حكم التحكيم لا يتجزأ - في القانون اليمني

 

 حكم التحكيم لا يتجزأ

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

لحكم التحكيم طبيعته القانونية الخاصة التي تميزه عن الحكم القضائي، وعلى هذا الأساس فإن دعوى بطلان حكم التحكيم التي يتم رفعها أمام محكمة الاستئناف تختلف عن الطعن بالاستئناف بالحكم القضائي ، ويترتب على ذلك إختلاف دور محكمة الاستئناف بالنسبة لكل من دعوى البطلان وعريضة الاستئناف، ومن ثمار هذا الإختلاف انه لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تجزء حكم التحكيم، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25-8-2015م في الطعن رقم (57086)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان محكمة الاستئناف في نظرها لدعوى البطلان تعتبر محكمة قانون وليست محكمة موضوع، فأما ان تقبل الدعوى أو ترفضها وذلك بالنظر إلى الحكم محل الدعوى ومدى موافقته للقانون من عدمه، فلا محل في حالة نظرها لدعوى البطلان لإعمال الفقرة (و) من المادة (288) مرافعات، لان ذلك خاص بالأحكام القضائية المستأنفة أمامها الصادرة من المحاكم الابتدائية بعد ان تنظر في القضية وفقاً لبقية الفقرات الواردة في المادة المذكورة، فلا علاقة لدعوى البطلان بذلك، ولما كان حكم التحكيم كلا لا يتجزأ فإن ما ذهبت إليه الشعبة من التأييد لبعض فقراته وإلغاء البعض الآخر يجعل حكمها معيباً بالبطلان))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: إختلاف دور محكمة الاستئناف بالنسبة لدعوى البطلان:

وفقاً للمادة (53) تحكيم فان دور محكمة الاستئناف يقتصر على التحقق من توفر إحدى حالات بطلان التحكيم المحددة في المادة (53) تحكيم، فتكون محكمة الاستئناف في هذه الحالة مثل المحكمة العليا عندما تتحقق من حالات الطعن بالنقض المقررة في المادة (292) مرافعات، ولذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن محكمة الاستئناف محكمة قانون عند نظرها في دعوى البطلان، في حين ان محكمة الاستئناف تكون محكمة موضوع بالنسبة للطعن بالاستئناف في الأحكام القضائية، لأن المادة (288) مرافعات قد حدد دور محكمة الاستئناف بالنسبة لاستئناف الأحكام القضائية حيث يعاد طرح النزاع أمام محكمة الاستئناف في حدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة.

الوجه الثاني: حكم التحكيم لا يتجزأ فلا يجوز لمحكمة الاستئناف تعديله:

تتصل محكمة الاستئناف بدعوى البطلان في حدود حالات البطلان المحددة في المادة (53) تحكيم، ومؤدى ذلك انه يجب على محكمة الاستئناف عندما يتم رفع دعوى البطلان امامها ان تتحقق من توفر حالات بطلان حكم التحكيم فإذا تحققت محكمة الاستئناف من ذلك قضت بقبول دعوى بطلان حكم التحكيم، وللخصوم عندها اللجوء إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع لرفع دعاويهم ، وان وجدت محكمة الاستئناف ان حالة البطلان المدعى بها لم تتحقق فإن محكمة الاستئناف تقضي برفض دعوى البطلان وليس تأييد حكم التحكيم، لأن دعوى البطلان ليست طعناً في حكم التحكيم وإنما دعوى ببطلانه، وعلى هذا الأساس لا يجوز لمحكمة الاستئناف ان تقضي بتأييد حكم التحكيم أو تؤيد  فقرات وتبطل فقرات. وتعدل فقرات منه، فهي لا تملك ذلك، فالمقرر لها ان تقضي بقبول دعوى البطلان او رفضها، فلا تتعرض لحكم التحكيم إلا على سبيل التأكد من تحقق حالة البطلان المدعى بها، وان كان حكم التحكيم يبطل تبعاً لقضاء المحكمة بقبول دعوى بطلانه وينفذ تبعاً لرفض دعوى البطلان، ومن خلال ما تقدم يظهر ان المقصود من عدم تجزئة حكم التحكيم هو ان محكمة الاستئناف لا تملك القضاء بتعديل فقرات من حكم التحكيم أو تأييد فقرات منه أو الغاء فقرات منه، والله اعلم .