المقابلة بين النصوص الدستورية والقانونية في دعوى عدم الدستورية

 

 المقابلة بين النصوص الدستورية والقانونية في دعوى عدم الدستورية

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

في دعوى عدم دستورية النص القانوني يجب على المدعي ان يذكر مضمون النص القانوني المدعى بأنه مخالف للدستور، وبالمقابل يجب على المدعي ان يذكر مضمون النص الدستوري المدعى بأن القانون مخالفه، وبعد المقابلة بين النص الدستوري والنص القانوني يجب على المدعي ان يشرح أوجه مخالفة النص القانوني للنص الدستوري المقصود ،  حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-12-2010م في الدعوى (29118)، وقد ورد ضمن أسباب حكم الدائرة الدستورية : ((وبالتأمل لما جاء في هذا الوجه من الدعوى يتبين ان محامي المدعية لم يراع في هذا الوجه الشروط الواجب توفرها في الدعوى بعدم الدستورية من حيث إيراد النص القانوني المخالف للدستور، حيث اكتفى بإيراد نص المادة (2) من الدستور، وهذا كاف لرفض دعواه، لأن الرقابة على دستورية القوانين في ذاتها رقابة على الأحكام والقواعد التي تضمنتها النصوص القانونية ومايقابلها من القواعد والأحكام التي تضمنها النصوص الدستورية لبيان أوجه المخالفة أو التعارض، وهو مالم يتوفر في هذا الوجه من الدعوى))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول:  المقصود بالمقابلة بين النصوص القانونية المدعى عدم دستوريتها بالنصوص الدستورية:

قضى الحكم محل تعليقنا بوجوب المقابلة بين النصوص القانونية المدعى انها تخالف النصوص الدستورية – أي المقابلة بين النصوص القانونية والنصوص الدستورية في موضع واحد حتى يستطيع المدعى نفسه المقابلة بين النصوص الدستورية والقانونية ومعرفة مدى توافقها أو تعارضها ومن ثم عرض اوجه مخالفة النصوص القانونية للنصوص الدستورية، فلا يتيسر للمدعي ذلك إلا إذا قابل  بين النص الدستوري والنص القانوني المدعى بأنه يخالف النص الدستوري، ويحبذ ان يعرض المدعي النص الدستوري اولا ثم يلحقه بالنص القانوني ثم  بعدئذ يبين أوجه مخالفة النص القانوني للنص الدستوري ، وهذا هو المنهج المتبع أمام المحاكم الدستورية العليا كما هو الحال في تونس والجزائر وفرنسا والكويت. ( وسائل اتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة الدستورية، د. مصطفى محمود اسماعيل، ص184).

الوجه الثاني: وجوب ذكر مضمون النص الدستوري والنص القانوني  في دعوى عدم الدستورية :

قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يجب على المدعي عدم دستورية النص القانوني ان يذكر في دعواه مضمون النص القانوني المدعى مخالفته للدستور وكذا مضمون النص الدستوري المدعى بأن النص القانوني خالفه، لأن الرقابة على دستورية النصوص القانونية تتناول مضمون النصوص وليس أرقام النصوص الدستورية أو القانونية، فلايكفي ان يذكر المدعي أرقام النصوص فقط ، فمن غير المقبول في الدعوى بعدم الدستورية الاكتفاء بذكر أرقام المواد، لأن ذلك يعني إحالة الدائرة الدستورية لإستقراء النصوص القانونية والدستورية وفهم مدى موافقتها أو مخالفتها أو تعارضها، وذلك مخل بمكانة الدائرة الدستورية وحيادها كرقيب أمين لعدم مخالفة النصوص القانونية للنصوص الدستورية.

الوجه الثالث: وجوب بيان أوجه مخالفة النص القانوني للدستور:

قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يكفي أن يذكر المدعي ارقام المواد الدستورية والقانونية المدعى بتعارضها من غير ان يذكر أوجه مخالفة النص القانوني للدستور تفصيلاً من واقع إستقراء المدعي  للنصوص الدستورية والقانونية المقابلة بينها للتأكد من توافقها أو تعارضها ، لأن بيان أوجه مخالفة النصوص القانونية للدستور هي عماد وأساس الدعوى بعدم الدستورية، لأن الاكتفاء بذكر أرقام المواد المدعى عدم دستوريتها وما يقابلها في الدستور من غير بيان أوجه المخالفة يعني أن المدعي قد اسند هذه المهمة للدائرة الدستورية لدراسة النصوص وبيان مدى توافقها أو مخالفتها للنصوص الدستورية، وهذا يخل بحياد الدائرة ومكانتها حسبما سبق بيانه، والله اعلم .