شروط التقرير الطبي بتحديد نسبة العجز في العضو المصاب

 

شروط التقرير الطبي بتحديد نسبة العجز في العضو المصاب

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الإصابات التي تلحق بالأشخاص في الحوادث المختلفة تستدعي الإسعاف الفوري والسريع للمصابين إلى أقرب مستشفى من مكان الحادث لإجراء الإسعافات والتدخلات الطبية في الوقت المناسب ، وقد يكون  هذا المستشفى من المستشفيات الخاصة  الذي يقوم بإعداد تقرير طبي عن حالة المريض المصاب، فيتضمن هذا التقرير ساعة ويوم وتاريخ دخول المصاب المستشفى ونوع الإصابات التي كان يعاني منها واماكنها ومسافاتها واعماقها وسبب حدوثها، ويجب أن يتم التوقيع على هذه التقارير من قبل الطبيب المعالج ورئيس القسم الطبي الذي يتبعه الطبيب المعالج بالإضافة إلى توقيع إدارة المستشفى ووضع ختمها، وإذا كان التقرير الطبي قد تضمن تحديد العجز في العضو المصاب في جسم المصاب فأنه ينبغي عرض هذا التقرير على هيئة مستشفى الثورة العام لدراسة التقرير ومراجعته والمصادقة عليه بعد التحقق من صحة وسلامة تحديد نسبة العجز في العضو المصاب، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13/4/2013م في الطعن رقم (47967)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما عن نعي الطاعن بعدم صحة ما قضى به الحكم الاستئنافي بشأن مقدار العجز الحاصل في الاصبع اليمنى للطفل المجني عليه، فذلك الطعن له سند في الأوراق والقانون، حيث ان القرار الطبي الصادر عن المستشفى الخاص قد صدر بتوقيع مدير المستشفى، فلم يكن موقعاً من الطبيب المعالج ولم يكن مؤرخاً ولم يصدر عن اللجنة الطبية بهيئة مستشفى الثورة العام، وبذلك يكون قضاء الشعبة مبنياً على سند غير صحيح مما يلزم نقضه في هذه الجزئية))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: المقصود بتحديد نسبة العجز في العضو المصاب:

ينجم عن الحوادث المختلفة إصابة بعض اعضاء جسم الضحية بعجز كلي أو جزئي عن أداء الوظيفة العضوية كالأصابع والأيدي والأرجل والأذان...إلخ، حيث تتفاوت نسبة العجز  في العضو المصاب بحسب نوع الإصابة التي تلحق بالعضو المصاب، فقد يكون العجز في العضو كلياً أو جزئيا، فاذا كان  العحز جزئياً فقد تقل نسبة العجز أو تزيد، حيث يتم تحديد نسبة العجز بنسبة مئوية معينة (20% أو 30) أو اعلى أو اقل من ذلك، حيث يتحدد في ضوء هذه النسبة مقدار الأرش والتعويض المستحق للمصاب، ونسبة العجز في العضو المصاب تعني إبطال منفعة العضو جزئياً في مصطلح الفقهاء، فمثلاً إذا تحددت نسبة العجز في الأنف  (100%)  فإن ذلك يعني إبطال منفعة الأنف كلية، واذا كانت  نسبة العجز 30٪فإن  ذلك إبطال منفعة الأنف بهذه النسبة ، وفي ضوء  هذه النسبة يتحدد مقدار الارش والتعويض المستحق للمصاب، ففي هذه الحالة يستحق المصاب  دية عمد  كاملة إذا كان الفعل عمديا وكان العجز كليا في  أنف المصاب، واذا كان  العجز جزئيا فيتحدد الأرش والتعويض بحسب نسبة العجز  في الأنف أو العضو( أوجه الطعن على التقارير الطبية، جمال الدين جمعة، ص47 ).

الوجه الثاني: وجوب التحري والتحوط عند تحديد نسبة العجز في العضو المصاب:

يترتب على تحديد نسبة العجز في العضو المصاب آثار قانونية بالغة الخطورة، فبموجب هذا التحديد فإن المصاب يستحق نسبة من الأرش أو التعويض على قدر نسبة العجز في العضو، لأن الأرش عقوبة ولذلك اجاز قانون الجرائم والعقوبات ان يجتمع الأرش مع التعويض حسبما هو مقرر في المادة (80) من قانون الجرائم والعقوبات، إضافة إلى ان تحديد نسبة العجز في العضو المصاب تستدعي إمكانيات وخبرات خاصة قد لا تتوفر لدى كثير من المستشفيات، ولذلك صرح الحكم محل تعليقنا بأنه كان من الواجب على محكمة الموضوع إحالة التقرير الطبي الصادر عن المستشفى الخاص إلى هيئة مستشفى الثورة العام لمراجعته والمصادقة عليه، لأن التقرير الطبي الصادر من المستشفى الخاص ليس محرراً رسمياً وفقاً لقانون الإثبات لأنه ليس صادراً من جهة رسمية أو موظف رسمي.

الوجه الثالث: وجوب توقيع الطبيب المعالج على التقرير الطبي المتضمن تحديد نسبة العجز في العضو المصاب :

قضى الحكم محل تعليقنا بأن التقرير الطبي المتضمن تقدير نسبة العجز يجب ان يتم  التوقيع عليه من قبل الطبيب الذي قام بفحص حالة المصاب   وتأكد من نوع اصابته ووقف على البيانات اللازمة عن الإصابة ومدى قابليتها للعلاج، حيث توصل من خلال ذلك إلى تحديد نسبة العجز في العضو المصاب ، فتوقيع الطبيب على التقرير إجراء لازم لأنه المختص الذي قام بفحص الحالة وقام بإعداد التقرير، اما مدير المستشفى فوظيفته إدارية، ولذلك ينبغي ان تتولى تحديد نسبة العجز في العضو المصاب لجنة طبية مثلما صرح الحكم محل تعليقنا، إضافة إلى ان التقرير الذي يتم توقيعه من  قبل طبيب واحد يكون بمثابة شهادة الواحد، أي ان التقرير الطبي في هذه الحالة من قبيل البينة الناقصة التي لا تكفي لإستناد الحكم إليها في تحديد الأرش أو التعويض على أساسها مثلما قضى الحكم محل تعليقنا،( أوجه الطعن على التقارير الطبية، جمال الدين جمعة، ص65 ) والله اعلم .