وصية الزوج للزوجة دليل على ملكية الزوج للموصى به

 

وصية الزوج للزوجة دليل على ملكية الزوج للموصى به

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

  يشترط الفقه الإسلامي والقانون ان يكون الموصي مالكا للمال الذي يوصي به، ولذلك فإن قبول الزوجة بوصية الزوج لها وتمسكها بالوصية يمنعها من الادعاء بعدئذ بأن المال الموصى به  ملك لها أو أنها شريكة لزوجها فيه، حسبما قضى  الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4-4-2010م في الطعن رقم (46178)، وتتلخص وقائع القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا : أن الزوج الذي لم ينجب من الزوجة أو مطلقاته  السابقات لها أوصى  لزوجته بالمنزل الذي يقيم فيه مع  زوجته، مقابل ان الزوجة صبرت معه على عدم الإنجاب، ولازمته طوال حياته، وبعد موت الزوج ابرزت الأرملة وصية زوجها عندما أراد بقية الورثة إقتسام منزل زوجها وتمسكت الزوجة في مواجهة بقية الورثة بوصية زوجها ، وحينما رد عليها بقية الورثة بأنه لاتجوز الوصية للزوجة لأنها وارثة أدعت الزوجة أنها شاركت مع زوجها في بناء المنزل بإعتبارها موظفة وزميلة لزوجها، إلا أن المحكمة الابتدائية قضت ببطلان الوصية إلى الزوجة على أساس أنه لاوصية لوارث،  إضافة  إلى إن الزوج لم يصرح في الوصية ان الزوجة قد شاركت معه في بناء المنزل، فالوصية أساسها أن الزوج هو المالك الوحيد للمنزل، وأنه قد أوصى لها بما زاد عن إرثها في المنزل مقابل صبرها على عدم انجابها منه ومكثها معه طوال حياته، وقد أيدت الشعبة الاستئنافية الحكم الابتدائي للأسباب ذاتها الواردة في الحكم الابتدائي، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أمام المحكمة العليا أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين للدائرة ان الشعبة قد ناقشت في حكمها إدعاءات الطاعنة بشراكتها لزوجها في المنزل وتوصلت إلى عدم ثبوت ذلك، وقد انتهت الشعبة في حكمها المطعون فيه إلى نتيجة موافقة للشرع والقانون، ولذلك فإن أسباب الطعن غير مؤثرة مما يتعين معه رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: وصية الزوج بالمنزل لزوجته دليل على ملكية الزوج للمنزل:

من شروط الوصية المقررة في الفقه الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية ان يكون الموصي مالكاً للمال الموصى به، وعلى هذا الأساس فإن قيام الزوج بالوصية لزوجته لما تبقى في المنزل من بعد نصيبها دليل على ان الزوج الموصي مالك للمنزل كاملا، كما ان قبول الزوجة للوصية وتمسكها بها في مواجهة الورثة الآخرين دليل على قبول الزوجة بتصرف زوجها في ماله الخاص، فلا يحق لها في هذه الحالة الإدعاء بأنها كانت شريكة في شراء الأرضية ثم بناء منزل الزوجية القائم عليها، لان قبولها للوصية وتمسكها بها في بداية الأمر يكذب دعواها لاحقا بأنها شريكة لزوجها في المنزل .

الوجه الثاني: إثبات الملكية العقارية يكون بالمستندات الكتابية:

وفقاً لمستندات الملكية العقارية فإن المنزل محل الخلاف، كان المنزل مكتوب في المستندات بإسم الزوج وحده حسبما هو ثابت في بصيرة شراء الأرض ثم رخصة البناء ثم إتفاقيات الماء والكهرباء والهاتف، فلم يرد ذكر إسم الزوجة ضمن هذه المستندات المعدة قانوناً لإثبات ملكية الأراضي والأبنية القائمة عليها، وقد عجزت الزوجة عن تقديم أدلة كتابية تناهض المستندات الكتابية الدالة على ملكية زوجها وحده للمنزل محل الخلاف، ففي إثبات ملكية العقارات تسري قاعدة ما ثبت كتابة لا يدحض إلا كتابة.

الوجه الثالث: التكييف القانوني لوصية الزوج لزوجته بالمنزل:

لا شك أن وصية الزوج لزوجته بالمنزل عبارة عن إقرار صادر من الزوج، وقد رفض الحكم محل تعليقنا العمل بهذه الوصية لأن  الزوجة  وارثة ربع تركة زوجها لعدم وجود الأولاد مطلقاً، والوصية لوارث لا تجوز شرعاً وقانوناً، علماً بأن الزوج لو أقر في وصيته بأن زوجته شريكة له في شراء الأرض وبناء المنزل عليها لصح هذا الإقرار إذا دلت القرائن على ان للزوجة مصدر دخل يؤهلها لمشاركة زوجها في بناء المنزل، وكذا لو أقر الزوج في الوصية بأن زوجته قد لازمته في مرضه الطويل الذي اقعده عن الحركة أو عطل حركته جزئياً، لأن ذلك يكون بمثابة إقرار من الزوج بإستحقاق زوجته للأجرة عن أعمال غير معتادة للزوجة وهي القيام بأمره اثناء مرضه المقعد الطويل اما المرض العادي فمن المعلوم ان الزوجة لا تستحق عنه الأجر، والله اعلم.