الفرق بين الصلح والتحكيم


الفرق بين الصلح والتحكيم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

يتفق الصلح والتحكيم بأنهما من وسائل فض النزاعات خارج القضاء غير ان الفارق الجوهري بينهما، هو ان حكم التحكيم حكم والصلح عقد، إضافة إلى ان إتفاق التحكيم وإن كان عقداً إلا أنه لا يحسم النزاع وإنما يمنح المحكم ولاية الفصل في الخصومة التحكيمية، في حين ان عقد الصلح يحسم النزاع، فضلا عن ان التحكيم يتم الادعاء ببطلانه أمام محكمة الاستئناف اذا توفرت إحدى حالات بطلان حكم التحكيم المقررة في( 53) تحكيم، اما عقد الصلح فيتم الادعاء ببطلانه أمام المحكمة الابتدائية اذا اختل اي ركن من اركان العقد أو شرط من شرائطه ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-5-2008م في الطعن رقم (29213)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة ان الحكم المطعون فيه قد اخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، حيث خلط بين التحكيم والصلح، مع ان الصلح يختلف عن التحكيم، وإن كان كلٍ منهما يقصد به حسم الخصومة، فالصلح عقد رضائي والإتفاق على التحكيم عقد رضائي، فحكم التحكيم لا يحتاج تنفيذه لرضاء المحكوم عليه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية حكم التحكيم:

اشار الحكم محل تعليقنا إلى ان حكم التحكيم يختلف عن الصلح، لأن حكم التحكيم من اسمه حكم يصدر من المحكم الذي له ولاية في إصدار الحكم بموجب إتفاق التحكيم الذي يتضمن تعيين المحكم، وإن كان المحكم يخضع  في تعيينه لإ رادة الخصوم، إلا أن المحكم في إصدار حكم التحكيم لا يخضع لإرادة الخصوم وإنما يخضع لنصوص قانون التحكيم وقواعد النظام العام المقررة في قانون المرافعات حسبما ورد في المادة (22) تحكيم التي نصت على أنه ((يحق لطرفي التحكيم أن يتفقا على الإجراءات التي يتعين على لجنة التحكيم إتباعها فإذا لم يوجد إتفاق فإنه يجوز للجنة أن تتبع ما تراه ملائماً من الإجراءات مع ضرورة مراعاة احكام هذا القانون وعدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات التي تعتبر من النظام العام))، وعلى هذا الأساس فإن حكم التحكيم يكون سنداً تنفيذياً وفقاً للمادة (328) مرافعات التي نصت على ان (تتحدد السندات التنفيذية فيما يأتي: -3- أحكام المحكمين القابلة للتنفيذ).

الوجه الثالث: الفرق بين إتفاق التحكيم وعقد الصلح:

اشار الحكم محل تعليقنا إلى ان إتفاق التحكيم الذي يتم بموجبه تعيين المحكم وتحديد موضوع النزاع الذي سوف يفصل فيه المحكم يعتبر عقداً ملزماً للخصوم، فلا يحق لأي من المحتكمين ان يتحلل منه بإرادته المنفردة، ويحق لأي من الخصوم ان يتمسك بإتفاق التحكيم ويلزم خصمه على اللجوء إلى التحكيم، غير أن إتفاق التحكيم وإن كان عقد مثله في ذلك مثل عقد الصلح إلا أن عقد الصلح يحسم النزاع، في حين ان إتفاق التحكيم  لا يفصل في النزاع وإنما يكون أساساً لنظر الخصومة التحكيمية من قبل المحكم ، فحكم التحكيم هو الذي يفصل في الخصومة وليس إتفاق التحكيم، فقد نص قانون التحكيم في المادة (2) على أن (إتفاق التحكيم هو : موافقة الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم والتي تشمل وثيقة التحكيم (عقد مستقل) أو شرط التحكيم أي بند في عقد)، وفي السياق ذاته نصت المادة (4) تحكيم على ان (ينعقد التحكيم بأي لفظ يدل عليه وقبول من المحكم ولا يجوز إثبات التحكيم إلا بالكتابة)، اما عقد الصلح فقد نصت المادة (668) مدني على ان (الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً او يتوقيان به نزاعاً محتملاً وذلك بان يتنازل كل منهما عن جزء من ادعائه)، والله اعلم .