إذا كان العيب يرجع إلى صحيفة الدعوى جازت الإعادة إلى المحكمة الابتدائية
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
الأصل
ان محكمة الاستئناف محكمة موضوع، وإن الاستئناف يعيد طرح النزاع أمامها في حدود مافصلت فيه المحكمة الإبتدائية ،
وإن محكمة الاستئناف تتولى تصحيح الإجراءات وأوجه القصور التي تشوب الحكم
الابتدائي المستأنف فيه دون ان تعيد القضية إلى المحكمة الابتدائية التي استنفذت
ولايتها بإصدارها الحكم الابتدائي ، لكن إذا قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم
الابتدائي بسبب عيب في صحيفة الدعوى، فتقوم محكمة الاستئناف بإعادة القضية إلى
المحكمة الابتدائية حتى لا تفوت درجة من درجات التقاضي، حسبما قضى الحكم الصادر عن
الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9/2/2013م في الطعن
رقم (46870)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فالمقرر قانوناً ان محكمة الاستئناف إذا قضت
ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات وجب عليها التصدي لموضوع الدعوى
إلا أن يكون هذا العيب ممتداً إلى صحيفة الدعوى، وبما ان محكمة الاستئناف قد قضت
بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لسبب عيب في صحيفة الدعوى فإنها لا تكون قد خالفت
القانون الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن ومصادرة الكفالة ويتحمل الطاعن نفقات
المحاكمة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: معنى العيب في صحيفة الدعوى:
حدد
قانون المرافعات شروط قبول الدعوى ومن ذلك ان تكون قد رفعت إلى المحكمة بالطريقة
والإجراءات الصحيحة والمواعيد المقررة في القانون، وان تكون للمدعي صفة ومصلحة في
الدعوى المرفوعة، حسبما نصت عليه المواد (54 و71 و75) مرافعات، كما ان المادة
(104) مرافعات أشترطت ان تتوفر في عريضة الدعوى البيانات اللازمة كإسم المدعي والمدعى
عليه ولقبهما وموطنهما ومهنتهما وتاريخ تقديم الدعوى واسم المحكمة التي ترفع إليها
الدعوى وموضوع الدعوى وأدلتها وطلبات المدعي ونوعها وصفتها، ويجب ان يقوم المدعي
بالتوقيع على عريضة الدعوى، فإذا لم تتحقق في الدعوى الشروط أو لم تتوفر في الدعوى
البيانات الواجب توفرها في الدعوى وفقاً للقانون، فيجب عندئذ على المحكمة
الابتدائية إلزام المدعي بإستيفاء شروط الدعوى وبياناتها الناقصة، حسبما هو مقرر
في الفقرة (ز) من المادة (104) مرافعات، والمادة (71) مرافعات، فإذا عجز المدعي عن
ذلك، فعلى المحكمة ان تقرر عدم قبول الدعوى عملاً بالمادة (72) مرافعات، فإذا لم
تتوفر في الدعوى الشروط والبيانات المحددة في القانون على وجه الوجوب، فإن الدعوى
تكون معيبة لا يجوز قبولها أو الفصل فيها، فإذا قبلت المحكمة الابتدائية الدعوى
التي لم تتوفر فيها الشروط والبيانات اللازمة قانوناً فأنها تكون قد قبلت دعوى
باطلة وفصلت فيها بالحكم الابتدائي، ففي هذه
الحالة يكون الحكم معيبا يتعين الغاؤه، وتطبيقاً لذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن الحكم الاستئنافي
كان موافقاً للشرع والقانون في قضائه بإلغاء الحكم الابتدائي الذي قبل الدعوى التي
كان الحق المدعى به فيها مجهولاً، فقد كان المدعي يدعي بأن له ربع مساحة الأرض
المقسمة ارباعاً بينه وبين غيره من الورث، فالمدعي لم يبين أوصاف الربع الخاص به وكيف صار
له وتاريخ القسمة والقسام الذي قسم الأرض أرباعاً وحدود الأرض كلها وحدود الربع
الخاص بالمدعي ومساحته والمساحة الاجمالية للأرض المقسومة بين الورثة الأربعة، فقد
كانت الدعوى ناقصة ومجهولة لجهالة الحق المدعى به، وذلك عيب في الدعوى، ومع ذلك
فقد قبلت المحكمة الابتدائية تلك الدعوى المجهولة وفصلت فيها بحكم معيب يستحق
الإلغاء، وهذا ما قضى به الحكم الاستئنافي الذي أقره الحكم محل تعليقنا.(أصول صحف
الدعاوي، د. محمد محمود ابراهيم، ص174).
الوجه الثاني: الحكم الاستئنافي بإلغاء الحكم الابتدائي بسبب تخلف شروط الدعوى أو بياناتها الجوهرية يستتبع إعادة ملف القضية إلى المحكمة الابتدائية:
قضى
الحكم محل تعليقنا بأن قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي بسبب تخلف
شروط الدعوى أو بياناتها الجوهرية أو بطلان الدعوى يستتبع إعادة ملف القضية إلى
المحكمة الابتدائية التي اصدرت الحكم المعيب، حتى تقوم المحكمة الابتدائية بإلزام
المدعي بإستيفاء البيانات والإجراءات الناقصة في الدعوى، فإذا قام المدعي بإستيفاء
الإجراءات أو البيانات الناقصة أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في الدعوى وفقاً
لأحكام القانون، اما إذا عجز المدعي عن استيفاء الناقص في دعواه فتقرر المحكمة عندئذ
عدم قبول الدعوى وفقاً لما ورد في المادة (71) مرافعات، ويتأسس وجوب إعادة القضية
من محكمة الاستئناف إلى المحكمة الابتدائية في هذه الحالة على أسس عدة أهمها: مبدأ
التقاضي على درجتين المقرر في المادة (22) مرافعات، فتتولى المحكمة الابتدائية
استيفاء أوجه النقص والقصور في الدعوى ثم تفصل فيها المحكمة الابتدائية وهي محكمة
أول درجة وعقب ذلك تفصل محكمة الاستئناف وهي محكمة ثاني درجة إذا تم إستئناف الحكم
الابتدائي، إضافة إلى ان محكمة أول درجة في حالة الفصل في الدعوى الناقصة أو
الباطلة لم تستنفذ ولايتها، لأن حكمها السابق قد صدر في دعوى باطلة أو غير مستوفاة
للشروط والبيانات الواجب توفرها قانوناً، والله اعلم .