النطق بالحكم مع أسبابه
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
اشترط
قانون الإجراءات الجزائية عند النطق
بالحكم ان تتم تلاوة منطوق الحكم مع موجز أسباب الحكم في جلسة النطق بالحكم للتأكيد على ان الحكم قد تم النطق به في جلسة
علنية من واقع مسوّدة التي سبق إعدادها والمداولة بشأنها، وبإعتبار ذلك ضمانة من
أهم ضمانات التقاضي سيما ان ميعاد الطعن
في الأحكام الجزائية يتم إحتسابه من تاريخ النطق بالحكم وليس من تاريخ إستلام نسخة
من الحكم، كما هو الحال في القضايا المدنية والتجارية، ويكفي ان يتضمن محضر جلسة
النطق بالحكم أنه تم النطق به في الجلسة العلنية، حسبما قضى الحكم الصادر عن
الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-11-2013م في الطعن
رقم (46610)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين ان النيابة العامة تنعي على الحكم
المطعون فيه :أن المحكمة قامت بتلاوة منطوق الحكم دون ذكر موجز أسبابه، والدائرة
تجد ان هذا النعي غير وارد، إذ لا يوجد في الأوراق ما يؤيد ذلك، فالثابت من محضر
النطق بالحكم أنه تم النطق بالحكم في جلسة علنية في حضور ممثل النيابة العامة،
وهذا اللفظ يشمل الأسباب والمنطوق، والأصل في الإجراءات الصحة وأنها قد روعيت، كما
هو مذكور صراحة في قانون الإجراءات الجزائية في المادة [435]))، وسيكون تعليقنا
على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: النطق بالحكم مع أسبابه في قانون الإجراءات الجزائية:
نصت
المادة (371) إجراءات على أنه (ينطق القاضي بالحكم بتلاوة منطوقه مع موجز لأسبابه
على الأقل، ويكون النطق به في جلسة علنية ولو كانت الدعوى قد نظرت في جلسة سرية ،
وإلا كان الحكم باطلاً، ويجب ان يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة الحكم فإذا
حصل لأحدهم مانع وجب ان يوقع مسودة الحكم.، وللمحكمة ان تأمر باتخاذ الوسائل
اللازمة لمنع المتهم من مغادرة قاعة الجلسة قبل النطق بالحكم أو لضمان حضوره في
الجلسة التي يؤجل لها الحكم ولو كان ذلك بإصدار أمر بحبسه إذا كانت الواقعة مما
يجوز فيها الحبس الاحتياطي)، والظاهر من خلال إستقراء هذا النص أنه آمر يجب التقيد
به وإلا فإن الحكم يكون باطلاً، أما في قانون المرافعات فقد تضمن نصاً مشابها للنص
الوارد في قانون الإجراءات غير أنه لم يقرر بطلان الحكم اذا لم تتم تلاوة منطوق
الحكم مع أسبابه، حسبما ورد في المادة (227) مرافعات التي نصت على أنه (-1- ينطق
رئيس المحكمة بالحكم علناً بتلاوة منطوق الحكم مع أسبابه في حضور باقي الأعضاء
وإذا حصل لأحد القضاة الذين اشتركوا في سماع المرافعة وحضور المداولة عذر وجب أن
يكون موقعاً على مسودة الحكم وأن يبدي ذلك في محضر تلاوته، وتستثنى المحكمة العليا
من علنية النطق بالأحكام مالم تكن محكمة موضوع -2- لا يجوز اطلاع الخصوم على مسودة
الحكم قبل النطق به ولا تعطى صورة منها لأي منهم مطلقاً -3- في ما عدا ما نصت عليه
المادة (224) لا يجوز للمحكمة تأجيل النطق بالحكم إلا لعذر قهري على أن يتم إثبات
ذلك العذر في محضر الجلسة)، وفي قوانين بعض الدول توجب على القاضي عند النطق بالحكم ان يذكر أسباب الحكم المتصلة
بالمنطوق اتصالاً لا يقبل التجزئة.
الوجه الثاني: أهمية النطق بالحكم مع أسبابه:
أسباب
الحكم هي الوسيلة القانونية المناسبة للتدليل على عدالة الحكم وأنه قد صدر وفقاً
لأحكام القانون وبعد المداولة والدراسة
والمناقشة وإعداد مسودته، ووفقا لما هو ثابت في أوراق القضية، وإن القاضي لم ينطق
بالحكم إلا بعد أن احاط بالقضية علماً، وقام بدراسة وتمحيص أدلتها، لذلك ينبغي على
القاضي ان يحرص على النطق بالحكم مع أسبابه في جلسة النطق التي اشترط القانون ان
تكون علنية حتى لو كانت جلسات المحاكمة سرية، فالنطق بالحكم مع أسبابه شفاهة وبصوت
مسموع في جلسة علنية أمام جمهور الحاضرين ضمانة متعلقة بالنظام العام لتطمين
الجمهور على عدالة أحكام القضاء وموافقتها للقوانين.
الوجه الثالث: إثبات النطق بالحكم مع أسبابه في محضر جلسة النطق بالحكم:
أشار
الحكم محل تعليقنا بأنه يكفي ان يذكر القاضي في محضر جلسة النطق بالحكم أنه قد تم
النطق بالحكم علنية في الجلسة العلنية
طالما والقاضي قد تلا بالفعل أسباب الحكم مع منطوقه في الجلسة ، لكن الواجب يستلزم
ان يثبت القاضي في محضر جلسة النطق بالحكم أنه: قد تم النطق بالحكم مع أسبابه أو
موجز أسبابه علانية في الجلسة من واقع مسودة الحكم وأنه قد تم إيداع المسودة ملف
القضية ، حتى يتمكن الخصم من الإطلاع على أسباب الحكم والتحضير للطعن في متسع من
الوقت سيما في القضايا الجزائية .
الوجه الرابع : الأصل في الإجراءات الصحة وأنه قد تم مراعاتها:
قضى
الحكم محل تعليقنا بذلك، وهذا يعني أنه يجب على المدعى بخلاف الأصل يجب عليه إثبات
ان الإجراءات غير صحيحة أو ان المحكمة لم تراجعها، و بتطبيق بتطبيق ذلك على النطق
علانية بالحكم مع أسبابه فإن الأصل ان الحكم قد تم النطق به مع أسبابه في جلسة
علنية، وإذا ادعى الخصم خلاف ذلك فعليه ان
يثبت مايدعيه، والله اعلم.