تقدير الغلة بنظر خبيرين لا يكون تعليقاً للحكم

 

تقدير الغلة بنظر خبيرين لا يكون تعليقاً للحكم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

التعليق والإرجاء مبطل للحكم، لان القانون اشترط في الحكم ان يكون جازماً حاسماً للنزاع لا تعليق فيه ولا إرجاء، غير ان الحكم بتقدير الغلة عن طريق خبيرين عدلين لا يعد تعليقاً للحكم على رأي الخبيرين   اذا كان موضوع النزاع الذي فصل فيه الحكم هو ملكية الأرض وكانت غلة الأرض أثرا من آثار الحكم بملكية الأرض، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-3-2015م في الطعن رقم (56551) الذي ورد ضمن أسبابه: ((فما ورد في السبب الأول من النعي على الحكم المطعون فيه بتأييده للحكم الابتدائي الذي تم تعليقه على شرط وهو دفع غلة الأرض الزراعية لمدة عشر سنوات بما يقدره عدلان خبيران مما يجعل الحكم غير حاسم...إلخ، فالدائرة تجد أن هذا النعي غير سديد، لأن النزاع  كان في أصل الحق وهو الأرض الزراعية الذي حسمه الحكم بثبوت الحق في الأرض للمطعون ضده، فتقدير الغلة قد ترتب على ثبوت الحق في الأرض))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: التعليق والإرجاء المبطل للأحكام:

هو إرجاء الفصل في موضوع النزاع وتعليقه على أمر أو فعل لاحق للنطق بالحكم، مثل تعليق مقدار المديونية محل الخلاف على تقرير محاسبي يصدر من محاسب بعد صدور الحكم أو تعليق مقدار المديونية على يمين يحلفها الخصم بعد صدور الحكم...إلخ، فالإرجاء والتعليق في هذه الأحوال ونظائرها يتناول موضوع الخلاف الذي كان موضوع دعوى المدعي، فالإرجاء والتعليق في هذه الأحوال مبطل للحكم، لأن الحكم المعلق لا يفصل في النزاع ولا يحسمه، وتبعاً لذلك تتخلف في الحكم المعلق خاصة( الحسم للخصومة ) المشار إليها في المادة (217) مرافعات التي نصت على ان (الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية قضائية شرعية وقانونية)، إضافة إلى ان الحكم المعلق لا يفصل في موضوع النزاع وإنما يحيل حسم موضوع النزاع إلى الخبير أو المحاسب الذي يحدد المديونية أو إلى الخصم الذي يحسم النزاع بيمينه خارج القضاء.

الوجه الثاني: غلة الأرض أثر من آثار الحكم الفاصل في ملكية الأرض المتنازع بشأنها:

قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يجوز التعليق لآثار الحكم لان الأثر لايظهر الا عند النطق بالحكم ، لأن الحكم محل تعليقنا كان قد فصل في ملكية الأرض المتنازع عليها وحدد المالك الشرعي والقانوني لها، وبناءً على ذلك الحكم ظهر ان المحكوم عليه مجرد غاصب للأرض وأنه تبعاً لذلك لا يستحق غلال الأرض التي كان يجنيها طوال الفترة السابقة لصدور الحكم، ولذلك فإن الغلال تابعة لملكية الأرض فإذا حكم القاضي بملكية الأرض فإن المحكوم له بالملكية هو الذي يستحق غلال الأرض خلال الفترة السابقة.

الوجه الثالث:  تقدير الغلال قبل الحكم بملكية الأرض افصاح عما سيحكم به القاضي :

عند النزاع بشأن ملكية الأرض أو العقار فأنه يتعذر على القاضي ان يندب خبراء لتقدير عائدات الأرض أو العقار خلال الفترة السابقة على النزاع، لأن القاضي في هذه الحالة سوف يفصح عما سيحكم به لاحقاً، ولذلك فإن الحكم بتقدير الغلات أو العائدات بواسطة خبيرين عدلين يقوما بتقدير الغلات بعد صدور الحكم يجنب القاضي مغبة الإفصاح عن حكمه أو قناعاته المسبقة، إضافة إلى أن تقدير الغلات بعد صدور الحكم ليس فصلاً في حق، فعملية تقدير الغلات عمل إجرائي تنفيذي للحكم يقوم به الخبيران العدلان تنفيذاً للحكم الذي فصل في أمر الملكية، والله اعلم .