إستحقاق العامل غير المؤمن عليه
لنفقات علاج إصابة العمل
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
كان
قانون العمل القديم يعرف إصابة العمل بأنها الحادث الذي يقع على العامل اثناء
قيامه بعمله أو بسبب عمله أو بمناسبة قيامه بعمله، حسبما ورد في المادة (100) من قانون
العمل القديم التي صرحت أيضا بأحقية
العامل في الحصول على نفقات ومصاريف العلاج من إصابة العمل ، اما قانون العمل النافذ
فلم يتضمن تعريف إصابة العمل ولم ينص على أحقية العامل في الحصول على نفقات
ومصاريف العلاج والمعالجة من إصابة العمل،
إذ اكتفي قانون العمل النافذ بالنص على أحقية العامل في الإجازة المرضية
اذا حدثت له إصابة عمل، غير ان قانون التأمينات الاجتماعية عرف إصابة العمل
بالتعريف السابق ونص على أحقية العامل المصاب بإصابة عمل في العلاج على نفقة صندوق
التأمين الصحي بالنسبة للعاملين المؤمن عليهم،وسكت القانون عن العامل المصاب
بإصابة عمل غير المؤمن عليه، وقد قضى
الحكم محل تعليقنا بأحقية العامل غير المؤمن عليه المصاب بإصابة عمل في نفقات
علاجه وأشار الحكم إلى كيفية التحقق من مستندات
صرف نفقات علاج العامل المصاب في هذه الحالة، حسبما ورد في الحكم الصادر عن
الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-3-2013م في الطعن
رقم (47890)، فقد كانت الدائرة قد نقضت الحكم الاستئنافي الذي قضى بتأييد قرار
اللجنة العمالية متجاهلاً أن اللجنة التحكيمية العمالية كانت تعقد بعض جلساتها دون
ان تكتمل هيئتها، حيث كان يتخلف أحد أعضائها عن الحضور والتوقيع على المحاضر ،
ولذلك فقد قضت الدائرة بنقض الحكم الاستئنافي وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف
للفصل فيها من جديد، وبناءً على ذلك فقد قضت الشعبة الاستئنافية في القضية وحكمت
الشعبة (بإستحقاق العامل تكاليف المعالجة والعلاج بموجب وثائق رسمية معتمدة من
الجهة المختصة وفقاً لتقرير طبي موثوق بتقدير ما غرمه العامل عن إصابته التي كانت
بسبب واثناء تأديته لعمله، لذلك فإنه يستحق ما دفعه من مبالغ بموجب وثائق رسمية
خالية من شبهة التزوير ومعتمدة من الجهة المختصة)، وقد أقرت الدائرة الحكم
الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((بأن الشعبة الاستئنافية قد
طبقت توجيهات المحكمة العليا الواردة في حكمها السابق واستوفت الإجراءات اللازمة))،
وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: المقصود بإصابة العمل:
كان
قانون العمل القديم يحدد في المادة (100) المقصود بإصابة العمل ويصرح بأحقية
العامل في الحصول على نفقات ومصاريف العلاج، اما قانون العمل النافذ فلم يتعرض الإصابة
العمل أو تكاليف علاجها بإعتبار ان التأمين الصحي على العامل أمر وجوبي على صاحب
العمل، وبناء على ذلك فإن معالجة العامل من إصابة العمل يقع على عاتق صندوق
التأمين الصحي حسبما هو مشار اليه في قانون التأمينات الاجتماعية ، وعلى هذا
الأساس فقد حددت المادة (3) من قانون التأمينات الإجتماعية المقصود بإصابة العمل
ضمن تعاريف الفاظ القانون، فقد نصت هذه المادة على ان (إصابات العمل: هي الإصابة
بأحد الأمراض المهنية المبينة في الجدول رقم (1) الملحق بهذا القانون أو الإصابة
نتيجة حادث بسبب العمل أو اثناء تأديته، ويكون بحكم ذلك كل حادث وقع للعامل خلال
فترة ذهابه لمباشرة العمل أو إلى أي مكان حدده له صاحب العمل أو عودته منه أياً
كانت وسيلة المواصلات غير الممنوعة بشرط ان يسلك الطريق الطبيعي دون توقف أو تخلف
أو إنحراف مالم يكن ذلك بغير إرادته).
الوجه الثاني: نفقات علاج العامل المصاب بإصابة عمل:
أوجب
قانون التأمينات الاجتماعية وقانون التأمين الصحي الالزامي أوجب على أصحاب العمل الإشتراك
في التأمين الصحي حتى يتولى صندوق التأمين الصحي ويتكفل بعلاج العامل المصاب
ورعايته طبياً وصرف تعويض العجز المؤقت ومصاريف الإنتقال إلى أن يشفى العامل
المصاب أو يثبت عجزه، حسبما ورد في الفقرة (ب) من المادة (36) من قانون التأمينات
الإجتماعية، اما إذا لم يقم صاحب العمل بالتأمين على العامل فقد قضى الحكم محل
تعليقنا بأن صاحب العمل ملزم بدفع كافة مصاريف علاج العامل المصاب بإصابة عمل
وتعويض العامل عن العجز المؤقت، أي أن العامل المصاب بإصابة عمل غير المؤمن عليه
يستحق مصاريف العلاج والتعويض على حساب صاحب العمل مثل العامل في ذلك مثل العامل
المؤمن عليه بالتأمين الصحي الذي يستحق ذلك من حساب التأمين الصحي طالما ان صاحب
العمل لم يقم بالتامين الصحي على العامل المصاب .
الوجه الثالث: التحقق من مستندات مصاريف علاج العامل المصاب بإصابة عمل:
قضى
الحكم محل تعليقنا بأنه لم يقم صاحب العمل بالتامين الصحي على العامل فيجب على
صاحب العمل دفع تكاليف علاج العامل المصاب بإصابة عمل بحسب فواتير العلاج وتقارير المعالجة،
ولصاحب العمل ان يتثبت من صحة فواتير وتقارير علاج العامل المصاب عن طريق إحالة
الفواتير والتقارير المقدمة من العامل إحالتها إلى الجهة الطبية المعتمدة لدى صاحب
العمل للتأكد من صحة وسلامة البيانات الواردة فيها ومن ثم اعتمادها، وأشار الحكم
محل تعليقنا إلى أنه يجب ان تكون الفواتير والتقارير المقدمة من العامل خالية من
شبهة التزوير،ولذلك يحق لصاحب العمل التحقق من صحتها عن طريق إحالتها إلى الجهة
الطبية المعتمدة لدى صاحب العمل، وقد تكون الجهة الطبية المعتمدة لدى صاحب مستشفى
معين أو عدة مستشفيات أو مركز طبي أو عيادة طبية أو مجموعة عيادات أو طبيب معين او
أطباء عدة ، والله اعلم .