التنازل عن الخصومة لا يحتاج إلى قرار تصدره المحكمة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
الخصومة
التي تنتهي إجراءاتها بالتنازل بين اطرافها لا تحتاج إلى إصدار قرار قضائي مستقل
من المحكمة وإنما يدون ذلك التنازل في محضر الجلسة، ويكتفي بذكر الأمر من المحكمة بحفظ
الأوراق وذلك في محضر جلسة المحكمة دون حاجة إلى تحرير قرار مستقل بإنتهاء القضية
بالتنازل ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها
المنعقدة بتاريخ 2-3-2013م في الطعن رقم (46591)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة
تجد أن هذه القضية قد طالت إجراءات التقاضي فيها بسبب أن المحكمة كانت قد اصدرت قرارا
بإنهاء القضية بالتنازل، ومحكمة الموضوع قد اخطأت في ذلك القرار، لأن القضية التي
تنتهي بالتنازل لا تحتاج إلى قرار بذلك، بل يتم تدوين التنازل في محضر الجلسة
ويذكر في المحضر أمر المحكمة بحفظ أوراق القضية))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه
الأول: طرق التنازل عن الخصومة واجراءاته:
التنازل
عن الخصومة: هو تصرف قانوني يفصح فيه المدعي أنه قد ترك أو تنازل عن الخصومة وأنه
لم يعد يرغب في موالاة إجراءات نظرها، ولأن التنازل من التصرفات المضرة محضاً،
فيجب ان تتوفر في المتنازل الأهلية القانونية اللازمة للتنازل، كما يشترط قبول المدعى عليه بالتنازل اذا تعلقت الخصومة المتنازل عنها بحق للمدعى عليه، ولاتشترط
موافقة المدعى عليه على التنازل اذا كان قد دفع أو طلب عدم سماع الدعوى أو طلب إحالتها
إلى محكمة أخرى ،(الوسيط في قانون القضاء المدني، د. فتحي والي، ص254)، وقد حددت
المادة (210) مرافعات طرق وإجراءات التنازل عن الخصومة، فقد نصت هذه المادة على
أنه (يجوز للمدعي التنازل عن الخصومة في أية حالة تكون عليها الخصومة بإحدى الطـرق
الآتية: -1- أن يعلن خصمه بالتنازل قبل الجلسة المحددة طبقاً لما هو مبين في باب
الإعلان -2- أن يقرر ذلك في الجلسة في مواجهة خصمه ويثبت ذلك في محضرها -3- أن
يبديه في بيانٍ صريح في مذكرة موقعة منه أو من وكيله المأذون له بذلك ويطلع خصمه
عليه، ولا يجوز التنازل عن الخصومة إذا تعلق بها حق للمدعى عليه إلا بموافقته، ولا
يلتفت إلى اعتراضه إذا كان قد قدم دفعاً بعدم الاختصاص أو بالإحالة أو ببطلان
صحيفة الدعوى أو أي طلب يكون القصد منه منع المحكمة من سماع الدعوى أو السير في
الخصومة).
الوجه الثاني: آثار التنازل عن الخصومة:
بينت
ذلك المادة (211) مرافعات التي نصت على أنه (يترتب على التنازل إلغاء جميع إجراءات
الخصومة بما في ذلك إجراء رفع الدعوى ويستثنى من ذلك أثر مرور الزمن على سماعها،
ويحكم على المتنازل بالنفقات وبالتعويضات اللازمة للمدعى عليه إذا طلبها، وإذا
تنازل الخصم عن أية ورقة من أوراق المرافعات أو إجراء من إجراءات الخصومة اعتبرت
الورقة أو الإجراء كأن لم يكن).
الوجه الثالث: الفرق بين التنازل عن الدعوى والتنازل عن الحق:
وقد
تناولت ذلك المادة (212) مرافعات التي نصت على أنه (يعتبر التنازل عن الحق المدعى
به كاملاً تنازلاً عن الحق في الدعوى والخصومة، ويجب إثبات ذلك في محضر الجلسة
وتقريره بحكم غير قابل للطعن مطلقاً)، فالتنازل عن الحق لخطورته تقوم المحكمة بإصدار قرار بذلك وان غير
قابل للطعن ، في حين ان التنازل عن الخصومة فقط لا تصدر المحكمة قرارا مستقلا
بشأنه وإنما تامر المحكمة بحفظ أوراق القضية في متن محضر الجلسة حسبما سيأتي بيانه
الوجه الرابع: عدم لزوم إصدار قرار بإنتهاء القضية بالتنازل:
قضى
الحكم محل تعليقنا بأنه إذا تنازل المدعي عن الخصومة، فينبغي عندئذ إثبات تنازل المدعي في محضر الجلسة المحددة
لنظر الخصومة، وأن يتم إثبات موافقة المدعى عليه في المحضر وأن يكلفهما القاضي
بالتوقيع والبصمة على محضر الجلسة، وأن تقوم المحكمة بتدوين أمرها بحفظ أوراق
القضية في محضر الجلسة، وأنه لا يلزم تحرير قرار مستقل عن المحضر يتضمن إنتهاء
القضية بالتنازل عن الخصومة، وذكر الحكم محل تعليقنا بأن محكمة الموضوع قد اخطأت حينما اصدرت قرار
مستقلاً بإنتهاء القضية بالتنازل، حيث قام الطاعن بإستئنافه ثم الطعن في الحكم
الاستئنافي أمام المحكمة العليا، ولذلك فقد أرشد حكم المحكمة العليا محل تعليقنا
أرشد إلى الإكتفاء بتدوين أمر المحكمة بإنتهاء الخصومة بالتنازل عنها وذلك في محضر
الجلسة وعدم إصدار قرار في وثيقة مستقلة بإنتهاء الخصومة بالتنازل حسبما قضى الحكم
محل تعليقنا، والله اعلم .