لا شفعة للأجير
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
الإجارة
هي تمليك منفعة العين المؤجرة بعوض وهو الأجرة التي يدفعها الأجير أو المستأجر،
وقد يستمر عقد الإيجار فيما بين المؤجر والمستأجر لعدة أجيال من ورثة المستأجر، فتستمر
العلاقة فيما بين المستأجر وخلفه من بعده وبين المؤجر وخلفه من بعده، وخلال هذه الاجال والأجيال المتعاقبة يرتبط المستأجر وخلفه
بالعين المؤجرة إلى درجة ان بعض الأشخاص يتوهم أنه يحق للمستأجر أو خلفه من بعده
ان يشفعوا إذا قام المالك المؤجر أو خلفه من بعده ببيع العين المؤجرة إلى غير
المستأجر أو خلف المستأجر، وهذا مجرد وهم، لأن الصحيح ان إنتفاع المستأجر وخلفه من
بعده مؤقت بموجب عقد الايجار فليس دائم كانتفاع المالك بحق الطريق أو الشرب، ولذلك فقد حصرالقانون المدني الشفعة في الخلطة في أصل العين ذاتها أو في
الطريق المؤدي إليها أو في حق الشرب الملحق بالعين كساقية الماء أو صبابة المنحدر،
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 3-6-2007م في الطعن رقم (26945)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فنعي الطاعن في
غير محله، لأنه قد أصر على احقيته بالشفعة كونه اجيراً أباً عن جد، مع ان الإجارة
ليست سبباً من أسباب الشفعة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في
الأوجه الأتية:
الوجه الأول: أسباب الشفعة في القانون اليمني:
وفقاً
للمادتين (1256 و1257) من القانون المدني فقد حصر القانون أسباب الشفعة في ثلاثة
أسباب، الأول: الخلطة في أصل العين، والثاني: الخلطة في الطريق المؤدية إلى العين،
والثالث: الخلطة في حق الشرب أي ساقية الماء السائل إلى العين أو الصبابة التي يصب
ماؤها إلى العين، وعلى هذا الأساس فلا محل لشفعة الأجير المستأجر للعين ولو كانت
قد توارثت اجارتها أجيال من اسلاف المستأجر حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، لان
منفعة المستأجر بالعين المؤجرة مؤقتة بخلاف
منفعة الشرب أو الطريق، وقد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى ما ذهب إليه
الحكم محل تعليقنا، فقد قضت محكمة النقض المصرية بأن( حق
المستأجر على المبانى التى انشأها على العين المؤجرة لا يعدو أن يكون حقاً مصيره
الحتمى إلى الزوال بإنتهاء الإيجار إذ لا يكتسب عليها حقا بوصفها مالاً ثابتاً إلا
لفترة محدودة ، فلا يجوز له أن يحصل بموجب هذا الوضع على حق دائم على ملك الغير
بأخذ العقار المبيع بالشفعة... الطعن رقم 184 لسنه 36 ق ، جلسة 1970/10/27. ).
الوجه الثاني: مراعاة القانون لحق المستأجر بالإنتفاع بالعين إذا باعها المالك للغير:
الحكمة من الشفعة هو دفع مضار الخلطة، فذلك الضرر يقع على المالك، اما المستأجر فحقه قاصر
على الإنتفاع المؤقت بالعين الموجرة، وحتى لا يضار حق المستأجر للعين المبيعة من
بيع المالك لها إلى غير المستأجر لها، فيضل حق المستأجر قائماً في مواجهة المشتري
المالك الجديد للعقار، فبيع العين المؤجرة في هذه الحالة لا يلحق الضرر بالمستأجر،
إذ أن العين تنتقل إلى المالك الجديد وهي محملة بعقد الإيجار، حيث يظل عقد الإيجار
المبرم فيما بين المستأجر والمالك سارياً في مواجهة المالك الجديد، وعلى هذا
الأساس فلا يلحق المستأجر ضرر من إنتقال العين من مالك إلى آخر، ولذلك لم يجعل
القانون الإجارة سبباً للشفعة، والله اعلم .