إستحقاق العامل لأجره كاملاً اثناء الوقف التعسفي (في القانون اليمني)
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
الوقف التعسفي للعامل هو الذي يتم خلافاً
للحالات المقررة لوقف العامل في قانون العمل، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن
العامل يستحق أجره كاملاً اثناء وقفه التعسفي من قبل صاحب العمل( اي في هذه الحالة
يستحق العامل الأجر الكامل 100 ٪ وليس 50٪ من الأجر كما هو مقرر في حالة الوقف
القانوني للعامل بسبب التحقيق مع العامل في قضية مسندة للعامل تحقق فيها جهات
الضبط والتحقيق )، وكذا قضى الحكم بعدم جواز ان يجمع العامل بين التعويضين التعويض
عن الوقف التعسفي للعامل والفصل التعسفي للعامل، حسبما قضى الحكم الصادر عن
الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-10-2016م في الطعن
رقم (58001)، فقد كانت اللجنة العمالية قد قررت إستحقاق العامل لكامل مرتباته منذ
أن اوقفته الشركة عن العمل بحجة التحقيق معه دون ان تباشر الشركة مع العامل أية
إجراءات للتحقيق، ودون ان تفصل في أمر وقفه حيث ظل العامل موقوفاً حتى قيامه برفع
الدعوى أمام اللجنة التحكيمية ، ولذلك فأن العامل يستحق كامل مرتباته منذ تاريخ
وقفه عن العمل حتى تاريخ رفع العامل للدعوى، وقد أيدت محكمة الاستئناف قرار اللجنة
التحكيمية العمالية، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة المدنية
بالمحكمة العليا الفقرة التي تضمنت الحكم
للعامل بكامل أجوره عن شهور وقفه عن العمل حتى تاريخ رفعه للدعوى ضد الشركة غير أن
الدائرة نقضت الفقرة التي تضمنت الحكم للعامل براتب ستة أشهر عن فصله تعسفياً لعدم
جواز الجمع بين التعويض عن الفصل التعسفي وصرف مرتباته كاملة اثناء وقفه تعسفياً،
وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين أن بعض ما ورد في الطعن صحيح،
فقد ورد في منطوق قرار اللجنة التحكيمية العمالية الحكم للعامل بمرتابته اثناء
فترة إيقاف العامل حتى قيامه برفع الدعوى أمام اللجنة التحكيمية العمالية ولا غبار
على الحكم في ذلك إلا أن قرار اللجنة التحكيمية قد تضمن في إحدى فقرات منطوقه
الحكم للعامل بستة رواتب تعويضاً عن فصله تعسفياً من قبل الشركة التي كان يعمل
بها، مع انه من المقرر عدم جواز الجمع بين صرف رواتب العامل عن فترة ايقافه مع
تعويضه عن الفصل التعسفي))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما
هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ماهية الوقف التعسفي للعامل من قبل صاحب العمل:
الوقف
التعسفي للعامل هو الوقف خارج نطاق حالات وقف العامل المقررة حصرا في قانون العمل
الذي اورد حالات وقف العامل عن العمل في سياق تنظيم القانون للتحقيق مع العامل في
الأفعال والمخالفات التي نص القانون على وجوب التحقيق مع فيها قبل توقيع العقوبة
على العامل، إضافة إلى أن القانون قد اجاز لصاحب العمل وقف العامل لمدة لاتزيد عن
خمسة أيام ، وبناء على ذلك فأن وقف العامل ليس عقوبة على العامل وإنما هو مقرر
لمصلحة التحقيق حتى لا يقوم العامل المتهم بالعبث بأدلة الجرائم والمخالفات المسندة
إليه، كأن يكون العامل متهماً بجرائم التزوير والإختلاس في النشاط الذي يعمل به
العامل المتهم فيتم إيقافه لمصلحة التحقيق ، اما إذا كانت الأفعال المسندة للعامل
من الأفعال التي لا يشترط القانون ان يسبقها تحقيق فلايجوز وقف العامل فيها، وعلى ذلك
فأن الوقف يكون تعسفياً اذا وقع خلافاً للحالات المقررة في قانون العمل، وكذلك يكون الوقف تعسفياً إذا
تخلفت الغاية من الوقف أي عدم الإحتياج إلى الوقف مثل غياب الموظف وغير ذلك، فكل
حالة وقف ليس فيها غاية أو هدف من وقف العامل فإن الوقف فيها يكون تعسفيا ، كذلك
يكون الوقف تعسفياً إذا تم الوقف للعامل بعد انقضاء المدة المقررة في القانون للتحقيق
وهي تاريخ 15 يوماً من تاريخ اكتشاف المخالفة المنسوبة للموظف المقررة في المادة
(97) عمل، ويكون أيضاً الوقف تعسفياً إذا زادت مدة الوقف عن ال 30 يوماً المحددة
في المادة (98) عمل، ومن خلال ما تقدم في هذا الوجه نجد أن الوقف التعسفي للعامل
هو الذي يتم خلافاً لحالات الوقف المحددة حصراً في القانون التي لا يجوز التوسع
فيها أو القياس عليها بإعتبار الوقف إستثناءً فلا يتوسع فيه ولايقاس عليه.
