إغفال الحكم الابتدائي الفصل في طلب موضوعي

 

إغفال الحكم الابتدائي الفصل في طلب موضوعي

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

 الاستئناف يعني ان الخصوم يستانفوا طرح النزاع الذي فصل فيه الحكم الابتدائي أمام محكمة الاستئناف التي تستانف  نظر طلبات الخصوم التي تم الفصل فيها بموجب الحكم الابتدائي عملا بمبدأ الأثر الناقل للاستئناف أو الاستئناف يعيد طرح النزاع، وفقاً للمادة (288) مرافعات، وعلى هذا الأساس فإن محكمة الاستئناف مقيدة بالفصل في النزاع المعاد طرحه أمامها في حدود الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي، ومن هذا المنطلق لا يجوز إثارة الطلبات التي اغفلها الحكم الابتدائي أمام محكمة الاستئناف  حتى لا تفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي، ولذلك فأن السبيل المقرر في القانون لمواجهة إغفال الحكم الابتدائي الفصل في بعض الطلبات التي كانت مثارة أمام محكمة أول درجة السبيل هو الرجوع إلى المحكمة الابتدائية التي اصدرت الحكم الذي اغفل الطلبات وإثارة هذه الطلبات مجددا أمام المحكمة الابتدائية ومطالبتها بالفصل فيها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-3-2013م في الطعن رقم (47486)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم يناقش بقية فقرات دعوى الطاعن التي اغفلتها المحكمة الابتدائية، فهذا النعي غير مقبول، لأن محكمة الاستئناف طبقاً لنص المادة (288) مرافعات فقرة (ب) لا تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الاستئناف وفي حدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة من تلك الوجوه والحالات، فإن اغفلت محكمة أول درجة الفصل في طلب موضوعي، فسبيل تداركه هو الرجوع إلى المحكمة الابتدائية ذاتها للفصل فيها طبقاً لما نصت عليه المادة (232) مرافعات، وليس الطعن بالاستئناف أو النقض، لأن الطعن لا يقبل إلا بالنسبة للطلبات التي فصل فيها الحكم المطعون فيه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: محكمة الاستئناف مقيدة بحدود الطلبات الموضوعية التي فصل فيها الحكم الاستئنافي:

مع أن الاستئناف يعيد طرح النزاع الذي كان منظورا أمام محكمة أول درجة وفقاً لمبدأ الأثر الناقل للاستئناف إلا أن محكمة الاستئناف مقيدة بحدود الطلبات الموضوعية التي فصل فيها الحكم الابتدائي، فلا يحق للخصوم ان يطلبوا من محكمة الاستئناف الفصل في طلباتهم التي سبق لهم تقديمها أمام محكمة أول درجة ولم تفصل فيها في الحكم الابتدائي، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا وسنده في ذلك المادة (288) مرافعات التي نصت على أنه (يطرح الاستئناف القضية المحكوم فيها أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد في الواقع والقانون مع مراعاة الأحكام الآتية: -ب- يجب على محكمة الاستئناف ان لا تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الاستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات)، فمفهوم الاستئناف لا يرد  إلا على الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي فهي وحدها التي ينطبق عليها مفهوم الاستئناف بخلاف الطلبات التي لم يفصل فيها، فلا يصح القول بإستئناف نظرها لان الحكم لم يفصل فيها( أسباب صحيفة الاستئناف، د. عبد الحكم فودة، ص 58).

الوجه الثاني: الطريق القانوني لمواجهة إغفال الحكم الاستئنافي الفصل في بعض الطلبات الموضوعية:

سبق القول في الوجه الأول أن الاستئناف لا يرد  الا على الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي التي يطلب فيها المستأنف من محكمة الاستئناف إستئناف نظرها، أما الطلبات التي لم يفصل فيها الحكم الابتدائي فلا ينطبق عليها مفهوم الاستئناف حسبما سبق بيانه في الوجه الأول، ومع ذلك فقد  حدد قانون المرافعات الطريق القانوني لمواجهة إغفال الحكم الابتدائي الفصل في بعض الطلبات الموضوعية، وهو طريق العودة إلى المحكمة الابتدائية ومطالبتها بالفصل في الطلبات التي سبق لها ان اغفلها في حكمها السابق ، وفي هذا المعنى نصت المادة (232) مرافعات على أنه (إذا اغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب المصلحة من الخصوم إستدعاء خصمه للحضور أمامها بالطرق المقررة لرفع الدعوى لنظر هذا الطلب والحكم فيه)، وقد حدد القانون هذا الطريق حتى لا تفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي، لأن التقاضي على درجتين من المبادئ الحاكمة للتقاضي حسبما هو مقرر في المادة (22) مرافعات.

الوجه الثالث: إغفال الحكم الفصل في بعض الطلبات سبب في إطالة إجراءات التقاضي وتناقض الأحكام:

حدد القانون طريقة مواجهة إغفال الحكم لبعض الطلبات، بيد أنه يجب أن تحرص  المحكمة الابتدائية على الفصل في كل طلبات الخصوم بحكم واحد حاسم وجازم حتى لا تتناقض الأحكام وحتى لا تطول إجراءات التقاضي في الخصومات، وقد سبق لنا  تناول هذه المسألة في تعليق سابق  بعنوان (الفصل في طلبات الخصوم بحكم واحد)، والله اعلم .