمية
نهائية وغير قابلة للطعن في الدعاوى الآتية: -ب- الدعاوى المتعلقة بوقف قرارات
الفصل عن العمل)، فمن خلال مطالعة النصين السابقين( 37و 135من قانون العمل )، يظهر
أن القرار الصادر من المحكمة بوقف قرار فصل العامل هو عبارة عن قرار وقتي يستمر حتى
تنتهي المحكمة من الفصل في الحكم بحكم موضوعي ينهي النزاع، فهذا القرار وقتي ينتهي
اثره بصدور حكم ينهي موضوع النزاع فيما بين العامل وصاحب العمل، فيصبح الحكم
الصادر في الدعوى الموضوعية وحده هو الواجب التنفيذ، وعلى هذا الأساس لا يترتب على
الحكم الصادر بوقف تنفيذ قرار الفصل إعادة العامل إلى العمل، فكل ما يترتب على
قرار وقف فصل العامل هو إلزام صاحب العمل بأن يدفع إلى العامل المفصول ما يعادل
أجره، اي إستمرار صرف أجر العامل في فترة نظر النزاع، وعلى المحكمة أن تخصم أو
تستقطع ما يكون العامل قد حصل عليه تنفيذاً لقرار وقف تنفيذ قرار الفصل، وذلك من
التعويض الذي تقضي له به موضوعاً أو من سائر حقوقه الأخرى. (الاجتهادات القضائية
في قضايا العمل، محمد الفيصلي ، ص112).
الوجه الرابع : قرار وقف قرار فصل العامل غير منه للنزاع ولذلك لا يجوز الطعن فيه إستقلالاً:
قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز الطعن في القرار الذي تصدره المحكمة بوقف قرار فصل العامل، لأن هذا القرار وقتي ينتهي اثره بصدور الحكم المنهي للخصومة القائمة بين العامل وصاحب العمل، ولذلك لا يجوز إستئناف ذلك القرار إستقلالاً إلا عند صدور الحكم المنهي للنزاع، فيتم الطعن فيه في سياق الطعن في الحكم المنهي للنزاع إذا كان القرار مخالفا للقانون، والله اعلم.