دعوى الإنعدام لا توجه إلا لاصل الحكم وليس لصورته

 

دعوى الإنعدام لا توجه إلا لاصل الحكم وليس لصورته

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الحكم المنعدم لا وجود له فهو والعدم سواء، ولكن  يجب على المدعي بإنعدام الحكم ان يثبت  صدور الحكم  المنعدم الذي يستحق القضاء والتقرير بإنعدامه، أي يجب على المدعي بالإنعدام إثبات حالة الإنعدام بابراز اصل الحكم المدعى بإنعدامه التي تثبت أن ذلك الحكم قد صدر، فإثبات صدور حكم منعدم يستدعي على المدعي أن يقدم نسخة الحكم الأصلية التي تدل على صدور الحكم وإنعدامه، فابراز صورة من الحكم  المنعدم لاتدل على صدور الحكم المنعدم، فلا يقبل الإستدلال بصورة من ذلك الحكم، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 21-4-2013م، في الطعن رقم (31054)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان مدعي الإنعدام قد سلك الطريق  الذي قرره القانون في أحكام المواد (55 و56 و57) مرافعات، وحيث ان الفصل في دعوى الإنعدام قد تأخر كثيراً لسبب لا يرجع إلى هيئة الحكم بل لعدم تحقق شرطها الأساسي وهو لزوم توفر أصل الحكم المدعى بإنعدامه ضمن أوراق القضية، حيث لا تنظر دعاوى إنعدام أحكام بمجرد صور للحكم المدعى بإنعدامه ، لأن دعوى الإنعدام لا تقع إلا على حكم أصل له وجوده الواقعي، فالنظر في دعوى الإنعدام محله تحقق سبب من أسباب الدعوى التي تكشف عن عدم وجود الحكم المدعى بإنعدامه قانوناً منذ نشأته وان لا حياة فيه حتى يمكن إزالة الوجود الحقيقي للحكم المدعى بإنعدامه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الٱتية:

الوجه الأول: مفهوم إنعدام الحكم:

يشترط قانون المرافعات في المادة(9 )ان يصدر الحكم من قاضي أو محكم له ولاية لازالت قائمة تجيز له ان يصدر الحكم، كما اشترط القانون ذاته في المادة( 217 ) ان يكون الحكم صادرا من ذي ولاية وان يكون مكتوباً وفاصلاً في خصومة منظورة أمام القاضي أو المحكم صاحب الولاية، فإذا صدر الحكم خلاف ذلك فإنه يكون منعدماً من وجهة نظر القانون وان كان له وجود على الأوراق، ولأن الحكم المنعدم لا وجود له في نظر القانون فإنه لا يتحصن بمضي المدة، ووسيلة مواجهة الحكم المنعدم هي دعوى الإنعدام أو الدفع بالإنعدام عند محاولة تنفيذه، ولذلك لا يكون الحكم المنعدم محلاً للطعن، لأن الطعن لا يتجه إلا إلى الأحكام الباطلة التي تشوبها أوجه العيب والقصور  والتي توفرت في مصدرها الولاية وتوفرت في الحكم الشروط المقررة قانوناً. ( نظرية وظيفة القضاء، د. أحمد محمد حشيش،ص 132).

الوجه الثاني: صورة الحكم المدعى بإنعدامه لا تكفي للتدليل على الوجود الواقعي للحكم المنعدم :

مع ان الحكم المنعدم لا وجود له في نظر القانون على النحو السابق بيانه إلا أنه يجب على المدعي بإنعدام الحكم ان يثبت صدور الحكم المنعدم وإثبات ذلك يستدعي من المدعي ان يثبت ذلك عن طريق الكتابة، لأن القانون اشترط  ان يكون الحكم  مكتوباً حسبما ورد في المادة (217) مرافعات التي نصت على ان (الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية قضائية شرعية وقانونية)، ولذلك يجب على المدعي بإنعدام الحكم ان يثبت صدور الحكم المنعدم المكتوب، ولا يتسنى له إثباته إلا عن طريق تقديم النسخة الأصلية للحكم المدعى بإنعدامه، لأن الحجية القانونية في قانون الإثبات لا تكون إلا لأصول المحررات، فلا حجة لصورة الحكم  في الإحتجاج بإنعدام الحكم، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، إضافة إلى أنه لا مجال لإثبات الحكم المنعدم بوسائل الإثبات غير الكتابة المقررة في قانون الإثبات كإقرار القاضي أو المحكم أو شهادة الشهود على صدور حكم منعدم.( نظرية الأحكام لأستاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء، ص 95). والله اعلم.