قرار النيابة بانقضاء الدعوى الجزائية غير ملزم للمحكمة

قرار النيابة بانقضاء الدعوى الجزائية غير ملزم للمحكمة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

قضى الحكم محل تعليقنا بأن قرار النيابة العامة بأن لأوجه لإقامة الدعوى لانقضاء الدعوى الجزائية لوفاة المتهم  لا يكون ملزما للمحكمة عند الطعن فيه أمام المحكمة، فللمحكمة الأخذ بما توصلت إليه النيابة كما أن لها أن لا تأخذ بذلك، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-4-2013م في الطعن رقم (46894)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما قول الطاعنين بأن الحكم المطعون فيه قد اخطأ في إسناد الفعل، لأن النيابة كانت قد توصلت من خلال تحقيقاتها إلى أن الفعل كان مسنداً إلى المتوفى...  فقررت النيابة بأن لأوجه لإقامة الدعوى لانقضائها ، : والدائرة تجد أن ما ورد في قرار النيابة رأي من قبل النيابة، والقول الفصل في ذلك لمحكمة الموضوع، فرأي النيابة غير ملزم لمحكمة الموضوع فلها أن تأخذ به أو لا تأخذ به))، وسيكون  تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: قرار النيابة العامة بإنقضاء الدعوى الجزائية:

حدد قانون الإجراءات الجزائية حالات إنقضاء الدعوى الجزائية حسبما هو مقرر في المادة (36) إجراءات، و حدد حالتي عدم سماع الدعوى الجزائية بمضي المدة حسبما هو مقرر في المادة (37) إجراءات، وحدد القانون ذاته مدة عدم سماع الدعوى الجزائية في الجرائم الجسيمة بمضي عشر سنوات وغير الجسيمة بمضي ثلاث سنوات على التفصيل المبين في المادة (38) إجراءات، ونصت المادة (42) إجراءات على عدم جواز قيام النيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية عند وفاة المتهم أو عند إنقضاء الدعوى بالتقادم، ولذلك يتعذر على النيابة تحريك الدعوى الجزائية في حالات إنقضاء الدعوى الجزائية أو عدم سماعها، ولذلك حدد قانون الإجراءات كيفية تصرف النيابة في القضية في هذه الحالة وفقاً لما هو مقرر في المواد (من 217 إلى 223) حيث تقوم النيابة بإصدار قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية لإنقضاء الدعوى لوفاة المتهم أو لعدم سماعها، مثلما حدث في القضية التي اشار إليها الحكم محل تعليقنا، وبالطبع لا تقوم النيابة بإصدار هذا القرار إلا في ضوء نتائج التحريات ومحاضر جمع الإستدلالات وإجراءات التحقيق التي باشرتها النيابة، إذ تخلص النيابة من خلال ذلك إلى إصدار القرار المشار إليه، غير أن قرار النيابة العامة في هذا الشأن يظل مسألة إجتهادية ومظهر من مظاهر السلطة التقديرية  للنيابة العامة في ضوء مطالعة النيابة لنتائج التحري والتحقيق،، وما دام أن ما ورد في قرار النيابة العامة المسبب بإنقضاء الدعوى هو إجتهاد وسلطة تقديرية في النظر إلى الأدلة من قبل النيابة، فأنه يكون عرضة للخطأ في التقدير والنظر، ولذلك اجاز قانون الإجراءات الطعن في قرار النيابة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية لإنقضائها بوفاة المتهم أو عدم سماعها لمضي المدة المقررة قانوناً.

الوجه الثاني: الطعن في قرار النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية لإنقضائها:

اجاز قانون الإجراءات الطعن في قرار النيابة العامة أمام محكمة الاستئناف، وحدد القانون إجراءات ذلك الطعن في المواد (224 و227 و228 و230) إجراءات، وبموجب ذلك فإن محكمة الاستئناف تقوم ببحث القضية في ضوء أسباب الاستئناف وفي ضوء أسباب قرار النيابة المطعون فيه وفي ضوء الأدلة ومحاضر الإستدلال والتحقيق وأوراق القضية، وتقوم محكمة الاستئناف بإعمال وتطبيق النصوص القانونية الناظمة لإنقضاء الدعوى الجزائية والتحقق من سلامة قرار النيابة العامة ومطابقته لنصوص القانون والأدلة ومحاضر الإستدلال والتحقيق،  وكذا تستمع المحكمة في غرفة المداولة لرأي النيابة وأقوال المتهم، وفي ضوء ذلك تفصل محكمة الاستئناف في الطعن على وجه الإستعجال في غرفة المداولة ، ومن خلال ذلك فقد تتوصل المحكمة إلى وجاهة الرأي الذي توصلت إليه النيابة فتاخذ به المحكمة، كما ان المحكمة قد  تتوصل إلى عدم وجاهة ماورد في قرار النيابة فتطرحه المحكمة ، لأن المحكمة طليقة في هذا الشأن، فليست مقيدة بما توصلت إليه النيابة في قرارها حسبما قضى به الحكم محل تعليقنا، والله اعلم .