تداخل الإقعاد مع التصرفات اللاحقة للجد
الإقعاد
هو: وصية اختيارية تصدر من الجد، فيوصي
بإقامة أو إقعاد أولاد ولده المتوفى اثناء حياة الجد، فيتضمن الإقعاد بأن الجد بأن
قد اقعد أو انزل أو اقام اولاد ولده مقام ابيهم المتوفى فيما يتعلق بنصيبه من تركة
الجد بعد وفاته ، والإقعاد بهذا المعنى
يتداخل مع غيره من التصرفات المماثلة التي تصدر من الجد لأولاد ولده المتوفى اثناء حياة الجد ، فالجد يقوم بإقعاد أولاد ولده
ثم يتنازل لهم عن السدس المستحق له من تركة ابنه، كما قد يوصي الجد بعد الإقعاد لأولاد لولده بوصية أخرى، كما قد يتوفى
ولد اخر فيقوم الجد بإقعاد اولاده، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن التصرفات
الصادرة من الجد لأولاد أولاده تتداخل فيما بينها، فتكون نافذة كلها ولكن في حدود ثلث تركة الجد المتصرف، لان الحد
الأقصى للوصية هو الثلث شرعا وقانوناً، حسبما
قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ
11-3-2013م في الطعن رقم (47671)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فما عللته محكمة أول
درجة بشأن الإقعاد والتمليك اللاحق به غير سديد، فالإقعاد وتمليك ابناء الابن صحيح،
لأنهم غير وارثين، والشارع قد اجاز للمالك التصرف في ماله بحدود الثلث، والقانون
لم يمنع ذلك إلا بالنسبة للوارث للحيلة أو وارث الوارث في حياة مؤرثه، فالإقعاد قد
تعقبه التمليك ودخل فيه، فلن يحصل ابناء الابن إلا الثلث من كل أموال التركة ))، وقد
أقرت الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا اقرت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب
حكم المحكمة العليا: ((اما بخصوص الإقعاد لابناء الابن مكان ابيهم فإن ما ذهبت
إليه محكمة الاستئناف من ان الإقعاد قد تعقبه تمليك ابناء الابن ثلث مال جدهم وأن
الإقعاد يتداخل مع التمليك الذي لحقه، فذلك التعليل في محله))، وسيكون تعليقنا على
هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: تداخل الإقعاد مع الوصية للمقعدين :
الإقعاد يعد من قبيل الوصية الصادرة من الجد
لأولاد أولاده مطلقاً ذكوراً واناثاً، ولذلك تسري على الإقعاد أحكام الوصية، فيصح
الإقعاد لأولاد الأولاد إذا لم يكونوا وارثين، كأن يكونوا محجوبين بأعمامهم، ويكون
الإقعاد نافذا بحدود ثلث تركة الجد بعد ان يموت الجد، لأن الوصية تصرف لما بعد
الموت، وقد يجد الجد ان الإقعاد لا يكفي أولاد أولاده فيقوم بالوصية إليهم بمال
معين أو نسبة معينة من تركته، وذلك جائز شريطة ان لا يزيد الإقعاد والوصية
الإضافية عن ثلث تركة الجد، وهذا هو المقصود بالتداخل الذي اشار إليه الحكم محل
تعليقنا، ولكن يحدث الخلاف في اليمن عند إستخراج نصيب المقعدين، حيث يذهب اتجاه
إلى أنه يجب الإلتزام بمقصود الجد المقعد الذي اراد بالإقعاد حلول أولاد أولاده
محل والدهم المتوفي في التركة، وذلك يقتضي دخول أولاد الأولاد في إجراءات القسمة مثلهم في ذلك مثل باقي الورثة ، فيكون لهم نصيب والدهم بعد القسمة حيث يتم إخراج
الديون والوصايا والإلتزامات القائمة على تركة الجد، فلا يأخذ أولاد لأولاد نصيب
ابيهم من رأس التركة، في حين يذهب اتجاه آخر إلى ان الإقعاد وصية مثل غيرها من
الوصايا، ولذلك تسري عليها القاعدة العامة في إخراج الوصايا، فيخرج الإقعاد من رأس
التركة قبل إجراء القسمة بإعتبار الإقعاد وصية .
الوجه الثاني: تداخل الإقعاد مع الهبة:
سبق القول ان الإقعاد وصية إختيارية لما بعد الموت تصدر من الجد لأولاد أولاده، ولذلك
فالإقعاد تصرف لما بعد الموت اي ان تعريف الوصية يشمله، اما الهبة فمنجزة اثناء
حياة الجد، وبما ان الهبة منجزة اثناء الحياة إذا قبضها الموهوب لهم أولاد الأولاد
فاستهلكوها حقيقة أو حكماً اثناء حياة جدهم أو قبضوها اثناء حياة الجد فأنها لا
تتداخل مع الإقعاد، لأن الهبة تصرف اثناء الحياة والإقعاد تصرف إلى مابعد الموت، لكن
القانون اشترط في الهبة مراعاة المساواة بين الورثة في الهبة
حسبما ورد في المادة (183) أحوال شخصية، التي نصت على انه (تجب المساواة في الهبة
والمشتبهات بها بين الأولاد وبين الورثة بحسب الفريضة الشرعية)، ومن المعلوم ان
أولاد الولد الذين تم إقعادهم ليسوا ورثة، كما انهم ليسوا أولاد بل أولاد ولد غير
وارثين ، ولذلك يجوز لجدهم اثناء حياته ان يهبهم بعض ماله اضافة إلى اقعادهم (الوجيز في أحكام
الأسرة، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين، ص215).
الوجه الثالث: مدى تداخل الإقعاد مع تنازل الجد عن نصيبه من تركة ابنه المتوفي اثناء حياة الجد :
تنازل الجد عن نصيبه الشرعي في تركة ولده المتوفي
اثناء حياته جائز، لأن هذا التنازل قد وقع بعد وجود حق الجد في تركة ابنه، وتنازل
الوالد عن نصيبه في تركة ابنه تصرف اثناء حياة الجد، ولذلك فأنه لا يتداخل مع
الإقعاد، لأن الإقعاد تصرف لما بعد الموت في حين ان التنازل يعد من قبيل الهبة الصادرة من الجد
لأولاد ولده غير الوارثين، فإذا قبضوا المال المتنازل عنه اثناء حياة جدهم أو كان
المال في قبضتهم، فلا يجوز للجد الرجوع عنه حسبما هو مقرر في المادتين (196 و197)
أحوال شخصية، اما إذا كان المال المتنازل عنه أو السدس بقبضة الجد ولم يستلمه
أولاد الولد اثناء حياة الجد فأنه يكون في حكم الوصية فيتداخل عندئذ مع الإقعاد على النحو السابق
بيانه.
الوجه الرابع : تداخل الإقعاد مع الإقعاد :
يتداخل الإقعاد مع الإقعاد عندما يقوم الجد
بإقعاد أولاد احد أولاده ثم يموت ولد اخر فيقوم الجد بإقعاد أولاد أولاده أيضاً،
وقد يموت ولد ثالث فيقوم الجد بإقعاد أولاده، ففي هذه الأحوال يتداخل الإقعاد مع
الإقعاد، فعندئذ يستحق اولاد الاولاد المقعدين جميعا ثلث التركة فقط، لأن الإقعاد
من قبيل الوصية الاختياري لما بعد الموت فلايجوز ان تزيد الوصية على الثلث، والثلث
كثير كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والله اعلم.