التعويض المستحق باسم المحل التجاري
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
وفقاً
للقانون اليمني يجب أن تكون للمحلات
التجارية أسماء تجارية تميزها عن بعضها، فيتم التخاطب والتعامل معها من قبل
الجهات المختصة وزبائنها بالاسماء
التجارية لها، ولا شك ان المحلات التجارية قد يمتلكها شخص أو أشخاص شركاء فيها
يجنوا ارباحها ويتحملوا خسائرها، فتكون لهم حقوقها ويتحملوا الالتزامات القائمة
عليها ، فالشركاء في المحل التجاري شركاء في كل حقوق والتزامات المحل التجاري،
وتطبيقاً لذلك إذا ظهر تعويض باسم المحل التجاري فيكون هذا التعويض من حق الشركاء في
المحل بحسب نسب الشراكة في المحل، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية
بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-2-2013م في الطعن رقم (47109)، الذي
تضمن في أسبابه: ((أنه قد تبين لمحكمة الموضوع شراكة الاخوين في البقالة التي كانا
يعملا فيها بمدينة... دولة... اثناء الغزو... لتلك الدولة ، وحيث ثبت شراكة
الاخوين في البقالة المشار إليها، وحيث ثبت ان الحكومة.... قد صرفت التعويض باسم
البقالة المشار إليها فإن الشريكين في البقالة يستحقا التعويض مناصفة بحسب نسبة
الشراكة بينهما في البقالة، ولذلك فإن نعي الطاعن في غير محله، لأن التعويض قد تم
دفعه من الحكومة باسم البقالة وليس باسم الطاعن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في
الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ماهية اسم المحل التجاري:
المحل
التجاري الذي تناوله الحكم محل تعليقنا يقع في دولة اخرى غير اليمن، لكن من
المعلوم ان الاسماء التجارية للمحلات في كل الدول يتم تسجيلها لدى الإدارة العامة
للاسماء التجارية بوزارات الصناعة
والتجارة في سجل خاص يعد لهذا الغرض، ويتضمن هذا السجل البيانات الخاصة عن المحل التجاري مثل
مالك المحل والشركاء فيه وعنوان المحل ونوع نشاطه ورأس ماله...إلخ، ويتم التعامل
والتخاطب مع المحل التجاري من قبل الجهات الرسمية والشركات والزبائن بالاسم
التجاري للمحل دون النظر إلى الشركاء في المحل التجاري أو العاملين في المحل ،
ويكون المحل التجاري مسؤولاً عن كافة التعاملات التي تتم باسمه التجاري، وبالمقابل
تكون للمحل التجاري الحقوق التي يتم قيدها باسمه، وتقوم الجهات المختصة في الدول
المختلفة بتنظيم الاسماء التجارية للمحلات لتمييز المحلات التجارية عن بعضها،
ولغرض تنظيم وحماية حقوق المحلات التجارية وأيضاً حماية حقوق المتعاملين مع هذه
المحلات(المحل التجاري، د. علي حسن يونس، ص135).
الوجه الثاني: الشراكة في المحل التجاري وإثباتها:
كان
جانب من النقاش الذي تناوله الحكم محل تعليقنا بشأن إثبات الشراكة في البقالة، حيث
تم إثبات الشراكة عن طريق المحررات الكتابية الرسمية التي دلت على ان الاخوين
شريكان في البقالة، فالمحل التجاري يباشر نشاطاً تجارياً تقوم الدولة بالترخيص له،
كما ان الجهات المختصة تلزم مالك المحل بأن يتخذ اسماً تجارياً لمحله التجاري، ولذلك
فإن الترخيص هو الدليل المعتبر والمعد قانوناً لإثبات ملكية المحل التجاري أو
الشراكة فيه، غير أنه من الممكن إثبات صورية المحررات الدالة على الشراكة أو ملكية
المحل التجاري عن طريق وثائق كتابية مماثلة، لأن ما ثبت كتابة لا يدحض إلا كتابة،
ولأن مبدأ الثبوت الكتابي هو المعمول به في إثبات المسائل والأنشطة التجارية حسبما هو معلوم،، ويندرج ضمن ذلك إثبات الشراكة وتحديد
نسب شراكة الشركاء في المحل التجاري ، وفي ضوء ذلك يتم تحديد حصة كل شريك من ارباح
وخسائر المحل وحقوقه والتزاماته (المرجع السابق، ص116).
الوجه الثالث: إستحقاق الشركاء التعويض الممنوح للمحل التجاري:
كان
محل الخلاف بين الاخوين الشريكين في البقالة في دولة اجنبية تعرضت للغزو من دولة أخرى مجاورة لها، وفي
الغزو لتلك الدولة تعرضت محتويات البقالة للتلف،
وفي السنوات اللاحقة للغزو وبعد جلاء
القوات الغازية قامت الدولة التي تقع فيها البقالة بتعويض البقالة بمبلغ كبير تم صرفه
باسم البقالة، وعندئذ أدعى أحد الاخوين ان التعويض المدفوع من الدولة من حقه وحده،
لأنه لم يغادر الدولة التي تقع بها البقالة وأنه الذي قام بمتابعة التعويض لدى الجهات المختصة، في حين أن اخاه كان قد غادر
الدولة التي تقع بها البقالة حين دخول قوات الغزو إلى الدولة، لكن الحكم محل
تعليقنا قضى بأحقية الاخوين الشريكين في البقالة للتعويض ما دام ان الدولة قد صرفت
التعويض باسم البقالة وليس باسم الأخ الذي بقى في الدولة التي تقع بها البقالة حتى
تم تحرير تلك الدولة، والله اعلم .