حجية اليمين من غير ان تسبقها دعوى أمام القضاء اوالتحكيم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

 اليمين وسيلة إثبات تحسم خلافات عدة خارج القضاء من غير ان يسبق اليمين دعوى أمام القضاء أو هيئة تحكيم، إذ يحتكم طالب اليمين إلى ديانة وأمانة وضمير خصمه، فيطلب منه حلف اليمين، وعندئذ يثور النقاش بشأن حجية اليمين في هذه الحالة سيما ان اليمين من وسائل إثبات الدعوى التي يفترض سبق رفعها أمام المحكمة أو المحكم، والتكييف  المقبول لليمين من غير ان نسبقها دعوى منظورة أمام المحكمة أو محكم، هو تكييفها بان هذه اليمين قد جاءت نتيجة تصالح بين الخصوم على حسم خلافهم باليمين ، فيقوم أحدهم بطلب اليمين من خصمه فيقبلها  فيحلف ، فإذا تم إثبات هذا التصالح  في وثيقة مكتوبة فلا يثير ذلك أية إشكالية، لان هذه الوثيقة تكون عقد صلح ثابت كتابة، اما إذا لم يتم إثبات هذا الصلح كتابة، فيتم  إثباته بالطرق المقررة قانونا للإثبات حسبما ورد في الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-3-2013م في الطعن رقم (47955) الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد وجدت الدائرة ان نعي الطاعن في غير محله، لأن المطعون ضده كان قد احضر أمام محكمة الموضوع أربعة شهود: شهدوا لله ان الخلاف فيما بين الطاعن والمطعون ضده كان قد تم حسمه بطلب الطاعن اليمين من المطعون ضده على أن الأرض التي يدعي بها الطاعن ليست الأرض التي بحوزة المطعون ضده))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول:  اليمين وسيلة إثبات أو نفي دعوى منظورة أمام القضاء أو هيئة تحكيم :

وفقاً لأحكام اليمين المقررة في قانون الإثبات فإن اليمين وسيلة لإثبات أو نفي دعوى منظورة أمام القضاء أو المحكم، اذا يطلب الخصم  من خصمه حسم الخلاف الناشب بينهما  بحلف اليمين، فتصدر اليمين الحاسمة من المدعى عليه أو قد يردها المدعى عليه يردها على المدعي، كما قد تكون اليمين متممة إذا كانت البينة ناقصة، فصفوة القول : أن اليمين في الغالب الأعم تسبقها دعوى منظورة أمام القضاء أو  هيئة  تحكيم .

الوجه الثاني: اليمين التي يطلبها الخصم من خصمه من أن غيرها ان تسبقها دعوى أمام المحكمة أو المحكم:

في حالات كثيرة تنشب بين الخصوم خلافات، فيطلب احدهما من الآخر أن يحلف اليمين قطعاً للنزاع من غير أن يسبق ذلك رفع دعوى أمام المحكمة أو المحكم حيث يحتكم الخصم طالب اليمين إلى ديانة وأمانة وضمير خصمه، فيقوم الخصم بحلف اليمين التي طلبها خصمه، وهذه اليمين هي التي اشار إليها الحكم محل تعليقنا .

الوجه الثالث: تكييف اليمين خارج نطاق القضاء أو التحكيم:

اليمين التي يحلفها الخصم خارج نطاق القضاء لحسم الخلاف بين الخصوم، حين يطلب احد الخصمين من الآخر حلف اليمين لحسم هذا النزاع، هذا الأمر يعني ان الخصمين قد اتفقا على تسوية وحسم خلافهما عن طريق حلف اليمين – أي أن حلف اليمين قد تم ضمن إتفاق أو صلح بين الخصوم لحسم الخلاف القائم بينهما من غير اللجوء إلى القضاء أو التحكيم ، وقد يكون هذا الصلح مكتوباً فيتم إثباته عن طريق الكتابة أو وثيقة الصلح المكتوبة، وقد لا يكون هذا الصلح مكتوباً فيتم إثباته عن طريق وسائل الإثبات المقررة قانوناً بما في ذلك شهادات الشهود حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم .

تعديل المقال