تضمين محاضر جلسات المحكمة مذكرات الخصوم


تضمين محاضر جلسات المحكمة مذكرات الخصوم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

من الإشكاليات الواقعية مسألة تضمين محاضر جلسات المحاكمة مذكرات الخصوم المقدمة اثناء سير إجراءات المحاكمة، ففي بعض الحالات لا يتضمن محضر الجلسات المذكرات المقدمة من الخصوم، وفي حالات اخرى تتم الإشارة إلى المذكرة فقط دون بيان موضوعها وطلبات الخصم الواردة فيها، وفي حالات ثالثة يطلب الخصوم تضمين غالب المذكرة في محضر جلسة المحكمة، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2-2-2014م في الطعن رقم (53002)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما نعي الطاعن بشأن إغفال الحكم المطعون فيه للمذكرات المقدمة منه اثناء المحاكمة ، فقد وجدت الدائرة من خلال رجوعها إلى محاضر الجلسات وأوراق القضية ان محاضر الجلسات قد تضمنت خلاصة عما ورد في مذكرات الطاعن))، وسيكون تعليقنا على ما ورد في هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ماهية محضر جلسة المحاكمة:

محضر جلسة المحاكمة وثيقة رسمية نظمها قانون المرافعات، فمحضر جلسة المحاكمة ينبغي ان يتضمن اسماء القضاة الحاضرين في الجلسة وأمين السر وعضو النيابة  والخصوم ومرافعاتهم واقوال الشهود وتقارير الخبراء واقوالهم وأقوال الشهود ، وبهذا المعنى فإن محضر جلسة المحكمة عبارة عن مضبطة يتضمن إثبات حضور القضاة والخصوم والعدول والشهود وإثبات اقوالهم وكل الإجراءات التي تم اتخاذها في الجلسة، فمحضر الجلسة ينبغي ان يكون مرآة صادقة وامينة لكل إجراء وقع في الجلسة، ومحضر جلسة المحاكمة محرر رسمي وفقا لقانون الإثبات تكون للبيانات الواردة فيه حجيتها الكاملة، فلا يجوز الطعن فيها إلا بالطرق القانونية المقررة في قانون الإثبات، وتشكل محاضر جلسات المحاكمة القسم الخاص بإجراء المحاكمة وهو اكبر مكون من المكونات التي يتضمنها الحكم القضائي، بالإضافة إلى ان محاضر الجلسات تعد الدليل الشامل لسير إجراءات المحاكمة يستهدي بها القاضي والخصوم ومحكمة الطعن لمعرفة كافة إجراءات المحاكمة التي باشرتها  المحكمة ، ولذلك تشكل هذه المحاضر محصل إجراءات المحاكمة التي اشترطت التعديلات الأخيرة في قانون المرافعات ان يتم إعداده وتسليمه للخصوم قبل حجز القضية للحكم حتى يتمكن الخصوم من دراسة المحصل للتأكد من إشتماله لأقوال االخصوم والمذكرات المقدمة من قبلهم اثناء سير إجراءات المحاكمة.

الوجه الثاني: طريقة تضمين مذكرات الخصوم:

اشار الحكم محل تعليقنا إلى ذلك، إذ ينبغي ان يتضمن محضر جلسة المحاكمة إثبات اسم الخصم الذي قدم المذكرة واسم المذكرة ونوعها مطبوعة أم مكتوبة وعدد صفحاتها وطلبات الخصم المذكورة فيها وما تم بشأنها من قبل المحكمة كتكليف الخصم الآخر بالرد أو التعقيب عليها، وهذه البيانات التي يجب إثباتها في محضر الجلسة هي الحد الادنى حتى يتحقق الغرض من اثباتها في محضر الجلسة، ولهذا الغرض فإن غالبية المحامين يقوم بإعداد ملخص شفوي للمذكرة التي يعتزم تقديمها في الجلسة، فيقوم المحامي بإملاء الملخص شفاهة في الجلسة حتى يقوم أمين السر بإثبات هذا الملخص الوافي في محضر الجلسة.

الوجه الثالث: تضمين مذكرات الخصوم ومحصل سير إجراءات المحاكمة الذي يتم تسليمه للخصوم بموجب التعديلات الأخيرة في قانون المرافعات:

نصت المادة (228) مرافعات المعدلة في (يناير2021م) على أنه: (1- قبل حجز القضية للحكم على القاضي رئيس هيئة الحكم تكليف أمانة السر بتحصيل القضية وتسليم نسخة منه للخصوم للإطلاع وإبداء أية ملاحظة عليه خلال خمسة أيام من تاريخ تسليم النسخة)، وقد سبق القول بان المحصل المشار إليه في هذه المادة عبارة عن تحصيل إجراءات المحاكمة المثبتة في محاضر الجلسات، وهذا النص من حسنات التعديلات التي تمت في قانون المرافعات، حيث عالج هذا النص التلاعب والإغفال الذي كان يشوب محاضر جلسات المحاكمة، حتى ان المشرع لجأ  في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة إلى إستحداث هذا النص الذي مكن الخصوم من مطالعة المحصل وإستدراك أي إغفال في المحصل لما قدموه من مذكرات أو اقوال اثناء سير إجراءات المحاكمة، كما أن إعداد المحصل قبل حجز القضية للحكم قد حد من التساهل في تحرير نسخة الحكم بعد النطق به الذي كان يستغرق شهوراً بل في بعض الحالات كان يستغرق سنوات، لأن محصل القضية هو القسم الغالب من مكونات الحكم القضائي، والله اعلم .