العامل بعمل عرضي


العامل بعمل عرضي


 أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

يقوم كثير من الأشخاص بأعمال عرضية   لصالح صاحب العمل كبناء  منشأة أو إصلاح الآلات او صيانتها  أو تدريب عاملين وغير ذلك من الاعمال العرضية ،  وعندما يقوم العامل العرضي  بعمله لا يلتزم بأوقات الدوام المحددة من جهة العمل ولا يتم إدراج اسمه ضمن كشوفات العاملين في الجهة، وفي هذا الشأن قضى الحكم محل تعليقنا بأن الشخص الذي يعمل لدى صاحب العمل في فترات متقطعة للقيام ببعض الأعمال لا تسري عليه أحكام قانون العمل، ولا ينطبق عليه مفهوم العامل الوارد في قانون العمل حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4-2-2012م في الطعن رقم (48701)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن أسباب الطعن عبارة عن مجادلة في فهم واقع العلاقة بين الطاعن والمطعون ضده، لان فهم طبيعة هذه العلاقة من سلطة قاضي الموضوع، وحيث ان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على نفي وجود عقد عمل من خلال ما دلل به في حيثياته من ان العلاقة كانت متقطعة وغير مستقرة لا تبعية إدارية أو تنظيمية فيها لصاحب العمل ، فهي علاقة لا تؤدي إلى إفادة الطاعن من المزايا والضمانات الكثيرة التي كفلها قانون العمل للعاملين خاصة ان ما كان يقوم به الطاعن لم يكن مساهمة مباشرة في نشاط مشروع صاحب العمل مما يتعين رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الاول :ماهية العمل العرضي والعامل العرضي وعدم سريان قانون العمل عليه :

عرفت المادة(2 ) من قانون العمل  العرضي بأنه(كل عمل لايدخل في نشاط صاحب العمل مدة ولاتزيد مدة انجاز عن أربعة أشهر )، وقد صرحت المادة(3 ) من قانون العمل بأن قانون العمل لايسري على العامل الذي يقوم بأعمال عارضة، فقد نصت هذه المادة على أنه (لايسري هذا القانون على الفئات الآتية – 7-  العاملون في أعمال عرضية )،  فالعمل العرضي هو العمل الذي لا يدخل بطبيعته فيما يزاوله صاحب العمل في نشاطه المُعتاد، كأن يكون نشاط صاحب العمل المُعتاد هو صناعة الأغذية  المعلبة، مثل العمال العرضيين الذين يستقدمهم صاحب العمل  لبناء مخزن لمنتجات مصنع المعلبات الغذائية.

وهناك من يعرف اﻟﻌﻤل اﻟﻌرﻀﻲ بأنه : اﻟﻌﻤل اﻟـذي ﺘـﺴﺘدﻋﻴﻪ ﻀـرورات طﺎرﺌـﺔ وﻻﻴدﺨل ﻓﻲ طﺒﻴﻌﺘﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻴزاوﻟﻪ ﺼﺎﺤب اﻟﻌﻤل ﻤن ﻨﺸﺎط،وﻻ ﺘزﻴد ﻤدة. اﻨﺠﺎزه ﻋﻟﯽ أربعة أشهر مثل ان يستقدم صاحب العمل مهندسين لتركيب آلات ومعدات  المصنع بدلا عن المعدات العاطلة، فإذا كان العمال يقوموا بعمل لايدخل بطبيعته في نشاط المشروع المعتاد فإنهم يكونوا عمالا عارضين حتى لو زادت مدة عملهم عن أربعة أشهر  مثل ان يقوم العمال ببناء مخزن منتجات المصنع واستغرق ذلك اكثر من أربعة أشهر ·

الوجه الثاني : الوضعية القانونية لعلاقة العمل التي يسري عليها قانون العمل:

ينعقد عقد العمل وتنشأ علاقة العمل بإستدعاء صاحب العمل للعامل للعمل في مشروعه التجاري وإستمرار العامل في العمل لمدة تزيد على أربعة أشهر، حيث يلتزم العامل بالعمل لدى صاحب العمل والتبعية له والخضوع لتوجيهاته والالتزام باللوائح والنظم التي يضعها صاحب العمل، ولذلك فإن العامل الذي يسري عليه قانون العمل هو العامل الذي يعمل في المشروع التجاري لصاحب العمل بصفة منتظمة تحت إشراف صاحب العمل، وبناء على هذا المفهوم لايدخل العامل العرضي ضمن مفهوم العامل الذي يسري عليه قانون العمل.

