متى يكون تحكيم المجني عليه إعترافاً بالجريمة؟

 

متى يكون تحكيم المجني عليه إعترافاً بالجريمة؟

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

من المقرر وفقاً للقانون  ان المحكم يرد بما يرد به القاضي، ومن  موجبات الرد أو الامتناع عن الحكم أو القضاء الخصومة أو العداوة فيما بين المحكم والمحتكم ، وقد سبق لنا التعليق على هذا الموضوع بعنوان(تحكيم الخصم )، لكن في بعض الحالات يتم الإستدلال بتحكيم الشخص للمجني عليه على ان ذلك يعد  إقرارا من الشخص بارتكابه الجريمة أو الفعل، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-2-2013م في الطعن رقم (46097)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما من حيث الموضوع فأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما ورد في أسبابه من إقرار الطاعن وشهادة الشهود على ثبوت التهمة المسندة له، وحيث كان من الثابت في حيثيات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي المطعون فيه ان الطاعن  قد قام بتحكيم المجني عليه وقيام الشهادة الكافية على صحة التهمة المسندة للطاعن، فهذه الأسباب كافية لإقامة الحكم عليها، مما يتعين رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: فكرة الإعتراف في تحكيم المجني عليه:

من الشائع في اليمن ان يتم حسم كثير من القضايا بما في ذلك القضايا الجزائية عن طريق تحكيم المجني عليه أو الخصم ، فتحكيم الجاني للمجني عليه يعني ان الجاني قد اعترف بالجرم المنسوب إليه الذي وقع على المجني عليه، وهذا التحكيم يعني أيضاً ان الجاني قد احتكم إلى شهامة وضمير المجني عليه، وأن الجاني قد قبل بما سيقرره المجني عليه بشأنه، وان الجاني المحتكم سيمتثل لقرار المجني عليه، وعلى هذا الأساس فإن قيام الجاني أو المتهم بتحكيم المجني عليه يعد إعترافاً منه بالجريمة التي وقعت منه على المجني عليه إذا كان هذا التحكيم قد صدر من الجاني أو المتهم نفسه أو قام به الغير بناءً على طلب أو تكليف من الجاني أو المتهم.

الوجه الثاني: تحكيم المجني عليه الذي لا يكون إعترافاً بالجريمة :

هناك أنواع من التحكيم للمجني عليه، لا تكون إعترافاً بالجريمة الواقعة على المجني عليه، ومن ذلك قيام شيخ القبيلة أو المحلة بتحكيم المجني عليه من غير طلب أو تكليف من المتهم، أو التحكيم الذي يهدف إلى تصبير المجني عليه أو أولياء دمه لإحتواء الموقف وتهدئته ومنع ردود الأفعال العشوائية من المجني عليه أو أولياء دمه، وكذا لا يعد إعترافا تحكيم المجني عليه إذا كان القصد منه  إعطاء مهلة للبحث عن الجاني وتسليمه للعدالة، ويضاف إلى ذلك التحكيم الذي يقصد منه فقط دفن القتيل، لأن الغرض منه حث أولياء القتيل على دفن جثة المجني عليه فقط، غير ان تحكيم المجني عليه إذا اقترن بالإلتزام بتسليم الجاني فأن ذلك يكون إقرارا من المحتكمين  بمعرفة القاتل (البنية القبيلة في اليمن بين الإستمرار والتغيير، د. فضل أبو غانم، ص175).