اقتصار الحكم على إلزام الجهة الحكومية بإجراءات تحضيرية


اقتصار الحكم على إلزام الجهة الحكومية بإجراءات  تحضيرية

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

من شروط الحكم ان يكون فاصلاً وحاسماً للخصومة  المنظورة أمام هيئة الحكم  حتى تنطبق عليه شروط الحكم المقررة في قانون المرافعات، ومن المقبول ان يتضمن منطوق الحكم القضائي بالإضافة إلى حسم النزاع الزام الجهة الحكومية بالقيام بإجراءات معينة متعلقة بحسم النزاع كتسجيل الحكم في السجل العقاري ، غير أنه من غير المقبول قانوناً ان يقتصر منطوق الحكم على إلزام الجهة المختصة بالقيام بإجراءات تحضيرية ليس من شأنها حسم النزاع مثل إجراء تخطيط أو اسقاط مخطط...إلخ، لأن هذه الإجراءات وإن كانت مهمة إلا أنها غير حاسمة للنزاع المنظور لدى المحكمة بل  قرارات تحضيرية سابقة للحكم  الذي يحسم  النزاع حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-1-2015م في الطعن رقم (56282)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وبما ان الحكم الابتدائي قد اقتصر على مخاطبة مكتب الأشغال العامة بتطبيق  التخطيط على محل النزاع، وهذا إنما يعتبر عملاً إجرائياً، كان على المحكمة ان توجه الجهة المعنية تحت اشرافها بتطبيق الإجراءات التي قررتها وان تحكم المحكمة في الدعوى على ضوء الإجراءات التي تتخذها الجهة المعنية بالنسبة للممرات محل النزاع، فما صدر من المحكمة ليس حكماً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: طبيعة النزاع الذي لم يفصل فيه حكم محكمة الموضوع بإلزام الأشغال العامة بتخطيط محل النزاع :

كان الطاعن والمطعون ضده يتنازعا بشأن مساحة الطريق المؤدية إلى داريهما، وفي هذا الشأن قضى الحكم محل تعليقنا بأنه كان يجب على محكمة الموضوع  ان تفصل في النزاع بحكم منه للنزاع، بدلا من قضائها بتكليف مكتب الأشغال العامة بإسقاط مخطط المنطقة وبيان الممرات المخططة من قبل الأشغال.

الوجه الثاني: من اركان الحكم ان يكون فاصلاً في الخصومة حاسماً للنزاع:

ويستفاد هذا الركن من المادة (217) مرافعات التي عرفت الحكم بأنه(الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية قضائية شرعية وقانونية)، فلاينطبق تعريف الحكم ومفهومه الا القرار الذي يفصل فيه الخصومة المنظورة أمام القاضي بحكم منه للنزاع، فالحكم بتوجيه الجهة المختصة بإتخاذ إجراءات معينة يكون معلقاً على الإجراء الذي تقوم به تلك الجهة لاحقاً، إضافة إلى أن الفصل والجزم ليس منصوصاً عليه في منطوق الحكم، وإنما إحالة اقتصر منطوق الحكم إلى الجهة المختصة، فحسم النزاع في هذه الحالة يكون للجهة المحال إليها إتخاذ الإجراءات وليس للحكم القضائي، فالحكم الذي يقتصر منطوقه على تكليف الجهات المعنية بإتخاذ الإجراءات يتضمن تجريد الحكم  من هدفه وركنه في حسم النزاع، فضلاً عن ان ذلك تجريد لوظيفة السلطة القضائية وتخليها عن وظيفتها للسلطة التنفيذية إضافة إلى أن ذلك يهدر مبدأ الفصل بين السلطات، فقد كان من الواجب على محكمة الموضوع معرفة مخطط المنطقة التي يقع فيها محل النزاع حتى تقف المحكمة على حقيقة الممرات أو الطرق الفرعية ومسافاتها ومساحتها، وفي ضوء ذلك تصدر حكمها الفاصل في الدعوى المنظورة امامها.

الوجه الثالث: الحالات التي يجوز الحكم فيها بإلزام الجهات المعنية بإتخاذ إجراءات:

 يجوز أن يتضمن منطوق بالإضافة آلى حسم النزاع ان يتضمن إلزام الجهات الحكومية المختصة بإتخاذ بعض الإجراءات، لان اقتصار الحكم على الاجراءات  فقط هو المحظور  أما تضمين منطوق الحكم  إلزام الجهات المعنية بإتخاذ  بعض الإجراءات المكملة للفقرات التي حسمت   النزاع  والله اعلم .