لا يقبل طلب إعادة التمييز لأموال التركة

 

لا يقبل طلب إعادة التمييز لأموال التركة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

إذا تمت القسمة صحيحة مستوفاة لأركانها وشروطها الشرعية والقانونية، وتم  تطبيق فصول المتقاسمين على أرض الواقع عن طريق تمييز وتحديد نصيب كل وارث على حدة، وتم وضع العلامات والحدود الفاصلة بين حصص الورثة المتقاسمين، وقبض كل وارث ما يخصه، فلا يقبل طلب أحد الورثة إعادة التمييز مرة أخرى أو الإدعاء بأن حصة بعض الورثة أكبر أو أزيد من حصته، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-12-2012م في الطعن رقم (46437)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي، (فقد تبين من المحررات المبرزة من الطرفين وقوع القسمة والإنفصال والتمييز والمناقلة والخسف والمراضاة، وضربت الاوتاد واقيم الفاصل أي سوم (عريم) فاصل – وقطع وانقطع ما تميز لكل واحد من الورثة عن الآخر، ولذلك لا يجاب طلب إعادة التمييز)، وقد أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين ان الحكم الاستئنافي جاء صحيحاً فيما أوضحه واستند إليه وموافقاً في نتيجته للشرع والقانون لقضائه بإلغاء الحكم الابتدائي ورفض قبول دعوى الغصب أو إعادة التمييز))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية تمييز وتعيين انصبة الورثة:

 التمييز هو تطبيق لفصول المتقاسمين على أرض الواقع  فتمييز مافي فصول الورثة هو الإجراء الأخير من إجراءات القسمة، إذ يقوم الخبراء أو العدول بتمييز ما يخص كل مقاسم، حيث يتم وضع الفواصل التي تفصل حصة كل وارث عن غيره، ويكون هذا الفاصل بالنسبة للأراضي على شكل (سوم أو عريم أو عبيلة) وهي فاصل ترابي، وقد يكون هذا الفاصل حجراً ثابتاً في الأرض( وثنا ) وقد يكون شجرة معمرة أو ساقية أو جدارا،  والتمييز على هذا النحو : هو عبارة عن تطبيق عملي لفصول المتقاسمين التي  سبق أن وافق عليها المتقاسمون واقروها وتاكدوا من صحتها وسلامتها، فالفصول حجة بين المتقاسمين وعليهم، وغالباً ما يتم التمييز بمحضر يتم تحريره بين الورثة المتقاسمين، وبناءً على ذلك فإن تمييز حصة كل وارث من أراضي التركة يكون بمثابة تسليم كل وارث حصته من الأرض التي كانت مشتركة ، حيث يفترض ان كل وارث قد عاين وشاهد عملية  تمييز نصيبه  عن غيره وتأكد من مطابقة عملية التمييز لفصول المتقاسمين، وتحقق حينئذ من سلامة إجراءات  التمييز أو التعيين.

الوجه الثاني: قبض المقاسم لنصيبه في الأرض:

 سبق القول بأن تمييز انصبة المتقاسمين هو تطبيق واقعي لفصول القسمة، ولذلك فأنه بعد إنتهاء تمييز حصص الورثة في الأرض عن بعضها ووضع العلامات الفاصلة بين تلك الحصص يكون ذلك قبول من كل مقاسم بحصته مالم يعترض حينئذ، فإذا لم يعترض فإن ذلك يكون قبولاً منه بالتمييز وبحصته التي تميزها عن غيرها، وان ذلك موافق لما ورد في فصله ، وبناءً على ذلك إذا لم يعترض المقاسم عند التمييز فأنه يكون قد قبض حصته وتأكد من مساحتها وانها موافقة لما ورد في فصله وفي وثائق القسمة الأخرى، وبناءً على ذلك لا يقبل منه الإدعاء بأن حصته المميزة أقل من تلك المعينة له في وثائق القسمة وإن حصص المتقاسمين الآخرين أزيد من حصته حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثالث: الحكمة من عدم قبول طلب المقاسم أو دعواه إعادة تمييز حصص المتقاسمين في الأرض:

سبق القول ان التمييز هو تطبيق لفصول القسمة التي تمت بالتراضي فيما بين المتقاسمين، وذكرنا أيضا ان عملية التمييز تتم بحضور المتقاسمين حيث يشاهدوا عملية  تطبيق فصولهم ووضع العلامات الفاصلة بين حصصهم ، فعندئذ يتأكد المتقاسمون من ان عملية التمييز قد تمت بحسب الحصص المحددة للمتقاسمين في فصولهم، وعندئذ تكون عملية التمييز لحصص المتقاسمين بمثابة تسليم لكل واحد من المتقاسمين حصته، فإذا لم يعترض المقاسم عندئذ، فإن عملية التمييز قد تمت مطابقة للحصص المحددة في فصول القسمة، فلا يقبل طلبه إعادة القسمة، والله اعلم .