الفصل في الدعاوى العمالية على وجه الاستعجال
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
نصت المادة (136) من قانون العمل على ان قضايا
العمل من القضايا المستعجلة مراعاة لمصلحة العامل، وقد أكد على ذلك الحكم الصادر
عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-4-2013م في
الطعن رقم (48751)، الذي ورد ضمن أسبابه ((كما ان المقنن اليمني قد نص في المادة
(136/3) بأن يطبق في شأن رفع الدعوى وإجراءات المرافعة الأحكام الواردة في قانون
المرافعات، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون، كما تنص الفقرة (4) من
المادة ذاتها على أن: تعتبر الدعاوى المتعلقة بقضايا العمل من القضايا المستعجلة))،
وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا بإعتبار القضايا العمالية مستعجلة:
حسبما هو ظاهر من أسباب الحكم محل تعليقنا فقد
استند هذا الحكم إلى المادة (136) من قانون العمل التي نصت على ان (4- تعتبر
الدعاوى المتعلقة بقضايا العمل من القضايا المستعجلة)، فما ورد في هذا النص حكم
خاص بالقضايا العمالية، فهذا النص مقدم في التطبيق على النص العام الوارد في قانون
المرافعات، بإعتبار ان قانون العمل قانون خاص وقانون المرافعات قانون عام والخاص
مقدم على العام عند التطبيق.
الوجه الثاني: المقصود بالقضايا المستعجلة التي تندرج ضمنها القضايا العمالية:
نصت المادة (136) عمل السابق ذكرها على اعتبار
الدعاوى المتعلقة بقضايا العمال من القضايا المستعجلة، حسبما ورد في النص السابق
ذكره، وهذا يعني أنه يجب ان يتم الفصل في الدعاوى العمالية بصفة مستعجلة أي
بإجراءات مستعجلة، كأن تعقد المحكمة جلسات متوالية يوم بعد يوم أو جلسة في كل
يومين أو ثلاثة، فلا يقصد بذلك تطبيق أحكام القضاء المستعجل المقررة في المواد
(238 إلى 245) مرافعات، لأن القضاء المستعجل وفقاً لتلك المواد يعني ان يكون الحكم مؤقتا بتدبير وقتي أو تحفظي، في
حين ان القضاء بإجراءات مستعجلة يعني ان القاضي يصدر حكم قضائي تكون له حجيته
الدائمة، وهو المقصود في نص المادة (136) عمل، إذ يجب على القاضي ان يفصل في
الدعاوى العمالية بإجراءات مستعجلة تنتهي بحكم له حجيته الدائمة يحسم النزاع
المثار أمام القاضي.
الوجه الثالث: نطاق القضايا العمالية التي تعتبر من القضايا المستعجلة:
من خلال إستقراء نص المادة (136) عمل السابق
ذكرها نجد ان صيغتها عامة تشمل كافة الدعاوى والقضايا العمالية أي سواء مرفوعة من
العامل أو من صاحب العمل أو كانت دعاوى أصلية أو مقابلة أو فرعية أو دفوع أو طلبات،
فكل هذه التفصيلات تندرج ضمن القضايا العمالية المشار إليها في النص القانوني
السابق.
الوجه الرابع: الإعتبارات التي جعلت قانون العمل يصرح بإعتبار الدعاوى العمالية مستعجلة:
لا ريب ان الإعتبارات التي جعلت القانون يصرح
بإعتبار الدعاوى العمالية مستعجلة هي مصلحة العامل الذي يكون طرفاً في هذه الدعاوى
اما بإعتباره مدعياً أو مدعى عليه، وذلك حتى ينال العامل حقوقه المدعى بها في اسرع
وقت وايسر طريقة، وكذلك حتى تحسم الطلبات الموجهة إلى العامل في وقت يسير، إضافة
إلى أن الفصل في الدعاوى العمالية بإجراءات مستعجلة يوفر الكثير من الوقت والجهد
والمال على العامل، وعلى هذا الأساس فقد صرح قانون العمل على إعتبار الدعاوى
العمالية من الدعاوى المستعجلة(شرح قانون العمل،. د. همام محمد محمود. ص365)، والله
اعلم .