الوجه الثاني: اضرار الوقف التعسفي للعامل:
سبق القول: ان الوقف يأتي على خلفية اتهامات
بجرائم ومخالفات منسوبة للعامل ينبغي حسمها في اقرب وقت حسبما هو محدد في القانون،
ولذلك فأن وقف العامل من غير مقتضى أو تعسفيا يلحق بالعامل اضراراً فادحة مادية
ومعنوية حيث يتم النظر من قبل افراد المجتمع
إلى العامل الموقوف على أنه مذنب فتلوك سمعته الالسن ويحرم العامل من فرص عمل
مستقبلية، ولذلك احاط القانون وقف العامل بضمانات وضوابط، ونص القانون على أن وقت
وقف العامل يجب أن يكون قصيراً(لايزيد عن ثلاثين يوما ).
الوجه الثالث: إستحقاق العامل الموقوف تعسفياً لكامل الأجر عن الفترة التي تم إيقافه فيها:
قضى الحكم محل تعليقنا بأن العامل الموقوف
تعسفياً يستحق أجره كاملاً عن المدة التي تم وقفه عن العمل فيها، ففي هذه الحالة يستحق العامل الأجر
الكامل وهو 100 ٪ وليس 50٪ من الأجر كما هو مقرر في حالة الوقف القانوني للعامل
بسبب التحقيق مع العامل في قضية مسندة للعامل في طور التحقيق من قبل جهات الضبط
والتحقيق، لأن الوقف التعسفي غير قانوني بخلاف الوقف المقرر
في المادة (59) من قانون العمل التي نصت على أنه: (مع مراعاة احكام المادتين (99)،(100) من
هذا القانون يستحق العامل أجره الكامل خلال فترة توقيفه بسبب قضية تتعلق بالعمل شريطة
ان لا يقل ما يدفع له في فترة التوقيف عن 50% من اجره الاساسي ويكون صرف الجزء المتبقي
من الاجر الكامل حال التأكد من براءته، ولصاحب العمل استرجاع ما تم صرفه خلال فترة
التوقيف في حالة إدانة العامل بحكم بات)، فوقف العامل
بموجب هذه المادة يكون وقفاً حقيقياً وبسبب قضية حقيقية مسندة للعامل يتم التحقيق
فيها مع العامل من قبل جهات الضبط والتحقيق، علماً بأن ما يتقاضاه العامل من الأجر
في هذه الحالة هو 50% من الأجر، ويلتزم العامل بإعادة هذه النسبة إذا تم الحكم
بإدانة العامل، اما العامل الموقوف تعسفياً حسبما قضى الحكم محل تعليقنا فأنه
يستحق أجره كاملاً لأنه لم يتم إحالته إلى سلطة الضبط أو التحقيق (الجهات الأمنية
أو النيابة العامة) وإنما تم وقف العامل خارج نطاق العامل ومن غير ان يتم التحقيق
معه .
الوجه الرابع: عدم جواز الجمع بين مرتبات فترة وقف العامل تعسفياً وبين تعويض الفصل التعسفي:
قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز الجمع بين
مرتبات الفترة التي تم فيها وقف العامل تعسفياً وبين تعويض العامل عن فصله
تعسفياً، لأن الحكم للعامل بكامل مرتباته اثناء فترة الوقف التعسفي قد جبر الضرر
الذي لحق بالعامل من الفصل التعسفي طالما أن مدة الوقف التعسفي كانت أكثر من ستة
أشهر وهي المدة المقررة لتعويض العامل المفصول تعسفياً،فمدة الستة الأشهر داخلة في
فترة الايقاف، لذلك لا يجوز الحكم للعامل بتعويضين عن ضرر واحد، والله اعلم .