لا يجوز تعديل منطوق الحكم بعد النطق بالحكم

 

 لا يجوز تعديل منطوق الحكم بعد النطق بالحكم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

النطق بالحكم هو إشهار وإعلان  الحكم الذي سبق وجوده بتحرير مسودته، فبمجرد النطق بالحكم تستنفد هيئة الحكم ولايتها، فلا يجوز لها بعد النطق بالحكم ان تقوم بتعديل منطوق الحكم، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-12-2005م في الطعن رقم (23368)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان القانون الزم المحكمة بأن تقوم بتحرير نسخة الحكم الأصلية والتوقيع عليها من قبل كاتبها وهيئة الحكم وضمها بعد المراجعة على المسوّدة، وذلك خلال المدة القانونية، وحيث ان هناك تناقض بين محضر النطق بالحكم ونسخته الأصلية، وحيث ان القانون لا يجيز إجراء أي تعديل في منطوق الحكم بعد النطق به، لأن القاضي يرفع يده بعد النطق بالحكم وتنتهي ولايته القضائية في القضية التي نطق بالحكم فيها، وحيث ان الشعبة الاستئنافية اجرت تعديلاً جوهرياً في منطوق الحكم الصادر عنها خلافاً لما تم النطق به فإنها تكون قد خالفت أحكام القانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: جواز التعديل في مسوّدة الحكم قبل النطق بالحكم:

إذا كانت هيئة الحكم مكونة من قاضٍ فرد فيجوز له ان يقوم بتعديل مسوّدة الحكم إلى ماقبل وقت النطق بالحكم، لأن التعديل في المسوّدة من قبل القاضي الفرد قبل النطق بالحكم دليل على عناية القاضي ومراجعته للمسوّدة أكثر من مرة بل ان هذه المراجعة هي المقصود بمداولة القاضي الفرد الذي يقلب الرأي في القضية أكثر من مرة وفي اوقات مختلفة .

أما إذا كانت هيئة الحكم مكونة من عدة قضاة، فعندئذٍ يجب ان يقوم بتحرير مسوّدة الحكم أحد قضاة الهيئة ثم يقوم بعرضها على الهيئة للمداولة، و وبعد  المداولة يتم التوقيع على المسودة من قبل بقية اعضاء الهيئة،  ويكون التوقيع عليها من قبل اعضاء هيئة الحكم  إيذاناً بخروج الحكم من أذهان القضاة وإفراغه في المسودة  وهذا يعني ان الحكم قد صار موجودا، ومع ذلك يجوز  لهيئة التحكيم التعديل في المسودة حتي وقت النطق بالحكم ،   إذ  يتم النطق بالحكم من واقع المسودة، أما بعد النطق  بالحكم فلا يجوز التعديل  في منطوق الحكم.

الوجه الثاني: وجوب التطابق بين منطوق الحكم في كل من مسوّدة الحكم ومحضر جلسة النطق ونسخة الحكم الأصلية:

قضى الحكم محل تعليقنا بوجوب تطابق منطوق الحكم في الوثائق الثلاث : وهي مسوّدة الحكم ومحضر جلسة النطق بالحكم ونسخة الحكم الأصلية، لأن منطوق الحكم هو النتيجة النهائية للحكم بل هو الحكم ذاته، ولذلك يجب ان يتطابق المنطوق في الوثائق الثلاث المشار إليها، فالنطق بالحكم يتم من واقع المسوّدة  ولذلك يجب أن يكون منطوق الحكم في محضر جلسة الحكم مطابقا لما ورد في  المسودة  ويجب أن يكون المنطوق في نسخة الحكم مطابقا لما ورد في المسودة ومحضر جلسة النطق، فإن لم  يتطابق المنطوق  في الوثائق الثلاث المشار إليها فإن ذلك دليل على جوجود خلل يبطل الحكم حسبما الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثالث: بالنطق بالحكم تستنفد هيئة الحكم ولايتها:

بمجرد النطق بالحكم تستنفد المحكمة ولايتها وتنتهي القضية بهذا الإجراء، فبعد ذلك تقوم المحكمة بتحرير نسخة الحكم الأصلية والتوقيع عليها خلال المدة المقررة قانوناً، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، وينبغي ان لا تخالف المحكمة عند  تحريرها لنسخة الحكم إجراءات التقاضي السابقة .

الوجه الرابع: المقصود بتعديل منطوق الحكم:

المقصود بتعديل منطوق الحكم: هو إضافة بنود إلى منطوق الحكم أو حذف بنود أو تغيير اي من العبارات أو الكلمات الواردة في منطوق الحكم أو حذف عبارات أو اضافتها إلى منطوق الحكم  .

الوجه الخامس: عدم جواز تعديل منطوق الحكم بعد النطق بالحكم:

بعد النطق بالحكم لا يجوز لهيئة الحكم ان تقوم بتعديل منطوق الحكم سواءً في مسوّدة الحكم أو محضر جلسة النطق بالحكم أو نسخة الحكم الأصلية للإعتبارات والأسانيد السابق ذكرها في الأوجه السابقة، والله اعلم .