الأمر الجزائي يظل منتجاً لآثاره إذا لم يتم الإعتراض عليه

 

الأمر الجزائي يظل منتجاً لآثاره إذا لم يتم الإعتراض عليه

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الأمر الجزائي يصدر من النيابة العامة المختصة بموجب قانون الأحكام العامة للمخالفات  ويتضمن الأمر توقيع  بعض العقوبات المقررة في  قانون المخالفات  على مرتكبي المخالفات مثل عقوبة الغرامة والمصادرة ورد الشئ الى أصله  ، ويحق للمخالف ان يعترض على الأمر الجزائي خلال سبعة أيام من تاريخ علمه بالأمر، فإذا لم يعترض المخالف  خلال المدة المشار إليها يظل الأمر منتجاً لآثاره، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14/1/2013م في الطعن رقم (41815)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وإذ  استندت الشعبة في حكمها لنص المادة (12) من قانون المخالفات دون بحث أو تمحيص للمدة التي خلالها يجوز إلغاء الأمر الجزائي ، فأنها تكون بذلك قد اخطأت بتطبيق القانون، علاوة على مخالفتها للثابت في الأوراق لوجود موافقة من رئيس النيابة على الأمر الجزائي الذي يظل قائماً منتجاً لآثاره خاصة مع عدم الإعتراض عليه من المخال،  مما يتعين معه قبول الطعن ونقض الحكم الصادر عن الشعبة محل الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية الأمر الجزائي:

الأمر الجزائي: هو وثيقة رسمية صادرة عن النيابة العامة المختصة يتضمن تاريخ ورقم الأمر ونوع المخالفة  واسم المخالف  و بيانات محضر ضبط المخالفة  بالإضافة إلى البيانات اللازمة عن المخالفة المرتكبة وأدلة وقوعها ونسبتها للمخالف، وكذا يتضمن الأمر الجزائي العقوبة الموقعة على مرتكب المخالفة، ويصدر هذا الأمر بموجب المادة (11) من قانون الأحكام العامة للمخالفات التي نصت على ان (العقوبات التي يمكن توقيعها على المخالف هي: -1- الغرامة التي لا تقل عن ثلاثمائة ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال. -2- الغرامة النسبية في المخالفات المالية والاقتصادية. -3- إغلاق المحل نهائياً أو بصورة مؤقتة -4- سحب الترخيص أو الحرمان من مزاولة المهنة أو النشاط بصفة دائمة أو مؤقتة -5- المصادرة. -6- رد الشيء إلى أصله، ويحدد القرار الصادر بالمخالفات العقوبة التي توقع على مرتكبها من بين العقوبات سالفة الذكر، كما يجوز أن يقرر نشر المخالفة على نفقة المخالف، وتتعدد العقوبات بتعدد المخالفات.)، ويصدر الأمر الجزائي استناداً إلى محضر ضبط المخالفة المحدد في المادة (10) من قانون الأحكام العامة للمخالفات التي نصت على أن( يحرر رجال السلطة العامة المنصوص عليهم في المادة (9) من هذا القانون محضراً يتضمن المخالفة مع البيانات الأساسية  التي توضح المخالفة ويرسل المحضر إلى النيابة المختصة فور الانتهاء منه)، ويتولى اصدار الأوامر الجزائية اعضاء النيابة المختصون عملاً بالمادة  (11) من قانون الأحكام العامة للمخالفات التي نصت على ان (يتولى أعضاء النيابة العامة الذين يحددهم النائب العام إصدار الأوامر الجزائية في المخالفات التي يحددها كل في دائرة اختصاصه والعقوبات التي يمكن توقيعها بناء على الفقرة السابقة هي الغرامة التي لا تتجاوز نصف الحد الأدنى المقرر للمخالفة والمصادرة ورد الشيء إلى أصله).

الوجه الثاني: إلغاء الأمر الجزائي أو الإعتراض عليه:

اجاز قانون الأحكام العامة للمخالفات اجاز للنائب العام أو من يعينه الحق في إلغاء الأمر الجزائي المخالف للقانون، فقد نصت المادة (12) من قانون  الأحكام العامة للمخالفات  على أنه( للنائب العام أو من يعينه من رؤساء النيابة العامة إلغاء الأمر بمجازاة المخالف إذا لم يكن مطابقاً للقانون وذلك خلال سبعة أيام من تاريخ أخطارهم به)، ويباشر النائب العام الحق في الإلغاء ولو لم يتم الإعتراض على الأمر الجزائي، ومن ناحية ثانية يحق للمخالف الإعتراض على الأمر الجزائي خلال سبعة أيام من تاريخ علم المخالف بالأمر الجزائي، وفي هذا المعنى نصت المادة (13) من قانون الأحكام العامة للمخالفات على أنه( للمخالف الاعتراض على الأمر خلال سبعة أيام من تاريخ العلم بتقرير يودع دائرة كتاب المحكمة الابتدائية المختصة وتحدد جلسة لنظر الاعتراض يخطر بها المعترض في الحال فإذا لم يحضر الجلسة المحددة اعتبر تنازلا عن الاعتراض وأصبح الأمر واجب التنفيذ، أما إذا حضر فينظر الاعتراض بالإجراءات المعتادة ويجوز للمحكمة تشديد الجزاء كما يجوز لها توقيع غرامة على المعترض إذا لم يكن اعتراضه صحيحاً لا تتجاوز ثلاثة ألف ريال ويكون الأمر الذي يصدر في الاعتراض نهائياً ).

الوجه الثالث: طبيعة الأمر الجزائي:

الأمر الجزائي يصدر من النيابة المختصة بموجب قانون الأحكام العامة للمخالفات، ويتم الإعتراض عليه أمام المحكمة الابتدائية المختصة، ولذلك فإن هذا الأمر ذو طبيعة خاصة، فليس قراراً إدارياً  مثل القرارات الصادرة من جهة الإدارة لانه يصدر  من النيابة العامة باعتبارها من ضمن أجهزة السلطة القضائية وفقاً لما نص عليه الدستور، كما ان الأمر الجزائي ليس حكماً، لأن النيابة العامة وإن كانت من ضمن أجهزة السلطة القضائية إلا أنها ليست محكمة، كما ان الأمر الجزائي لا يتم الطعن فيه أمام محكمة الاستئناف وإنما يتم الإعتراض عليه أمام المحكمة الابتدائية، ولذلك فإن الأمر الجزائي ذو طبيعة خاصة، (الأمر الجزائي ومجالات تطبيقه، د. جمال ابراهيم، ص 82).

الوجه الرابع: نفاذ الأمر الجزائي إذا لم يتم الإعتراض عليه في الميعاد المقرر قانوناً:

قضى الحكم محل تعليقنا بذلك، لأن الأمر الجزائي ليس أمراً وقتياً، كما أنه لا يتضمن تدبيراً وقتياً وإنما يعالج وضعاً دائماً كرد الشئ إلى أصله او المصادرة أو الغرامة ، ولذلك فإن الأمر الجزائي يكون نافذاً إذا لم يتم الإعتراض عليه في الوقت المقرر قانونا وهو سبعة أيام من تاريخ علم المخالف بالأمر الجزائي ، وتبعاً لذلك تترتب على الأمر الجزائي كافة الآثار القانونية بإعتباره منتجاً للآثار التي رتبها القانون عليه، والله اعلم .