معنى القول بأن المستأنف لم يأت بجديد

 

معنى القول بأن المستأنف لم يأت بجديد

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

ورود عبارة (لم يأت المستأنف بجديد) في أسباب الحكم الاستئنافي لا يكون رايا ولا إفصاحاً عن قناعة الشعبة في القضية، فاذا وردت تلك العبارة في أسباب الحكم فأنها لاتكون قادحة في الحكم الاستئنافي ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20-8-2014م في الطعن رقم (55191)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فما نعاه الطاعن في غير محله، ذلك ان قول الشعبة: ان الطاعن لم يأت بجديد لا يعد رأياً من الشعبة، لأنه كان بإمكان الطاعن أن يقدم أي جديد أمامها وستعمل الشعبة بمقتضاه)) ، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية القول: أن المستأنف لم يأت بجديد:

محكمة الاستئناف محكمة موضوع وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية وقانون المرافعات، فيجوز للمستأنف أن يقدم أمامها أدلة جديدة، كما يحق له أن يقدم أوجه إستدلال جديدة بالأدلة التي سبق له عرضها أمام محكمة أول درجة، ويحق له أيضاً أن يثير أمام محكمة الاستئناف أوجه دفاع جديدة حتى يكون الاستئناف منتجاً يترتب عليه تغيير وجهة الحكم الاستئنافي عما قضى به الحكم الابتدائي المطعون فيه بالاستئناف ، فذلك هو الجديد الذي ينبغي على المستأنف ان يقدمه أمام محكمة الاستئناف حتى تتغير وجهة حكمها في القضية عما قضى به الحكم الابتدائي المطعون فيه بالاستئناف ، اما إذا لم يقدم المستأنف أي جديد، وكان الحكم الابتدائي موافقاً للقانون وللواقع وأوراق القضية فإن وجهة محكمة الاستئناف في حكمها لن تتغير عما قضى به الحكم الابتدائي، ومن خلال ما تقدم يظهر المقصود بالقول: لم يأت المستأنف بأي جديد.

الوجه الثاني: تضمين الحكم الاستئنافي عبارة (لم يأت المستأنف بجديد) لا يكون رأياً أو إفصاحاً بل إخبار بحال الاستئناف المقدم من المستأنف:

ورود عبارة (لم يأت المستأنف بجديد) في أسباب الحكم الاستئنافي لا يكون رأياً شخصياً للشعبة بل هو نتيجة مطالعة الشعبة لأوراق القضية ودراستها والتحقق مما ورد فيها، إذ تخلص الشعبة في أسباب حكمها إلى القول: أن المستأنف لم يأت بجديد، وعلى هذا الأساس فإن ورود هذه العبارة ضمن أسباب الحكم الاستئنافي يكون نتيجة لدراسة الشعبة لأوراق القضية وثبوت أن المستأنف لم يأت بجديد، فذلك إخبار بحال الاستئناف الذي نظرته الشعبة، فلو تضمن الاستئناف جديد لا اوردته الشعبة  في أسباب حكمها وناقشته، ولذلك فإن ذكر عبارة (لم يأت المستأنف بجديد) إخبار عن حال الاستئناف الذي ناقشته الشعبة الاستئنافية في حكمها، فضلاً عن ان ذكر تلك العبارة ضمن أسباب الحكم الاستئنافي لا يكون إفصاحاً من الشعبة عما ستحكم به لاحقا ، لأن تلك العبارة قد وردت ضمن أسباب الحكم أي في الحكم ذاته وليس قبل الحكم.

الوجه الثالث: متى يكون القول (لم يأت المستأنف بجديد) محظوراً؟:

يكون هذا القول محظورا إذا أوردته الشعبة الاستئنافية اثناء سير إجراءات المحاكمة، لأن ذلك يكون تلقيناً وتعليماً للمستأنف وحض له على تقديم أدلة ووجوه جديدة ، كما يكون ذلك إفصاحاً عن عقيدة الشعبة بأنها ستقضي بتأييد الحكم الابتدائي وعدم التعويل عما ورد في الاستئناف الذي لم يأت بجديد، والله اعلم .