الموكل ملزم بدفع المبالغ التي يتكبدها الوكيل
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
تتم الوكالة باي لفظ أو أمر أو إذن أو طلب يدل
على تكليف الشخص للقيام بعمل أو تصرف معين، فلايلزم ان تتم الوكالة بالكتابة أو
بلفظ معين، ومن المعلوم ان الوكيل يقوم بأعمال الوكالة لحساب الموكل ومصلحته،
ولذلك فإن مقتضى الوكالة ان الموكل ملزم بسداد المبالغ التي انفقها الوكيل في سبيل
قيامه بأعباء الوكالة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا
في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-1-2015م في الطعن رقم (56075)، الذي ورد ضمن أسبابه:
((بعد الإطلاع على الأوراق مشتملات ملف القضية، وجدت الدائرة ان ما ينعي به الطاعن
في أسباب طعنه على الحكم المطعون فيه لا مسوغ له، فالحكم المطعون فيه المؤيد للحكم
الابتدائي قد انتهى إلى إلزام الطاعنين بتسليم المطعون ضده ثلثي الغرامة التي
تكبدها المطعون ضده في الدفاع عن الأرض المشتركة بين الطاعنين والمطعون ضده، على
ان تقسم الغرامة اثلاثاً ثلث على المطعون ضده وثلثان على الطاعنين لثبوت طلبهما من
المطعون ضده المدافعة عن الأرض في مواجهة المدعي عليهم عملاً بقاعدة الغرم بالغنم،
فليس صحيحاً ما ذكره الطاعنان بان لا مصلحة لهما في الأرض حسبما ورد في الحكم
المطعون فيه، فالمطعون ضده كان قد ابرز الأحكام والمستندات اللازمة التي تبين ما
غرمه وتخويل الطاعنين له بالمدافعة عن الأرض))،
وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: بما تقع الوكالة؟ :
كان جانب من النقاش في القضية التي تناولها الحكم
محل تعليقنا بشأن مدى وقوع الوكالة، فقد كان الطاعنان يجادلا في ان الوكالة لم تقع
بلفظها وانهما لم يصرحا بلفظ الوكالة ولم
تنصرف نيتهما إلى توكيل المطعون ضده، فلو كانت هناك وكالة لتمت بلفظها ولكانت
مكتوبة مثلما هو معروف بحسب ماكان الطاعنان يجادلا، اما المطعون ضده فقد تمسك بأنه
لا يلزم في التوكيل ان يتم بلفظ الوكالة
أو كتابة بل ان الوكالة تنعقد بأية صيغة أو فعل أو طلب او اذن أو أمر يصدر من الموكل ،،
وعلى هذا المفهوم فقد ذكر المطعون ضده ان الطاعنين قالا: ( سير) اذهب واجه غريمنا الذي يحاول البسط
والاستيلاء على ارضنا المشتركة، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن ما قالاه الطاعنان
توكيل للمطعون ضده، وسند الحكم في ذلك المادة (908) مدني التي نصت على ان: (تقع
الوكالة بما يدل عليها كلفظها أو بأمر أو إذن أو بلفظ الوصية حال الحياة، وتتم
بالكتابة أو بالرسالة أو بالإشارة المفهمة من العاجز كالأخرس...إلخ)، وعلى هذا
الأساس فإن الوكالة تنعقد بالأمر أو الإذن أو الطلب أو التكليف الصادر من الموكل، وبناءً
على ذلك فإن ما قاله الطاعنان للمطعون ضده (اذهب واجه غريمنا) هو بمثابة أمر أو طلب
من الطاعنين للمطعون ضده ، والإذن والأمر والطلب من الفاظ الوكالة حسبما ورد في النص
القانوني السابق ذكره.
الوجه الثاني: يجب على الموكل ان يتحمل كافة المصاريف التي يدفعها الوكيل لغرض القيام بأعباء الوكالة:
وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والمادة (918)
مدني فإن الوكيل حينما يقوم بأعمال الوكالة فأنه يقوم بها نيابة عمن وكله أو موكله،
ولذلك فإن الموكل ملزم بدفع كافة المصاريف والأعباء التي تكبدها الوكيل في سبيل
القيام بأعمال الوكالة، وفي هذا الشأن فقد نصت المادة (921) مدني على أنه: (إذا
اتفق الأصيل والوكيل على أجر معين لزم وإلا فأجر المثل مالم يكن الوكيل متبرعاً)،
وبناءً على هذا النص والنصوص السابقة فقد قضى الحكم محل تعليقنا بإلزام الطاعنين
بدفع ثلثي المبالغ التي دفعها المطعون ضده، لأنهما قالا للمطعون ضده: اذهب واجه
غريمنا، والله اعلم .