مصادرة سلاح الغير المستعمل في الجريمة

مصادرة سلاح الغير المستعمل في الجريمة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

مصادرة السلاح المستعمل في الجريمة عقوبة جوازية لها اهدافها في السياسة العقابية للحيلولة دون إستعمال السلاح في جرائم أخرى ، غير أن السلاح المستعمل في الجريمة قد يكون مملوكاً لغير الجاني الذي استعمله، ولاريب أنه يكون لحسن نية مالك  السلاح أو سوء نيته إعتبار في الحكم بمصادرة السلاح في هذه الحالة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 17-11-2013م في الطعن رقم (46721)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والبين من الإطلاع على أسباب حكم الاستئناف محل الطعن أنه قد بنى قضاءه بمصادرة سلاح الطاعن على أن  المدانين قد استخدما سلاحيهما كل منهما ضد الآخر وقصدا  الشر مما يوجب المصادرة وفقاً لنص المادة (103) عقوبات ولو لم يكن السلاح مملوكاً لمن استعمله ، وبما أن المادة السابق ذكرها قد نصت على أنه (يجو للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تحكم بمصادرة الاشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة أو استعملت في إرتكباها...إلخ، ولما كانت النيابة قد طلبت مصادرة السلاح الذي استعمله الطاعن وهو الآلي المستخدم في واقعة الشروع في القتل المتهم بها الطاعن والطرف الآخر وفقاً لقرار الإتهام، لذلك فإن الحكم الاستئنافي بمصادرة سلاح الطاعن لا يكون قد خالف القانون أو اخطأ في تطبيقه، مما يتعين رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية الاستعمال للسلاح في إرتكاب الجريمة الذي يجيز مصادرة السلاح :

المقصود بإستعمال السلاح في الجريمة هو الإستعمال المباشر في الجريمة المسندة للمتهم، مثل إستعمال  الأسلحة النارية والالات الحادة  والمثقلة في جريمة القتل أو الشروع فيها، لأن فعل القتل أو الشروع فيه يقع بهذه الوسائل ، وتبعاً لذلك فإن عقوبة المصادرة تقتصر على  الأسلحة المستعملة مباشرة في تحقيق فعل القتل أو الشروع فيه، فتجوز مصادرة البندقية التي اطلق الجاني منها النار في الجريمة، بيد أنه لاتجوز مصادرة جنبية الجاني ( الخنجر ) طالما أنه لم يستعملها في الجريمة ، وعلى هذا الأساس لاتصادر سيارة المتهم التي استعملها للإنتقال إلى مسرح الجريمة، لأن النص القانوني الذي اجاز عقوبة المصادرة قد قصر المصادرة على السلاح المستعمل فعلا ومباشرة  في إرتكاب الجريمة أي فعل القتل، وعلى هذا الأساس ينبغي النظر إلى الفعل المكون للجريمة عند الحكم بمصادرة وسيلة إرتكاب الجريمة، مثلاً في جريمة حيازة المخدرات تصادر السيارة التي يتم ضبط المخدرات فيها لأن السيارة وسيلة حيازة المخدرات اي ان السيارة هي وسيلة إرتكاب الجريمة .

الوجه الثاني: عقوبة مصادرة السلاح عقوبة تكميلية:

صرحت المادة (100) عقوبات على أن: مصادرة السلاح المستعمل في إرتكاب الجريمة يعد من عداد العقوبات التكميلية، فقد نصت المادة (100) عقوبات على أن (العقوبة التكميلية عقوبة تكمل العقوبة الأصلية، وتتوقف على نطق القاضي بها ولا يجوز تنفيذها على المحكوم عليه اذا لم ينص عليها الحكم، والعقوبات التكميلية هي الحرمان من كل او بعض الحقوق المنصوص عليها في المادة التالية والوضع تحت المراقبة والمصادرة فضلا عن العقوبات التكميلية التي ينص عليها القانون لجرائم معينة )، فقد صرح هذا النص على أن عقوبة مصادرة السلاح المستعمل في الجريمة لا يتم توقيعها إلا إذا تم النطق بها والنص عليها في منطوق الحكم حسبما ورد في النص السابق.

الوجه الثالث: مصادرة السلاح المستعمل في الجريمة ولو كان مملوكاً للغير إذا لم يكن الغير حسن النية:

اشترط القانون عند توقيع عقوبة مصادرة السلاح المستعمل في الجريمة  اشترط مراعاة حقوق الغير حسن النية اي مالك السلاح، فإذا كان الغير مالك السلاح حسن النية، فلا تجوز مصادرة السلاح المملوك له ولو استعمل في إرتكاب الجريمة طالما ان مالك السلاح لا يعلم بأن الجاني سوف يستعمل سلاحه في إرتكاب الجريمة، كما لو أن الجاني كان قد سرق السلاح من مالكه أو أخذه من غير علم مالكه أو كان مالك السلاح قد سلم الجاني السلاح بقصد رهنه أو غير ذلك، أما إذا كان مالك السلاح قد سلم السلاح للجاني وهو يعلم بأنه سوف يستعمله في الجريمة، فيجوز للمحكمة النطق بمصادرة السلاح في هذه الحالة، بل أن مالك السلاح في هذه الحالة يعد شريكاً للجاني حسبما هو مقرر في المادة (23) عقوبات التي عرفت  الشريك بأنه: من يقدم مساعدة للفاعل سابقة أو لاحقة لارتكاب الجريمة ، فيندرج ضمن هذا المفهوم تقديم السلاح إلى المتهم لإستعماله في الجريمة لاحقاً،(النظرية العامة للعقوبة، د. محمود نجيب حسني. ص154)،  وقد أشارت إلى تأثير حسن نية مالك السلاح المستعمل في الجريمة المادة (103)  عقوبات التي نصت على أنه (يجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي كانت معدة لاستعمالها فيها ويجب الأمر بمصادرة الأشياء المضبوطة التي يعد صنعها أو حيازتها أو إحرازها أو استعمالها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاتها ولو لم تكن مملوكة للمتهم أو لم يحكم بإدانته وفي الحالتين تراعى المحكمة حقوق الغير حسن النية وقد استند الحكم محل تعليقنا بأن في قضائه إلى هذه المادة، والله اعلم .