خروج منطوق الحكم عن طلبات الخصوم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
الحكم
فصل في طلبات الخصوم المقدمة أمام المحكمة ، ولذلك اوجبت المادة( 221) مرافعات على
المحكمة ان تفصل في كل طلبات الخصوم
المقدمة امامها، وبناء على ذلك يجب أن تظهر في فقرات منطوق الحكم الطلبات التي فصل فيها الحكم، فلا
يجوز ان يخرج ان يخرج الحكم عن طلبات الخصوم المقدمة أمام المحكمة – اي يجب أن
لايتضمن منطوق الحكم قضاءا يخرج عن طلبات الخصوم - وإلا فإن الحكم يكون باطلاً
لقضائه بما لم يطلبه الخصوم، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة
العليا بتاريخ 14-1-2013م في الطعن رقم (49803) الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان ما
قضى به الحكم المطعون فيه في منطوقه قد جاء بالمخالفة للدعوى المرفوعة من المدعين
والطلبات الواردة فيها، وحيث ان الدعوى أساس الحكم فإن قضاء الحكم المطعون فيه
يكون خروجاً عنها مما يجعله معيباً
بالبطلان مما يستوجب نقضه لورود الطعن عليه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما
هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ماهية خروج الحكم عن طلبات الخصوم :
بينت المادة (221) مرافعات ماهية خروج الحكم عن
طلبات الخصوم، فقد نصت هذه المادة على أنه
(يجب على المحكمة ان تحكم في كل طلب أو دفع قدم إليها وفقاً للقانون، ولا يجوز لها
أن تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو لمن يكن طرفاً في الخصومة أو عليه)، فمن خلال
إستقراء هذا النص يظهر أن خروج الحكم عن طلبات الخصوم يتحقق في حالتين، الأولى:
عندما يقضي الحكم في منطوقه بما لم يطلبه الخصوم، والحالة الثانية: عندما يقضي
الحكم على من لم يكن طرفاً أو خصماً في القضية التي فصل فيها الحكم، وخروج الحكم
عن طلبات الخصوم مضر بالعدل والعدالة، فذلك يعني أن القاضي قد حكم بمجرد هواه
الشخصي من غير طلب من أحد الخصوم، فذلك يخل بمبدأ حياد القاضي، وهو من المبادئ
الحاكمة للتقاضي حسبما هو مقرر في المادة (21) مرافعات،
الوجه الثاني: نطاق الدعوى ونطاق القضية:
يتحدد
نطاق الدعوى في طلبات المدعي فيها، وقد يقوم المدعي نفسه بتقديم طلبات إضافية، وفي
مواجهة الدعوى الأصلية قد يقدم المدعى عليه طلبات مقابلة، وكذا قد يتدخل الغير كما
قد تقوم المحكمة بإدخال الغير فيتقدم
المتدخلون والمدخلون بطلباتهم أمام المحكمة، ومن جانب آخر قد
يقوم بعض هؤلاء الخصوم بتقديم دفوع، وقانون المرافعات يعرف الدفع: بأنه دعوى، وعلى
هذا الأساس يتحدد نطاق القضية المنظورة أمام المحكمة التي يجب عليها الفصل في تلك الطلبات
في فقرات حكمها، وعندئذ يكون الحكم مطابقاً للدعوى اي أن الحكم قد فصل في طلبات الخصوم دون زيادة
ونقصان في الطلبات بحسب تعبير الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثالث: ملخص القضية المذكور في بداية أسباب الحكم ضمانة من ضمانات الفصل في الطلبات المثارة في القضية:
القصد من ملخص القضية الذي تستهل به أسباب الحكم
هو عرض القاضي للطلبات المقدمة من الخصوم كل طلب مع أدلته على حدة القصد من ذلك هو
التأكيد على ان القاضي قد احاط وفهم كافة
تفاصيل القضية من خلال مطالعته لكافة أوراق القضية، وكذا القصد من هذا العرض هو
التدليل على أن الحكم لم يغفل ايا من طلبات الخصوم، كما ان الغرض من هذا العرض
الملخص التأكيد على أن الحكم لم يخرج عن طلبات الخصوم المقدمة أمام المحكمة
المصدرة للحكم، وأهم مقصود من عرض طلبات الخصوم في الملخص هو التأكيد على أن الحكم
لم يخرج عن طلبات الخصوم وان منطوق الحكم قد تضمن الفصل في كافة طلبات الخصوم وان
منطوق الحكم لم يتضمن قضاءً بما لم يطلبه الخصوم (تسبيب الأحكام واعمال القضاة في
المواد المدنية والتجارية، د.عزمي عبدالفتاح، ص146)، وقد سبق لنا أن عرضنا الفروق
الكثيرة بين( محصل القضية ) المتضمن سير إجراءات المحاكمة وبين( الملخص ) الذي
يستهل به القاضي تسبيبه للحكم، وذلك في تعليق سابق .
الوجه الرابع: الإرشادات والتوصيات الواردة في منطوق الحكم لا تكون خروجاً عن طلبات القضية:
اثناء دراسة القاضي لطلبات الخصوم وأدلتهم
والنصوص القانونية الواجبة التطبيق عليها وشروح الفقه الشرعي والقانوني يستشرف
القاضي الحصيف مثالب وعيوب النصوص القانونية واثناء ذلك أيضاً تظهر للقاضي أساليب
وطرق الخصوم في التقاضي، فيجد القاضي في ذلك مناسبة لتقديم توصياته بتعديل النصوص
وإرشاداته لضمان سلامة إجراءات التقاضي مستقبلا بل إرشاد الخصم إلى الطريق
القانوني الصحيح كأن يتضمن منطوق الحكم
عبارة :فطريق المدعي تقديم دعوى مبتداة ، وعلى هذا الأساس فإن تضمين منطوق الحكم
بعض التوصيات أو الإرشادات لا يكون تلقيناً للخصوم، كما أنه لا يعد خروجاً عن
طلبات الخصوم، فقد كانت أسباب الأحكام تشير إلى عيوب النصوص القانونية، فكان
القضاء هو المساهم الفاعل في تطوير القانون (القانون المقارن، استاذنا المرحوم
الدكتور جميل الشرقاوي، ص91، والله اعلم .