الفصل في طلبات الخصوم بحكم واحد

 

 الفصل في طلبات الخصوم بحكم واحد

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

من أسباب تناقض الأحكام والإجراءات القضائية إصدار عدة أحكام في دعاوى وطلبات مرتبطة ببعضها بالإضافة إلى أن هذا الأمر سبب رئيس في إطالة إجراءات التقاضي وتعقيدها ، ولاريب أن تعقيد القضايا على هذا النحو يتسبب في فقدان ثقة المتقاضين والجمهور بالأحكام بسبب تعدد الأحكام  في القضية الواحدة وتناقضها، وللأسف ان قانون المرافعات قد اجاز للقاضي في المادة(203 ) ان  يفصل في الدعوى الأصلية بمعزل عن الطلبات العارضة وطلبات التدخل التي تصدر فيها أحكام أخرى لاحقا، وقد أرشد الحكم محل تعليقنا إلى الفصل في الدعاوى والطلبات المقدمة في القضية الواحدة بحكم واحد حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-5-2013م في الطعن رقم (50032) الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما ما اثاره الطاعنون فأنه كان الواجب على المحكمة ان تضم القضايا والطعون مع بعضها وتحكم فيها طبقاً للأدلة وطبقاً للشرع والقانون ما دام اطرافها محصورين في العمال المدعين ومن إليهم كطرف والشركة طرف ثان، حتى لا تصدر المحكمة أحكاماً متناقضة ينقض بعضها بعضاً، كما يجب على محكمة الاستئناف عند ما ترسل ملف القضية إلى المحكمة العليا ان تضمن الملف أصول الأحكام الابتدائية والاستئنافية جميعاً حتى تتم دراستها والفصل في الطعن بعد الدراسة عن علم، حيث ان الطاعنين يدافعون عن الحكم الابتدائي الذي الغته محكمة الاستئناف، في  حين انه غير موجود في الملف!!!؟))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: أسباب تعدد الدعاوى والطلبات:

تتعدد الطلبات والدعاوى في القضية الواحدة بسبب الطلبات الإضافية والعارضة. وطلبات التدخل والدعاوى المقابلة والدفوع المقدمة من الخصوم اثناء نظر القضية الواحدة، فيجوز للمدعي الأصلي بعد إن يقدم دعواه الأصلية ان يقدم طلبات إضافية ويجوز له ان يرد على دعاوى خصمه المقابلة بالدفوع، ومن جانب آخر يجوز للمدعى عليه ان يقدم دعاويه وطلباته المقابلة  والدفوع في مواجهة دعاوى المدعي الأصلي وطلباته، ومن ناحية  ثالثة يجوز لغير المدعي والمدعى عليه ان يتدخل تدخلا إختصاميا أو تدخلا انضمامي في القضية القائمة فيما بين المدعي والمدعى عليه، وفي الوقت ذاته قد يستدعي الأمر أن تقوم المحكمة من تلقاء ذاتها بإدخال غير الخصوم في القضية وفقا لقانون المرافعات .

الوجه الثاني: تناقض الأحكام بسبب تعدد الدعاوى والطلبات في القضية الواحدة:

للأسف ان قانون المرافعات قد اجاز الفصل في الدعوى التي قد صارت جاهزة للفصل فيها بمعزل عن الدعاوى والطلبات الأخرى المتعلقة بها حسبما ورد في المادة (203) مرافعات التي نصت على أنه (ولا يترتب على الطلبات العارضة أو التدخل إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للحكم فيها) ولذلك تتعدد الأحكام والإجراءات في القضية الواحدة التي تتضمن طلبات ودعاوى مختلفة، وفي حالات كثيرة تتناقض الأحكام والإجراءات بسبب تعددها، فتحدث الصراعات بين الخصوم وذلك يفقد الخصوم الثقة في الأحكام القضائية بل ان ذلك يفقدهم الثقة بالقضاء ذاته ، كما ان هذا الوضع يوجد نزاعات بين الخصوم ويشغل القضاء في معالجة تناقض الأحكام، وعلى هذه الخلفية فقد أرشد الحكم محل تعليقنا إلى أهمية الفصل في طلبات الخصوم ودعاويهم المتعددة في القضية الواحدة بحكم واحد.

الوجه الثالث: كيفية الفصل في دعاوى وطلبات الخصوم المتعددة في القضية الواحدة:

يبدي الخصوم طلباتهم ودعاويهم اثناء جلسات المحاكمة في القضية، حيث تتضمن جلسات المحاكمة دعاوى الخصوم وطلباتهم بحسب تواريخ ابدائها او تقديمها، وقانون المرافعات يوجب على القاضي ان يفصل في طلبات الخصوم وإلا كان حكمه باطلاً حسب ما ورد في المادة (221 ) مرافعات، وذلك يقتضي ان يفصل القاضي في كل الدعاوى والطلبات المقدمة أمامه عند نظره للقضية ، حيث يرتب القاضي عند فصله في الدعاوى والطلبات على أن يعرض اولا الدعوى الأصلية والدعاوي والطلبات الإضافية إليها ثم الدعوى المقابلة المرفوعة من المدعى عليه أصلياً ثم طلبات التدخل والادخال( الطلبات العارضة والتدخل في الدعوى، د. مهدي كامل الخطيب، ص87).

الوجه الرابع :نقص وثائق ومستندات  ملفات القضايا المرفوعة للمحكمة العليا  أو عبث الخصوم فيها قبل وصولها إلى المحكمة العليا :

ليس خافيا ان ملفات القضايا المرفوعة إلى المحكمة العليا تتعرض لعبث الخصوم قبل وصولها إلى المحكمة العليا، فيقوم  بعض الخصوم بنزع بعض المستندات أو أو نزع صفحات من المستندات أو المذكرات ، لان الخصم الآخر لايستطيع التحقق من وصول كافة مستندات وأوراق القضية إلى المحكمة العليا وسلامتها لعدم وجود جلسات أمام دوائر المحكمة العليا، ففي بعض الحالات يتم رفع الطعن إلى المحكمة العليا  ولايرفع معه الرد على الطعن واحيان يرفع الطعن الجزئي ولايرفع معه الطعن الأصلي، واحيان يرفع التعقيب ولايرفع الرد وهكذا، وهذه المسألة تحتاج إلى دراسة ومعالجة من قبل المختصين، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى ان الحكم الابتدائي غير موجود ضمن ملف القضية، كما اشار الحكم إلى أن بعض المستندات عبارة عن صور غير واضحة وبعض المستندات تم الطمس والشطب فيها، والله اعلم.