الوجه الثالث : ديمومة عمل العامل وإستمراره:

كي يطبق قانون العمل على العلاقة فيما بين العامل وصاحب العمل فأنه ينبغي ان يكون عمل العامل مستمراً وليس عارضاً، فلا يسري قانون العمل على العمل العارض الذي يؤديه العامل لصاحب العمل كعمال النقل والتفريغ الذين يستقدمهم صاحب العمل لنقل وتفريغ المعدات، وكذا العمال الذين يستقدمهم لتركيب المعدات أو إصلاحها أو صيانتها، فهؤلاء العمال يؤدوا أعمال عرضية وليس دائمة.

الوجه الرابع: تبعية العامل لصاحب العمل:

كي يطبق عقد العمل على العامل فأنه يلزم ان يكون العامل تابعاً لصاحب العمل يؤدي العمل لحساب صاحب العمل ويكون تابعاً لصاحب العمل ينفذ أوامره وتعليماته ولوائحه ونظمه، وبناءً على ذلك فإن عمال شركات الحراسة يتبعوا شركات الحراسة التي تشغلهم ولا يتبعوا الجهات التي يحرسوها وكذا عمال الصيانة يتبعوا الشركات التي تندبهم للإصلاح والصيانة في الشركات والجهات الأخرى، لأن هؤلاء لا يتبعوا الشركات والجهات التي يتولوا الحراسة أو الصيانة فيها لعدم توفر عنصر التبعية.

الوجه الخامس : العمل  العارض الذي لايدخل بطبيعته  ضمن أعمال المشروع التجاري لصاحب العمل:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن العامل العمل الذي يقوم بعمل لا يندرج ضمن أعمال المشروع التجاري الذي يباشره صاحب الحق لا يسري عليه قانون العمل، وعلى هذا المعنى فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن المهندس الذي يتولى إصلاح الآلات ومعدات المعمل أو الورشة أو المصنع لا يكون عاملاً في المصنع إلا إذا كان عمله منتظم أو مستمر بصفة مستمرة فيقوم بالدوام مثل غيره من العمال، اما إذا كان يتولى الإصلاح والصيانة للآلات كلما احتاجت لذلك وينصرف فلا يسري عليه قانون العمل، لأن عمله في هذه الحالة من غير جنس العمل الذي يباشره صاحب العمل وهو تسويق وبيع مستلزمات الطباعة.

الوجه السادس: عدم إنتظام الأجر:

أشار الحكم محل تعليقنا إلى عنصر إنتظام الأجر لتحديد طبيعة العلاقة فيما بين العامل وصاحب العمل، فقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى أن العامل الطاعن كان يحصل على أجره بعد قيامه بأي عمل من الأعمال التي كان يؤديها لحساب صاحب العمل، وكان ذلك الأجر يتفاوت في كل مرة، فلم يكن منتظما وثابتا ، ولذلك فإن العامل الطاعن لا يسري عليه قانون العمل، لأن اسمه لم يكن مدرجاً في كشوفات العاملين التابعين لصاحب العمل، لأنه لم يكن يحصل على أجر منتظم وبمبلغ معين في كل شهر، وإنما كان يحصل على الأجر المناسب بحسب العمل الذي كان يؤديه، فقد كان صاحب العمل يدفع لذلك العامل أجره بعد إتمامه للعمل المتفق عليه.

الوجه السابع : عنصر المكان الذي يعمل فيه العامل:

أشار الحكم محل تعليقنا بأن العامل الطاعن كان يملك محلا لإصلاح الآلات، وكان لديه عاملان في محله حيث كان العامل يقوم بإصلاح الآلات لصاحب العمل في المحل الذي يملكه العامل وليس في مقر صاحب العمل، فقد كان العامل يصلح الآلات العاطلة لصاحب العمل وغيره من زبائن المحل، فالعامل الطاعن بإعتباره صاحب مهنة حرة يمتلك محلاً للقيام به لم يكن تابعاً لصاحب العمل  فضلاً عن ان العامل كان يقوم بعمله خارج مقر صاحب العمل وبعيدا عن اشرافه، والله اعلم.


تعليقات