الحكم برفض الدعوى موضوعاً فصل فيها
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
إذا
قضت المحكمة برفض الدعوى موضوعاً فإن حكمها في هذه الحالة فاصل في موضوع الدعوى
تستنفذ فيه المحكمة ولايتها، وتترتب على هذا الحكم كافة الآثار المترتبة عن
غيره من الأحكام المنهية للخصومة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية
بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-12-2015م في الطعن رقم (57091)،
الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه مخالفته المادة
(236) مرافعات عندما قضى بإلغاء الحكم الابتدائي ورفض دعواه دون الفصل في القضية،
والدائرة تجد أن هذا النعي في غير محله، لأن رفض الدعوى يعتبر فصلاً في الموضوع تنتهي
به الخصومة وتخرج القضية من ولاية المحكمة التي اصدرت الحكم))، وسيكون تعليقنا على
هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: وجوب الفصل في القضية من قبل محكمة الاستئناف إذا الغت الحكم الابتدائي الفاصل في الموضوع:
تمسك
الطاعن في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا تمسك بالمادة (236) مرافعات
المعدلة في (يناير 2021م) التي نصت على أنه (إذا الغت المحكمة الاستئنافية حكماً
ابتدائياً في الموضوع وجب عليها الفصل في القضية وإذا طعن في الحكم الاستئنافي
أمام المحكمة العليا ورأت نقض الحكم المطعون فيه فلها ان تقر الحكم الابتدائي أو تحكم
بنقض الحكم المطعون فيه وإعادته إلى المحكمة التي اصدرته)، وقبل تعديل هذه المادة
في يناير 2021م كانت تنص على أنه (إذا الغت المحكمة الاستئنافية حكماً ابتدائياً
في الموضوع وجب عليها الفصل في القضية وإذا نقضت المحكمة العليا الحكم المطعون فيه
إعادته إلى المحكمة التي اصدرت الحكم)، فلم يمس تعديل المادة (236) مرافعات دور
محكمة الاستئناف في هذا الشأن، فقد ظل النص قبل التعديل وبعده يوجب على محكمة
الاستئناف ان تفصل في موضوع القضية إذا الغت الحكم الابتدائي الذي فصل في موضوع
القضية، لأن محكمة الاستئناف محكمة موضوع، فيجب عليها في هذه الحالة أن تفصل في
الموضوع ولا تعيده إلى محكمة أول درجة التي استنفذت ولايتها بحكمها الفاصل في
موضوع الدعوى المنهي للنزاع، اما دور المحكمة العليا في هذا الشأن فقد تم تعديله
بموجب تعديل النص القانوني السابق، فقد
كان دورها قبل تعديل النص يقتصر في حالة نقض الحكم على إعادته إلى المحكمة التي
اصدرته، اما بعد تعديل ذلك النص فقد صارت المحكمة العليا مخيرة بين نقض الحكم
الاستئنافي وإعادته إلى المحكمة الاستئنافية وبين نقض الحكم الاستئنافي وإقرار
الحكم الابتدائي إذا وجدت المحكمة العليا ان الحكم الابتدائي جديراً بإقراره، ولا
ريب ان الباعث على هذا التعديل هو مواجهة ظاهرة بطء إجراءات التقاضي.
الوجه الثاني: رفض الدعوى موضوعاً فصل حاسم للنزاع:
الدعوى
عبارة عن طلبات يذكر المدعي اسانيدها القانونية والواقعية في عريضة الدعوى، فعندما
ترفض المحكمة الدعوى موضوعاً، فذلك يعني ان المحكمة قد توصلت من خلال تداعي الخصوم
أمامها إلى ان المدعي غير محق في دعواه، ولذلك فقد رفضت دعواه بعد ان ناقشت
المحكمة التي اصدرت الحكم طلبات المدعي وادلته واسانيده وردود المدعى عليه وادلته،
ووازنت بين أدلة الطرفين بمقتضى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ومن خلال ذلك
توصلت إلى الحكم برفض الدعوى موضوعاً بحكم منهً للنزاع،والله اعلم.