وجوب إزالة عوائق تدفق الماء من المراهق العامة إلى الأراضي الزراعية

 

وجوب إزالة عوائق تدفق الماء من المراهق العامة إلى الأراضي الزراعية

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

المراهق العامة هي الجبال والاكام والمنحدرات والسوائل العظمى، حسبما ورد في المادتين (2 و6) من قانون أراضي وعقارات الدولة، وقد كفل هذا القانون للمواطنين جميعاً الإنتفاع المشترك بالمراهق العامة المشار إليها، حسبما هو مقرر في المادة (44) من القانون المشار إليه، إلا أنه يجب على المواطنين  عند انتفاعهم بالمراهق العامة ان لا يضعوا حواجز أو مصدات أو عوائق تحول دون نزول الماء من المراهق العامة إلى الأراضي الزراعية المجاورة لها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-2-2006م في الطعن رقم (24127)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة ان نعي الطاعن غير سديد، لأن محكمة الموضوع قد عاينت محل النزاع وثبت لديها ان محل النزاع من المراهق العامة، فهو هضبة، والهضاب من المراهق العامة، وحيث ثبت لمحكمة الموضوع بأن وضع الأحجار والحطب قد أدى إلى حبس الماء من النزول من المراهق العامة إلى الأرض الزراعية اسفل الهضبة، لذلك فإن الحكم المطعون فيه صحيح في قضائه بلزوم إزالة الأحجار والحطب، فذلك يتفق مع أحكام القانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: الفرق بين المراهق الخاصة والمراهق العامة:

المراهق الخاصة: هي المراهق التابعة للأراضي الزراعية التي يتم ذكرها في وثيقة ملكية الأرض الزراعية أو تلك المراهق التابعة للأرض  الزراعية التي بحوزة مالك الأرض الزراعية التي تنتفع بها الأرض الزراعية على وجه الخصوص أو التابعة للأرض الزراعية بحسب عرف المنطقة ، اما المراهق العامة: فهي الجبال والاكام (الهضاب) والمنحدرات والسوائل العظمى وغيرها حسبما هو مقرر في المادتين (2 و6) من قانون أراضي وعقارات الدولة.

الوجه الثاني: المراهق العامة بين الملكية العامة وملكية الدولة:

لا ريب ان قانون أراضي وعقارات الدولة يخلط بين ملكية الدولة والملكية العامة، وهذا ظاهر في المادتين (5 و6) من قانون أراضي الدولة، فتصرح المادتان المشار إليهما إلى أن المراهق العامة من ضمن أملاك الدولة  اي ان ملكية الدولة والملكية العامة شئ واحد – مع ان هناك فرق بين ملكية الدولة والملكية العامة، فملكية الدولة: هي الأراضي والعقارات الخاصة بالدولة والجهات التابعة لها التي تستعملها الجهات الحكومية لمباشرة أعمالها ووظائفها – اما الملكية العامة فهي الأراضي والعقارات التي ينتفع بها المواطنون عامة إنتفاعاً مشتركاً كالمحاطب والمراعي والسوائل، وقد فرق الفقه الإسلامي في وقت مبكر بين الملكية العامة وملكية الدولة عن طريق مصطلحي (بيت مال المسلمين ومال الدولة)، فبيت مال المسلمين يمثل الملكية العامة للمجتمع المسلم، في حين ان ملكية الدولة: هي الأملاك المخصصة للدولة للنهوض بوظائفها، وقد اقتفى القانون الفرنسي اثر الفقه الإسلامي في تفريقه بين الملكية العامة وملكية الدولة عن طريق  مصطلحي(الدومين العام والدومين الخاص) السائدين في القوانين الفرنسية وشروحها. (النظرية العامة للملكية العامة، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين، ص172).

الوجه الثالث: جواز الإنتفاع المشترك للمواطنين جميعاً بالمراهق العامة:

صرحت المادة (44) من قانون أراضي وعقارات الدولة بأنه: يحق للمواطنين جميعاً الإنتفاع المشترك في المراهق العامة بالرعي أو الاحتطاب وغيرهما، ومن ذلك الإنتفاع بالماء المتدفق من المراهق العامة إلى الأراضي الزراعية المجاورة للمراهق العامة، غير أنه لا يجوز ان يؤدي إنتفاع مواطن أو مواطنين بالمراهق العامة إلى تعطيل إنتفاع المواطنين الآخرين بالمراهق العامة، ولذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد قضى بإزالة الحطب والأحجار التي حالت دون تدفق الماء من الهضبة إلى الأرض الزراعية المجاورة لها، فمن حق المواطن ان يضع الأحجار والحطب والتراب في المراهق العامة إلا أنه يجب ان لا يؤدي ذلك إلى منع غيره من المواطنين من الإنتفاع بالمراهق العامة، لأنها ملك عام، فلا يجوز ان يؤدي إنتفاع المواطن إلى حبس الماء النازل من المراهق العامة إلى الأراضي الزراعية، والله اعلم .