إذا استقلت الأرض الزراعية استقل رهقها
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
إذا
كانت الأرض الزراعية مستقلة ومنفصلة عن الأراضي المجاورة لها فلا يجوز لمالكها
الإدعاء برهق الأراضي المجاورة لها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية
بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-3-2013م في الطعن رقم (47940)، فقد
ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي (فقد قامت هيئة الشعبة بالإنتقال إلى محل النزاع
بمعية العدول والأطراف، وبعد مضي العدول باليمين الشرعية تم الإنتقال إلى اسفل
الرهق، فوجدت هيئة الشعبة ان لكل قطعة من
الأرض مسقى ماء خاص بها ، حسبما هو واضح
على الطبيعة، وحسب إفادة العدين، وإن المسقى الأول يصب إلى القطعة العليا والمسقى الثاني يصب إلى
القطعة السفلى من الرهق الخاص بها، كما وجدت هيئة الشعبة القطعة السفلى منفصلة
بأعرامها ومسقاها الذي يمر جوار البيت، وهذا يعني ان القطعتين منفصلتان عن بعضهما
من حيث مساقهما ومفاسحهما، ولذلك فقد ظهر عدم صحة إدعاء
المستأنف بالإشتراك في الرهق المجاور الخاص بالقطعة العليا)، وقد أقرت الدائرة
المدنية الحكم الاستئنافي، وجاء في أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين للدائرة
ان قضاء الحكم الاستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي هو عين الصواب للأسباب التي
أستند إليها الحكم الاستئنافي، حيث بذلت محكمة الموضوع جهداً كبيراً في مناقشة
القضية من جميع جوانبها مناقشة مستفيضة، كما قامت بمعاينة محل النزاع وتأكد لها
عدم صحة إدعاء الطاعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه
الأتية:
الوجه الأول: المقصود بالمراهق الخاصة بالأراضي الزراعية:
المراهق الخاصة بالأراضي الزراعية: هي المنحدرات
أو الأراضي الصالبة التي يصب ماؤها فيسقي الأراضي الزراعية أو مفاسح الأراضي
الزراعية التي تنتفع بها الأراضي الزراعية كالطرق المؤدية إليها، وقد قضى الحكم محل
تعليقنا بأن إنفصال الأراضي الزراعية وإستقلالها عن بعضها في مواضعها ومساقيها
وطرقها ومفاسحها يمنع ملاك هذه الأراضي من الإدعاء أو المطالبة بالمراهق الخاصة بالاراضي
المجاورة.
الوجه الثاني: مظاهر إنفصال الأراضي الزراعية وإستقلالها عن بعضها:
قضى الحكم محل تعليقنا بأن إنفصال الأراضي
الزراعية وإستقلالها عن بعضها يمنع ملاك الأراضي المتجاورة المستقلة والمنفصلة عن
بعضها من المطالبة أو الإدعاء في رهق الأراضي المجاورة، وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى مظاهر الإستقلال والإنفصال بين الأراضي المجاورة،
ومن ذلك وجود فواصل ترابية بين الأراضي الزراعية (عريم/ سوم/ عبيلة) أو وجود جدار
فاصل بين الأراضي، فهذا يدل على ان الماء لا يتدفق من الموضع إلى الموضع الملاصق ، ففي هذه الحالة فإن الأراضي
الزراعية تسقى أو تشرب بشكل منفصل عن بعضها، كما ان من مظاهر الإنفصال والإستقلال
بين الأراضي الزراعية وجود مساقي منفصلة
لكل أرض على حدة، فإذا كانت مساقي الأراضي الزراعية المتجاورة منفصلة عن بعضها
فهذا يدل على ان الرهق الخاص بكل أرض منفصل عن غيره، فلا يحق لأي مالك المطالبة أو
الإدعاء في الرهق الخاص بجاره، وكذلك الحال إذا كانت الطرق إلى الأراضي الزراعية
منفصلة عن بعضها ، فلكل أرض طريقها الخاص بها أو مفاسحها الخاصة بها، فعندئذ لا
يجوز لأي مالك الإدعاء بالرهق الخاص بجاره، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله
اعلم .