شراء المنقولات لتأجيرها عمل تجاري
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
شراء
المنقولات بقصد تأجيرها للغير والحصول على أجرها يعد عملاً تجارياً وفقاً للمادة
(9) من القانون التجاري، وتبعاً لذلك فإن هذا العمل يخضع لإختصاص القضاء التجاري،
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 12-3-2013م في الطعن رقم (47888)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فإن مناعي الطاعن
غير مؤثرة في سلامة الحكم المطعون فيه الذي لم يفصل في الموضوع وانصب حكمه على
الفصل في الدفع بعدم الإختصاص النوعي كون الخصومة في طبيعتها تجارية، يمتنع على
المحكمة نظرها لتعلق ذلك بالنظام العام الذي يخول للمحكمة حق التصدي وإثارته من
تلقاء نفسها، وهو ما فعلته الشعبة وقضت به من إنعقاد الإختصاص للمحكمة التجارية،
لأن شراء الكمبريشن بقصد تأجيره من الأعمال التجارية، وفقاً للمادة (9) تجاري التي
نصت على أنه " يعد من الأعمال التجارية شراء السلع والمنقولات وغيرها بقصد
تأجيرها واستئجارها "، ولذلك فإن ما قضت به الشعبة بإختصاص المحكمة التجارية
قضاءً موافق للقانون، ولذلك فلا جدوى من الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: السند القانوني للحكم بأن شراء المنقولات لتأجيرها عمل تجاري:
أستند
الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى الفقرة (2) من المادة (9) تجاري التي نصت على أنه
(تعد بوجه خاص الأعمال الآتية أعمالاً تجارية: -2- شراء السلع وغيرها من المنقولات
المادية وغير المادية بقصد تأجيرها أو استئجارها لغرض تأجيرها من الباطن)، فهذا
النص صريح في أن شراء المنقولات بقصد تأجيرها للغير عملاً تجارياً، وإستناداً إلى
هذا النص، فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن شراء الطاعن لكمبريشن بغرض تأجيره للغير
لتكسير الحجارة والحصول على أجر من ذلك عمل تجاري، تختص المحكمة التجارية بنظر
النزاع بشأن شراء الكمبريشن، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا. (الأعمال التجارية، د.
خالد ياسين الشيخ، ص89).
الوجه الثاني: النظام العام في الإختصاص النوعي:
اوجبت
المادة (90) مرافعات على المحكمة ان تحكم من تلقاء ذاتها بعدم اختصاصها النوعي اذا
تبين لها انها غير مختصة، فقد نصت
المادة (90) على أن (تحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم إختصاصها نوعياً إن تبين لها
أنها غير مختصة وفقاً لأحكام هذا الفصل)، ومن خلال استقراء هذا النص يفهم من ذلك أن الإختصاص النوعي من النظام العام
طالما والمحكمة تحكم بعدم إختصاصها النوعي بنظر الدعوى من تلقاء ذاتها ، وهذا الفهم كان يجعل محكمة الطعن تقضي بإلغاء
أحكام كثيرة مع أن المحكمة التي اصدرت تلك
لم يتبين لها انها غير مختصة، لان النص
القانوني السابق اشترط للحكم بعدم إختصاص المحكمة ان يتبين لها عدم اختصاصها، ومع
ذلك فقد كانت محكمة الطعن تقضي بإلغاء الأحكام الصادرة من المحاكم الادنى على أساس
ان المحكمة الأدنى قد خالفت النظام العام في قضائها، فكان يترتب على هذا الأمر
إهدار الإجراءات واطالتها، ولذلك تم تعديل
المادة (91) مرافعات ضمن تعديلات قانون المرافعات في (يناير2021م)،وبموجب هذا
التعديل فقد صرحت المادة (91) بأن الإختصاص
النوعي لا يعد من النظام العام أمام المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة وهي
المحاكم غير المتخصصة ، فقد نصت المادة (91) بعد التعديل على أنه (مع مراعاة ما
ورد في قانون السلطة القضائية لا يعد الإختصاص النوعي أمام المحاكم الابتدائية ذات
الولاية العامة فيما يرفع أمامها من الدعاوى من النظام العام)، وقد كانت هذه
المادة تنص قبل تعديلها على أنه (مع مراعاة ما ورد في قانون السلطة القضائية لا
يعد توزيع الإختصاص بنظر القضايا بين هيئات الحكم داخل المحكمة الواحدة من قبيل
الإختصاص النوعي المنصوص عليه في مواد هذا الفصل)، ومن خلال إستقراء النصين
السابقين، نلاحظ أن المادة (90) لم يتم تعديلها حيث ظلت المحكمة ملزمة
بالحكم بعدم إختصاصها النوعي إذا تبين لها عدم إختصاصها النوعي ، اما المادة( 91)
فقد تم تعديلها للتصريح بإن الإختصاص
النوعي لم يعد من النظام العام وان كان يجب على المحكمة احترامه اذا تبين لها انها
غير مختصة نوعيا ، والله اعلم.