حكم وصية الزوج لزوجته

 

حكم وصية الزوج لزوجته

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

 الوصية تصرف لمابعد  موت الموصي، اي ان الوصية لاتنفذ الا بعد وفاة الموصي، ولغرض معرفة الحكم الشرعي لوصية  الزوج  لزوجته  يجب معرفة غرض الزوج وهدفه من  الوصية ،فإذا كانت الوصية بمقابل  فإن الوصية في هذه الحالة تخفي تصرف اخر، فليست وصية الا من حيث صورتها  ، فإذا كانت الوصية مقابل سداد دين بذمة الزوج لزوجته  فإنها تكون صحيحة ، لانه يجب على الزوج الوفاء بدينه لزوجته، وإن كانت الوصية من الزوج لزوجته مقابل خدمة خاصة قامت بها الزوجة لزوجها  فتكون صحيحة أيضا ، لان الوصية في هذه الحالة بمثابة أجرة الزوجة عن خدمتها الخاصة لزوجها كان يصاب الزوج بمرض يقعده فلايستطيع مغادرة الفراش الا بمساعدة زوجته ويمكث الزوج على هذه الحال لفترة طويلة، اما إذا كانت الوصية من الزوج لزوجته من غير مقابل فأنها لاتصح، لان الزوجة وارثة الا اذا اجاز  الورثة تلك الوصية بعد وفاة الزوج الموصي ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-12-2012م في الطعن رقم (46178)، حيث قضى الحكم الابتدائي بأنه (تبين ان الوصية من المورث لزوجته تدخل تحت حكم الوصية للوارث، والشرع يحرم الوصية لوارث)، وقد أيد الحكم الاستئنافي الحكم الابتدائي، وورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي (فالتصرف الصادر من الزوج لزوجته حيلة على الوارث العاصب وهو المستأنف ضده، فقد كان الحكم الابتدائي سديداً في قضائه ببطلان وصية الزوج لزوجته)، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((أما من حيث الموضوع فقد وجدت الدائرة ان أسباب الطعن غير مؤثرة في الحكم المطعون فيه، لكونها متعلقة بالوقائع التي ناقشتها محكمة الموضوع وفقاً للقانون، وتوصلت في حكمها إلى تأييد الحكم الابتدائي، ولذلك فإن الحكم الاستئنافي موافق لأحكام الشرع والقانون لما أوضحته الشعبة واستندت إليه في أسباب حكمها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية الوصية للوارث وحكمها :

الوصية: تصرف مضاف إلى ما بعد موت الموصي، أي أن الوصية لا تكون نافذة إلا بعد موت الموصي، لأنه يحق للموصي الرجوع عن الوصية اثناء حياته، وقد صرح قانون الأحوال الشخصية في المادة (234) بأنه (لا تصح الوصية للوارث إلا بإجازة الورثة)، وبينت المادة (237) أحوال شخصية شروط الوارث الذي يجيز وصية المورث، فقد نصت المادة (237) أحوال شخصية على أنه :لا تصح اجازة الوصية إلا من وارث بالغ عاقل مختار بعد تحقق وفاة الموصى،  وحتى ينتفي خوف الوارث وحرجه من مورثه اثناء حياة المورث فقد اشترط النص السابق ان تكون اجازة الوصية بعد وفاة المورث، لأن الوصية أيضاً لا تنفذ إلا بعد وفاة المورث، ومن خلال إستقراء النصوص السابق ذكرها نجد أن القانون قد منع الوصية لوارث إلا إذا اجازها الورثة بعد وفاة مورثهم  .

الوجه الثاني:حكم وصية الزوج لزوجته :

الزوجة من أصحاب الفروض ، فهي من ضمن الورثة فلا تصح وصية الزوج لها إلا إذا اجاز الورثة ذلك على النحو السابق بيانه ، هذا إذا كانت الوصية للزوجة من غير مقابل أو عوض، غير أن وصية الزوج لزوجته تصح إذا اجازها الورثة بعد وفاة الزوج الموصي، كما إن وصية الزوج لزوجته تكون جائزة إذا كانت الوصية بمقابل، كأن يوصي الزوج لزوجته ببعض ماله مقابل مهر الزوجة الموجل الذي لازال بذمة الزوج، فتصرف الزوج في هذه الحالة لا يكون في حقيقته وصية لوارث وإنما هو عبارة عن سداد دين بذمة الزوج لزوجته، وكذلك الحال إذا أوصى الزوج لزوجته ببعض ماله مقابل قيام الزوجة بخدمة خاصة أو رعاية خاصة لزوجها كأن يصاب الزوج بجلطة تجعله مقعدا عاجزا عن الحركة فيمكث في الفراش لسنين طويلة فتلازمه الزوجة خلال هذه المدة وتقوم بخدمته وهو على هذه الحالة من العجز ، غير أنه لا تصح وصية الزوج للزوجة مقابل الخدمة العادية للزوجة كإصلاحها الطعام للزوج وتنظيف فراشه وملابسه، لأن هذه الخدمات جرى العرف على انها من واجبات الزوجة عرفاً، والله اعلم .