التحكيم في طلب الشفعة


التحكيم في طلب الشفعة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

اشترط القانون المدني لطلب الشفعة ان يتم قيدها خلال ثلاثة أيام فإن لم يمتثل  المشتري المشفوع منه، فيقوم الشفيع  خلال ثلاثين يوما بتقديم دعوى الشفعة أمام المحكمة  المختصة، وقضى الحكم محل تعليقنا بأنه اذا قام الشفيع والمشفوع بالتحكيم بشأن نزاعهما على الشفعة وتعذر الفصل في الخصومة من قبل المحكم أو قضت محكمة الاستئناف بابطال حكم التحكيم فقام الشفيع بعد ذلك برفع دعوى الشفعة أمام المحكمة المختصة فلايسقط حق الشفيع في الشفعة في هذه الحالة  بسبب عدم رفعه الدعوى خلال الثلاثين يوما المحددة في القانون لرفع دعوى الشفعة أمام المحكمة المختصة، لان الشفيع في هذه الحالة كان في حالة مرافعة أمام المحكم أو أمام محكمة الاستئناف، فلايعد الشفيع متراخيا عن طلب الشفعة عن طريق المحكمة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5/4/2008م في الطعن رقم (28624)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أنه من الثابت ان المرافعة امام المحكم قد تمت فهي كافية في قيام المخاصمة بشأن طلب الشفعة، فلجنة التحكيم صورة من صور التقاضي، وإلغاء حكم التحكيم بالحكم الاستئنافي لا يوقف تلك المرافعة، فاستئنافها أمام المحكمة الاستئنافية استمراراً لها، إذ ان النص يقتضي قيام المرافعة في المدة المحددة قانوناً، فما اخذ به الحكم المطعون فيه صحيح))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: طلب الشفعة بواسطة المحكمة المختصة:

يتم طلب الشفعة من قبل الشفيع وفقاً للمادة (1274) مدني والمادة (17) إثبات خلال ثلاثة أيام من وقت العلم بالبيع، فإن لم يستجب المشفوع منه فقد نصت المادة (1275) مدني على أنه (إذا لم يستجب المطلوب الشفعة منه طوعاً كان للشفيع طلب مخاصمته أمام القضاء لتملك العين المشفوعة وان لم يرافعه في مدة ثلاثين يوماً من وقت طلب الشفعة سقط حقه)، فهذا النص اوجب على الشفيع اللجوء إلى القضاء إذا امتنع المشفوع منه عن التسليم بالشفعة، على أن يتم رفع دعوى الشفعة  خلال ثلاثين يوما .

الوجه الثاني: لجوء الشفيع إلى التحكيم يقام مقام اللجوء إلى المحكمة المختصة :

قضى الحكم محل تعليقنا بجواز اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع بشأن طلب الشفيع الشفعة ورفض المشفوع منه التسليم بالشفعة، لأن التحكيم وسيلة قانونية للفصل في النزاعات وفقاً لقانون التحكيم الذي أجاز التحكيم في كل المسائل ماعدا القضايا التي لايجوز التحكيم فيها المحددة في المادة (5) من قانون التحكيم، وليس من بينها قضايا الشفعة، وعلى هذا الأساس يجوز التحكيم في قضايا الشفعة.

الوجه الثالث: لا يسقط حق الشفيع في الشفعة إذا لجأ إلى التحكيم بدلاً عن اللجوء إلى المحكمة:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن لجوء الشفيع إلى التحكيم يقوم مقام اللجوء إلى القضاء، وتبعاً لذلك لا يسقط حق الشفيع في الشفعة إذا تم إبطال حكم التحكيم وعودة القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة، لأن الشفيع قبل رفعه لدعوى الشفعة أمام المحكمة المختصة  كان يترافع أمام هيئة التحكيم أو محكمة الاستئناف عند نظرها لدعوى بطلان حكم التحكيم، فلا يسقط حق الشفيع في الشفعة، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم .


تعليقات